كارت التعريف بالسؤال
البيانات | التفاصيل |
---|---|
التصنيفات | أسئلة وأجوبة, اللاهوت العقيدي, عقيدة, لاهوت السيد المسيح |
آخر تحديث | 11 أكتوبر 2021 |
تقييم السؤال | من 5 بواسطة إدارة الكنوز القبطية |
لماذا دُعي يسوع “كلمة الله”؟ [409]
كانت كلمة “لوغوس” معروفة لدى اليهود والأمم، عرَّفها هيرقليتس Heracllitus حوالى 500 ق. م بأنها العقل الجامع الذى يحكم العالم ويخترقه، وقد تبناه الرواقيون وأشاعوه. وفى اليهودية الهيلينية “اللوغوس” هو أقنوم مستقل، تطورت فكرته ليكون مصاحباً للحكمة (صوفياً) (الحكمة 9: 1 – 2؛ 18: 15). جاءت افتتاحية إنجيل يوحنا: “فى البدء كان الكلمة (اللوغوس)، والكلمة كان عند الله، كان الكلمة الله” (يو1: 1). جاءت هذه العبارة فى ثلاثة مقاطع موزونة موسيقياً فى اللغة العبرية، حيث يتكرر فى الثلاثة الاسم “الكلمة” والفعل “كان”. هنا الفعل يدل على الكينونة الدائمة القائمة فى البدء لا على الزمن. غاية هذه الافتتاحية أن تقدم للقارئ شخص ربنا يسوع المسيح موضوع السفر، بكونه الكلمة الأزلي، العامل مع الآب فى الخليقة. بكونه الله نفسه، يعلن عن الآب، ويقدمه لنا كما يقدم نفسه لنا. إنه كلمة الله المتحدث معنا، والذى يقدم ذاته كلمة الله لكى نقتنيه سرّ حياة أبدية. إنه حياة الكل، ونور كل إنسانٍ. هذا الأزلي صار جسداً وعاش كإنسانٍ، رفضه خاصته اليهود بالرغم من شهادة القديس يوحنا المعمدان له. لكن وُجدت بقية أمينة قبلته، فصاروا أبناء الله، وأعضاء فى العائلة الإلهية.
حينما نسمع “كلمة الله”، يلزمنا ألا نقارنه بكلمة الإنسان المنطوق بها والتى تخرج من فمه ولا ترتبط بجوهرة أو كيانه البشري. يقول القديس أغناطيوس: [يوجد الله الواحد الذى أعلن عن نفسه بيسوع المسيح ابنه، الذى هو كلمته (اللوغوس)، ليس منطوقاً به بل جوهري. لأنه ليس صوتاً لأداة نطق، بل أقنوم مولود بالقوة الإلهية[410].] ويقول القديس أمبروسيوس: [يُدعى الكلمة والابن وقوة الله وحكمة الله. الكلمة لأنه بلا عيب، والقوة لأنه كامل، والابن لأنه مولود من الآب، والحكمة لأنه واحد مع الآب فى السرمدية، واحد فى اللاهوت. ليس أن الآب أقنوم واحد مع الابن. إذ يوجد تمايز واضح بين الآب والابن يأتى من الولادة، هكذا المسيح هو إله من إله، خالد من خالد، كامل من كامل[411].].
يقول القديس أغسطينوس: [كما أن كلمتى قد جُلبت إلى أجسامكم، ولم تفارق قلبى، هكذا الكلمة جاء إلى حواسنا ومع ذلك لم يفارق الآب. كانت الكلمة معى وجاءت فى صوت. كانت كلمة الله مع الآب، وجاءت فى جسدٍ. لكن هل أستطيع أن أفعل بصوتى ما يستطيع (ابن الله المتجسد) أن يفعله بجسده؟ فإنى لست سيداً على صوتى عندما يطير. أما هو فليس فقط سيداً لجسده ليولد ويعيش ويعمل، بل وأيضاً إذ مات أقامه ومجّده الآب، فهو المركبة الحاملة له والتى بها جاء إلينا[412].].
يقول العلامة أوريجينوس: [صار الكلمة إلى البشر الذين لم يستطيعوا قبلاً أن يتقبلوا رحلة ابن الله الذى هو الكلمة. من الجانب الآخر، لم يأتِ الكلمة لكى يصير عند الله كما لو لم يكن الكلمة قبلاً عند الله، وإنما لأنه هو مع الآب على الدوام؛ قيل: “والكلمة كان عند الله” (يو1: 1)، إذ لم يأت ليصير مع الله[413].] كما يقول: [من يساندنا؟ يسوع المسيح، قوة الله وحكمة الله (1كو1: 24). علاوة على هذا يؤازرنا، ليس ليوم أو ويومين، وإنما أبدياً[414].].
يقول القديس أثناسيوس الرسولى: [لم يصر كلمة الله من أجلنا بل بالحري نحن قد صرنا من أجله. وبه خُلقت كل الأشياء. وليس سبب ضعفنا نحن كان هو قوياً وصائراً من الآب وحده، لكى يخلقنا بواسطته كأداة! حاشا! فالأمر ليس كذلك، لأنه حتى لو لم يستحسن الله أن يخلق المخلوقات، فالكلمة مع ذلك كان عند الله وكان الآب فيه. وفى نفس الوقت كان من المستحيل أن تكون المخلوقات بغير الكلمة، لأنها قد صارت به؛ وهذا هو الصواب. وحيث أن الابن هو الكلمة ذاته حسب الطبيعة الخاصة بجوهر الله، وهو منه وهو فيه كما يقول هو نفسه، لذلك لم يكن ممكناً أن تصير المخلوقات إلا به. لأنه مثلما يضيء النور كل شيءٍ بأشعته وبدون إشعاعه ما كان شيء قد أضاء، هكذا أيضاً فإن الآب خلق كل الأشياء بالكلمة كما بواسطة يد، وبدونه لم يخلق شيئاً[415].] كما يقول: [حتى وإن لم يُخلق شئ ما فإنه كان كلمة الله موجوداً والله الكلمة. لكن الكلمة ما كان يمكن أن يصير إنساناً لو لم يكن للإنسان احتياج إلى ذلك[416].].
[410] Ep. ad. Magn. 1: 8.
[411] On the Christian Faith, Book 2: 1: 16.
[412] Semon on N. T. Lessons, 7: 69.
[413] Commentary on John, Book 8: 2.
[414] Commentary on 1 Cor. 2: 1: 52 – 54.
[415] St. Athanasius: Discourses Against Arians, Book 18: 2ترجمة مركز دراسات الآباء بالقاهرة. 31:
[416] St. Athanasius: Oration 22 contra Arianos, 56.
[417] راجع تفسير 1 كورنثوس1: 24 فى سلسلة: من تفسير وتأملات الآباء الأولين.