كورش

” نطقتك وأنت لم تعرفنى ”

” إش 45 : 5 ”
مقدمة

تعتبر قصة كورش من أبرع القصص الكتابية ، التى تؤكد أننا نأتى إلى هذا العالم ، ونحن مكتشفون ، ولسنا منشئين أو مبتدعين أو مخترعين أو صانعين لقصة حياتنا الأرضية ، … وكلنا بهذا المعنى ” كولمبس ” يشق طريقة فوق العباب نحو أرض جديدة ، لابد أن تبصرها عيناه .

لقد أعطى اللّه كورش اسم قبل أن يولد بمائة وخمسين عاماً ، وقد حير هذا النقاد العصريين ، الذين ظنوا أن إشعياء من الأصحاح الأربعين حتى آخر السفر ، كتبه كاتب آخر جاء بعد إشعياء ، وبعد كورش ، وهم لا يستطيعون أن يدركوا كيف يذكــر اسم الملك قبل أن يولد بهذا الوقت الطويل ، … وهم قد جهلوا ما قاله الرسول يعقوب عندما ذكر : ” معلومة عند الرب منذ الأزل جميع أعماله ” .. ” أع 15 : 18 ” وما التاريخ البشرى إلا درج ملفوف يكشف اللّه جزئياته كل صباح ومساء ، ألم يذكر النبى وهو يقف أمام يربعام الملك : ” هكذا قال الرب هوذا سيولد لبيت داود ابن اسمه يوشيا ويذبح عليك كهنة المرتفعات الذين يوقدون عليك ، وتحرق عليك عظام الناس ” ” 1 مل 13 : 2 ” ؟ .. قيل إن النبوة الخاصة بكورش ، قرئت أمامه ، وسر بها ، وهلل لها ، ورآى فيها . صوت السماء الذى يتعين عليه أن يطيعه ، … ومن ثم دعى الرجل بهذا المعنى ” مسيح الرب ” ، أو الممسوح لرسالة معينة ، وكم يكون طيباً بعد ذلك أن تعطى قصته لنا الدروس العظيمة التالية :

كورش من هو :

هل تبحث عن  وكلما نزلت عليه الطرقات تصير فضيلته أكثر بهاءً

كان كورش بن قمبيز الأول ، وقد ورث عن أبيه مملكة صغيرة لكنه حولها إلى الإمبراطورية الفارسية العظيمة ، وقد كتب عنه زينفون وهيرودت ومن الكتابات اليونانية عن كورش نجد أن اليونانين يمجدون الرجل ويعظمون خصاله وصفاته ، فهو عندهم من الأمثلة القليلة النادرة فى التاريخ فى الشجاعة ، والحلم ، والكرم ، والسماحة ،والحكمة ، وقد تزوج ابنة داريوس المادى ، والذى اشترك معه فى الهجوم على بابل ، وكان كورش يحمل توقيراً كاملا للرجل ، ولم يخلف حموه ورثة ذكوراً فأصبح كورش وارثاً للملكة المادية بدون إراقة دماء ، وكانت هذه المملكة تمتد إلى أشور وما بين النهرين وسوريا وكبدوكية ، .. كما امتد ملكه فى آسيا الصغرى ، واستولى على ليديا التى كانت أغنى مملكة فى ذلك الوقت ، وكان ملكها كريسوس يفاخر بأنه أغنى وأسعد إنسان على ظهر الأرض ، إلى درجة أنه كان يفتح خزائنه وكنوزه ليأتى الناس من مشارق الأرض ومغاربها ، ليروا عظمته ومجده ، وقيل إنه دعا ، لهذا السبب ، صولون الحكيم اليونانى ، ووجه له الســـــؤال : ” من يظن أنه أسعد إنسان على الأرض ” ، وهو يظن أن صولون سيسارع بالقول إن كريسوس هو أسعد إنسان ، … وحدثهم صولون عن أناس عاديين ، عن تلوس الأثينى الرجل الذى عاش هادئاً سعيداً فى بلاد اشتهرت بالعدالة والحق ، ودافع عن بلاده ، وترك أولاداً أبرراً أوفياء ، وعن كليبوس وبيتوس الأخوين اللذين من أرغوس ، وكانا من ذوى الثروة والجاه والقوة ، ولكن فضيلتها الكبرى كانت حبهما الشديد بعضها لبعض ، ولأمهما ، … وقد أركباها مرة عربة ، وإذ لم يجدا خيلا لجرها جر كلاهما العربة ستة أميال ، وماتا من الإعياء ، فطوبتها النساء ، وأثنى الرجال على ولديها … وساء كريسوس أن يفضل صولون عليه هؤلاء … ولكن الحكيم اليونانى أجاب : إن السعادة ياسيدى ليست فى الذهب أو الكنوز ، فكم من أصحابها أشقياء ، كما أنها قد تنتهى فى لمح البصر ، … وفقد كريسوس ابنه الوحيد ، أثر حادث صيد ، ودخل كورش مملكته، وأمر بحرقه ، … وعندما وضعوه على كومة الخشب ، صرخ : صولون … صولون!!… وإذ استمع كورش إلى القصة عفا عنه ، لئلا يحدث مع كورش ما حدث مع الرجل !! … ومن المعروف أنه فتح بابل مع داريوس بحيلة عجيبة ، إذ حول نهر الفرات إلى مجرى آخر ، ودخل المدينة من مسار النهر ، الأمر الذى لم يخطر ببال بيلشاصر على الأطلاق . كان على أيه حال الرجل الذي تصوره الميثولجيا اليونانية كالملك السوبرمان العظيم !! ..

هل تبحث عن  العذراء مريم فخر ورائدة البتولية

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي