الباب الثانى:جهادنا مع النعمة فى العبادة المشاعر في سفر المزامير 3 العبادة القمص أشعياء ميخائيل

الباب الثانى: جهادنا مع النعمة فى العبادة

الفصل الأول: خوف الرب
الفصل الثانى: حب الرب
الفصل الثالث: الاتحاد بالرب.
الفصل الرابع: الانشغال الروحى

أولاً: مواجهة الحروب اليومية.

ثانياً: عمل الله اليومى معنا.

ثالثاً: التكريس اليومى للرب.

رابعاً: التسبيح اليوم للرب.

خامساً: التأمل.

الفصل الأول: خوف الرب

خوف الرب له معان كثيرة من بينها الخشوع والهيبة والاحترام اللائق. وحينما يكشف الرب مجده للإنسان، فلا يكون للإنسان إلا أن يقدم الخشوع والهيبة والاحساس بعدم الاستحقاق أمام عظمة الله وجلاله.

كما أن خوف الله فى النفس هو طاعة الوصية وتنفيذها حتى لا يحرم الإنسان من بركة الرب.

وهناك ناحية سلبية فى خوف الله، وهى الإحساس بعمل مشيئة الله منعاً من الحرمان من حضرة الله. لأن الإنسان الذى يخالف الوصية كيف يجرؤ على الوقوف فى حضرة الله؟!!

والذين يعملون فى المقدسات وخدمة الهيكل والمذبح والتبشير بكلمة الله لابد أن يكون لهم الخشوع والهيبة والاحترام والاستعداد التام قبل خدمة المقدسات.

والذين ليس لديهم خوف الله، فهم فى الشر يعيشون، وفى الاستهتار وعدم الاحترام يتعاملون. ولذلك قال عنهم المزمور:

† هناك خافوا خوفاً ولم يكن خوف لأن الله قد بدد عظام محاصرك أخزيتهم لأن الله قد رفضهم. (مز 53: 5).

† نأمة (كارثة) معصية الشرير فى داخل قلبى ان ليس خوف الله أمام عينيه. (مز 36: 1).

† يسمع الله (الشرور التى للخطاه) فيذلهم والجالس منذ القدم. الذين ليس لهم تغير (أى لم يتوبوا عن الشرور) ولا يخافون الله. (مز 55: 19).

إن خوف الله يقود للتوبة ليس خوفاً من العقاب والجحيم والعذاب ولكن لأن الله قدوس ولا يمكن أن نحيا معه بدون القداسة. ودائماً خوف الله ينبع فى الإنسان من الإحساس بالحضور الإلهى ومن رهبة الوقوف فى حضرة الله ومعاينة مجده.

وها هى بعض من مشاعر خوف الرب التى عاش فيها المرنم داود، وقدم هذه المشاعر لله كنوع من العبادة:

† أسجد فى هيكل قدسك بخوفك (مز 5: 7).

† أعبدوا الرب بخوف واهتفوا برعدة. (مز 2: 11).

† من هو الإنسان الخائف الرب… سرّ الرب لخائفيه. (مز 25: 14، 12).

† هل أيها البنون استمعوا إلىّ فأعلمكم مخافة الرب. (مز 34: 11).

† لتخش الرب كل الأرض ومنه ليخف كل سكان المسكونة. لأنه قال فكان. هو أمر فصار. (مز 33: 8 – 9).

† لأن الرب علىّ. مخوف ملك كبير على كل الأرض. (مز 47: 2).

† رأس الحكمة مخافة الرب. فطنة جيدة لكل عامليها. (مز111: 10).

† هوذا عين الرب على خائفيه الراجين رحمته لينجّى من الموت أنفسهم وليستحييهم فى الجوع (مز 33: 18 – 19).

† طوبى للرجل المتقى الرب (ترجمة الأجبية: الخائف الرب) (مز 112: 1).

† أعطى خائفيه طعاماً. يذكر إلى الأبد عهده. (مز 5: 111).

† رفيق أنا لكل الذين يتقونك (فى الأجبية: الذين يخافونك) (مز 119: 63).

† أعطيت خائفيه راية (رمز للنصرة والتبعية للرب) ترفع لأجل الحق. (مز 60: 4).

† هلم اسمعوا فأخبركم يا كل الخائفين الله بما صنع لنفسى. (مز 66: 16).

† أعطيت ميراث خائفى اسمك. (مز 61: 5).

† أما رحمة الرب فإلى الدهر والأبد على خائفيه (مز 103: 17).

† يا خائفى الرب باركوا الرب. (مز 135: 20).

† قد إقشعر لحمى من رعبك ومن احكامك جزعت (ترجمة الأجبية: سمر خوفك فى لحمى لأنى من أحكامك جزعت) (مز 119: 120).

† إله مهوب جداً فى مؤامرة القديسين (أى فى تفكير وتدبير القديسين) ومخوف عند جميع الذين حوله (مز 89: 7).

† لأنه مثل ارتفاع السموات فوق الأرض قويت رحمته على خائفيه. (مز 103: 1).

† لأن خلاصه قريب من خائفيه (مز 85: 9).

المشاعر في سفر المزامير_3_العبادة_القمص أشعياء ميخائيل 10

.

صلاة

ازرع خوفك يا رب فى قلبى. لكى أسلك بمخافتك فى خدمة أسرارك، وفى نوال نعمك ومواهبك. إن كان سر الرب هو لخائفيه فأعطنى خوفك فى قلبى… وجودك يا رب فى اسمك وفى كلامك وفى بيتك وأسرارك هو وجود حقيقى فامنحنى أن أقدم خوفك ومهابتك بما يليق مع مجدك وجلالك.

انزع عنى الاستهانة واللامبالاة حتى أعاين خوفك فى قلبى. وفى كل خدمة أمارسها اجعل خوفك أمام عينىّ فأقدم الخشوع والمهابة التى تليق بمجدك وجلالك.

لقد عاش قديسوك يا رب فى مخافتك فأعطيتهم ما لم تره عين وما لم تسمع به أذن وما لم يخطر على بال إنسان. والذين خافوك كانوا يعبدونك بمهابة وكانوا يقدمون توبة بلا فتور حتى انطلقت أرواحهم من هذا العالم الزائل!!

ازرع خوفك فى قلبى حتى أمارس أسرارك بمشاعر صداقة تليق بحضورك الحقيقى.

لك المجد يا رب فى أسرارك وفى مقدساتك وفى بيتك وفى كلمتك وفى اسمك القدوس. امنحنى خوفك فى قلبى لأعاين مجدك. وانزع الشر عنى لأقدم لك توبة ومخافة كل حين فيكون لى نصيب مع قديسيك فى المجد!! آمين.

المشاعر في سفر المزامير_3_العبادة_القمص أشعياء ميخائيل 11

.

الفصل الثانى: حب الرب

الحب غريزة فى الإنسان. أن يُحب وأن يُحَب هذا هو الإنسان!! ولأن الإنسان كائن إلهى فلن يشبعه سوى أن يشعر بحب الرب له وأن يبادل الرب هذا الحب!!

والحب هو مشاعر ناتجة من أبوة الرب لنا ومن بنوتنا نحن للرب. وهذه المشاعر هى ثمار علاقة وشركة مع الرب ومعاملات مستمرة خلال الظروف التى نواجهها، بل وحتى خلال سقطاتنا وضعفاتنا المستمرة.

وحبنا للرب هو الدافع الوحيد لبغض الشر، كما يقول المزمور: يا محبى الرب ابغضوا الشر (مز 97: 10) ولذلك فإن الذين يحبون الرب لابد أن يكرهوا ويبغضوا الشر. وكراهيتنا للشر هى التى تجعلنا نبعد ونهرب منه.

وحينما نحب الرب فإننا نحب كلامه، ونحب خلاصهن ونحب بيتهن ونحب اسمه القدوس. وعندئذ تكون مشاعرنا كلها نحو الالتصاق بالرب خلاص وسائط النعمة المختلفة.

وحب الرب يولد فينا حب الوصية والطاعة للرب وطاعتنا للرب هى دائماً ناتجة من مشاعر الحب التى تملأ كياننا:

† كم أحببت شريعتك. اليوم كله هى لهجى (مز 119: 97).

لأن من يحب إنسان يحب أن ينصت إليه، ويحب أن يسمع كلامه، ويحب أن يجلس فى حضرته. ومحبة كلام الرب هى ثمرة الحب لله!!

إن مشاعر الحب هى المسير نحو الأبدية والملكوت!! فالحب يُسّهل كل جهاد، ويجعل كل واسطة من وسائط النعمة طريقاً ودرباً نسير عليه!!

إن التقوى هى ثمرة الحب.

أحبوا الرب يا جميع أتقيائه. (مز 31: 23).

والحب والتقوى أمران متلازمان لا يغيب أحدهما عن الآخر قط. ولذلك نحن نتقى الرب حين نحبه، ونحن نحبه حين نتقيه!! والتقوى هى شركة مع الله خلال الحب المقدس.

هل تبحث عن  المزمور المائة والخمسون سفر المزامير القمص أنطونيوس فكري

إن مشاعر الحب للرب هى التى تقودنا فى العبادة حيث الصلاة وكلمة الرب وأسراره المقدسة فى الكنيسة التى هى بيت الله.

ومن خلال خوف الله وحب الله نحن نُسلم للنعمة لكى تقودنا للاتحاد بالله!!

† أحبوا الرب يا جميع اتقيائه. (مز 31: 23).

† يامحبى الرب ابغضوا الشر. (مز 97: 10).

† وليقل دائماً محبو خلاصك ليتعظم الرب (مز 70: 4).

صلاة

يا رب يا من أحببتنى أعطنى أن أحبك!!

وفى صليبك أرى حبك وفى حبك أرى صليبك!!

من أنا حتى أحبك ولكن يا من أحببتنى لا أستطيع إلا أن أحبك!!

أسمح لى أن أحبك وأقدم لك مشاعر الحب. وفى حبك ارفعنى واجعلنى لك!!

اعطنى أن أبغض الشر لكى أحبك. وأحبك فأبغض الشر أيضاً!!

القديسون أحبوك فتركوا كل ما عداك فأمنحنى يا رب أن أترك كل ما عداك!!

لقد أحببت الخطية فضاع منىى حبك. وها أنا أنحنى تحت صليبك!!

أقدم لك يا رب حبى فأسندنى بحبك وأشبعنى بحبك!!

نقى قلبى يا رب لكى أحبك وطهر حواسى لكى أحبك!!

أريد أن أكون معك يا رب لأنك طلبت ذلك من أجل حبك!!

يا من أحببتنى أعطنى أن أحبك وأقدم وأكرس حياتى لحبك!!

لك المجد يا من أحببتنى امنحنى أن أحبك وأكره الشر الذى يفصلنى عن حبك!!

الفصل الثالث: الاتحاد بالرب

إن الاتحاد بالرب هو اتحاد الفكر والمشاعر والارادة. والتعرف على خطة الله بالنسبة لنا يتم خلال اتحاد الارادة والفكر والمشاعر.

إن مشاعر الرغبة فى الاستمرار فى حضرة الرب هنا وفى الأبدية تبدأ بالصلاة والحديث مع الله ثم تنتهى بالتسليم الكامل لمشيئة الرب فى حياتنا.

وفى النهاية نصلى إلى الاتحاد بالرب فى الأبدية، بعد أن نكون قد تدربنا على هذا الاتحاد والتسليم الكامل لمشيئة الرب.

لقد اتحدت إرادة داود النبى مع إرادة الرب حين قال الرب أنه فتش قلب داود فوجده حسب قلبه. لقد كان داود أيضاً رمز للمسيح.

وها نحن نطوف مع المزامير ليكون لنا هذه المشاعر التى نطرحها أمام الرب ونصلى لكى يمنحنا الرب نعمة الاتحاد به والتسليم الكامل لمشيئته!!

† ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب… (مز 34: 8).

† وتلذذ بالرب فيعطيك سؤل قلبك. (مز 37: 4).

† توكلوا عليه فى كل حين يا قوم اسكبوا قدامه قلوبكم. (مز 62: 8).

† التصقت نفسى بك. يمينك تعضدنى. (مز 63: 8).

† يا سامع الصلاة إليك يأتى كل بشر. (مز 65: 2).

† أما أنا فلك صلاتى يا رب فى وقت رضى يا الله (مز 69: 13).

†… واقمتنى قدامك إلى الأبد. (مز 41: 12).

† لهذا يصلى لك كل تقى فى وقت يجدك فيه. (مز 32: 6).

† استيقظت وأنا بعد معك. (مز 139: 18).

† الذى معه كانت تحلو لنا العشرة. (مز 55: 14).

† أما أنا فالاقتراب إلى الله حسن لى… (مز 73: 28).

† صرت كبهيم عندك. ولكنى دائماً معك. امسكت بيدى اليمنى. برأيك تهدينى وبعد إلى مجد تأخذنى. من لى فى السماء. ومعك لا أريد شيئاً فى الأرض (مز 73: 22 – 25).

† أما أنا فصلاة. (مز 109: 4).

†… المستقيمون يجلسون فى حضرتك (مز 140: 13).

† لتستقم صلاتى كالبخور قدامك ليكن رفع يدى كذبيحة مسائية. (مز 141: 2).

† الرب قريب لكل الذين يدعونه الذين يدعونه بالحق. (مز 145: 18).

صلاة

من أنا التراب يا رب حتى أكون فى حضرتك؟

من أنا الخاطئ يا رب حتى أدنوا منك؟

من أنا المتكبر حتى أقترب منك أيها المتواضع؟

من أنا الذى يحوى الأنانية فى داخله لأقترب ممن أخلى نفسه؟

من أنا الحقير يا رب حتى أجرؤ على الدنو منك؟

ولكن حبك يدعونى لأكون معك!! واتضاعك يقبلنى لأعيش معك!!

صليبك يا رب وفداءك هو الذى يفتح لى الباب لكى أدخل اليك!!

وحبك يا رب وألام صليبك هى التى تولد فى قلبى مشاعر المجئ!!

إن الرجوع إليك يا رب هو استجابة لدعوتك وليس استحقاقاً لى!!

اسمح لى يارب أن أدنو منك وأعيش فى حضرتك وأتكل عليك!!

أنت الشبع وأنت الحياة وأنت الكل لى فاقبلنى لك!!

لا تدع يا رب الفرصة تضيع منى بل اقبلنى لك!!

ها أنا يا رب تغفر لى وتقبلنى وتقودنى لأكون لك كل حين!!

ارادتى أسلمها لك وأتكل عليك فاقبل ضعفى لأكون معك!!

خطة خلاصك وتدبير مشيئتك لتكن نافذة ولأكن خاضعاً!!

ها أنا يا رب اقبلنى لأكون لك فى حضرتك متحداً بمشيئتك كل حين!!

أمين!!

المجد لك يا رب فى حبك واتضاعك وقبولك لى!!

الفصل الرابع: الانشغال الروحى

أولاً: مواجهة الحروب اليومية

إنسان الله يواجه باستمرار حروب يومية من عدو الخير، ومن هياج الناس عليه وما يشغلنا وسط هذه الحروب اليومية هو التضرع إلى الله والصراخ إليه، إن طلب معونته باستمرار، والتمسك به هو الضمان للنجاة والانتصار فى حروب يومية يشنها عدو الخير.

والانشغال الروحى ليس هو الانشغال بالمشكلة أو الضيقة ولكن هو الانشغال بالرب الذى يمسك أيدينا ويقودنا ويحطم كل قوى الشر التى تحارب ضدنا لكى تفقدنا السلام والهدوء والأمان:

† اليوم كله خجلى أمامى وخزى وجهى قد غطانى من صوت المعيّر والشاتم. من وجه عدو ومنتقم هذا كله جاء علينا وما نسيناك ولاخنا فى عهدك. (مز 44: 15 – 17).

† نهاراً وليلاً يحيطون بها على اسوارها (أورشليم) واثم ومشقة فى وسطها. مساءً وصباحاً وظهراً أشكو وانوح فيسمع صوتى. (مز 55: 10 – 17).

† بسحق فى عظامى عيّرنى مشايقىّ بقولهم لى كل يوم اين إلهك. (مز 42: 10).

† فى يوم ضيقى التمست الرب. يدى فى الليل انبسطت ولم تخدر. (مز 77: 2).

† ارحمنى يا الله لأن الإنسان يتهممنى (أى يثقل علىّ هموماً) واليوم كله محارباً يضايقنى. تهممنى أعدائى اليوم كله لأن كثيرين يقاوموننى بكبرياء. اليوم كله يحرفون كلامى. علىّ كل افكارهم بالشر. حينئذ ترتد اعدائى إلى الوراء فى يوم ادعوك فيه. هذا قد علمته لأن الله لى. (مز 56: 9، 5، 2، 1).

† ولسانى أيضاً اليوم كله يلهج ببرك. لأنه قد خزى لأنه قد خجل الملتمسون لى شراً (مز 71: 24).

† وكنت مصاباً اليوم كله وتأدبت كل صباح. (مز 73: 14).

† قم يا الله. أقم دعواك. أذكر تعيير الجاهل إياك اليوم كله. لا تنس صوت أضدادك ضجيج مقاوميك الصاعد دائماً. (مز 74: 22 – 23).

† عينى ذابت من الذل. دعوتك يا رب كل يوم. بسطت إليك يدى أنا مسكين ومسلم الروح منذ صباى. احتملت أهواك. تحيرت. علىّ عبر سخطك. اهواك أهلكتنى. أحاطت بى كالمياه اليوم كله. اكتنقتنى معاً. ابعدت عنى محباً وصاحباً. معارفى فى الظلمة. (مز 88: 16، 9 – 18).

هل تبحث عن  سيرة حياة القديس الأنبا جرمانوس الأسقف

† لويت انحنيت إلى الغاية اليوم كله ذهبت حزيناً… كنت ئن من زفير قلبى. (مز 38: 6 – 8).

† يا رب إله خلاصى بالنهار والليل صرخت امامك. فلتأت قدامك صلاتى. أمل أذنك إلى صراخى. (مز 88: 1 – 2).

† ارحمنى يا رب لأننى إليك أصرخ اليوم كله. (مز 86: 3).

† مساءً وصباحاً وظهراً أشكو وأنوح فيسمع صوتى. (مز 55: 17).

† اليوم كله عيّرنى أعدائى. الحنقون علىّ حلفوا علىّ. أنت تقوم وترحم صهيون لأنه وقت الرأفة لأنه جاء الميعاد. (مز 102: 13، 8).

† صارت لى دموعى خبزاً نهاراً وليلاً إذ قيل لى كل يوم أين إلهك. هذه أذكرها فاسكب نفسى علىّ. (مز 42: 3 – 4).

ثانياً: عمل الله اليومى معنا

إن الله له عمل معنا كل يوم، بل كل لحظة، وإنسان الله يكون له مشاعر تلتقط بسرعة عمل الله وتشعر به ثم تقدم الشكر والتسبيح لعمل الله معنا كل يوم:

† رحمة الله هى كل يوم. (مز 52: 1).

† فمى يحدث بعدلك اليوم كله بخلاصك لأنى لا أعرف لها أعداداً. (مز 71: 15).

† مبارك الرب يوماً فيوماً. يحمّلنا إله خلاصنا. (مز68: 19).

†… ويصلى لأجله دائماً. اليوم كله يباركه. (مز 72: 15).

إن الله يتحدث فى الظروف والأحداث اليومية. وإنسان الله يتأمل فى هذه الظروف والأحداث لكى يأخذ منها دروساً ويلتقط منها التعرف على إرادة الله ومشيئته. وكل يوم وكل لحظة هى خطوة نحو الأبدية والملكوت، علينا إذن أن ننتبه ونحرص على ألا يفوتنا الاستعداد والثبات للحظة العبور من الغربة إلى الملكوت!!

ثالثا: التكريس اليومى

إنسان الله يكرس حياته كل يوم للرب ويجدد العهد معه، إنه نذر – مقدس لا يغيب عن بالنا لحظة من لحظات حياتنا على الأرض لا ننشغل إلا بأن نكون للرب فى قلوبنا وأفكارنا وحواسنا. ومشاعرنا كلها تكون للرب. نفتدى الوقت لئلا نسّوف العمر باطلاً.

والتكريس له مشاعر خاصة تملأ كيان النفس، يغذيها الروح القدس خلال المزامير التى تخص التكريس فنرددها باستمرار حتى نفرح بالمثول فى يدىّ الرب:

† لكن فى ناموس الرب مسرته وفى ناموسه يلهج نهاراً وليلاً. (مز 1: 2).

† حياة سألك فأعطيته (حياة التكريس). طول الأيام إلى الدهر والأبد. (مز 21: 4).

† بالله نفتخر اليوم كله واسمك نحمد إلى الدهر. (مز 44: 8).

† توكلوا عليه فى كل حين يا قوم اسكبوا قدامه قلوبكم. (مز 62: 8).

† لك النهار ولك أيضاً الليل… (مز 74: 16).

† بشروا من يوم إلى يوم بخلاصه. (مز 96: 2).

† لأننا من أجلك نمات اليوم كله. قد حسبنا مثل غنم للذبح (مز 44: 22).

† أذكر يا رب داود كل ذله. كيف حلف للرب نذر لعزيز يعقوب لا أدخل خيمة بيتى لا أصعد على سرير فراشى لا أعطى وسناً لعينىّ ولا نوما ًلأجفانى أو أجد مقاماً للرب مسكناً لعزيز يعقوب. (فى الأجبية: أذكر يا رب داود وكل مذلته كيف أقسم للرب، ونذر لإله يعقوب: أى لا أدخل إلى مسكن بيتى، ولا أصعد على سرير فراشى، ولا أعطى نوماً لعينىّ، ولا نعاساً لأجفانى. ولا راحة لصدغى إلى أن أجد موضعاً للرب ومسكناً لإله يعقوب) (مز132: 1 – 5).

† بالنهار يوصى الرب رحمته وبالليل تسبيحه عندى صلاة لإله حياتى. (مز 42: 8).

رابعاً: التسبيح والترتيل اليومى

الانشغال بالتسبيح والترتيل اليومى هو عمل روحى يعبر عن مشاعر روحية فى داخلنا. وأجزاء كبيرة من المزامير تحوى هذه التسابيح. وهذا هو عمل الملائكة، التسبيح الدائم. وهذا هو عملنا فى الأبدية. ولذلك نحن نحيا فى الأبدية خلال التسبيح والترتيل اليومى. لذلك يجب أن نخصص وقتاً كل يوم صبح ونرنم للرب.

تسابيح كثيرة يحويها كتاب الابصلمودية يجب أن نتعلمها ونمارسها، وتراتيل كثيرة تعب عن كل مشاعرنا يجب أن نحيا فيها ونمارسها كل يوم:

† أرفعك يا إلهى الملك وأبارك اسمك إلى الدهر والأبد. فى كل يوم أباركك وأسبح اسمك إلى الدهر والأبد. (مز 145: 1 – 2).

† تقدمت فى الصبح وصرخت… تقدمت عيناى الهزع لكى ألهج بأقولك. (فى الأجبية: تقدمت قبل الصبح وصرخت… سبقت عيناى وقت السحر لألهج فى جميع أقوالك) (مز 119: 147 – 148).

† كم أحببت شريعتك. اليوم كله هى لهجى. (فى الأجبية: محبوب هو اسمك فهو طول النهار تلاوتى) (مز 119: 97).

† ذكرت فى الليل اسمك يا رب وحفظت شريعتك. (مز 119: 55).

† ولسانى يلهج بعدلك. اليوم كله بحمدك (مز 35: 28).

† بالنهار يوصى الرب الرب رحمته وبالليل تسبيحه عندى صلاة لإله حياتى. (مز 42: 8).

† بالله نفتخر اليوم كله واسمك نحمد الى الدهر. (مز 44: 8).

† كم أحببت شريعتك. (فى الأجبية: محبوب هو اسمك) اليوم كله هى لهجى. (مز 119: 97).

† هكذا أرنم لاسمك إلى الأبد لوفاء نذورى يوماً فيوماً. (مز 61: 8).

† رنموا للرب باركوا اسمه بشروا من يوم إلى يوم بخلاصه. (مز 96: 2).

† أما أنا فإليك يا رب صرخت وفى الغداة (الصباح الباكر) صلاتى تتقدمك. (مز 88: 13).

† باسمك يبتهجون اليوم كله وبعدلك يرتفعون. (مز 89: 16).

† يمتلئ فمى من تسبيحك اليوم كله من مجدك. (مز 71: 8).

† ثابت قلبى يا الله ثابت قلىب. أغنى وأرنم. استيقظ يا مجدى. استيقظى يا رباب (ألة موسيقية) ويا عود أنا استيقظ سحراً (وقت السحر هو ما قبل الفجر). أحمدك بين الشعوب يا رب. أرنم لك بين الامم. لأن رحمتك قد عظمت إلى السموات… (مز 57: 7 – 10).

† يا رب بالغداة تسمع صوتى. بالغداة أوجه صلاتى نحوك وأنتظر (مز 5: 3).

خامساً: التأمل

الله يتحدث فى الظروف والمواقف، وهو يتحدث أيضاً فى الطبيعة. وكلها أمور تساعدنا على التأمل. وما أحوجنا فى وسط هذا العالم المضطرب أن نمارس التأمل. وهناك أيضاً التأمل فى كلمة الله وفى معاملات الله.

التأمل ليس هو التفكير النظرى بل التطبيق العملى على حياتنا لكى نأخذ دروساً نتعلمها ونتقنها. والتأمل هو الدخول باتضاع وانسحاق إلى حضرة الله لكى نعرف الكثير عن الأسرار التى لم يدونها الوحى الإلهى ولا عرفناها من الآباء، ولكنها جديدة كل يوم.

لذلك يقول المزمور سبحوا الرب تسبيحاً جديداً وما هذا الجديد كل يوم إلا التأمل فى الأحداث والطبيعة وفى كلمة الله وفى التاريخ.

هل تبحث عن  جتّ

عجائب الله ومعجزاته الحالية التى نعايشها كل يوم تستحق أن نتأمل فيها ونتبارك منها، ونناجى الله الذى صنع كل هذا!!

لقد كان لداود النبى تأملات كثيرة خلال سفر المزامير.

نحن نتعلم منها الكثير. وندرب أنفسنا كذلك على التأمل والتطبيق العملى لوصايا الرب. والتأمل أيضاً هو الاستفادة من الدروس التى نواجهها خلال الأحداث اليومية:

† لا تكونوا كفرس أو بغل بلا فهم. بلجام وزمام. (مز 32: 9).

† اذكر أعمال الرب إذ أتذكر عجائبك منذ القدم وألهج بجميع أفعالك وبصنائعك أناجى (مز 77: 11 – 12).

† ما أعظم أعمالك يا رب وأعمق جداً أفكارك. الرجل البليد لا يعرف والجاهل لا يفهم هذا. (مز 92: 5 – 6).

† ما أعظم أعمالك يا رب. كلها بحكمة صنعت. ملآنة الأرض من غناك. (مز 104: 24).

† أكشف عن عينىّ فأرى (أى أتأمل) عجائب من شريعتك. (مز 119: 18).

† أذكروا عجائبه التى صنع. آياته وأحكام فيه. (مز 105: 5).

† لهجت بكل أعمالك بصنائع يديك أتأمل. (مز 143: 5).

الفصل الخامس: النذور

  • جيلاً زائخاً وبارداً، جيلاً لم يثبت قلبه ولم تكن روحه أمينة لله (مز 78: 8).
  • لم يحفظوا عهد الله وأبوا السلوك فى شريعته (مز 78: 10).
  • أما قلوبهم فلم تثبت معه ولم يكونوا أمناء فى عهده. (مز 78: 37).
  • أنذروا وأوفوا للرب ألهكم يا جميع الذين حوله. (مز 76: 11).
  • اللهم على نذورك لأنك نجيت نفسى من الموت نعم ورجلىّ من الزلق لكى أسير قدام الله فى نور الأحياء (مز 56: 12 – 13).
  • لا أنقض عهدى ولا أغير ما خرج من شفتى (مز 89: 34).

النذور فى العهد القديم كان لها قيمة كبيرة، فهى نوع من العبادة، ووفاء لما تعهد به الإنسان تجاه الله، ولو أن النذور فى العهد القديم كان لا شكل مادى لأن مادة النذور كانت مادية. ولكن عرف العهد القديم النذور الروحى فى أمرين، أولهما هما الابن البكر الذى يعتبر نذيراً للرب وثانيهما هو سبط لاوى بأكمله الذى أصبح نذيراً ومكرساً للرب. وهكذا عرف العهد القديم النذر بمعنى التكريس للرب.

وبقيت النذور فى العهد القديم رمزاً ومقدمة للعهد الجديد حيث النذر الروحى والنذر التكريسى. وبقى أيضاً النذر المادى موجوداً فى العهد الجديد!!

أولاً: النذر المادى:

هو نذر مبلغاً من المال أو ذبيحة من الذبائح (خروف عجل – كبش) كعلامة شكر لله على فعلة الرب مع الإنسان. وهو إعلان لعمل الله وشكر لصنيع الرب. وهنا يكون النذر معلناً أمام الناس لإعلان عمل الله ولتسبيح وشكر على صنيع الرب.

وهنا نود أن نقول أمراً هاماً جداً إن هذه الذبائح يجب أن ينعم بها ويأكل منها ويذوق خيرها أخوة الرب المحتاجين. لأنه ما معنى أن نذبح الذبيحة ليأكل أصحابها ويفرح بها ذويها بينما يظل المحرومون كما هم!! وهنا نود أن ننصح بأن يكون النذر فى مقدورنا لأنه خير لنا أن لا ننذر من أن ننذر ولا نفى. ولذلك يجب أن يكون النذر بسيطاً وفى مقدورنا أن نوفيه. وفى العهد القديم كان يشترط لنذر المرأة أن يوافق زوجها على النذر وإلا فلا قيمة للنذر (لأن المرأة لم تكن تعمل وليس لها دخل خاص) وبقى السؤال إذا لم يتم الأمر الذى نذرنا من أجله هل يجب أن نوف النذر؟ طبعاً إذا لم يتم الأمر فأننا فى حل من وفاء النذر ولكن يجب أن نشكر الله لأنه فعل الصالح لنا!!

ثانياً: النذر الروحى:

هو نذر لعمل روحى نقدمه لله لأعلان صنيع الرب معنا فى أمر من الأمور. بأن نقول مثلاً لو تم هذا الأمر فأننى سوف أقدم لله عشرون مطانية أو أصلى صلاة نصف الليل لمدة أسبوع (المفروض أن المؤمن العادى ينفذ قانون صلاة الأجبية ولكن لسبب ظروف الحياة، ربما لا يستطيع المؤمن العادى أن يكمل قانون الأجبية كل يوم) أو يقول الشخص إذا تم هذا الأمر فأننى سوف أقدم لله صوماً إنقطاعياً لمدة ثلاثة أيام ثم أكل طعاماً نباتياً. وهكذا فأن النذر الروحى هو وفاء روحى لأتمام أمر روحى (أو ربما أمر مادى أيضاً مثل تسهيل سفر أو شفاء من مرض أو حل مشكلة وطلبية).

ثالثا: النذر التكريسى:

مثل نذر البتولية فى الرهبنة أو نذر التكريس الكامل للشماس المكرس أو الأكليريكى أو الكاهن الخادم.

وكلها نذور تكريسية فيها يقدم الإنسان حياته لله ويتفرغ للعبادة (الرهبنة) أو الخدمة الكاملة لله.

ويجب إن هذا النذر يخضع لرعاية وأرشاد وتوصية أب الأعتراف، حتى لا يكون نتيجة نزوة أو انتقال يرتد الإنسان بعده إلى ما قيل النذر.

والنذر بصفة عامة سواء النذر الروحى او النذر التكريسى أو النذر المادى فيجب أن يكون أمام الله فى صلاة خاصة والإنسكاب أمام الله.

إن الذين ينذرون ولا يوفون أو الذين ينذرون ويرتدون (خصوصاً النذر التكريسى) فهذه خطية إن لم يتب عنها الإنسان فأنه سوف يقع تحت العقاب والتأديب والقصاص وكلها أمور تحتاج إلى مشورة وتوجيه من أب الاعتراف!!

ولكن هناك صورة من التكريس خلالها لا يترك الإنسان عمله ووظيفته، بل يحيا فى المجتمع. ويتزوج وينجب ولكن يحمل صورة ابن الله ذلك هو إنسان الله.

رابعاً: إنسان الله

إنسان الله هو مكرس بمعنى أن يقدس عمله لله فيكون أمينا، ويقدس بيته لله فيكون كاملاً، ويقدس ماله لله فلا يعطى العشور وفقط بل وأكثر بكثير. إنسان الله يعمل لحساب الملكوت ويكون كاملاً حسب وصية الإنجيل. فهو يسير نحو الملكوت ويعمل لحساب مجد الله. يُعد زوجته وأولاده للسماء ويعد نفسه أيضاً ليكون له نصيب فى الملكوت!!

إنسان الله هو مكرس بمعنى أن يقدم نفسه للخدمة باستمرار، الخدمة الباذلة المضحية التى لا تعرف حدوداً ولا راحة ولا أنانية. إن إنسان الله هو نذير بمعنى إن حياته كلها لله وهو متزوج ويعمل ويحيا فى وسط المجتمع فهو نذير لله بحبه وقلبه وصلواتهت المستمرة المرفوعة لله.

إن إنسان الله يستطيع أن يخلق الوقت الذى يتمم فيه قانون الصلاة الذى يعطيه الأولوية قبل أى أمر آخر.

فى العلاقات الاجتماعية لا يعرف إنسان الله غير الحديث عن الله والقديسين والعمل الروحى المستمر حيث لا نميمة ولا خطية إدانة ولا دخول فى أى أمر لا يخص خلال نفسه.

ذلك هو إنسان الله الذى تقدس فى المسيح وأصبحت كل حياته لحساب المسيح والملكوت وهنا يرتقى الإنسان من مستوى النذر المادى إلى نذر الحياة كلها للمسيح أياً كان وضعنا وأياً كانت حياتنا فى المجتمع!!

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي