الفصل الأول صورة الله ومثاله سياحة القلب القمص أشعياء ميخائيل

الفصل الأول صورة الله ومثاله

« وقال الله نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا» (تك 1: 26).

« وتنقصه قليلاً عن الملائكة. وبمجد وبهاء تكلله» (مز 8: 5).

أولاً: صورة الله:

1 – الصورة Image والشبه Likeness

إن الإنسان له جسد ونفس وروح. ويجب أن نلاحظ أن الانسان الكامل يحمل الروح التى أخذها من الله والمتحده مع الجسد. وحين تتحد هذه الروح المأخوذه من الله مع النفس فإنها تتحد مع خليقة الله ويصير الانسان روحياً وكاملاً بسبب عمل الروح وهذا هو الأنسان الذى على صورة الله ومثاله. ولكن إذا لم تتحد الروح المأخوذه من الله مع النفس [بسبب شهوات هذه النفس] فإن هذا الإنسان يصير إنساناً شهوانياً له الطبيعة الحيوانية ولن يصير كاملاً ولن يحمل صورة الله فى طبيعته وتكوينه ولن يأخذ من الروح أى تشابه وسوف يصصبح إنساناً غير كامل.

ولهذا فإن النفس بمفردها ليست هى الانسان كله ولكنها هى جزء منه فقط. وأيضاً الروح بمفردها ليست هى الانسان كله، ولكن إتحاد الروح مع النفس هو الذى يُكّون الانسان ويكمله. والانسان الكامل هو الذى يصير بلا عيب فى الجسد والنفس والروح ويقدم للرب هذه العناصر الثلاثة بلا عيب.

وعلينا ان نحفظ الصوم والايمان المقدم لله أيضاً الحب للآخرين.

القديس أريناوس.

إن صورة الآب هو الابن كلمة الله وهو النور الذى من النور وهو كلمة الآب وهو أيضاً الانسان الحقيقى. والعقل الذى فى الانسان الذى خلق على صورة الله ومثاله يجب ان يشابه كلمة الله فى العمل فى النفس وعندئذ يصبح إنساناً سليماً.

القديس أكليمنضس الاسكندرى.

وقال الله «نعمل الانسان على صورتنا كشبهنا» ثم عاد بعد ذلك وقال الكتاب «فخلق الله الانسان على صورته. على صورة الله خلقه. ذكراً وأنثى خلقهم وباركهم الله» (تك 1: 27، 26) هنا نحن نلاحظ أن الله خلق الانسان على صورته Image لأن الكتاب يقول فخلق الله الانسان على صورته. على صورة الله خلقه بدون أى إشارة إلى كلمة على شبهه. وهذا دليل على أن الانسان قد أخذ صورة الله فى بداية خلقته. ولكن كمال سعيه بعد ذلك هو الذى يوصله لأن يكون على شبه الله. أى يصل إلى هذا الشبه بعد ممارسات يقظته لكى يتمثل بالله. أى أن الله قد منح الانسان إمكانيات الحصول على الكمال عن طريق منحه أن يكون على صورة الله ولكن الانسان يصل إلى هذا الكمال فى النهاية حين يكمل كل الأعمال وعندئذ يصير على الشبه الإلهى Likeness.

العلامة أوريجانوس.

إن الله قد أعطى الانسان أن يكون شريكاً فى صورته الذى هو الرب يسوع المسيح. وقد خلق الانسان على صورته. وبهذه النعمة فإنه يدرك صورة الله الذى هو كلمة الله. وعندئذ يستطيع الانسان فى المسيح الذى هو كلمة الله أن يعرف الآب ويتعرف على خالقه ويحيا فى سعادة وفى حياة بركة حقيقية.

القديس أثناسيوس الرسولى.

إن الصورة المرسومة على الخشب والتى تلطخت أصبح لزاماً على من رسمها أن يأتى مرة ثانية لكى يعيد رسمها طالما أن الخشب المرسوم عليه الصورة لم يلق بعيداً. هكذا أيضاً المسيح ابن الله الذى هو صورة الله The Image of the Father جاء إلى أرضنا لكى يجدد الانسان ليعيده إلى الشبه Likeness ويرجعه إلى الصورة التى فقدها.

القديس أثناسيوس الرسولى.

إن الانسان مكرم جداً. لأنه لا يوجد أى مخلوق آخر خلق على صورة الله الخالق. ولم يعطِ لأى من حيوانات الأرض أو حيوانات المياه أو طيور الهواء السلطان على كل الأشياء. ولكن الله قد أنقص الانسان قليلاً عن الملائكة بسبب وجوده فى الجسد. ولكن الله أعطى الانسان قوة الفهم وقوة إدراك الله الخالق. ولقد ميز الله الانسان أيضاً بأن «نفخ فى فمه نسمة حياة» (تك 7: 2). أى أن الله أعطى الانسان بعضاً من نعمه لكى يدرك شبهه لله. ولقد أعطى الله الانسان كرامة بسبب خلقه على صورته ولذلك أصبح مكرماً أكثر من السموات والشمس والنجوم. لأنه لأى من المخلوقات السمائية قد قيل أنها على صورة الله؟ وهل الشمس خلقت على صورة الله بأى صورة من الصور؟ فهذه المخلوقات الأخرى تمتلك حياة فى أجسادها المادية فقط. ولكن حيث لا يوجد عقل لهذه المخلوقات فلا يوجد لها إاردة حرة ولا مشاعر ذاتية.

القديس باسيليوس الكبير.

ما هو هذا السر الذى يحيط بى؟ إننى شريك فى صورة الله!! ولكننى لم أحافظ على ذلك السر. ولذلك جاء المسيح وإشترك فى جسدى لكى يخلص صورة الله [أى الانسان] ولكى يجعل الجسد غير فاسد ويصنع إتحاداً ثانياً [يين الله والإنسان] يفوق الاتحاد الأول. ولقد منح الرب يسوع المسيح للانسان الطبيعة الجديدة حين إتحد هو مع الطبيعة الخاطئة [فى سر التجسد] وهذا هو أسمى شئ فى أعين كل من يفهم ذلك.

القديس اغريغوريوس النازيانزى.

إن الله هو المحبة وهو مصدر الحب أيضاً [1يو 4: 7 – 8] ونحن نصير تلاميذ للسيد المسيح إن كان لنا حب بعضنا لبعض ولكن إذا غاب هذا الحب فإن صورة الله تنتفى وتختفى منا بالتمام وعندئذ تزول عنا كل النعم.

هل تبحث عن  سنكسار ( يوم الخميس ) 17 نوفمبر 2016

القديس اغريغوريوس أسقف نيصص.

2 – الجسد:

قال أحد الأباء[1]:

وكما إتحد كلمة الله فى سر التجسد مع النفس والجسد البشريين. هكذا أيضاً فى الانسان الروحى فإن نعمة الروح تنتقل إلى الجسد عن طريق النفس كوسيط. وهذا يجعل الروح تختبر الأمور الالهية. وكذلك تعطى هذه الامكانية للنفس. وعندئذ لن ينحرف الجسد بالشهوات الجسدية الملموسه ولكنه يقاوم كل إرتباط بالشرور. وعندئذ يتقدس الجسد ولا يتغرب عن الأمور الالهية.

من عظات القديس مقاريوس الكبير.

إن نار الروح القدس التى يأخذها المسيحيون فى هذه الحياة [فى سر الميرون المقدس] هى التى تقود قلوبهم وهى التى تحرق شهوات الجسد. وهذه النار المقدسة توحد أعضاء الجسد وتقدسها حتى تعدها للقيامه العامه. وهى التى تمنح الجسد قوة القيامة.

من عظات القديس مقاريوس الكبير.

ثانياً: التحرك نحو المثال Likeness الذى هو المسيح:

قال أحد الأباء[2]:

كل البشر قد خلقوا على صورة الله. ولكن الوصول إلى الشبه والمثال لم يمنح إلا لأولئك الذين عن طريق الحب العظيم قد أخضعوا حريتهم لله. لأنه حين لا نحيا لذواتنا فإننا سوف نشابهه، لأن خلال الحب قد صالحنا لنفسه. ولكن لن يكمل هذا التصالح إلا إذا أقنعنا ذواتنا الا ننحرف عن طريق أمجاد هذا العالم الزائل.

قال أحد الأباء[3]:

إن الارادة الحرة هى قوة خلاص النفس حتى توجهها بالاختيار والحرية نحو ما قررته. دعنا نتأكد بأن أنفسنا تتجه فقط بإختيارها نحو كل ما هو حسن وذلك حتى تستطيع أن تحرق الافكار الشريرة بالأفكار الحسنة الصالحة.

الذى إستطاع ان يستعيد فى نفسه صورة الله ومثاله الذى هو يسوع المسيح هو ذاك الذى نال رؤية كل شئ حسب الطبيعة التى خلق عليها ويسير دائماً بيقظه مستمره كما فى وضح النهار.

لقد دبر الله الخالق أمر خلاصنا ليرجعنا ثانية إلى حالة عدم الفساد التى خلقنا عليها وتعود الينا صورة الله الأولى. ولذلك تجسد المسيح لكى يختمنا بخاتم عدم الفساد ويجعلنا مشابهين لصورته. ولأننا خالفنا وعصينا الله لذلك جاء المسيح وتجسد وأكمل الطاعه حتى يجعلنا فى شركة البركة مع الآب ومع السماء.

وعلينا أن نتذكر بأن آدم الذى ولد من الأرض حين أخطأ وَرث اللعنة الى كل الجنس البشرى من قبله. بينما عمانوئيل الذى جاء من فوق من السماء الذى هو الله بالطبيعة أعطى الشركة فى حياته لأولئك الذين إختاروا أن ينتسبوا اليه عن طريق الايمان.

القديس كيرلس الاسكندرى.

الآن قد زال كل ما هو غريب عنا ليأتى الينا كل ما هو كامل ومناسب لطبيعتنا الأولى. وعندئذ نستطيع أن نرجع الى الحالة التى كنا عليها فى البدء لكى تكمل مشابهتنا لله. وهذا الأمر ليس حسب قوتنا أو قدراتنا بل هو نعمة من الله حسب غناه. لأن الله قد منحنا نعمة مشابهته الالهيه لطبيعتنا البشرية كخليقة له، ولكن عن طريق جهادنا البشرى نستطيع فقط أن نطهر ذواتنا من الاتساخات المتراكمة من الخطية وعندئذ سمح للجمال المختبئ فى النفس أن يشرق فينا.

القديس اغريغوريوس أسقف نيصص.

ثالثاً: مشاركة الطبيعة الالهية:

1 – شركة الطبيعة الالهية:

لهذا قد صار كلمة الله إنساناً. ولهذا أصبح ابن الله إبناً للانسان لكى يمتلك الانسان كلمة الله ولكى ينال بذلك نعمة التبنى ويصير إبناً لله. ولا يوجد أى وسيلة أخلى غير تلك الوسيله [التجسد] حتى ننال نعمة عدم الفاسد وذلك حين يصير عدم الفاسد [المسيح] مثلنا وذلك حتى يصير الفاسد [الانسان] مثله. وهكذا فإن عدم الفاسد يبتلع الفساد حتى ننال نحن نعمة التبنى ونصير أولاداً له.

القديس إريناوس.

إن المسيح هو قوة الآب المضيئة الذى فيه تحيا كل الأشياء وهو متحد مع الآب إتحاداً كاملاً. وحين نتحد مع المسيح الكلمة فإننا نتحد مع الآب لأن المسيح هو كلمة الآب.

القديس أثناسيوس الرسولى.

إن المسيح ابن الله صار إبناً للانسان لكى يصير أبناء الانسان الذين هم أبناء آدم أولاداً لله. والمسيح المولود من الآب قبل كل الدهور ولا نستطيع أن ندرك أو نفهم هذه البنوه، جاء إلى هذه الأرض لكى يولد فى ملء الزمان من العذراء مريم أم الله لكى يرفع الذين ولدوا فى الأرض لكى يولدوا ثانية من الله فى السماء وهو قد أعطانا ثمار الروح القدس الأولى. ولذلك فإن ابن الله بالطبيعه قد حملنا جميعاً فى شخصه حتى لا نحمل فى أنفسنا سوى الله فقط.

القديس أثناسيوس الرسولى.

إن الانسان قد أصبح إبناً لله بالاتحاد مع المسيح بالولادة الروحيه [بالأسرار] وعندئذ نخلع الانسان العتيق ونلبس الطبيعه الالهيه الجديده. وحين يصبح الانسان إبناً لله فإنه يأخذ ما لم يكن لديه [النعمه] ويترك ما لديه [الخطيه].

القديس اغريغوريوس أسقف نيصص.

إن المسيح هو ابن الله الوحيد بالطبيعة وهو صار بكراً من أجلناز ولأنه صار بكراً من أجل كل المخلوقات فإن كل ما يشبهه يخلص فى شخصه.

هل تبحث عن  يسوع والثبات

القديس كيرلس الاسكندرى.

إن الانسان يعتبر لا شئ وسط الموجودات لأنه مجرد تراب وعشب زائل، ولكنه نال نعمة التبنى لله خالق كل الموجودات. وعندئذ صار الانسان صديقاً للعظمة الالهيه وهذا هو السر الذى لا نستطيع أن نراه أو نفهمه أو ندركه. فأى شكر يجب على الانسان أن يقدمه لله لأجل هذه النعمة؟ وأى كلام وأى أفكار وأى ارتفاع للعقل لكى يمجد هذه النعمة الفائقه؟ إن الانسان فاق طبيعته وتحول من الطبيعه الفاسده إلى غير الفاسده وتغير من الوجود الزائل إلى الوجود الدائم. وتبدلت طبيعته السريعة الزوال إلى كونه كائن ابدى. وبإختصار تحول من إنسان إلى إله. وفى الواقع إستحق الانسان [بالمسيح] أن يصير إبناً لله. وتمكن الانسان أن يحوى فى ذاته عظمة الآب وأن يستغنى بكل ميراث الصلاح الذى للآب كم هى عظيمة هذه الكنوز غير المدركه والتى يصعب التعبير عنها.

القديس اغريغوريوس أسقف نيصص.

2 – الأبوه:

إن الذى فيه خطيه لا يجرؤ أن يدعو الله أباه لأنه لا يرى فى نفسه البر والصلاح الموجودين فى الله. كما هو الحال حين لا يمكن أن يصير الله الصالح أباً للارادة الشريره. ولا يمكن ان يصير الطاهر أباً لمن هو غير طاهر. ولا يمكن أن يصير الله غير المتغير اباً للانسان الذى يتغير من جانب لآخر. ولا يمكن أن يصير لله الذى هو أب الحياه إبن يخطئ وتقوده خطيته للموت. والذى هو قدوس بالتمام لا يمكن أن يصير أباً لمن تدنست نفوسهم بالشهوات الشريره. ولا يمكن لمن يعطى الخيرات ويمنح النعم أن يكون أباً لمن هو انانى. وبالاختصار نقول بأنه لا يمكن لمن هو بار وقدوس أن يكون أباً لمن هو واقع فى أى خطيه من الخطايا.

ولكن حين تجسد المسيح وصار إنساناً وطهر الانسان من كل أنواع الخطايا والآثام منح الانسان نعمة التبنى لأن الانسان لا يستطيع أن ينتسب إلى أسرة الله ما لم يتطهر من كل أنواع الشرور والخطايا. لأن الانسان الخاطئ الدنس لا يمكن أن يقول يا أبى لله الطاهر البار وإلا كان الله الهاً لضعفه وخطيته ولان كلمة آب إنما تعلن ما هو موجود فينا.

القديس اغريغوريوس أسقف نيصص.

ولكن لأن الرب يسوع المسيح قد علمنا أن ندعو الله أبانا فإن هذا يعلن لنا أنه قد منحنا الحياة الأبدية لكى تكون من نصيبنا. لأنه يستحيل أن يخدعنا الحق ويقول أن لن شيئاً ونحن لا نمتلكه وأن نستخدم إسماً [أبانا] لاحق لنا فى إستخدامه. ولكن إذا دعونا الله أبانا وهو البار القدوس الخالد فانه يجب أن نبرهن بأعمالنا أن الصلاة مع الله هى صلة حقيقية. فأى حماس يجب أن يكمله ضميرنا فى السلوك بنقاوه حتى يكون لنا الجرأه أن ندعو الله أبانا؟ فإذا ما أنت رددت هذه الصلاة بشفتيك فقط بينما أنت متعلق بمحبة المال ومشغول بخداع العالم وطلب الشهرة ومحبة الظهور بين البشر وأنت مستعبد للشهوات الجسدية فماذا تظن ستكون إجابة ذاك الذى يرى حياتك ويعرف ما هى صلاتك؟

القديس اغريغوريوس أسقف نيصص.

3 – أبناء الله:

قال أحد الأباء[4]:

نحن نؤكد بنويتنا لله عن طريق الحب. ولذلك يجب أن نحب الله كأب لنا قبل أن نلتصق به. ونحن نشابهه عن طريق الحب الذى نمتلئ به لأن الله محبة [1يو 4: 16] ويجب أن نحيا لأجل الحب لأن مشاعر الحب تشرق فى أبناء الله الذين يكرمون اباهم عن طريق أعمالهم وهم يعلنون عن الله أبيهم بحياتهم التى يحيونها.

وعن طريق السلوك فى جدة الحياة (رو 6: 4) كما يخبرنا القديس بولس الرسول فإن أولاد الله يضعون كل ثقتهم فى الله أبيهم ويمجدون أباهم الذى فى السموات (مت 5: 16) ولذلك هم مولودون منه بطريقه تفوق الوصف لأنه «ليس الله اله أموات بل إله أحياء» (مت 22: 32) والله دائماً يتمجد فى أولاده وقد قال للاشرار «إن كنت أنا أباً فأين كرامتى» (ملا 1: 6).

المسيح هو وحده الابن الوحيد والابن البكر. فهو الابن الوحيد لأنه هو الله الذى ظهر فى الجسد. والابن البكر لأنه صار إنساناً فى وسطنا وفى وسط أخوة كثيرين. ولذلك أصبحنا فيه وبه أولاداً لله خلال نعمته. وحين نتحد مع المسيح فإننا نصير واحداً فيه وشركاء معه. ووفقاً للنعمه التى تحصل عليها فى شخصه خلال الروح القدس فإننا نصير أولاداً لله.

القديس كيرلس الاسكندرى.

ولذلك فإنه خلال المسيح يمنح كل الجنس البشرى مجد البنوه لله عن طريق التبنى. لأنه ظهر كإنسان أمام الآب نيابة عنا لكى يجرعنا للمثول أمام حضرة الآب التى حرمنا منها من قبل بسبب خطايانا. إنه جلس فى العرش كإبن حتى ننال نحن نعمة التبنى خلاله. لأن المسيح الذى يجلس فى العرش قد شابهنا فى كل شئ لأنه قد ظهر كإنسان لكى يمنحنا عظمة البنوه.

القديس كيرلس الاسكندرى.

4 – قدرات الله الذاتيه:

أ – جوهر الله ومواهبه:

لو كان ممكناً لنا أن نتأمل فى طبيعة الله ذاتها حتى نعرف ما هى طبيعة الله وما هو ليس من طبيعته، فإننا لن نجد أى كلمات أو علامات لنعبر بها عما رأيناه وأدركناه، ولكن لأن طبيعة الله هى أعلى من فهم الأشياء التى نراها ولذلك فإننا نسير حسب قدرات الطبيعة الالهية.

هل تبحث عن  أبيجايل الزوجة الجميلة

القديس باسيليوس الكبير.

قال أحد الأباء[5]:

مع أن الانسان أصبح ممكناً له أن يشارك الطبيعة الالهية إلا أنه لا يشترك فى جوهر الله ذاته. لأنه يوجد فارق كبير بين جوهر الله وبيننا نحن الذين نشترك معه. ولكن لا يكفى وجود الله فى ذاته أو كماله لان كماله يفوق كل كمال، ولذلك فهو فى كماله يطلب منا أن نصنع الكمال وهو قادر أن يجعلنا نفعل ذلك. ولا يكفى أن يكون الله ثابتاً غير متغير بل إن له تأثيراً بحضوره فى كل الخليقة بالقدرات التى يمنحها إياها. وبالاختصار فإننا نطلب الله حتى نستطيع أن نشترك معه فى فضائله وبمعنى آخر فإنه بالمشاركه معه فإن كل منا يستطيع أن يأخذ شيئاً مناسباً حتى نستطيع ان نشابهه فى الحياة والشركة مع الطبيعة الالهية.

لا تظن أن الله يدعنا نرى جوهره الفائق. ولكننا نصير شركاء الطبيعة الالهيه حسب مواهبه ونعمته فى التبنى والمجد.

ب – النعمة:

قا أحد الأباء[6]:

إن النعمة التى تمنح لنا هى ظهور الجمال الالهى والمجد. ولذلك نحن نتحدث عن نعمة كلمات الكتاب المقدس ونعمة الحديث معه. ولذلك هناك فرق بين نعمة الطبيعة الالهية ونعمة الشركة مع الله.

توجد نعمة ممنوحة من الله للخليقة ونعمة أخرى خاصة بذات الله. ولكن النعمة التى يأخذها القديسون التى بها يصيرون شركاء الطبيعة الالهية ليست أكثر من الله ذاته، فكيف نقول عن هذه النعمة أنها من صنع البشر؟

إن الذين اعتمدوا للمسيح قد أعطيت لهم النعمة بطريقة باطنية سرية ولكنها تعمل فيهم حسب إكمالهم للوصايا الالهية. وهذه النعمة لا تكف قط عن مساعدتنا فى الخفاء. وهذه النعمة تكمن فى قدراتنا حتى نعمل الصلاح أو لا نعمله وفقاً لمشئيتنا الخاصة.

القديس مرقس الناسك.

قال القديس مقاريوس المصرى [إن النعمة التى تأتى للانسان لا تلغى إرادته ولا تجعله إنساناً ثابتاً فى الصلاح [بدون إراداته]. بل على العكس فإن قوة الله الموجودة فى الانسان تعطى طريقاً أمام حرية إرادته لكى تكشف له عما إذا كانت إرادة الانسان هى حسب نعمة الله أم لا].

ومن هنا يبدأ وجود وإتحاد كل من الإرادة والنعمة. فالنعمة أولاً تعمل فى الانسان من الخارج ثم تدخل وتأخذ مكاناً فى الروح. ولكن النعمة لا تبدأ فى العمل الداخلى فى الانسان إلا حين يفتح ذلك الانسان للنعمة باباً عن طريق رغبته الخاصة أو يفتح فمه لكى يتقبل تلك النعمة. وهكذا فإن النعمة مستعدة أن تساعد إذا رغب الانسان. ولكن الانسان بذاته لا يستطيع أن يصنع أو يؤسس فى ذاته الصلاح ولكنه فقط يستطيع أن يجاهد من أجل الصلاح. أما النعمة فهى التى تنشئ فى الانسان الصلاح الذى يشتاق اليه وذلك حتى يصل الانسان إلى كمال السيطرة على نفسه وعندئذ يصبح قادراً أن يُكّمل كل ما هو صالح فيصل إلى أن يسّر الله به.

القديس ثيوفان الناسك.

إن النعمة تعمل فى الانسان وتزوده بإستمرار بقوتها وتقدسه وتجعله لها وذلك على قدر حماس الانسان وجهاده فى الخضوع لله. ولكن الانسان لا يستطيع ولا يجب عليه أن يقف عند هذه الدرجة لأن هذه تعتبر مجرد بذرة ونقطة البداية ولكن يجب أن يستمر نور الحياة فى العمل أكثر من هذا لتقديس الروح والجسد بتمام عمل النعمة، وأن يصير إعلان ملكية النعمة للروح والجسد معاً حيث يتم إقتلاع الشهوات التى ليست من طبيعتنا والتى هى مسيطرة علينا الآن. والنعمة ترفع الروح والجسد معاً إلى مستوى الطهارة وإلى حالتها الطبيعية التى خلقت عليها. ولا يجب أن يبقى النور مغلقاً فى ذاته بل يجب أن ينتشر على كل الوجود بكل القدرة.

ومنذ أن تعمل هذه القوى فى الانسان بما هو أكثر من طبيعته فإن روح النعمة الطاهرة تأتى إلى القلب ولكنها لا تعمل مباشرة فى الحال بسبب عدم طهارة الانسان.

ولذلك يجب أن تؤسس بعض القنوات بين روح النعمة التى فينا وبين قدراتنا، حتى يشرق فينا الروح ويشفينا، وعندئذ يشفى كل عضو نطلب له الشفاء.

وهذا هو نشاط وتدريب وشفاء قدراتنا حتى نرجع إلى الطهاره التى فقدناها ونصير فى قداسة عن طريق تدريبنا على الصوم والعمل والسهر والعزله والبعد عن العالم [بالنسبة للراهب] وضبط الحواس والقراءة فى الكتاب المقدس وأقوال الأباء والحضور فى الكنيسة والاعتراف والتناول بمواظبة.

القديس ثيوفان الناسك.


[1] – الأب اغريغوريوس بالاماس.

[2] – الأب ديداحوس من فوتيكا Diadochus of Photike.

[3] – الأب سمعان اللاهوتى.

[4] – الأب نيقولاوس.

[5] – الأب اغريغوريوس بالاماس.

[6] – الأب اغريغوريوس بالاماس.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي