وثابتٌ عندنا كلام الأنبياء، هذا الذي هو نعم ما تصنعونه إذا تأملتم إليه، كمثل سراج مُضيءٍ في موضع مُظلم، حتى يظهر النَّهار، والنُّور يُشرق ويظهر في قلوبكم، وهذا أولاً فاعلموه: أن كل نبوَّات الكتب ليس تأويلها فيها من ذاتها خاصة. وليست بمشيئة البشر جاءت نبوَّة في زمان، بل تكلَّم أُناس بإرادة الله بالروح القدس.
وقد كانت أنبياء كذبة في الشَّعب، مثل ما يكون فيكم مُعلِّمون كذابون، هؤلاء الذين يأتون ببدع هلاك. والسيِّد الذي اشتراهم يجحدونه، ويجلِّبون على أنفسهم هلاكاً سريعاً. وكثيرون ينجذبون نحو نجاساتهم، ومن قِبَـلِهم يُجدَّف على طريق الحقِّ. وبالظُّلم وكلام الباطل يتَّجرون بكم، هؤلاء الذين دينونتهم مُنذ البدءِ لا تبطل، وهلاكهم لا ينعس. فإن كان الله لم يُشفِق على الملائكة الذين أخطأوا، لكن أسلَّمهم في وثـاق الظُّلمة والزمهرير ليُحفَظوا للدينونة مُعـذَّبين، والعـالم الأول لم يُشـفِـق عليه، لكن نوحـاً الثَّامـن المُنـادِي بالبِّر حفظه، وأتى بماء الطُّوفان على العالم المُنافق. والمدن الأُخر سادوم وعامورة أحرقهما وحكم عليهما بالخسف، وجعلهما عِبرةً للمنافقين الذين سيكونون، والصدِّيق لوط خلَّصه من ظلمهم، ومن تقلبهم الرديء وسلوكهم النجس. لأنَّه بالنَّظر والسَّمع كان الصدِّيق ساكناً بينهم، ويوماً فيوماً كانوا يُحزِنون نفس الصدِّيق بأعمال مُخالفة للنَّاموس.