الأصحاح التاسع عشر إنجيل يوحنا القمص أنطونيوس فكري

الإصحاح التاسع عشر

الآيات (يو1: 19 – 16).

الأعداد 1-16

الآيات (يو1: 19 – 16): –

“1فَحِينَئِذٍ أَخَذَ بِيلاَطُسُ يَسُوعَ وَجَلَدَهُ. 2 وَضَفَرَ الْعَسْكَرُ إِكْلِيلاً مِنْ شَوْكٍ وَوَضَعُوهُ عَلَى رَأْسِهِ، وَأَلْبَسُوهُ ثَوْبَ أُرْجُوَانٍ، 3 وَكَانُوا يَقُولُونَ: «السَّلاَمُ يَا مَلِكَ الْيَهُودِ! ». وَكَانُوا يَلْطِمُونَهُ. 4فَخَرَجَ بِيلاَطُسُ أَيْضًا خَارِجًا وَقَالَ لَهُمْ: «هَا أَنَا أُخْرِجُهُ إِلَيْكُمْ لِتَعْلَمُوا أَنِّي لَسْتُ أَجِدُ فِيهِ عِلَّةً وَاحِدَةً». 5فَخَرَجَ يَسُوعُ خَارِجًا وَهُوَ حَامِلٌ إِكْلِيلَ الشَّوْكِ وَثَوْبَ الأُرْجُوانِ. فَقَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «هُوَذَا الإِنْسَانُ! ». 6فَلَمَّا رَآهُ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْخُدَّامُ صَرَخُوا قَائِلِينَ: «اصْلِبْهُ! اصْلِبْهُ! ». قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «خُذُوهُ أَنْتُمْ وَاصْلِبُوهُ، لأَنِّي لَسْتُ أَجِدُ فِيهِ عِلَّةً». 7أَجَابَهُ الْيَهُودُ: «لَنَا نَامُوسٌ، وَحَسَبَ نَامُوسِنَا يَجِبُ أَنْ يَمُوتَ، لأَنَّهُ جَعَلَ نَفْسَهُ ابْنَ اللهِ». 8فَلَمَّا سَمِعَ بِيلاَطُسُ هذَا الْقَوْلَ ازْدَادَ خَوْفًا. 9فَدَخَلَ أَيْضًا إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ وَقَالَ لِيَسُوعَ: «مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟ ». وَأَمَّا يَسُوعُ فَلَمْ يُعْطِهِ جَوَابًا. 10فَقَالَ لَهُ بِيلاَطُسُ: «أَمَا تُكَلِّمُنِي؟ أَلَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّ لِي سُلْطَانًا أَنْ أَصْلِبَكَ وَسُلْطَانًا أَنْ أُطْلِقَكَ؟ » 11أَجَابَ يَسُوعُ: « لَمْ يَكُنْ لَكَ عَلَيَّ سُلْطَانٌ الْبَتَّةَ، لَوْ لَمْ تَكُنْ قَدْ أُعْطِيتَ مِنْ فَوْقُ. لِذلِكَ الَّذِي أَسْلَمَنِي إِلَيْكَ لَهُ خَطِيَّةٌ أَعْظَمُ». 12مِنْ هذَا الْوَقْتِ كَانَ بِيلاَطُسُ يَطْلُبُ أَنْ يُطْلِقَهُ، وَلكِنَّ الْيَهُودَ كَانُوا يَصْرُخُونَ قَائِلِينَ: «إِنْ أَطْلَقْتَ هذَا فَلَسْتَ مُحِبًّا لِقَيْصَرَ. كُلُّ مَنْ يَجْعَلُ نَفْسَهُ مَلِكًا يُقَاوِمُ قَيْصَرَ! ». 13فَلَمَّا سَمِعَ بِيلاَطُسُ هذَا الْقَوْلَ أَخْرَجَ يَسُوعَ، وَجَلَسَ عَلَى كُرْسِيِّ الْوِلاَيَةِ فِي مَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ «الْبَلاَطُ» وَبِالْعِبْرَانِيَّةِ «جَبَّاثَا». 14 وَكَانَ اسْتِعْدَادُ الْفِصْحِ، وَنَحْوُ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ. فَقَالَ لِلْيَهُودِ: «هُوَذَا مَلِكُكُمْ! ». 15فَصَرَخُوا: «خُذْهُ! خُذْهُ! اصْلِبْهُ! » قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «أَأَصْلِبُ مَلِكَكُمْ؟ » أَجَابَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ: «لَيْسَ لَنَا مَلِكٌ إِلاَّ قَيْصَرَ! ». 16فَحِينَئِذٍ أَسْلَمَهُ إِلَيْهِمْ لِيُصْلَبَ. فَأَخَذُوا يَسُوعَ وَمَضَوْا بِهِ.”.

آية (يو1: 19): – “1فَحِينَئِذٍ أَخَذَ بِيلاَطُسُ يَسُوعَ وَجَلَدَهُ.”.

بيلاطس هنا يريد أن يستدر عطف الشعب بأن يعاقب المسيح عقوبة شكلية ثم يطلقه. ولكن نلاحظ أن هذه العقوبة كانت دون حكم رسمي بل هي لإرضاء الشعب الهائج. ولكن بيلاطس دون يدرى أكمل كأس آلام السيد التي تحملها عنا. وكل ما فعلوه بعد ذلك هو الهزء منه كملك. والمسيح قبل هذا الهزء ليعيد لنا كرامتنا. ولبس إكليل الشوك ليرد لنا إكليل المجد. والجلد كان عقوبة رهيبة وكان من يُجْلَدْ يسقط أمام قضاته كتلة من اللحم المشوه الممزق. ويقال أن الجلد كان الساعة 9صباحاً. وبهذا الجلد تغطى جسد المسيح بالدم من رأسه المغطى بالدم بسبب إكليل الشوك إلى قدميه (والتغطية بالدم هى الكفارة، فجسد المسيح هو كنيسته).

آية (يو2: 19): – “2 وَضَفَرَ الْعَسْكَرُ إِكْلِيلاً مِنْ شَوْكٍ وَوَضَعُوهُ عَلَى رَأْسِهِ، وَأَلْبَسُوهُ ثَوْبَ أُرْجُوَانٍ،”.

هنا نرى الإستهزاء بالمسيح كملك. وثوب الأرجوان خلعه عليه هيرودس إستهزاء به. والشوك نتيجة للخطية (تك17: 3، 18). وكان منظر المسيح وهو لابس إكليل الشوك هو منظر الإنسان المطرود من أمام وجه الله خارجاً من جنة عدن حاملاً اللعنة والشوك.

آية (يو3: 19): – “3 وَكَانُوا يَقُولُونَ: «السَّلاَمُ يَا مَلِكَ الْيَهُودِ! ». وَكَانُوا يَلْطِمُونَهُ.”.

السلام يا ملك اليهود = هي التحية التي تقال للملوك. وأخذ منها كلمة السلام الملكي. فالسلام الملكي بالموسيقى هو تحية الملوك عوضاً عن أن يقولوا السلام للملك. وهي نفسها هايل سيزار ومنها أخذت التحية الألمانية “هايل هتلر” فالسلام الملكي بالموسيقى صار عوضاً عن قولهم هايل سيزار.

آية (يو4: 19): – “4فَخَرَجَ بِيلاَطُسُ أَيْضًا خَارِجًا وَقَالَ لَهُمْ: «هَا أَنَا أُخْرِجُهُ إِلَيْكُمْ لِتَعْلَمُوا أَنِّي لَسْتُ أَجِدُ فِيهِ عِلَّةً وَاحِدَةً».”.

لقد حاول بيلاطس أن يوقظ الروح الإنسانية عند اليهود ولكنه فشل. ولكن إستسلامه لليهود كان إدانة لهُ هو أيضاً.

آية (يو5: 19): – 5فَخَرَجَ يَسُوعُ خَارِجًا وَهُوَ حَامِلٌ إِكْلِيلَ الشَّوْكِ وَثَوْبَ الأُرْجُوانِ. فَقَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «هُوَذَا الإِنْسَانُ! ». “.

هوذا الإنسان = يقولها بيلاطس بعد أن رفع عنه كل كرامة ليظهره لليهود كإنسان ضعيف بلا ثوار يساندونه كملك، أو قالها ربما ليذكرهم بإنسانيتهم وأنه أخوهم في الإنسانية ليتنازلوا عن موضوع صلبه ولكن هذه الكلمة تشير للمسيح وقد أخلى ذاته آخذاً صورة عبد، بل حمل عار العبيد ومذلة البشر. هو الإنسان الكامل والنموذج السليم للإنسان حسب قصد الآب الذي بلا خطية لكنه صار إبن الإنسان الذي حمل خطايا الإنسان وعاره. وهو الإنسان المملوء نعمة وهو الإنسان الذي سيأتي يوماً في مجد الآب، ليس في صورة المصلوب المهان بل كديان الأرض كلها العادل. هو الإنسان الذي ليس مثله، ليس إنساناً عادياً. هو الإنسان محل الخلاف والقضية أيها اليهود بل وحتى الآن. هي نبوة من بيلاطس دون أن يدرى كما تنبأ قيافا دون أن يدرى (يو50: 11، 51).

آية (يو6: 19): – “6فَلَمَّا رَآهُ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْخُدَّامُ صَرَخُوا قَائِلِينَ: «اصْلِبْهُ! اصْلِبْهُ! ». قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «خُذُوهُ أَنْتُمْ وَاصْلِبُوهُ، لأَنِّي لَسْتُ أَجِدُ فِيهِ عِلَّةً».”.

كان فعلاً لابد للصلب أن يتم، ليتم الفداء فالصليب لعنة (تث21: 23) والمسيح بصلبه حمل اللعنة عنا. ونرى حتى هذه اللحظة أن بيلاطس غير موافق على الصلب. وبذلك حمَّل بيلاطس اليهود دم المسيح (أع13: 3 – 15). ولكن خطأ بيلاطس أنه فَضَّل موت المسيح وهو يعلم ببراءته حتى لا يحدث إضطراب سياسي أو تُشَوَّهْ صورته لدى قيصر.

آية (يو7: 19): – “7أَجَابَهُ الْيَهُودُ: «لَنَا نَامُوسٌ، وَحَسَبَ نَامُوسِنَا يَجِبُ أَنْ يَمُوتَ، لأَنَّهُ جَعَلَ نَفْسَهُ ابْنَ اللهِ».”.

اليهود هنا يرفضون المساومة مع بيلاطس رفضاً تاماً. ومعنى كلامهم أن حكمهم على المسيح هو حكم إلهى وما على بيلاطس سوى التنفيذ. واليهود هنا أظهروا للوالي الوثني معتقداتهم الدينية لعله يقبل بصلبه أي لو وجدته أنت بريئاً من الناحية المدنية فهو من ناحية ديننا فهو محكوم عليه. ولكن ذكرهم أنه إبن الله أتى بأثر عكسي إذ خاف منه بيلاطس.

آية (يو8: 19): – “8فَلَمَّا سَمِعَ بِيلاَطُسُ هذَا الْقَوْلَ ازْدَادَ خَوْفًا.”.

لقد أحس بيلاطس بالرهبة في حديثه أولاً مع المسيح حين ذكر أصله الإلهي، والآن يزداد خوفاً حينما يسمع أن المسيح هو إبن الله. وبحسب فكر بيلاطس الروماني أنه بدأ يدخل حرباً مع الآلهة. فالرومان يعتقدون أن الآلهة يمكن أن تتجسد وتنزل وسط الناس.

آية (يو9: 19): – “9فَدَخَلَ أَيْضًا إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ وَقَالَ لِيَسُوعَ: «مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟ ». وَأَمَّا يَسُوعُ فَلَمْ يُعْطِهِ جَوَابًا.”.

من أين أنت = يقصد هل أصلك سماوي أم أرضى. والمسيح لم يرد فبيلاطس لن يفهم لأن مفاهيم بيلاطس عن البنوة لله مأخوذة من الأساطير اليونانية. فهو لن يفهم قطعاً ما هو المقصود. فإن كان اليهود وعندهم النبوات لم يفهموا أفسوف يفهم بيلاطس.

الآيات (يو10: 19 – 11): – “10فَقَالَ لَهُ بِيلاَطُسُ: «أَمَا تُكَلِّمُنِي؟ أَلَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّ لِي سُلْطَانًا أَنْ أَصْلِبَكَ وَسُلْطَانًا أَنْ أُطْلِقَكَ؟ » 11أَجَابَ يَسُوعُ: « لَمْ يَكُنْ لَكَ عَلَيَّ سُلْطَانٌ الْبَتَّةَ، لَوْ لَمْ تَكُنْ قَدْ أُعْطِيتَ مِنْ فَوْقُ. لِذلِكَ الَّذِي أَسْلَمَنِي إِلَيْكَ لَهُ خَطِيَّةٌ أَعْظَمُ».”.

المسيح هنا يشرح لبيلاطس من أين يستمد سلطانه، فهو يصحح معلومات بيلاطس. هنا المسيح يشرح لبيلاطس أن الله هو ضابط الكل، وأن أي شئ يصيبنا هو بسماح من الله وليس بسبب سلطان الرؤساء. فنحن في يد الله ولسنا في يد إنسان. فالله هو الذي أعطى السلطان للرؤساء [رو1: 13 + أع23: 2 + 26: 4 – 28]. وإن هذا ليشعرنا بمنتهى الإطمئنان. “التقليد القبطي يقول أن بيلاطس وزوجته صارا مسيحيين وإستشهدا”.

لهُ خطية أعظم = فبيلاطس أخطأ لأنه إستخدم القانون المدني لقتل المسيح خوفاً. ولكن رؤساء الكهنة خطيتهم أعظم إذ هم إستخدموا الناموس الإلهي في تلفيق تهمة ضد المسيح، فهم خطيتهم تعتبر قتل مع سبق الإصرار والتعمد.

آية (يو12: 19): – “12مِنْ هذَا الْوَقْتِ كَانَ بِيلاَطُسُ يَطْلُبُ أَنْ يُطْلِقَهُ، وَلكِنَّ الْيَهُودَ كَانُوا يَصْرُخُونَ قَائِلِينَ: «إِنْ أَطْلَقْتَ هذَا فَلَسْتَ مُحِبًّا لِقَيْصَرَ. كُلُّ مَنْ يَجْعَلُ نَفْسَهُ مَلِكًا يُقَاوِمُ قَيْصَرَ! ».”.

رد المسيح على بيلاطس جعله يزداد خوفاً، وكان يريد إطلاقه، وهنا يتمسح رئيس الكهنة بقيصر، فإن رفض بيلاطس قتل المسيح يلصق به تهمة خيانة قيصر. ورئيس الكهنة بفعلته هذه ترك الله ليذهب لأوثان قيصر. في لحظة إنقلب هؤلاء اليهود المتعصبون للناموس إلى رومان متعصبين لقيصر. محباً لقيصر = كان هذا لقب الضباط العظام الذين يقومون بأعمال جليلة لحساب الإمبراطورية. واللقب المضاد “ليس محباً لقيصر” يشير للخيانة وهذا ما قالوه لبيلاطس يقاوم قيصر. وكان طيباريوس قيصر سامعاً للوشايات يلقى بمن يتهم بأنه ضده مع المنبوذين ويرفع من يسمع عنهم أنهم يحبونه. لذلك خاف بيلاطس أن تصل هذه التهمة لطيباريوس. “ويقول يوسيفوس أن بيلاطس وُشى به بعد ثلاث سنوات عند طيباريوس فعزله فإنتحر يأساً”. ومن المنطقى أن المؤرخ اليهودى يكتب أنه إنتحر إذا كان قد إستشهد بحسب التقليد القبطى.

ولاحظ أن السنهدريم حاكموا المسيح بتهمة دينية بأنه إدعى أنه إبن الله. ولما ذهبوا لبيلاطس إتهموه بتهمة مدنية أنه ضد قيصر ويمنع دفع الجزية (لو2: 23). ولماّ برأه بيلاطس من هذه التهمة (لو14: 23) بل وهيرودس (لو15: 23) غيروا التهمة أمام بيلاطس إلى تهمة دينية مرة أخرى (يو7: 19). وحاول بيلاطس إطلاقه إذ شعر بزيف التهمة. فغير اليهود كلامهم ثانية أن يسوع يقاوم قيصر (يو12: 19). ما يحدث هو تلفيق تهم ضد المسيح لقتله بأي وسيلة.

آية (يو13: 19): – “13فَلَمَّا سَمِعَ بِيلاَطُسُ هذَا الْقَوْلَ أَخْرَجَ يَسُوعَ، وَجَلَسَ عَلَى كُرْسِيِّ الْوِلاَيَةِ فِي مَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ «الْبَلاَطُ» وَبِالْعِبْرَانِيَّةِ «جَبَّاثَا».”.

بيلاطس أدرك خطة اليهود الخبيثة ضده فلم يجازف بحياته بل ضحى بالمسيح وكان شعاره فلأحيا أنا وليمت المسيح. جلس على كرسي الولاية = لينطق بحكم الصلب ضد المسيح. جبّاثا = البلاط = هو رصيف مرتفع مرصوف بقطع بلاط مرمر يتبع البيت وهو مرتفع مستدير ليراه كل الواقفين. يقع بين قلعة أنطونيا وبين الهيكل. وكان يجلس عليه الوالي وقت إصدار الأحكام.

آية (يو14: 19): – “14 وَكَانَ اسْتِعْدَادُ الْفِصْحِ، وَنَحْوُ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ. فَقَالَ لِلْيَهُودِ: «هُوَذَا مَلِكُكُمْ! ».”.

هنا يحدد يوحنا يوم الحكم = إستعداد الفصح وساعة الحكم = السادسة = أنظر موضوع الساعة السادسة فيما يلي. ويوم الجمعة عموماً ما يسمى الإستعداد للسبت ولكن هذه الجمعة إسمها بالذات إستعداد الفصح لأن الفصح كان يوم السبت لذلك سمى هذا السبت عظيماً (آية31).

هوذا ملككم = هنا بيلاطس يسخر من اليهود. ولكنه دون أن يدرى يسجل الحقيقة.

آية (يو15: 19): – “15فَصَرَخُوا: «خُذْهُ! خُذْهُ! اصْلِبْهُ! » قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «أَأَصْلِبُ مَلِكَكُمْ؟ » أَجَابَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ: «لَيْسَ لَنَا مَلِكٌ إِلاَّ قَيْصَرَ! ».”.

هم يريدون أن يتخلصوا من المسيح الذي يبكتهم. أأصلب ملككم = فيها أيضاً سخرية من بيلاطس، فاليهود ملكهم هو الله. ولكنهم بلعوا السخرية بل زادوها بقولهم ليس لنا ملك إلاّ قيصر = ولنلاحظ أن الذي قال ذلك ليس الشعب إنما رؤساء الكهنة وقارن مع (يو33: 8). نجدهم هنا وقد طمسوا معالم إيمانهم بل لقد جدّفوا. والله إستمع لما طلبوه فملًّك عليهم قيصر فأذلهم بل أحرقهم وأحرق دولتهم وإستعبدهم وشتتهم في كل الأرض “مخيف هو الوقوع في يدي الله الحي” (عب31: 10) ولكن لنلاحظ أن الله إستخدم والٍ وثنى ليسمع اليهود ورؤساء كهنتهم كلام حق.

آية (يو16: 19): – “16فَحِينَئِذٍ أَسْلَمَهُ إِلَيْهِمْ لِيُصْلَبَ. فَأَخَذُوا يَسُوعَ وَمَضَوْا بِهِ.”.

حسب القانون الروماني كان يتحتم أن يمر يومان على الأقل بين صدور الحكم بالإعدام ويوم تنفيذه. بل في أيام طيباريوس قيصر صارت المدة عشرة أيام، لعله يظهر دليل براءة للمتهم فلا يتم التنفيذ. ولكن عموماً لم يراع أحد القوانين في هذه القضية فاليهود متشوقين لقتله سريعاً خوفاً من تردد بيلاطس. هم حسبوا أن بيلاطس قد يأمر ثانية بإطلاق سراحه. وجنود الرومان ملهوفين على ذلك بدافع غطرستهم وتعصبهم لجنسهم (مزمور1: 2، 2) ومع أن الذي قام بالصلب عساكر الرومان قيل اسلمه إليهم ليصلب فمسئولية الصلب واقعة على اليهود حتماً.

هل صلب المسيح في الساعة الثالثة أم السادسة.

في (مر25: 15) وكانت الساعة الثالثة فصلبوه وفي (يو14: 19) وكان إستعداد الفصح ونحو الساعة السادسة فقال (بيلاطس) هو ذا ملككم.. فحينئذ أسلمه اليهود ليصلب:

كان اليهود يقسمون الليل إلى 4ساعات كبيرة ويقسمون النهار إلى 4ساعات كبيرة (الساعة الكبيرة = 3ساعات بتوقيتنا).

وتبدأ ساعات النهار عند شروق الشمس ولمدة (3ساعات بحسب ساعاتنا وتسمى الساعة الأولى. وتبدأ بعدها الساعة الثالثة ولمدة (3ساعات) وبعدها الساعة السادسة. وبهذا تنتهي الساعة الثالثة عند نصف النهار وتنتهي الساعة السادسة عند بعد الظهر وتمتد الساعة التاسعة للغروب. ولم تكن هناك ساعات في يدهم لتحديد الزمن، بل بالتقريب. وربما يطلقون على نهاية الساعة الثالثة أنها الساعة السادسة وعلى بداية السادسة أنها الثالثة. فالتدقيق في الساعات لم يكن مهماً في ذلك الوقت. فإن قال مرقس أن الصلب قد حدث في الساعة الثالثة فهو يقصد نهايتها وإذا قال يوحنا أن الصلب حدث في الساعة السادسة فهو يقصد بدايتها وكلاهما يصح التعبير عنه بطريقتهم كما حدث. ويقول أحد المفسرين أن نهاية أحد السواعى هو إبتداء الساعة الأخرى والقدر الذي بين الساعتين من الزمان مجهول. والفعل قد ينسب إلى زمانين (الثالثة والسادسة) لجواز وقوع طرفيه في طرفيهما، أي طرف الساعة الثالثة وطرف الساعة السادسة.

هل تبحث عن  قبر موسى وقبر المسيح

شروق الشمس

.

وأحداث الصلب (تسليم بيلاطس للسيد في يد اليهود / الحكم بالصلب / الجلد / الإهانات / كتابة اللوح / إقتسام الجند لثيابه / محاورة اللصين / إستهزاء العابرين / إعتراض المجتازين / صلب المسيح على الصليب) هذه الأحداث بدأت في الساعة الثالثة وإنتهت في الساعة السادسة. والظلمة حدثت في الساعة السادسة وإستمرت حتى الساعة التاسعة. وغالباً فقد قصد مرقس أن هذه الأحداث بدأت بصدور الحكم الذي صدر في خلال الساعة الثالثة. ويوحنا يشير بقوله نحو الساعة السادسة أن الأحداث التي يشير إليها كانت في نهاية الساعة الثالثة وقد إقتربنا من الساعة السادسة. أماّ قول القديس مرقس فصلبوه فيشير لصدور الحكم ضد السيد بالصلب وبداية الأحداث وإتفاق قرار بيلاطس مع إرادة اليهود في الصلب.

  1. إلاّ أن بعض المفسرين ذهبوا لأن يوحنا يقصد بقوله الساعة السادسة أنها الساعة بالتوقيت الحالي أي فجراً ودليلهم على ذلك أن يوحنا كان يعيش في أفسس التي كانت تستخدم توقيتات مشابهة، وأنه عُثِرَ على كتابات تعود لذلك الزمان أن الشهيد فلان إستشهد في الساعة الثامنة صباحاً. والشهيد فلان أستشهد في العاشرة صباحاً مماّ يشير لإستخدام توقيت مشابه لتوقيتنا. والرأي الأول أرجح.

صلب يسوع (مت32: 27 – 56) + (مر21: 15 – 41) + (لو26: 23 – 49) + (يو16: 19 – 37).

الأعداد 17-37

الآيات (يو16: 19 – 37): –

“16فَحِينَئِذٍ أَسْلَمَهُ إِلَيْهِمْ لِيُصْلَبَ. فَأَخَذُوا يَسُوعَ وَمَضَوْا بِهِ. 17فَخَرَجَ وَهُوَ حَامِلٌ صَلِيبَهُ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ «مَوْضِعُ الْجُمْجُمَةِ» وَيُقَالُ لَهُ بِالْعِبْرَانِيَّةِ «جُلْجُثَةُ»، 18حَيْثُ صَلَبُوهُ، وَصَلَبُوا اثْنَيْنِ آخَرَيْنِ مَعَهُ مِنْ هُنَا وَمِنْ هُنَا، وَيَسُوعُ فِي الْوَسْطِ. 19 وَكَتَبَ بِيلاَطُسُ عُنْوَانًا وَوَضَعَهُ عَلَى الصَّلِيبِ. وَكَانَ مَكْتُوبًا: «يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ مَلِكُ الْيَهُودِ». 20فَقَرَأَ هذَا الْعُنْوَانَ كَثِيرُونَ مِنَ الْيَهُودِ، لأَنَّ الْمَكَانَ الَّذِي صُلِبَ فِيهِ يَسُوعُ كَانَ قَرِيبًا مِنَ الْمَدِينَةِ. وَكَانَ مَكْتُوبًا بِالْعِبْرَانِيَّةِ وَالْيُونَانِيَّةِ وَالّلاَتِينِيَّةِ. 21فَقَالَ رُؤَسَاءُ كَهَنَةِ الْيَهُودِ لِبِيلاَطُسَ: «لاَ تَكْتُبْ: مَلِكُ الْيَهُودِ، بَلْ: إِنَّ ذَاكَ قَالَ: أَنَا مَلِكُ الْيَهُودِ! ». 22أَجَابَ بِيلاَطُسُ: «مَا كَتَبْتُ قَدْ كَتَبْتُ». 23ثُمَّ إِنَّ الْعَسْكَرَ لَمَّا كَانُوا قَدْ صَلَبُوا يَسُوعَ، أَخَذُوا ثِيَابَهُ وَجَعَلُوهَا أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ، لِكُلِّ عَسْكَرِيٍّ قِسْمًا. وَأَخَذُوا الْقَمِيصَ أَيْضًا. وَكَانَ الْقَمِيصُ بِغَيْرِ خِيَاطَةٍ، مَنْسُوجًا كُلُّهُ مِنْ فَوْقُ. 24فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «لاَ نَشُقُّهُ، بَلْ نَقْتَرِعُ عَلَيْهِ لِمَنْ يَكُونُ». لِيَتِمَّ الْكِتَابُ الْقَائِلُ: «اقْتَسَمُوا ثِيَابِي بَيْنَهُمْ، وَعَلَى لِبَاسِي أَلْقَوْا قُرْعَةً». هذَا فَعَلَهُ الْعَسْكَرُ. 25 وَكَانَتْ وَاقِفَاتٍ عِنْدَ صَلِيبِ يَسُوعَ، أُمُّهُ، وَأُخْتُ أُمِّهِ مَرْيَمُ زَوْجَةُ كِلُوبَا، وَمَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ. 26فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ أُمَّهُ، وَالتِّلْمِيذَ الَّذِي كَانَ يُحِبُّهُ وَاقِفًا، قَالَ لأُمِّهِ: «يَا امْرَأَةُ، هُوَذَا ابْنُكِ». 27ثُمَّ قَالَ لِلتِّلْمِيذِ: «هُوَذَا أُمُّكَ». وَمِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ أَخَذَهَا التِّلْمِيذُ إِلَى خَاصَّتِهِ. 28بَعْدَ هذَا رَأَى يَسُوعُ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ قَدْ كَمَلَ، فَلِكَيْ يَتِمَّ الْكِتَابُ قَالَ: «أَنَا عَطْشَانُ». 29 وَكَانَ إِنَاءٌ مَوْضُوعًا مَمْلُوًّا خَّلاً، فَمَلأُوا إِسْفِنْجَةً مِنَ الْخَلِّ، وَوَضَعُوهَا عَلَى زُوفَا وَقَدَّمُوهَا إِلَى فَمِهِ. 30فَلَمَّا أَخَذَ يَسُوعُ الْخَلَّ قَالَ: «قَدْ أُكْمِلَ». وَنَكَّسَ رَأْسَهُ وَأَسْلَمَ الرُّوحَ. 31ثُمَّ إِذْ كَانَ اسْتِعْدَادٌ، فَلِكَيْ لاَ تَبْقَى الأَجْسَادُ عَلَى الصَّلِيبِ فِي السَّبْتِ، لأَنَّ يَوْمَ ذلِكَ السَّبْتِ كَانَ عَظِيمًا، سَأَلَ الْيَهُودُ بِيلاَطُسَ أَنْ تُكْسَرَ سِيقَانُهُمْ وَيُرْفَعُوا. 32فَأَتَى الْعَسْكَرُ وَكَسَرُوا سَاقَيِ الأَوَّلِ وَالآخَرِ الْمَصْلُوبِ مَعَهُ. 33 وَأَمَّا يَسُوعُ فَلَمَّا جَاءُوا إِلَيْهِ لَمْ يَكْسِرُوا سَاقَيْهِ، لأَنَّهُمْ رَأَوْهُ قَدْ مَاتَ. 34لكِنَّ وَاحِدًا مِنَ الْعَسْكَرِ طَعَنَ جَنْبَهُ بِحَرْبَةٍ، وَلِلْوَقْتِ خَرَجَ دَمٌ وَمَاءٌ. 35 وَالَّذِي عَايَنَ شَهِدَ، وَشَهَادَتُهُ حَق÷، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ لِتُؤْمِنُوا أَنْتُمْ. 36لأَنَّ هذَا كَانَ لِيَتِمَّ الْكِتَابُ الْقَائِلُ: «عَظْمٌ لاَ يُكْسَرُ مِنْهُ». 37 وَأَيْضًا يَقُولُ كِتَابٌ آخَرُ: «سَيَنْظُرُونَ إِلَى الَّذِي طَعَنُوهُ».”.

آية (يو17: 19): – “17فَخَرَجَ وَهُوَ حَامِلٌ صَلِيبَهُ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ «مَوْضِعُ الْجُمْجُمَةِ» وَيُقَالُ لَهُ بِالْعِبْرَانِيَّةِ «جُلْجُثَةُ»،”.

كان مكان المحاكمة قريباً من الباب الشمالي الغربي المؤدى إلى خارج المدينة حيث مكان الصلب. فخرج وهو حاملٌ صليبه = فخرج = تشير لخروجه خارج المحلة (أورشليم) ليحرق كذبائح الخطية والكفارة (لو31: 9). أما عن الصليب يقول التاريخ أنه لم يستطع حمله سوى إلى باب المدينة ويقال أنه سقط به 3مرات. وبعد خروجه بدأ طريق الآلام (عب11: 13 – 14). والمسيح خرج من دار الولاية أمام قلعة أنطونيا عبر شوارع المدينة من المرتفع الذي يقال له جبَّاثا. وكان النسوة يستقبلنه بالبكاء. وخرج من باب سور المدينة الشمالي الغربي الذي يُدعى باب دمشق لأنه قرب الطريق المؤدى إلى دمشق. وسموه بعد ذلك باب إسطفانوس فخارج هذا الباب رجموا إسطفانوس. موضع الجمجمة = بالعبرانية جولجوثا وباليونانية إكرانيون وباللاتينية كالفاريا. ومكان الصلب سمى هكذا حسب رأى البعض أنه فيه دُفِن آدم، ورأى آخر أن الصخرة تشبه الجمجمة، ورأى ثالث أن المكان مخصص للرجم والصلب وبه جماجم كثيرة. ومكان الصلب كان على بعد دقائق من باب المدينة (يو20: 19) وكان يوجد في المكان بستان به المغارة التي دفن فيها المسيح، وفي هذا المكان قدم اسحق ذبيحة.

آية (يو18: 19): – “18حَيْثُ صَلَبُوهُ، وَصَلَبُوا اثْنَيْنِ آخَرَيْنِ مَعَهُ مِنْ هُنَا وَمِنْ هُنَا، وَيَسُوعُ فِي الْوَسْطِ.”.

الرومان جعلوا الصلب للمجرمين الخطرين في مستعمراتهم، وأيضاً للعبيد. ولما جاء قسطنطين وقَبِل الإيمان المسيحي ألغي الحكم بالصلب وإنتهي من العالم نهائياً بمنشور تحذيري. والتقليد القبطي يقول أن إسم اللص اليمين هو ديماس. وهناك تفسير لماذا لم يذكر يوحنا حديث اللصين وتعييرات الناس؟ يقول التفسير أن يوحنا ذهب ليحضر العذراء مريم، فأتى بعد أن صُلِب المسيح وهو لا يذكر سوى ما رآه.

آية (يو19: 19): – “19 وَكَتَبَ بِيلاَطُسُ عُنْوَانًا وَوَضَعَهُ عَلَى الصَّلِيبِ. وَكَانَ مَكْتُوبًا: «يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ مَلِكُ الْيَهُودِ».”.

كانت العادة الرومانية أن يوضع فوق رأس المصلوب لوحة بها إسمه وعلَّة صلبه (مت37: 27). وهناك تفسير لماذا إختلف البشيرون فيما كتب على هذه اللوحة أن المكتوب كان بثلاث لغات وربما إختلف ما جاء بكل ترجمة، والتفسير الآخر أن البشيرين إهتموا بالمعني وليس بالحرف. وما كتب كان بالعبرية واللاتينية واليونانية.

العبرانية = هي لغة الشعب والكتاب المقدس والدين اليهودي، وبهذا كانت الكتابة بالعبرية فيها شهادة أن يسوع المصلوب هو المسيا الموعود.

اللاتينية = لغة الحكام والسياسة. وهذه الكتابة شهدت أن المسيح ملك الملوك، ملك المؤمنين.

اليونانية = هي لغة الثقافة والفلسفة التي كانت سائدة في العالم كله. ولغة الفلسفة شهدت أن المسيح هو رب الحق.

ولنلاحظ أن اليونانية سادت العالم كله وبهذا إنتشر الإنجيل الذي كُتِبَ باليونانية. وكانت التوراة والعهد القديم قد ترجم لليونانية سنة 189 ق. م فيما يسمى بالترجمة السبعينية.

وحينما إمتلك الرومان العالم إهتموا بشق الطرق في كل مكان لتؤدى إلي روما وكانوا على كل طريق يكتبون المسافة إلى روما. ومن هنا جاء المثل “كل الطرق تؤدى إلى روما” وشق الطرق أدى لسهولة إنتقال الرسل عبر العالم كله لينتشر الإنجيل.

ولماذا كتب بيلاطس يسوع الناصري ملك اليهود INRI.

  1. هو كتبها باللاتينية ليظهر لقيصر أنه قتل من إدّعى الملك وقاوم قيصر، فيكافئه.
  2. كتبها بالعبرانية إهانة لشعب اليهود، فهوذا ملككم مصلوباً، فهو مغتاظ منهم لأنهم قاوموه وأصروا على صلب المسيح، وكان هو يريد أن يطلقه. وهو لم يعبأ بإحتجاجهم، بل هو أعلن أمامهم أن حجتهم في شكايته لقيصر قد إنتهت بصلب ملك اليهود. وربما أراد أن يحررهم من إنتسابهم الزائف إلي قيصر.
  3. والبعض قالوا أن بيلاطس كان يكن للمسيح شعوراً فائقاً جعله يكتب هذا تعبيراً عن مشاعره وتقديراً له وإعتذاراً عما حدث.

آية (يو20: 19): – “20فَقَرَأَ هذَا الْعُنْوَانَ كَثِيرُونَ مِنَ الْيَهُودِ، لأَنَّ الْمَكَانَ الَّذِي صُلِبَ فِيهِ يَسُوعُ كَانَ قَرِيبًا مِنَ الْمَدِينَةِ. وَكَانَ مَكْتُوبًا بِالْعِبْرَانِيَّةِ وَالْيُونَانِيَّةِ وَالّلاَتِينِيَّةِ.”.

لأن مكان صلب المسيح كان على مقربة من الطريق المؤدى إلى دمشق، وهو طريق هام وعام. قرأ العنوان كثيرون من الداخلين والخارجين إلى المدينة. ونلاحظ أن الوقت كان وقت الفصح والزائرين بمئات الألوف أو بالملايين. وهم حملوا هذه الأخبار للعالم كله فمهدوا الطريق للبشارة.

آية (يو21: 19 – 22): – 21فَقَالَ رُؤَسَاءُ كَهَنَةِ الْيَهُودِ لِبِيلاَطُسَ: «لاَ تَكْتُبْ: مَلِكُ الْيَهُودِ، بَلْ: إِنَّ ذَاكَ قَالَ: أَنَا مَلِكُ الْيَهُودِ! ». 22أَجَابَ بِيلاَطُسُ: «مَا كَتَبْتُ قَدْ كَتَبْتُ». “.

لقد نصَّب المسيح نفسه ملكاً على العالم بالصليب وإستخدم بيلاطس ليعلن هذا للعالم.

الآيات (يو23: 19 – 24): – “23ثُمَّ إِنَّ الْعَسْكَرَ لَمَّا كَانُوا قَدْ صَلَبُوا يَسُوعَ، أَخَذُوا ثِيَابَهُ وَجَعَلُوهَا أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ، لِكُلِّ عَسْكَرِيٍّ قِسْمًا. وَأَخَذُوا الْقَمِيصَ أَيْضًا. وَكَانَ الْقَمِيصُ بِغَيْرِ خِيَاطَةٍ، مَنْسُوجًا كُلُّهُ مِنْ فَوْقُ. 24فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «لاَ نَشُقُّهُ، بَلْ نَقْتَرِعُ عَلَيْهِ لِمَنْ يَكُونُ». لِيَتِمَّ الْكِتَابُ الْقَائِلُ: «اقْتَسَمُوا ثِيَابِي بَيْنَهُمْ، وَعَلَى لِبَاسِي أَلْقَوْا قُرْعَةً». هذَا فَعَلَهُ الْعَسْكَرُ.”.

يقول يوسيفوس أن القميص المنسوج كله من فوق بغير خياطة لم يحل لبسه إلاّ لرؤساء الكهنة، وبالتالي فهذا القميص الذي يشبه ملابس رئيس الكهنة جعل المسيح يذهب إلى صليبه كرئيس كهنة يقدم ذبيحته. وكان القميص بهذه الطريقة ثمين جداً لذلك لم يشقوه بل ألقوا عليه قرعة. وكونهم لا يشقوه فهو يشير للكنيسة التي لا تنشق ولا تنقسم (قارن مع مزمور22. والعسكر هم عساكر الرومان). منسوجاً من فوق = إشارة لأن الله هو الذي أسس كنيسته ليس لإنسان أن يمزقها.

ملابس الربيين والتى كان الرب يسوع يلبسها.

كانوا يلبسون داخليا ما يسمى “الكيتونا” وهو ينزل إلى الكعبين. وهذا لا بد أن يلبسه كل من له عمل بالمجمع وكل من يقرأ فى الترجوم أو الكتاب المقدس. وهذا الرداء أو القميص بحسب تسمية القديس يوحنا، يكون منسوجا من أعلى إلى أسفل بدون أى شق وله أكمام. ويربط وسطه بزنار لتثبيت القميص على الجسم. وكان الرداء الخارجى يسمى “الطاليث” ومزود فى أركانه الأربعة بالعصائب والأهداب (والأهداب مصنوعة من جدائل بكل ركن. وكان يضع على رأسه غطاء يسمونه “السودار” وهو على شكل عمامة. ويضع فى قدميه صندلا. هذه هى الثياب التى إقتسمها الجنود عند صلب السيد. وكانت أربعة أقسام وهى غطاء الرأس والصندل والطاليث والزنار. وأما القميص فلم يقسموه.

آية (يو25: 19): – “25 وَكَانَتْ وَاقِفَاتٍ عِنْدَ صَلِيبِ يَسُوعَ، أُمُّهُ، وَأُخْتُ أُمِّهِ مَرْيَمُ زَوْجَةُ كِلُوبَا، وَمَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ.”.

بعد أن إطمأن اليهود أن فريستهم قد صُلِبَ ذهبوا لإعداد الفصح فتركوا المكان وأعطوا فرصة لأحبائه أن يقتربوا من الصليب، فإقترب يوحنا مع العذراء الأم.

وفي (مت56: 27) نجد من حول الصليب مريم المجدلية ومريم أم يعقوب ويوسى وأم إبنى زبدى. وفي (مر40: 15) نجدهم مريم المجدلية ومريم أم يعقوب الصغير ويوسى وسالومة وهنا نجدهم أمُّه وأخت أمه مريم زوجة كلوبا ومريم المجدلية. وفي الترجمات الإنجليزية جاءت الآية أمه وأخت أمه، مريم زوجة كلوبا ومريم المجدلية وبالتالي نفهم أنهن كن أربعة حول الصليب.

1) من هذا الجدول نفهم أن سالومة هي أخت العذراء مريم وزوجها إسمه زبدى وهي أم يوحنا ويعقوب الكبير إبنا زبدى. وبالتالي فيوحنا هو إبن خالة السيد المسيح وهو تواضعاً لم يذكر إسم أمه. كما يتحاشى ذكر إسمه هو شخصياً.

2) مريم زوجة كلوبا (وإسمه حلفى أيضاً) ويوحنا أسماها زوجة كلوبا حتى لا يظن أحد أنها أمه (أو أم يعقوب أخيه) لو قال أم يعقوب. وهي لها ولدان يعقوب الصغير ويوسى. (يعقوب الكبير هو أخو يوحنا). ومرقس قال أم يعقوب الصغير حتى لا يظن أحد أنها أم يعقوب ويوحنا. وطبعاً فإن يعقوب ويوسى هنا هم غير يعقوب ويوسى إخوة الرب (مر3: 6).

3) يوجد شخصان بإسم يعقوب، أكبرهم سناً هو يعقوب بن زبدى أخو يوحنا وأصغرهم سناً هو يعقوب بن حلفى (أو كلوبا).

4) متى لم يحدد يعقوب بأنه الصغير إذ هو أورد اسم يعقوب الآخر بقوله إبنى زبدى وهما معروفان بأنهما يعقوب الكبير ويوحنا. فلم يجد ضرورة لتعريف يعقوب بن حلفى بأنه الصغير.

5) يوحنا يذكر أولاً العذراء مريم ثم أختها دون أن يذكر إسمها. ويبدو أن العذراء مريم لم يكن لها سوى أخت واحدة.

6) لم يذكر متى ومرقس وقوف العذراء بجانب الصليب لأنها غالباً لم تكن موجودة منذ بداية الصلب وأن يوحنا أتى بها أخيراً. وهو قد أحضرها لأنه شعر أن السيد يريد أن يودعها وهي أيضاً. وهذا ما حدث فعلاً (آية 26).

آية (يو26: 19): – “26فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ أُمَّهُ، وَالتِّلْمِيذَ الَّذِي كَانَ يُحِبُّهُ وَاقِفًا، قَالَ لأُمِّهِ: «يَا امْرَأَةُ، هُوَذَا ابْنُكِ».”.

يا إمرأة هوذا إبنك = صارت أماً للتلميذ الذي يحبه يسوع بل هي صارت أماً لكل كنيسة يسوع، جسده. والمسيح هنا يسميها إمرأة وهذه صفة الأم، أم الكنيسة جسد إبنها يسوع. فنحن بالمعمودية بالروح القدس نصير جسد المسيح وبهذا أيضاً صار يوحنا أخاً للمسيح، لقد رفعه المسيح الذي صار بكراً بين إخوة كثيرين (عب11: 2). كلٌ منا إبن لحواء وإبن للعذراء مريم لقد سميت حواء إمرأة وصارت أماً للعالم والعذراء سميت إمرأة لكونها صارت أم الكنيسة.

هل تبحث عن  ما هى علاقة التقليد المسيحي بالتقليد اليهودى؟

آية (يو27: 19): – “27ثُمَّ قَالَ لِلتِّلْمِيذِ: «هُوَذَا أُمُّكَ». وَمِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ أَخَذَهَا التِّلْمِيذُ إِلَى خَاصَّتِهِ.”.

كون أن المسيح يسلم العذراء ليوحنا فهذا دلالة قاطعة على أنها لم يكن لها أولاد آخرين بالجسد وإلاّ لكان قد أسلمها لهم، وهي أيضاً خالته. ونرى هنا أن المسيح رفع مستوى الأمومة والبنوة من مستوى الجسد واللحم والدم إلى أمومة روحية وبنوة روحية. هي وحدة روحية لبناء الكنيسة. ويوحنا أخذ العذراء فوراً معهُ في علية صهيون وكانت معهم يوم الخميس. وهي إستمرت مع يوحنا 11سنة في أورشليم ثم رافقته إلى أفسس وغالباً إنتقلت هناك إذ يوجد قبر للعذراء مريم في تركيا. ولكن يوجد قبر آخر للعذراء بَنَتْ عليه الملكة هيلانة كنيسة يقول تقليد آخر أنه قبر العذراء. وكان يوحنا من الجليل ولكن غالباً لهُ بيت في أورشليم أخذ العذراء مريم إليه.

آية (يو28: 19): – “28بَعْدَ هذَا رَأَى يَسُوعُ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ قَدْ كَمَلَ، فَلِكَيْ يَتِمَّ الْكِتَابُ قَالَ: «أَنَا عَطْشَانُ».”.

(مز15: 22 + 21: 69). ونلاحظ أن المسيح لم يشتكى كل مدة الصلب إلاّ بهذه العبارة لأنه كان قد وصل لقمة العذاب، وسال دمه وعرقه ووصل إلى لحظة الإحتضار بعد سلسلة من الآلام الجسدية كان قمتها الصلب وألام نفسية من خيانة الأحباء وتخلى التلاميذ وإستهزاء الناس وألام روحية إذ حجب الآب وجهه عنه حينما حمل خطايا العالم وصار ذبيحة إثم أمام الله. والمسيح لم ينتبه إلى ألامه وعطشه إلاّ بعد أن تمم الخلاص وكان كل شئ قد كمل، وتمم كل النبوات (أع27: 13 – 29). والخل الذي شربه كان يزيد من إحساسه بالعطش. ولكن لو قارننا هذه العبارة بقول السيد للسامرية “إعطني لأشرب” فنفهم أن السيد كان عطشانا لخلاص النفوس.

آية (يو29: 19): – “29 وَكَانَ إِنَاءٌ مَوْضُوعًا مَمْلُوًّا خَّلاً، فَمَلأُوا إِسْفِنْجَةً مِنَ الْخَلِّ، وَوَضَعُوهَا عَلَى زُوفَا وَقَدَّمُوهَا إِلَى فَمِهِ.”.

الخل هو نوع من النبيذ الرخيص يستعمله الجنود. وكان من أعمال الرحمة للمصلوب أن يسقوه خلاً مع مرارة لتسكين الألم لذلك كانت الزوفا والإسفنجة موجودتين بالمكان للزومهما لعملية الصلب (أم6: 31).

آية (يو30: 19): – “30فَلَمَّا أَخَذَ يَسُوعُ الْخَلَّ قَالَ: «قَدْ أُكْمِلَ». وَنَكَّسَ رَأْسَهُ وَأَسْلَمَ الرُّوحَ.”.

المسيح أسلم روحه بإرادته وهو في ملء الحياة. وقوله قد أكمِلَ = هي صرخة النصر الأخيرة فهو أكمل الخلاص. نكس رأسه = أي أمال رأسه. وكل إنسان يسلم الروح ثم ينكس الرأس بغير إرادته. فالإنسان يظل رافعاً رأسه بقدر إمكانه حتى آخر لحظة حتى يمكنه التنفس وإذ يموت تسقط رأسه. أماّ المسيح ففعل العكس إذ نكس رأسه ثم أسلم الروح فهو أسلمها بإرادته ونكس رأسه بإرادته (يو18: 10) وهكذا قال إشعياء “سكب للموت نفسه” (12: 53) فلم تؤخذ روحه منه كالبشر بل سكب هو نفسه بنفسه، بإرادته، أسلم روحه في يد أبيه كمن يستودع وديعة هو وشيك أن يستردها.

على الصليب.

والصلب كان يقوم به الرومان فكان المصلوب يخلع ملابسه بالقرب من الصليب تماما كنوع من الإحتقار. ولكن فى اليهودية كانت تراعى الأداب اليهودية فى الحشمة ويغطون جسد المصلوب وهذا ما إتبع مع الرب يسوع. ومع اليهود بدافع الرحمة كانوا يعطون المصلوب خلا مخلوطا بالمر (الخل هو نبيذ مختمر) وهذا يعتبر كمخدر، لذلك رفض مخلصنا الشرب منه كما رفض تعاطف بنات أورشليم اللواتى كن يبكين عليه. أراد أن يحمل ألامنا وحده حتى أقصاها فرفض تخدير الألم ليتحمل كل الألام الجسدية، ورفض حتى المساندة والمشاركة النفسية من بنات أورشليم. وكان ثمن الخل والمر يتكفل به جمعية من سيدات أورشليم. وكان القانون يفرض وضع لافتة تعلق على صليب المحكوم عليه تعلن سبب صلبه.

سخرية اليهود من الرب يسوع كانت سببا فى سخرية الجند منه كملك لليهود فهم يكرهون اليهود ويحتقرونهم وكانت سخريتهم من الرب يسوع هى سخرية ممن إعتبروه ملكا لليهود الذين يكرهونهم. وبهذا كانت تصرفات رؤساء اليهود والسنهدريم من شخص الرب يسوع فى الواقع هى نوع من الإنتحار الأدبى بالنسبة لرجاء إسرائيل فى وجودها وكيانها. فهم شاركوا الجند الرومان فى السخرية من الرمز. وكان الرومان يسمعون سخرية اليهود من المسيح ويكررونها ولكن كنوع من السخرية من اليهود فى شخص ملكهم. ويأخذ اليهود سخرية الرومان من شخص الرب كملك لليهود ويكررونها هم ضد الرب. ولاحظ أن موضوع السخرية هو أمل اليهود فى إستعادة حريتهم تحت ملك منهم. وكانت التهمة المعلقة على الصليب أن المسيح هو ملك اليهود، إذاً نفهم أنهم صلبوا رمز الأمل والرجاء فى حريتهم من الرومان وأن تكون لهم مملكتهم. وهكذا كما باع يهوذا معلمه ثم إنتحر، باع اليهود رمز وطنهم الذى يحلمون به فإنتحروا ولنراجع ما عمله تيطس سنة 70م.

بعد أن تمم الرب كل عمله لفدائنا قال “قد أكمل” ونادى يسوع بصوت عظيم وقال “يا أبتاه فى يديك أستودع روحى”.

عجيب أن الرب يسوع فى هذه اللحظة وهو فى منتهى الضعف الجسدى وفى لحظة موت * يصرخ بصوت عظيم. فالإنسان العادى فى لحظة موته لا تكون له قدرة على الصراخ بصوت عظيم. بل كان صراخه فى لحظة موته سببا فى أن قائد المئة الموجود بجانب الصليب يقول “حقا كان هذا الإنسان إبن الله” (مر15: 39) وهذا يدل على قوة جبارة ناشئة عن إتحاد ناسوته الضعيف بلاهوته. وعجيب أيضا أن نسمع * “ونكَّس رأسه وأسلم الروح. فالطبيعى أن يُسلِّم الإنسان الروح أولا ثم ينكس رأسه وليس العكس، وذلك لإنه يحاول أن تظل رأسه مرفوعة بقدر الإمكان ليتنفس، ولكنه بعد أن يموت تسقط رأسه. وهاتين الملحوظتين يشيران أن موت المسيح لم يكن كموت أى إنسان عادى، بل هو بسلطانه سلَّم حياته أى مات بإرادته حينما أراد أى حينما تمم عمله. وبهذا نفهم أن الموت لم يبتلع المسيح بل أن المسيح هو الذى إبتلع الموت كغالب وليس كمغلوب. الموت لم يغلب الرب بل هو الذى غلب الموت، ونزل إلى الجحيم بروحه المتحدة بلاهوته ليفتح الأبواب لمن ماتوا على الرجاء ويأخذهم إلى الفردوس.

اللاهوت لم يساند الناسوت فى أى لحظة ليحمل ألامه، بل أراد المسيح أن يحمل الألام بالكامل ليشابهنا فى كل شئ. وهذا معنى قول بولس الرسول “أنه يُكَمِّلْ رئيس خلاصهم بالألام” (عب2: 10). فالمسيح لم يكن من المفروض أن يتألم، فالألم نتج عن الخطية وهو بلا خطية. ولكنه بإرادته أراد أن يتذوق الموت والألم ليصير كواحد منا. ولكن فى لحظات الموت ظهر عمل اللاهوت لا ليحمل عنه ألامه فهو قال “أنا عطشان” وقال “إلهى إلهى لماذا تركتنى” وهذا دليل على أن ألامه كانت حقيقية. ولكن معنى ظهور عمل اللاهوت هنا هو أن الموت لا يمكنه أن يهاجم المسيح ويغلبه، بل هاجم المسيح الموت حينما أسلم روحه بإرادته. ونظرا لإتحاد روحه باللاهوت الحى إبتلعت الحياة التى فى اللاهوت المتحد بالناسوت الموت، ولم يبتلع الموت الحياة التى فى المسيح فهى حياة أبدية لا تموت. وهذا معنى العبارة التى نرددها – بالموت غلب الموت].

[ “فلكى يتم الكتاب قال أنا عطشان” = المسيح لم يشرب لأنه عطشان فقط، إذ هو عطشان لخلاصنا. ولم يشرب الخل (وهو نوع من النبيذ الذى يستعمله الجنود) فقط ليتمم النبوات. بل أنه كان يتمم طقس الفصح الجديد. ففى طقس الفصح اليهودى يشرب المجتمعين حول المائدة أربعة كئوس. والكأس الأخير أى الرابع يعلن إنتهاء طقس الفصح. فالمسيح شرب هذا الكأس الرابع على الصليب فربط الصليب بسر الإفخارستيا. فالإفخارستيا هى نفسها ذبيحة الصليب، والصليب شرح كيف أن المسيح قد أعطى تلاميذه على مائدة الفصح جسده ودمه مأكلا ومشربا حقيقيين. ويُرجى الرجوع لكتاب الجذور اليهودية والموجود فى مقدمة سر الإفخارستيا فى كتاب الأسرار الكنسية.

آية (يو31: 19): – “31ثُمَّ إِذْ كَانَ اسْتِعْدَادٌ، فَلِكَيْ لاَ تَبْقَى الأَجْسَادُ عَلَى الصَّلِيبِ فِي السَّبْتِ، لأَنَّ يَوْمَ ذلِكَ السَّبْتِ كَانَ عَظِيمًا، سَأَلَ الْيَهُودُ بِيلاَطُسَ أَنْ تُكْسَرَ سِيقَانُهُمْ وَيُرْفَعُوا.”.

استعداد = كل يوم جمعة إسمه إستعداد. وكان هذا السبت عظيماً لأنه يوم الفصح. ولكنه صار عظيماً إذ دخل المسيح فيه إلى راحته وأدخلنا معه للراحة. وكان الرومان إمعاناً في التشهير بالمجرمين يصلبون المصلوب عارياً تماماً ولكن اليهود منعوا ذلك فكانوا يسترون المصلوب وحرّموا صلب المصلوب عارياً تماماً. وكان الرومان يتركون الجثة على الصليب لأيام حتى تفتك بها الطيور عبرة لكل مجرم ولزيادة هيبة القانون. ولكن الناموس اليهودي يمنع ذلك (تث23: 21). ولذلك ذهب اليهود لبيلاطس يطالبون بكسر سيقان الكل حتى لا تبقى الأجساد على الصلبان، فهم يبحثون هنا عن تتميم حرفية الناموس خصوصاً أن هذا السبت كان يوم الفصح، وكان سبت فلا يصح أن تترك في نظرهم الأجساد على الصلبان. ولكن غالباً كان هذا مزيد من التشفي من المسيح ولضمان موته. وكانوا يكسرون السيقان بمطرقة خشبية ثقيلة، وهو عمل وحشي لا يطيق الإنسان النظر إليه. والمصلوب قد يبقى على الصليب لأيام ينازع الموت لكن بتكسير السيقان يموت سريعاً. ولذلك تعجب بيلاطس أنه مات سريعاً على غير العادة. وإذا لم يمت المصلوب بتكسير ساقيه طعنوه بحربة في القلب وهنا ما فعلوه مع المسيح ليطمئنوا أنه مات. لكن ما حدث كان بترتيب إلهي ليخرج الدم والماء فنري أن جسد المسيح بالرغم من موته كان فيه حياة لإتحاده باللاهوت.

آية (يو32: 19): – “32فَأَتَى الْعَسْكَرُ وَكَسَرُوا سَاقَيِ الأَوَّلِ وَالآخَرِ الْمَصْلُوبِ مَعَهُ.”.

كان لكل مصلوب حارس، وحارسا اللصين تقدما وكسرا أقدامهما أولاً.

آية (يو33: 19): – “33 وَأَمَّا يَسُوعُ فَلَمَّا جَاءُوا إِلَيْهِ لَمْ يَكْسِرُوا سَاقَيْهِ، لأَنَّهُمْ رَأَوْهُ قَدْ مَاتَ.”.

الإنسان بطبيعته يتعلق بالحياة فيقاوم الموت لذلك يصارع الإنسان الموت ويبقى معلقاً على الصليب فترة طويلة، أماّ المسيح فإذ أكمل مهمته أسلم روحه سريعاً إذ هو غير متعلق بالأرض، بل هو مشتاق أن يذهب ليكرز للأرواح التي في السجن ويخرج من كانوا في الجحيم (1بط19: 3).

آية (يو34: 19): – “34لكِنَّ وَاحِدًا مِنَ الْعَسْكَرِ طَعَنَ جَنْبَهُ بِحَرْبَةٍ، وَلِلْوَقْتِ خَرَجَ دَمٌ وَمَاءٌ.”.

بغض النظر عن التفسير العلمى والطبى لما حدث فلنفهم المعنى الروحى.

(زك10: 12) هم طعنوه ليتأكدوا من موته. وبطعنة هذا العسكري تحققت النبوة أولاً وتحقق الجميع أن المسيح مات فعلاً فلا يقول اليهود حينما يقوم المسيح أنه كان فاقداً لوعيه. وللوقت حينما طعنه العسكري خرج دم وماء خرج دم حي خلافاً لما قد ينزل من أي إنسان ميت حين يطعن، والميت يتجمد الدم في عروقه. وخرج مع الدم ماءٌ نقى، والميت لا يخرج منه ماء نقى. إذاً خروج دم وماء من جسد ميت يخالف طبيعة الإنسان. وهذا فيه إشارة واضحة أن الجسد مات ولكن لم يَرَ فساداً. وبالتالي فهو جسد إبن الله حقاً. وبسبب ما حدث نمزج في كأس الإفخارستيا ماء مع الخمر. نحن هنا أمام صورة ذبيحة حية فما أمامنا يخالف الموت الطبيعي وعلاماته، هي ذبيحة حية ناطقة على المذبح الناطق السمائي تعلن أن الفداء قد تم والعقوبة استكملت، ومات الحي الذي لا يموت. وكانت الحياة في هذا الجسد الميت راجعة لأن لاهوت المسيح لم يفارق ناسوته لحظة واحدة ولا طرفة عين، لكن الروح الإنسانية فارقته، وظل لاهوته متحداً بناسوته في القبر، ولاهوته متحد بروحه الإنسانية التي ذهبت للجحيم لتفرج عن المحبوسين وتنطلق بهم إلى الفردوس.

إنجيل يوحنا 10

.

كان موت المسيح كما شبهه داود كنائم ثمل من الخمر (مز65: 78، 66). إذاً خروج الدم والماء من جنبه يلزم أن يُعتبر كعلامة حياة وسط الموت. فبينما كان ميتاً على الصليب كان حياً بلاهوته، فلاهوته ظل متحداً بناسوته حتى بعد أن مات. وهذا ما أعطى لناسوته حياة. ونلاحظ أن الذي إهتم بتسجيل هذه الحادثة هو القديس يوحنا الذي كتب إنجيله ليثبت أن المسيح هو إبن الله، فهو يثبت لاهوته ويهتم بالأحداث التي تثبت لاهوته، خصوصاً أنه هو وحده الذي كان بجانب الصليب ورأى خروج الدم والماء من جنب المسيح.

لنجينوس:

هذا هو إسم الجندي الذي طعن المسيح بالحربة فخرج من جنبه دمٌ وماء. وهذا قد حيَّر لنجينوس، خصوصاً بعد ما شاهده من إظلام الشمس والزلزال، ثم غالباً كان هو من حراس القبر وشاهِدْ على القيامة، وسأل الله أن يرشده عمن يكون المسيح فأرسل الله لهً بطرس وبشره فآمن وترك الجندية وذهب إلى بلاده ليبشر بالمسيح، وسمع بيلاطس بهذا فأرسل إلى طيباريوس قيصر الذي أمر بقطع رقبته وإستشهد لونجينوس وتُعَيِّدْ له الكنيسة بذكرى استشهاده في يوم 23أبيب (السنكسار).

خروج الدم:

دم المسيح قدم الصلح (كو20: 1) “وان يصالح به الكل لنفسه عاملا الصلح بدم صليبه”.

هل تبحث عن  شفاعة المسيح وأساسها

والتقديس (عب29: 10) “فكم عقابا اشر تظنون انه يحسب مستحقا من داس ابن الله وحسب دم العهد الذي قدس به دنسا”.

وبه نغلب (رؤ11: 12) “وهم غلبوه بدم الخروف”.

وفيه الصفح عن الخطايا السالفة (رو25: 3) “الذي قدمه الله كفارة بالايمان بدمه لاظهار بره من اجل الصفح عن الخطايا السالفة بامهال الله”.

وبه نحصل علي التبرير المجانى (رو9: 5) “فبالاولى كثيرا ونحن متبررون الان بدمه نخلص به من الغضب”.

وبه نغتسل من كل دنس وتعدِّ ونصير أطهاراً أمام الله (رؤ5: 1) “الذي احبنا وقد غسلنا من خطايانا بدمه”.

ونتبرر ونتنقى (رؤ7: 14). “فقلت له يا سيد انت تعلم. فقال لي هؤلاء هم الذين اتوا من الضيقة العظيمة وقد غسلوا ثيابهم وبيضوا ثيابهم في دم الخروف”.

وبهذا الدم يكون المسيح قد اشترانا من العالم لحساب الله أبيه لنحيا معه (رؤ9: 5) +.

وبه نتطهر من جميع خطايانا (1يو7: 1).

فالفداء والكفارة والخلاص كلهم يدورون حول الدم، الدم المسفوك من ذبيحة أكملت حتى الموت التام.

ودم المسيح هو دم حي فيه قوة حياة أبدية لإتحاد اللاهوت بالناسوت. وجسد المسيح الذى قدمه ذبيحة عنا، حل فيه كل ملء اللاهوت، ونحن مملوؤون فيه (كو2: 9، 10)، فصار لنا اللاهوت المتحد بجسد المسيح مصدر حياة أبدية وتقديس، لإتحادنا نحن بجسد المسيح.

وكان العهد القديم يكرر أن الدم هو حياة ولذلك يمنع العهد القديم شرب الدم نهائيا فالحياة، حياة الذبيحة، هي لله (تك4: 9 + لا17: 3 + لا27: 7). الدم كله لله يرش تحت المذبح (لا2: 3، 8) إذاً خروج الدم إشارة للحياة، ولاشك فدم المسيح هو بروح أزلي قدَّم لنا الصلح والفداء، هو ثمن مدفوع لله الآب عن خطايانا. والقديس يوحنا فم الذهب يقول أن الكنيسة تأسست بالدم والماء. فنحن نولد ثانية من الماء وطعامنا هو جسد المسيح ودمه. ويقول فم الذهب إن من يشرب دم المسيح في سر الإفخارستيا فهو يشرب من جنب المسيح المطعون. إذاً طعنة الجندي كانت لا لتميت المسيح فهو كان قد مات قبلها، بل أظهرت وجود حياة تخرج من هذا الجسد المائت.

الدم = يعطينا تنقية وتقديس وحياة أبدية.

الدم = إشارة لحياة الجسد الميت لإتحاده باللاهوت.

خروج الماء:

كان خروج الماء من الصخرة حين ضربها موسى بالعصا رمزاً لخروج الماء من جنب المسيح. فالمسيح كان الصخرة (1كو4: 10). وهكذا يرمز الماء الذي خرج من تحت عتبة البيت (الهيكل) (حز1: 47 – 12) لهذا الماء الخارج من جنب المسيح.

ونلاحظ أن عصا موسى كانت ترمز للصليب وللحربة التي بها ضرب المسيح. وبنفس المفهوم تنبأ يوئيل (18: 3) (السنط يشير للحياة بعيداً عن الرب).

إذاً ما هو الماء؟ يقول السيد المسيح من آمن بي تخرج من بطنه أنهار ماء حي.. قال هذا عن الروح القدس (يو38: 7، 39). إذاً كان خروج الماء من جنب المسيح أعظم تعبير عن الروح الذي استعلن منسكباً من جسد المسيح الميت، فهو مات ليعطينا الروح القدس المحيى، وهو وعد بأن يُرسِلهُ.

وإذا كان خروج الدم من جسد المسيح يشير لأن الجسد فيه حياة لإتحاده باللاهوت، فخروج الماء يشير لموت الجسد إنسانيا أى إنفصال الروح الإنسانية عنه.

الدم والماء:

هما معاً سر إستبدال الموت بالحياة في الإغتسال بالماء الحي الخارج من جنب المسيح الميت، إذ حين ندفن مع المسيح في المعمودية نقوم معه متحدين به فتكون لنا حياة (رو3: 6 – 5). والروح القدس هو الذي يوحدنا بالمسيح في موته وقيامته عند نزولنا وخروجنا من الماء. وذلك بعد الإنفكاك من أسر العبودية للخطية بالفداء بسر الدم الذي نبع من جنب المطعون أي من الذبيحة الحية.

الدم والماء = موت العتيق وقيامة الجديد فينا لنحيا أبديا.

المسيح فى الرؤيا = خروف قائم كأنه مذبوح (ذبيحة حية).

إذاً كان الماء الذي خرج من جنب المسيح يحمل معنى عمل الروح القدس فى سر المعمودية. وهو موت الخليقة العتيقة (وهذا مفهوم خروج الماء من جنب المسيح، والماء يشير لموت الجسد فجسد الإنسان الحى يخرج منه دم).

ويكون معنى خروج الدم من جنب المسيح معناه قيامة خليقة جديدة فى المسيح (وهذا مفهوم خروج الدم من جنب المسيح والدم يشير للحياة).

إذاً خروج دم وماء من جنب المسيح يشيران لخروج حياة وموت من المسيح.

والمعمودية هي موت مع المسيح وقيامة وحياة مع المسيح، وهي إغتسال روحي بالماء الذي خرج من جنب المسيح الميت، أي أننا إذ نموت معهُ تموت خطايانا معه حين تموت الخليقة القديمة التى ورثناها من آدم. وكما تموت الخليقة القديمة بالروح القدس فى سر المعمودية (الماء) نقوم بخليقة جديدة، فالدم الذى خرج من جنب المسيح يشير للحياة، فلا يخرج دم من جسد ميت. وهذا معنى الولادة الجديدة (موت مع المسيح وحياة مع المسيح). لنحيا كما هو حي، فموت الولادة اللحمية أي بالجسد، ماته المسيح من أجلنا حتى نجوز مباشرة بموته إلى الولادة الثانية الروحية، أي نحيا معه بحياته الأبدية، فهذا الماء مع الدم اللذان خرجا من الجسد الميت (والحى لإتحاد اللاهوت به) هو أعظم تعبير عن سر المعمودية.

وقيل أن الماء يشير للمعمودية العادية بينما أن الدم يشير لمعمودية الدم أي الإستشهاد من أجل المسيح.

والقديس أغسطينوس شبه رقاد آدم ليصنع الله من ضلعه حواء، بموت المسيح على الصليب لتولد الكنيسة من جنبه المطعون. لأنه لما عُلِّق المسيح على الصليب ومات وصار بلا حياة شابه آدم الراقد في سبات. ولماّ طُعِنَ في جنبه خرج دمٌ وماء وهما السران الرئيسيان اللذان بنيت بهما الكنيسة التي هي حواء الجديدة (المعمودية والإفخارستيا) ونلاحظ أنه في العهد القديم كان الماء يستخدم لغسل الأدوات والآنية والأجساد للتطهير، والدم كان يرش للتطهير (راجع مر4: 7 + عب19: 9 – 22) لكن التطهير في العهد القديم كان للجسد من الخارج وهذا يعنى (غفران للخطية ولكن الفساد فى الداخل وبقاء الضمير مثقل بسبب محبته للخطية)، أماّ الدم والماء اللذان خرجا من جنب المسيح فهما للتطهير والتقديس الروحي الداخلي، حتى الضمير (عب14: 9 + مت28: 26). والماء صار ماءً للمعمودية لغسل الخطايا (أع16: 22 + تى5: 3) بل للدخول لملكوت الله (يو5: 3). ونلاحظ أن يوحنا وضع الدم قبل الماء لأنه يجب الإيمان والإعتراف بالدم المسفوك على الصليب قبل المعمودية.

ومن رسالة معلمنا يوحنا الأولى (1يو8: 5) نجد أن هناك ثلاث شهود هم الماء والدم والروح. الروح الذي يعمل في الماء في سر المعمودية، والروح الذي يحول الخمر إلى دم في الإفخارستيا. والروح القدس بعمله في المؤمنين بعد أن يلدهم من الماء ويعطيهم حياة وتقديس في الإفخارستيا، ويكرسهم ويخصصههم لله في سر الميرون يشهد في حياتهم للمسيح.

آية (يو35: 19): – “35 وَالَّذِي عَايَنَ شَهِدَ، وَشَهَادَتُهُ حَق، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ لِتُؤْمِنُوا أَنْتُمْ.”.

يوحنا يعلن أنه شاهد عيان وأنه بالروح القدس كان يرى الحقائق ويفهمها.

آية (يو36: 19): – “36لأَنَّ هذَا كَانَ لِيَتِمَّ الْكِتَابُ الْقَائِلُ: «عَظْمٌ لاَ يُكْسَرُ مِنْهُ».”.

(مز19: 34، 20) + خروف الفصح لا يُكسر منه عظم. والله سبق وأخبر بما سيحدث حتى يؤمن الجميع ولا يكون لهم عذر في عدم إيمانهم. ولتكمل ملامح خروف الفصح كان الإسراع في نزول جسده من على الصليب = لا تبقوا منه إلي الصباح (خر10: 12). والمعنى الروحي لعدم كسر عظامه، أن كنيسته لا يستطيع أحد أن يفسدها. فعظم المسيح هو كنيسته، هيكله.

آية (يو37: 19): – “37 وَأَيْضًا يَقُولُ كِتَابٌ آخَرُ: «سَيَنْظُرُونَ إِلَى الَّذِي طَعَنُوهُ».”.

إشارة إلى (زك10: 12). ولكن هناك من يطعنه بالتجديف والإنكار والخطيئة (رؤ7: 1).

أين ذهب المسيح بعد موته؟

نقول في القداس الباسيلى “نزل إلى الجحيم من قبل الصليب” فمن أين فهمنا هذه الحقيقة.

1 – (أف8: 4، 9) “لذلك يقول إذ صَعِدَ إلى العلاء سبى سبياً وأعطى الناس عطايا. وأماّ أنه صعد فما هو إلاَّ أنه نزل أيضاً أولاً إلى أقسام الأرض السفلي.. هنا نرى المسيح نزل إلى أقسام الأرض السفلي (كناية عن الجحيم) ثم سبى سبياً (أخذ نفوس الأبرار) وأعطى الناس عطايا (أخذهم للفردوس). ومَنْ على الأرض أعطاهم الروح القدس بمواهبه.

2 – (1بط18: 3، 19) “فإن أيضاً المسيح تألم.. مماتاً في الجسد ولكن محيى في الروح. الذي فيه أيضاً” ذهب فكرز للأرواح التي في السجن “. فهو بموته بالجسد ولكن بحياته فهو الحياة، ذهب للسجن (الجحيم) ليبشر الأبرار الذين فيه، أن وجودهم في هذا الجحيم قد إنتهي وسيأخذهم للفردوس.. ثم إلى الملكوت الأبدي.

3 – (زك11: 9، 12) “وأنتِ أيضاً فإني بدم عهدك (دم المسيح) قد أطلقت أسراكِ (الذين رقدوا على الرجاء) من الجب (الجحيم) الذي ليس فيه ماء (قال الغنى لإبراهيم إرسل لعازر ليبل لساني) إرجعوا إلي الحصن (المسيح) يا أسرى الرجاء (إسم الرب برج حصين يركض إليه الصديق ويتمنع).

4 – (أش7: 42) “لتخرج من الحبس المأسورين، من بيت السجن الجالسين في الظلمة”.

5 – (أش14: 51) “سريعاً يطلق المنحنى ولا يموت في الجب”.

6 – (أش1: 61) “.. لأنادى للمسبيين بالعتق وللمأسورين بالإطلاق. إذاً ذهب المسيح إلى الجحيم ليقود الأبرار الراقدين على رجاء ويصعد بهم إلى الفردوس وفتح أبوابه وأدخلهم هناك ومعهم ديماس اللص اليمين.

لذلك يسمى يوم السبت التالي للصليب بسبت النور، الذي أشرق فيه السيد المسيح على الجالسين في الظلمة وظلال الموت (اش2: 9 + مت16: 4).

دفن المسيح (مت57: 27 – 61) + (مر42: 15 – 47) + (لو50: 23 – 56) + (يو38: 19 – 42).

آية (يو38: 19): – “38ثُمَّ إِنَّ يُوسُفَ الَّذِي مِنَ الرَّامَةِ، وَهُوَ تِلْمِيذُ يَسُوعَ، وَلكِنْ خُفْيَةً لِسَبَبِ الْخَوْفِ مِنَ الْيَهُودِ، سَأَلَ بِيلاَطُسَ أَنْ يَأْخُذَ جَسَدَ يَسُوعَ، فَأَذِنَ بِيلاَطُسُ. فَجَاءَ وَأَخَذَ جَسَدَ يَسُوعَ.”.

عجيب أن موت المسيح جذب تلاميذه الذين كانوا مختفين (يو32: 12). والمحبة تظهر وقت الشدائد. كلمة مشير تعنى أنه من السنهدريم. وكان تسليم بيلاطس جسد يسوع ليوسف الرامي عملاً يُحسب لبيلاطس فعادة تسليم الأجساد يكون برشاوى. ويوسف أخذ يسوع خوفاً من أن يعتدي عليه اليهود.

آية (يو39: 19): – “39 وَجَاءَ أَيْضًا نِيقُودِيمُوسُ، الَّذِي أَتَى أَوَّلاً إِلَى يَسُوعَ لَيْلاً، وَهُوَ حَامِلٌ مَزِيجَ مُرّ وَعُودٍ نَحْوَ مِئَةِ مَنًا.”.

نيقوديموس كان غنياً جداً وهو عضو بالسنهدريم وكان أيضاً مخالفاً لرأيهم (يو50: 7 – 53) ولكنه أيضاً كان خائفاً منهم، والتقليد يقول أنه صار مسيحياً بعد ذلك. ووزع يوسف ونيقوديوس العمل بينهما. فإشتري يوسف الكتان وإشتري نيقوديموس المر والعود، عُهِدَ إلى يوسف بطلب أخذ جسد المسيح ربما لجسارته وتقابلا عند الصليب وقد فارقهما الخوف.

حاملٌ مزيج مر وعود = (مز8: 45) “كل ثيابك مرٌ وعود وسليخة” والمصريون إستخدموا المر فى التحنيط. وهو يستعمل طبياً كمطهر، ويستخدم كعطر، وأتى به المجوس كهدية (نبوة عن آلامه وموته) والعود ثمين جداً يوزن بوزن الذهب ورائحته نفاذة تبقى لسنين عديدة (عد6: 24) مائة مناً = تشير للتوقير الذي كان يكنه هذا الفريسى للمسيح (هكذا فعلوا مع ملوكهم وهذا مذكور مع آسا، وهذا فعله هذا الدارس للناموس مع المسيح كملك. ومن هذه العطور أخذت الكنيسة خميرة الميرون المقدس كذخيرة حياة.

آية (يو40: 19): – “40فَأَخَذَا جَسَدَ يَسُوعَ، وَلَفَّاهُ بِأَكْفَانٍ مَعَ الأَطْيَابِ، كَمَا لِلْيَهُودِ عَادَةٌ أَنْ يُكَفِّنُوا.”.

مع الأطياب = يبدو أن المر والعود كانا على هيئة مسحوق وقد أضيف لهما بعض الزيوت العطرة فتكون مزيج سائل يمكن دهن الجسد به قبل ربطه. وعادة اليهود في التكفين هي بغمس شاش (كتان) في العطور ولف الرجلين، كل رجل وحدها ثم الصدر، ثم اليدين كل يد وحدها. ويوضع منديل على الرأس.

آية (يو41: 19): – “41 وَكَانَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي صُلِبَ فِيهِ بُسْتَانٌ، وَفِي الْبُسْتَانِ قَبْرٌ جَدِيدٌ لَمْ يُوضَعْ فِيهِ أَحَدٌ قَطُّ.”.

لقد أراد يوسف قبراً لدفن موتاه فصار قبراً لإعلان القيامة والحياة. ونلاحظ أن المسيح وُلِدَ من عذراء لم تحمل أحشاؤها أحد قبله. وركب أتاناً لم يركبه أحد قبله ودفن في قبر لم يدفن فيه أحد قبله. وهذا يذكرنا بالصوم قبل التناول فلا يدخل جوفنا شئ قبله. بستان = أخطأ آدم الأول في بستان وآدم الأخير بدأ خلاصه في بستان.

آية (يو42: 19): – “42فَهُنَاكَ وَضَعَا يَسُوعَ لِسَبَبِ اسْتِعْدَادِ الْيَهُودِ، لأَنَّ الْقَبْرَ كَانَ قَرِيبًا.

كأنه يريد أن يقول أن الإستعجال في الدفن وعدم تقديم كل واجبات التكفين والتجنيز كان بسبب عامل السرعة بسبب إقتراب السبت وأيضاً كان الإستعداد للسبت هو السبب في إختيار القبر القريب من موضع الصلب أي قبر يوسف الرامي الجديد. والمسيح سبق وتنبأ أنه لن يكون هناك وقت لتكفينه (يو2: 12 – 11).

ويقول التقليد الكنسي أن نيقوديموس سبح تسبحة “قدوس الله قدوس القوي قدوس الحي الذي لا يموت” والتي أخذتها منه الكنيسة وهو يكفن جسد المسيح؟

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي