الأصحاح الثالث تفسير رؤيا القديس يوحنا اللاهوتي القمص أنطونيوس فكري

الإصحاح الثالث

الأعداد 1-6

الآيات (1 – 6): –

“1 وَاكْتُبْ إِلَى مَلاَكِ الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي سَارْدِسَ: «هذَا يَقُولُهُ الَّذِي لَهُ سَبْعَةُ أَرْوَاحِ اللهِ وَالسَّبْعَةُ الْكَوَاكِبُ: أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ، أَنَّ لَكَ اسْمًا أَنَّكَ حَيٌّ وَأَنْتَ مَيْتٌ. 2كُنْ سَاهِرًا وَشَدِّدْ مَا بَقِيَ، الَّذِي هُوَ عَتِيدٌ أَنْ يَمُوتَ، لأَنِّي لَمْ أَجِدْ أَعْمَالَكَ كَامِلَةً أَمَامَ اللهِ. 3فَاذْكُرْ كَيْفَ أَخَذْتَ وَسَمِعْتَ، وَاحْفَظْ وَتُبْ، فَإِنِّي إِنْ لَمْ تَسْهَرْ، أُقْدِمْ عَلَيْكَ كَلِصٍّ، وَلاَ تَعْلَمُ أَيَّةَ سَاعَةٍ أُقْدِمُ عَلَيْكَ. 4عِنْدَكَ أَسْمَاءٌ قَلِيلَةٌ فِي سَارْدِسَ لَمْ يُنَجِّسُوا ثِيَابَهُمْ، فَسَيَمْشُونَ مَعِي فِي ثِيَابٍ بِيضٍ لأَنَّهُمْ مُسْتَحِقُّونَ. 5مَنْ يَغْلِبُ فَذلِكَ سَيَلْبَسُ ثِيَابًا بِيضًا، وَلَنْ أَمْحُوَ اسْمَهُ مِنْ سِفْرِ الْحَيَاةِ، وَسَأَعْتَرِفُ بِاسْمِهِ أَمَامَ أَبِي وَأَمَامَ مَلاَئِكَتِهِ. 6مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ»”.

كنيسة ساردس.

كلمة سَارْدِسَ تعنى بقية ولنذكر أن الكنيسة السابقة كان إسمها المسرح. فبعد أن دخلت المظهرية والحياة السطحية إلى الكنيسة، لم يتبق فى الكنيسة سوى عدد قليل من المؤمنين. فالحياة السطحية والمظهرية هى حياة بلا عمق وهذا يؤدى إلى عدم معرفة الله وبالتالى يؤدى إلى عدم محبة الله ومن يحيا هكذا:

  1. لن ينفذ وصايا الله، فالحب هو الذى يدفع لتنفيذ الوصايا (يو 23: 14).
  2. مثل هذا أيضا تجذبه إغراءات هذا العالم فيتنجس إذ لم يكتشف اللؤلؤة كثيرة الثمن أى شخص المسيح. فيبيع بقية اللآلىء (العالم بملذاته).

لذلك طلب المسيح من تلاميذه ومنا أن ندخل إلى العمق، عمق المعرفة وعمق المحبة، أما من عاش فى السطحية بلا عمق معرفة ولا عمق حب فهو لن يعود يهتم برأى الله فيه، بل كل إهتمامه سيكون فى رأى الناس فيه، وهذا ما يسمى الرياء. وهذه هى مشكلة هذه الكنيسة أَنَّ لَكَ اسْمًا أَنَّكَ حَيٌّ وَأَنْتَ مَيْتٌ. مثل هذا الإنسان يهتم أن يراه الناس كإنسان عظيم متدين = حَيٌّ ولكنه بسبب قلبه الخالى من المحبة هو إنسان فى نظر الله مَيْتٌ. ولاحظ قول السيد المسيح فى مثل الإبن الضال عند عودته بالتوبة أنه كان ميتا فعاش. إذاً من يحيا فى الخطية يكون ميتا فى نظر الله. وما الذى يجعل إنسانا يحيا فى الخطية؟ الإجابة هى نقص المحبة (يو 23: 14).

ولنلاحظ أن كل إنسان له خمس حواس خارجية يتعرف بها على العالم ومن تتعطل حواسه الخمس عن العمل فهو بالقطع ميت. وكما أن لنا حواس خارجية ندرك بها العالم حولنا، فنحن لنا حواس داخلية ندرك بها السماء ونتعرف بها على الله. فبالمعمودية يولد داخلنا إنسان داخلى له خمس حواس داخلية يتعرف بها على الله وعلى السماء. بها نرى الله ونسمع صوته ونتذوق حلاوة عشرته ونتلامس معه.

الحواس الداخلية هى قنوات إتصالنا بالله وبالسماء.

فالكتاب يقول طوبى لأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله (مت8: 5) هذا عن النظر الروحى ويقول الكتاب مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ (رؤ6: 3) والخراف تتبع المسيح لأنها تعرف صوته (يو4: 10) وهذا عن السمع الروحى.

ويقول داود “ذوقوا وأنظروا ما أطيب الرب” (مز8: 34) وهذا عن تذوق عشرة الله. ونذكر أن الرب يسوع خرجت منه قوة للشفاء لأن إمرأة لمسته لمسة فيها إيمان وهكذا من يتلامس مع الله تلامس فيه إيمان سيدرك قوته ومحبته ويأخذ منه ما يطلبه.

ولكن ما الذى يمنع هذه الحواس من العمل؟ الإجابة هى الخطية. فنحن نسمع أن من يريد أن يرى الله يلزم أن يكون نقيا (مت8: 5). ويطلب منا بولس الرسول قائلا “إتبعوا السلام مع الجميع والقداسة التى بدونها لن يرى أحد الرب” (عب14: 12).

إذاً فالخطية هى التى تسبب فقدان الحواس الداخلية. ومن يفقد حواسه الداخلية فهو فى نظر الله ميت إذ لا قنوات إتصال بالله، فهو لا يرى الله ولا يسمع صوته ولا يتلذذ بعشرته، وبالتالى فلن يكتشف اللؤلؤة كثيرة الثمن. أما المؤمن الذى يحيا فى نقاوة فيستطيع أن يقول مع يوحنا “الذى كان من البدء الذى سمعناه الذى رأيناه بعيوننا الذى شاهدناه ولمسته أيدينا”. (1يو1: 1).

إذاً مشكلة هذه الكنيسة أن بها أشخاص هم أحياء فى نظر الناس إذ:

  1. ربما لسمعتهم القديمة.
  2. أو ربما لريائهم إذ يتظاهرون بالتدين.

لكنهم فى نظر الله أموات فهم بلا عمق وبالتالى بلا معرفة وبالتالى بلا حب. حتى لو كان لهم نشاط كنسى لذلك فالمسيح لم يبدأ كلامه لهذه الكنيسة بأى مدح، بل بدأ بالهجوم عليهم مباشرة وعتابهم والسبب أنهم أخذوا مدحهم من الناس وهم غير مهتمين برأى الله فيهم. ولاحظ قول المسيح هنا عِنْدَكَ أَسْمَاءٌ قَلِيلَةٌ (أى البقية) فِي سَارْدِسَ لَمْ يُنَجِّسُوا ثِيَابَهُمْ = إذاً فالسبب أنهم أموات فى نظر الله لأنهم يحيون فى نجاسة.

مَنْ يَغْلِبُ = هو من يحيا فى العمق فيعرف الله ويحبه وبالتالى ينفذ وصاياه ويتحاشى الخطية فلا ينجس ثيابه بمحبة هذا العالم. من ينجح فى هذا ويغلب فسيعطيه السيد أن يتبرر أمامه ويغفر خطاياه، ويعطيه حياة جديدة نقية، هؤلاء قال عنهم فَسَيَمْشُونَ مَعِي فِي ثِيَابٍ بِيضٍ لأَنَّهُمْ مُسْتَحِقُّونَ. إذاً من يسير فى الطريق الصحيح وهم قلة يرثون مع المسيح فى مجده.

الصورة التى ظهر بها المسيح: – الَّذِي لَهُ سَبْعَةُ أَرْوَاحِ اللهِ = أى الذى له الروح القدس المحيى. فهو يكلم أشخاص أموات محتاجين لمن يحييهم، لذلك يقول لهم أنا مستعد أن أعطيكم الروح القدس الذى يحييكم. والروح القدس هو الذى يبكت على الخطية (يو8: 16) ويدفع الخاطىء للتوبة لذلك نصلى “توبنى يا رب فأتوب” (أر18: 31). وهو يعين ضعفاتنا (رو26: 8) أى بعد أن يبكت يعطى قوة ومعرفة. وكأن المسيح يقول لهذه الكنيسة ما عليكم إلا أن تطلبوا منى الإمتلاء من الروح وأنا أعطيكم فتحيوا. فالروح القدس يعطى لمن يسألونه (لو13: 11) ومن يسأل يعطى له الروح ومن يتجاوب مع عمله تعود حواسه الداخلية للعمل هذه الحواس يدربها الروح القدس فتتصل بالسماويات (عب14: 5).

والروح القدس أيضا يعلمنا ويذكرنا بما قاله المسيح (يو26: 14). ومن قدم توبة تنفتح أذناه فيسمع صوت الروح القدس المعلم. ومن يتوب ويتعلم ينتقل للدرجة الأعلى وتنفتح عيناه ليرى ما لم تره عين. يرى أمجاد السماء الآن كمن ينظر فى مرآة (1كو9: 2 – 12) + (1كو12: 13). فعندما يسير المؤمن فى طريق القداسة يرتقى من خطوة إلى خطوة. ومن يبدأ بالتوبة يصل لأن يمنحه الروح أن يكون له فكر المسيح (1كو16: 2) ويكشف له أمجاد السموات، ولكن هذا لا يعطَى إلا لمن إستجاب للخطوة الأولى أولاً أى قدم توبة. فلا يمكن لإنسان أن يبنى الدور العاشر إن لم يبنى أولاً الدور الأول.

له َالسَّبْعَةُ الْكَوَاكِبُ = المسيح يقول أنتم لى، فلماذا أنتم مهتمون برأى الناس فيكم فأنتم لى ولستم للناس. وأنا قادر أن أمنحكم الروح القدس، ولكن لا أستطيع أن أعمل شيئا بدون أن تطلبوا “إسألوا تعطوا” فلنسأل الله أن يملأنا من الروح القدس. ولنهتم فيما لله وليس فيما للناس.

ومن كلمات عتاب السيد المسيح لهذا الأسقف = لَمْ أَجِدْ أَعْمَالَكَ كَامِلَةً أَمَامَ اللهِ = كان إهتمامك بأن تكون كاملا أمام الناس. لكن أنا فاحص القلوب والكلى، وأنا أعلم ما فى قلبك، أنا أعلم ما فى الداخل. والمهم أن يكون المدح من الله وليس من الناس فتقديرات الناس يمكن أن تخدع، فهم يجهلون الحقيقة أو هم يجاملون ليس بحسب الحقيقة. وهذه الآية رد على من يقولون أن الخلاص بالإيمان ولا أهمية للأعمال ونصائح السيد لهذا الأسقف:

  1. أسْهَرْ = كن ساهرا وكن مستعدا لملاقاة الرب فى يقظة وإنتباه ووعى وإدراك.
  2. شَدِّدْ مَا بَقِيَ = الله يطلب منه أن يضرم نار الروح القدس، والله لا يترك فتيلة مدخنة بل يعمل فيها حتى لا تنطفىء، ولا يترك قصبة مرضوضة بل يتعهدها برعايته حتى لا تنقصف. ولكن دورى أنا أن أجاهد وأعمل وأطلب بلجاجة والله يسكب علىَّ نعمته أى روحه القدوس. والجهاد يضرم فينا نار الروح القدس.
  3. اذْكُرْ كَيْفَ أَخَذْتَ = تَذَكَّر إحسانات الله عليك، وكيف أعطاك بسخاء ولم يُعيِّر، بل كان الله يعطيك بكل محبة. وأذكر ماذا قدمت أنت له وأذكر الإيمان الصحيح الذى تسلمته ولا تشوهه.
  4. تذكر أن يوم الدينونة يأتى بلا سابق إنذار أى فجأة = أُقْدِمْ عَلَيْكَ كَلِصٍّ.

المشكلة: رياء جعلهم كأموات أمام الله

.

  1. إذاً من نصائح الله لهذا الملاك أنه عليه أن يذكر كيف أخذ، أى يذكر إحسانات الله عليه فيخجل، أو يذكر يوم الدينونة فيندم إذ يذكر أن أعماله كانت ناقصة. ويوم الدينونة الذى يأتى فيه الرب كلص ليس هو يوم الدينونة العامة لكن هو يوم يموت أى شخص.
  2. كَيْفَ سَمِعْتَ،.. وَاحْفَظْ = كيف سمعت البشارة التى بشر بها رسل المسيح وتذكر كيف كنت عند بداية إيمانك وإحفظ إيمانك وتقواك الأولين وهذا يحتاج لتوبة. ونرى هنا صورة سبق الله وأراها لحزقيال، إذ رأى عظاما ميتة، وعندما دخل فيها الروح صار لها حياة (حز1: 37 – 10). ونرى هنا إهتمام الله بكل نفس حتى هذا الملاك الذى يراه ميتا، فهو يهتم به ويرسل له رسالة ويعطيه فرصة ليغلب ويحيا لذلك فعلى كل خادم أن يعطى رجاء لكل إنسان.

مَا بَقِيَ = الكنيسة لم يتبق بها سوى بقية قليلة، إدركهم يا أسقف حتى لا يموتوا.

عَتِيدٌ أَنْ يَمُوتَ = هم فى طريقهم للموت، وقد إقتربوا من الهلاك فإدركهم.

والوعد لهذه الكنيسة لمن يغلب: -.

الثِيَابٍ البِيضٍ = أى تبرير = مسح كل خطية وهذه الثياب البيض أعطاها الأب للإبن الضال حين عاد، فالتوبة تبيض. والثياب البيض تعطى لمن يستحق ويجاهد ليحفظ ثيابه بلا نجاسة. أما من يهتم برأى الناس فيه وليس رأى الله فسيكتب إسمه فى سفر الأرض الفانية.

لَنْ أَمْحُوَ اسْمَهُ مِنْ سِفْرِ الْحَيَاةِ = بالمعمودية تكتب أسماؤنا فى سفر الحياة. وإذا كانت حياتى حياة توبة مستمرة تستمر ثيابى نقية “تغسلنى فأبيض أكثر من الثلج” أى أن من يتجاوب مع عمل الروح القدس لن يمحى إسمه من سفر الحياة الأبدية.

سَأَعْتَرِفُ بِاسْمِهِ = أشهد بإخلاصه أمام أبى، ويكون من خاصتى ومكانه معى.

يَمْشُونَ = إذاً الملكوت ليس حالة من السكون بل نشاط وحركة.

قوله مَنْ يَغْلِبُ يَلْبَسُ ثِيَابً هو إشارة لما كان يفعله القادة الرومان، إذ كانوا إذا وجدوا جنديا نائما يحرقون ملابسه ويجعلونه يمشى عاريا. إذاً هذه الكنيسة محتاجة للسهر والصلاة للإمتلاء بالروح فلا يفتضحوا.

ولاحظ فى قوله لَنْ أَمْحُوَ إذاً هناك من ستمحى أسماءهم لأنهم وجدوا غير مستحقين.

الأعداد 7-13

الآيات (7 – 13): –

“7 وَاكْتُبْ إِلَى مَلاَكِ الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي فِيلاَدَلْفِيَا: «هذَا يَقُولُهُ الْقُدُّوسُ الْحَقُّ، الَّذِي لَهُ مِفْتَاحُ دَاوُدَ، الَّذِي يَفْتَحُ وَلاَ أَحَدٌ يُغْلِقُ، وَيُغْلِقُ وَلاَ أَحَدٌ يَفْتَحُ: 8أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ. هَنَذَا قَدْ جَعَلْتُ أَمَامَكَ بَابًا مَفْتُوحًا وَلاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يُغْلِقَهُ، لأَنَّ لَكَ قُوَّةً يَسِيرَةً، وَقَدْ حَفِظْتَ كَلِمَتِي وَلَمْ تُنْكِرِ اسْمِي. 9هنَذَا أَجْعَلُ الَّذِينَ مِنْ مَجْمَعِ الشَّيْطَانِ، مِنَ الْقَائِلِينَ إِنَّهُمْ يَهُودٌ وَلَيْسُوا يَهُودًا، بَلْ يَكْذِبُونَ ­ هنَذَا أُصَيِّرُهُمْ يَأْتُونَ وَيَسْجُدُونَ أَمَامَ رِجْلَيْكَ، وَيَعْرِفُونَ أَنِّي أَنَا أَحْبَبْتُكَ. 10لأَنَّكَ حَفِظْتَ كَلِمَةَ صَبْرِي، أَنَا أَيْضًا سَأَحْفَظُكَ مِنْ سَاعَةِ التَّجْرِبَةِ الْعَتِيدَةِ أَنْ تَأْتِيَ عَلَى الْعَالَمِ كُلِّهِ لِتُجَرِّبَ السَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ. 11هَا أَنَا آتِي سَرِيعًا. تَمَسَّكْ بِمَا عِنْدَكَ لِئَلاَّ يَأْخُذَ أَحَدٌ إِكْلِيلَكَ. 12مَنْ يَغْلِبُ فَسَأَجْعَلُهُ عَمُودًا فِي هَيْكَلِ إِلهِي، وَلاَ يَعُودُ يَخْرُجُ إِلَى خَارِجٍ، وَأَكْتُبُ عَلَيْهِ اسْمَ إِلهِي، وَاسْمَ مَدِينَةِ إِلهِي، أُورُشَلِيمَ الْجَدِيدَةِ النَّازِلَةِ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ إِلهِي، وَاسْمِي الْجَدِيدَ. 13مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ».”.

كنيسة فيلادلفيا.

معنى كلمة فِيلاَدَلْفِيَا هو محبة الإخوة. وهذه تشير للعصر الأخير قبل مجىء ضد المسيح. ومحبة الإخوة تشير لعصر وحدة وتآلف بين الكنائس يسمح به الله ليسبق الأيام الصعبة عند ظهور ضد المسيح، والضيقة العظيمة التى تصاحبه. وكما قلنا من قبل فإن كنيسة لاودكية الأخيرة تمثل زمن مجىء ضد المسيح التى سيكون فيها ضيق لم ولن يكون مثله (دا1: 12). وتكون وحدة الإخوة كإستعداد لمواجهة هذه الأيام الصعبة.

ومشكلة هذه الكنيسة: – لأَنَّ لَكَ قُوَّةً يَسِيرَةً = فهم عندهم قوة يسيرة هذا بالرغم من أنهم لم ينكروا الإيمان بالمسيح. وهذه الحالة قد تصيب الإنسان وبالذات الخدام حين يواجهون مشاكل كثيرة. وأمام ضغط المشاكل التى تبدو بلا حل ومن كثرتها يصاب الخادم بشىء من الإحباط وأنه على مشارف اليأس. فالمشاكل كثيرة وأكبر من طاقته ويبدأ التوقف عن الخدمة إذ يشعر أنها بلا فائدة. والسيد المسيح يبغض هذا الشعور. فالكنيسة بيت الله هى كنيسته هو وما نحن سوى خدام لديه وألات فى يديه لذلك يجب أن يتغلب على شعور الإحباط هذا، بالإتكال على الله من كل القلب، عارفين قوته وأن الخدمة هى خدمته. هذه الحالة هى حالة الكنيسة فى فترة ما قبل ضد المسيح حيث يبدأ فك الشيطان فتزداد الخطايا والعثرات وتزداد المشاكل جداً.

والمسيح يشجع هذا الملاك ويقول له = َقَدْ حَفِظْتَ كَلِمَتِي وَلَمْ تُنْكِرِ اسْمِي = فهو إنسان صالح ولكنه يشعر أنه لا يقوى على العمل بسبب مشاعر الإحباط التى يواجهها.

ومن له ثقة وإيمان يعلم أن الله سوف يظهر مجده، وبالتالى بإيمانه هذا وثقته هذه يعمل الله فيه ويشعل الخدمة معه، أما من له قوة يسيرة فلن يقوى إلا على أن يخلص نفسه فقط. هذا الملاك مشكلته أنه ظن أن الأبواب مغلقة أمامه من كثرة المشاكل.

هل تبحث عن  الإبركسيس فصل من أعمال آبائنا الرسل الأطهار (9 : 3 - 9) يوم الاحد

والصورة التى ظهر بها المسيح لهذه الكنيسة هى صورة القادر على كل شىء فلماذا الإحباط؟

الَّذِي يَفْتَحُ وَلاَ أَحَدٌ يُغْلِقُ، وَيُغْلِقُ وَلاَ أَحَدٌ يَفْتَحُ = إذاً الخادم عليه أن يعمل بلا كلل ولا ملل ولا يأس، لكن الله هو الذى يتولى حل المشاكل وقتما يريد فهو المسئول عن الكنيسة وعن خلاص النفوس، ويستخدمنا كآلات فى يديه. ضرب السيد المسيح هذا المثل لشرح هذه الحقيقة “هكذا ملكوت الله كأن إنساناً يلقى البذار على الأرض وينام ويقوم ليلا ونهارا والبذار يطلع وينمو وهو لا يعلم كيف” (مر27، 26: 4) الْقُدُّوسُ الْحَقُّ = يقف السمائيون أمام الله يتأملون فى عظمته وقدرته وقوته وجبروته ومحبته ومجده، فيفرحون به ويسبحونه قائلين قدوس قدوس قدوس وبتسبحتهم هذه تشتعل قلوبهم بنار محبته لقداسته ومجده.

وكلمة قدوس تعنى لغويا اللا أرضى، السماوى المرتفع والمتسامى عن الأرضيات. ويقول بولس الرسول “إن كنتم قد قمتم مع المسيح فأطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس عن يمين الله” (كو3: 1). والمقصود أن المسيح ينبه الأسقف ويقول “إلى أين تنظر أيها الأسقف، هل إلى السماء من حيث تأتى المعونة أم إلى المشاكل التى على الأرض”. هذا الأسقف أخطأ خطأ بطرس إذ نظر للبحر الهائج بدلا من المسيح فغرق فى الماء. ولو ثبت نظره على المسيح ما كان قد غرق.

ومشكلة هذا الأسقف أنه كان ينظر لمشاكل الخدمة الكثيرة فيصاب بحالة يأس، ومعنى قول المسيح هنا عن نفسه أنه القدوس الحق فهذا ليشير على الأسقف أن ينظر للسماء ويتأمل فى المسيح القدوس كما يفعل الملائكة ويسبح معهم قائلا “قدوس قدوس قدوس” فيفتح الله عينيه ويرى المسيح الذى يفتح ولا أحد يغلق، ويرى الحق عنده فلا ييأس.

وبولس الرسول يعلمنا أنه لكى نمتلىء بالروح القدس علينا أن نسبح ونرنم ونرتل (أف19، 18: 5). وهذه الصورة للمسيح هنا أنه القدوس الحق تعلمنا أن نعمل عمل السمائيين أى نتأمل فى الله القدوس ونسبحه مثلهم فتشتعل قلوبنا محبة له وثقة فيه عوضا عن الإحباط، فنعمل ونخدم بأمانة. وكلما خدمنا بأمانة نكتشف يد الله القدوس معنا، والله الحق الذى ينتصر على الباطل، فتلتهب قلوبنا داخلنا ولا يعود لنا قُوَّةً يَسِيرَةً، بل نعمل بقوة كما بنار وتلتهب مشاعرنا بالرغبة فى الخدمة، وهو الذى يفتح ولا أحد يغلق، فهو يفتح أمامنا الطريق ولنلاحظ أن هناك نوعين من المشاعر الخاطئة قد تصيب الخادم: -.

  1. الأول هو الشعور بالكبرياء لنجاح خدمته وإحساسه بأنه هو الذى يعمل وليس الله.
  2. الثانى هو الشعور بصغر النفس واليأس وأنه لا أمل فى حل المشاكل فهو لا يرى الله فى الصورة بل يرى نفسه الخائرة الضعيفة فقط فييأس.

وكلا الخطيتين الكبرياء وصغر النفس هما وجهان لعملة واحدة ففى كلاهما الله خارج المشهد.

أما الشعور الصحيح فهو أن الله هو الذى يعمل فالحرب له وليست لنا، وما نحن سوى أدوات يعمل الله بها. لذلك نسمع قول الرب هَنَذَا قَدْ جَعَلْتُ أَمَامَكَ بَابًا مَفْتُوحًا وَلاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يُغْلِقَهُ. والله يفتح لمن له غيرة مقدسة وقلب مملوء ثقة وإيمان ويصلى بلجاجة.

ونحن نعانى من نوعين من المشاكل:

  1. مشاكل حالية نعرفها.
  2. مشاكل مستقبلية مجهولة نتوقعها ونخشاها.

والله بهذا يعطى الإطمئنان لكل منا بأنه المسئول عن حل المشاكل الحالية والمستقبلية فلماذا الخوف؟

ولأن هذه الكنيسة تسبق زمنيا فترة نهاية العالم ومجىء ضد المسيح فنسمع فيها عن نبوتين:

  1. عودة اليهود.
  2. التجربة العتيدة أن تجرب العالم كله فى نهاية الأيام.

نبوة بعودة اليهود: – عودة اليهود للإيمان هى من علامات الأيام الأخيرة كما نفهم من رسالة رومية ص 11. وهنا نبوة واضحة بعودتهم ففترة كنيسة فيلادلفيا زمنيا هى فترة نهاية الأيام وقبل مجىء ضد المسيح مباشرة. هنَذَا أَجْعَلُ الْقَائِلِينَ إِنَّهُمْ يَهُودٌ.. هنَذَا أُصَيِّرُهُمْ يَأْتُونَ وَيَسْجُدُونَ = وليس من الخطأ أن نشعر أننا نقترب من أيام النهاية، ولكن الخطأ كل الخطأ أن يتجاسر أحد ويحدد يوما أو سنة للنهاية. ومما يعطينا الشعور بإقتراب النهاية إيمان اليهود المتزايد بالمسيح هذه الأيام. والإحصائيات تقدر عدد المؤمنين منهم بالمسيح من اليهود الموجودين بدولة إسرائيل بحوالى 60000 مؤمن (إحصائية سنة 1992) يسمون أنفسهم اليهود الماسيانيين. أما الذين مازالوا على عنادهم ورفضهم للمسيح وإهانتهم له فيسميهم مَجْمَعِ الشَّيْطَانِ مِنَ الْقَائِلِينَ إِنَّهُمْ يَهُودٌ وَلَيْسُوا يَهُودًا، بَلْ يَكْذِبُونَ.

نبوة بضد المسيح: – وأيامه هى ضيقة عظيمة على العالم، ولأن أيامه ستكون أياماً صعبة جدا، فهنا نجد أن الرب يعطينا طمأنينة أنه سيحفظ أولاده. أَنَا أَيْضًا سَأَحْفَظُكَ مِنْ سَاعَةِ التَّجْرِبَةِ الْعَتِيدَةِ أَنْ تَأْتِيَ عَلَى الْعَالَمِ كُلِّهِ لِتُجَرِّبَ السَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ. ولاحظ أن هذا الكلام يسبق كنيسة لاودكية مباشرة التى تمثل فترة ضد المسيح أى فترة التجربة العتيدة أن تجرب الساكنين على الأرض. وقوله هَا أَنَا آتِي سَرِيعًا يشير لأن هذه التجربة (ظهور ضد المسيح) تسبق مباشرة مجىء المسيح الثانى للدينونة. وحقا فاليهود يوجد منهم كثيرون يؤمنون الآن. ولكن هذه الآيات تشير أيضا لعودة كثير من الخطاة إلى أحضان الله، والله القادر على كل شى، قادر أن يعيد أشر الخطاة ويجعلهم شهوداً وخداما له.

كيف فهم الأسقف هذه النبوة أيامه: -.

إن عودة اليهود وسجودهم هذا يفسر لكنيسة فيلادلفيا نفسها أيام القديس يوحنا بإيمان بعض اليهود المقاومين للكنيسة فى وقتها. وهكذا تفهم كنيسة فيلادلفيا أيام يوحنا أن ساعة التجربة العتيدة أن تجرب العالم كله هى إضطهاد الدولة الرومانية للكنيسة. والله سيحفظ إيمان الكنيسة ويعزيها فى هذا الوقت.

لأَنَّكَ حَفِظْتَ كَلِمَةَ صَبْرِي = أضاف الصبر إلى الكلمة لأن الإيمان المسيحى ينبغى أن يقترن بالصبر أمام الضيق والإضطهاد علامة إيمان وثقة فى الله الذى سمح به وقادر أن يسيطر على هذا البحر الهائج وقتما يريد، ولكنه دائما يخرج من الجافى حلاوة. ومن يصبر إلى المنتهى فهذا 1) يأخذ تعزية 2) يرى ثمار الضيقة ويفهم لماذا سمح بها الله 3) يخلص.

هَا أَنَا آتِي سَرِيعًا = لأن كنيسة فيلادلفيا تسبق كنيسة لاودكية التى تعبر عن نهاية الأزمنة ومجىء المسيح الثانى، نسمع هذه العبارة ولكنها تعنى لكل واحد منا أن ساعة إنتقالنا للسماء آتية سريعاً فلنصبر على آلام هذا العالم بلا جزع ولا إضطراب.

تَمَسَّكْ بِمَا عِنْدَكَ لِئَلاَّ يَأْخُذَ أَحَدٌ إِكْلِيلَكَ = أحسن شرح لهذه الآية هو قصة شهداء سبسطية الأربعون. فالمتردد الذى ترك بحيرة الثلج وذهب للماء الدافىء منكراً المسيح فقد إكليله وأخذه بدلا منه الجندى الذى آمن بالمسيح ونزل فى بحيرة الثلج بدلا منه. وهذه الآية تنفى أن للرب مختارين عينهم للحياة الأبدية، ومرفوضين عينهم للهلاك. لأنه إن كان هذا الأسقف مختارا فما معنى لِئَلاَّ يَأْخُذَ أَحَدٌ إِكْلِيلَكَ وإذا لم يكن مختارا فما معنى تَمَسَّكْ بِمَا عِنْدَكَ. الحقيقة أن الله يريد أن الجميع يخلصون (1تى4: 2)، أما القرار فهو قرارى وبحريتى الشخصية. وهذا لا يمنع معونة الله حتى يكون القرار الذى أتخذه لصالح خلاص نفسى، والمعونة قد تكون بالتشجيع أو بالتأديب. ولاحظ أنه قيل عن اليهود = مَجْمَعِ الشَّيْطَانِ = فهم بعد أن كانوا شعب الله، وإبن الله البكر فقدوا هذه النعمة بإختيارهم الخاطىء وقيل عنهم مجمع الشيطان. فلنحذر لئلا نفقد النعم التى أعطاها الله لنا.

يَأْتُونَ وَيَسْجُدُونَ = هو سجود الإحترام وليس العبادة وهذا رد على من ينكر السجود أمام الأب البطريرك أو الأساقفة.

أَنَا أَيْضًا سَأَحْفَظُكَ مِنْ سَاعَةِ التَّجْرِبَةِ = هذه الآية رد على البلاميس الذين يقولون أن المؤمنين سيختطفون على السحاب وأن الضيقة ستأتى على الأشرار فقط. وهنا نرى أن الضيقة ستشمل العالم كله، لكن الله سيحفظ المؤمنين. وقيل أنها تجربة لأنها تجرب المؤمنين أى تنقيهم، أما الأشرار الهالكين فلن يستفيدوا منها، لن تكون تجربة بالنسبة لهم.

صورة المسيح التى يظهر بها هى أنه

هو الذى يفتح ولا أحد يغلق أى أن الفتح والإغلاق فى يده

.

والوعد لمن يغلب: – أَجْعَلُهُ عَمُودًا = فى هيكل سليمان كان يوجد عمودان إسمهما بوعز وياكين. وقيل عن الهيكل أنه كان مستندا عليهما، والبعض قال إنهما كانا فقط للزينة. وهنا الله يود أن يؤكد لكل أولاده أهميتهم لديه. فكل منا سيكون عموداً فى الهيكل أو يزينه. فلماذا مشاعر صغر النفس التى تنتاب أولاد الله بالرغم من أن الله يؤكد على أهميتنا عنده. الشعور بصغر النفس يعرقل حياتنا الروحية ويعرقل الخدمة. المسيح يقول له بالرغم من قوتك اليسيرة سأجعلك عمودا ويقول له هذا لتشجيعه.

أَكْتُبُ عَلَيْهِ اسْمَ إِلهِي = المعنى أننا صرنا مخصصين لله ولخدمته وللشهادة له. ومن يحمل إسم الله لابد أن تبدو عليه مظاهر التقوى والقداسة والوداعة والفرح.

وَاسْمَ مَدِينَةِ إِلهِي = هذه تعبر عن تحول الإنسان إلى إنسان سماوى له المواطنة السماوية هذه تشبه جواز السفر المكتوب فيه فيزا دخول بلد ما. والمدينة هى أورشليم السماوية.

وَاسْمِي الْجَدِيدَ = يشير هذا لأننا فى السماء سنعرف المسيح معرفة جديدة غير التى عرفناها على الأرض، سنكتشفه من جديد، ونتعرف على قدرته كإله قدير وعلى حلاوة عشرته. وتكون هذه المعرفة متجددة كل يوم، نكتشف من أعماق محبة المسيح لنا ما يجعلنا نفرح بالأكثر. وكل يوم نكتشف قدراته وصفاته فنفرح بالأكثر. فيد الله وأعماله الرائعة تظهر جديدة كل يوم وكأنها تظهر لأول مرة. وأعماله فى الكنيسة الآن، وكونه يحمل كنيسته بشعبها وخدامها، وإحتضانه للكنيسة يبدو دائماً جديداً وبكل الحب.

تكرار كلمة إِلهِي = يشير للصلح الذى حدث بينى وبين الله الآب والذى صنعه المسيح بفدائه فنحن بالمسيح المتجسد وبفدائه رجعنا شعبا خاصا بعد أن كنا مرفوضين والمسيح يقول إلهى هنا لأنه بعد تجسده وإتحاده بجسد البشرية صار يتكلم بلسانها فالكنيسة جسده. المسيح بلاهوته واحد مع الآب ولكن بناسوته يقول إلهى.

مفتاح بيت داود = “وأجعل مفتاح بيت داود على كتفه فيفتح وليس من يغلق ويغلق وليس من يفتح” (إش22: 22). داود فتح أوشليم وجعلها عاصمة ملكه وجعل عرشه فيها، ونظم عبادة الله التى هى بحسب قلب الله فيها. بعدما كانت مدينة حصينة فى يد الوثنيين (رمز للشيطان).

يَفْتَحُ وَلاَ أَحَدٌ يُغْلِقُ، وَيُغْلِقُ وَلاَ أَحَدٌ يَفْتَحُ = لاحظ أن المفتاح فى الآية السابقة كان على كتف داود، وداود هو أبو المسيح بالجسد. وكان المفتاح الذى حمله المسيح على كتفه هو الصليب، وبه فتح قلوبنا التى إستعبدت لخطايا إبليس، وجعل المسيح عرشه فى قلوبنا. وبنفس المفهوم أيضا تنبأ إشعياء عن المسيح قائلا “انه يولد لنا ولد ونعطى ابنا وتكون الرياسة على كتفه ويدعى اسمه عجيبا مشيرا الها قديرا ابا ابديا رئيس السلام” (إش9: 6).

والله قادر يا أسقف فيلادلفيا أن يفتح قلوب المعاندين ويضع عرشه فيها، وأن يفتح أمام أولاده باب الرجاء والنصرة والخلاص ويغلق أمامهم أبواب الخطية والسقوط ليحميهم. فلماذا اليأس.

الأعداد 14-22

الآيات (14 – 22): –

“14 وَاكْتُبْ إِلَى مَلاَكِ كَنِيسَةِ الّلاَوُدِكِيِّينَ: «هذَا يَقُولُهُ الآمِينُ، الشَّاهِدُ الأَمِينُ الصَّادِقُ، بَدَاءَةُ خَلِيقَةِ اللهِ: 15أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ، أَنَّكَ لَسْتَ بَارِدًا وَلاَ حَارًّا. لَيْتَكَ كُنْتَ بَارِدًا أَوْ حَارًّا! 16هكَذَا لأَنَّكَ فَاتِرٌ، وَلَسْتَ بَارِدًا وَلاَ حَارًّا، أَنَا مُزْمِعٌ أَنْ أَتَقَيَّأَكَ مِنْ فَمِي. 17لأَنَّكَ تَقُولُ: إِنِّي أَنَا غَنِيٌّ وَقَدِ اسْتَغْنَيْتُ، وَلاَ حَاجَةَ لِي إِلَى شَيْءٍ، وَلَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّكَ أَنْتَ الشَّقِيُّ وَالْبَئِسُ وَفَقِيرٌ وَأَعْمَى وَعُرْيَانٌ. 18أُشِيرُ عَلَيْكَ أَنْ تَشْتَرِيَ مِنِّي ذَهَبًا مُصَفًّى بِالنَّارِ لِكَيْ تَسْتَغْنِيَ، وَثِيَابًا بِيضًا لِكَيْ تَلْبَسَ، فَلاَ يَظْهَرُ خِزْيُ عُرْيَتِكَ. وَكَحِّلْ عَيْنَيْكَ بِكُحْل لِكَيْ تُبْصِرَ. 19إِنِّي كُلُّ مَنْ أُحِبُّهُ أُوَبِّخُهُ وَأُؤَدِّبُهُ. فَكُنْ غَيُورًا وَتُبْ. 20هنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَقْرَعُ. إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ الْبَابَ، أَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي. 21مَنْ يَغْلِبُ فَسَأُعْطِيهِ أَنْ يَجْلِسَ مَعِي فِي عَرْشِي، كَمَا غَلَبْتُ أَنَا أَيْضًا وَجَلَسْتُ مَعَ أَبِي فِي عَرْشِهِ. 22مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ».”.

كنيسة لاودكية.

من الناحية التاريخية فهذه الكنيسة تشير لأيام الكنيسة الأخيرة، أيام إطلاق الشيطان وظهور ضد المسيح. ولاودكية تعنى حكم الشعب وهذا يعنى أن الكنيسة تبدأ فى مسايرة رغبات الناس. لن تعود الكنيسة هى المثل الأعلى، بل تردد ما يريده الناس. فإن رفضوا الصوم ألغت الكنيسة الأصوام كما فعلت كثير من الكنائس. بل صار كل واحد يؤسس لنفسه كنيسة، فصارت هناك مئات الطوائف.

ووصل الأمر لأن يدخل للكنيسة أسوأ ما فى العالم، فلقد رأينا فى الأيام الأخيرة أساقفة لبعض الكنائس تم تعيينهم وهم يجاهرون بأنهم شواذ جنسياً. بل أنه فى بعض البلدان يطالبون الآن بحذف الآيات التى تهاجم الشذوذ الجنسى من الكتاب المقدس. هنا نفهم معنى حكم الشعب، فالكنيسة تحكم حسبما يريد الناس. ومن هنا نفهم لماذا سيطلق الله الشيطان فى الأيام الأخيرة، فالناس أصبحت تريد خطايا الشيطان، وكأن الله يقول “جربوا ما معنى الإستعباد لهذه الخطايا وستندمون وستفهمون لماذا كنت أمنعها عنكم، وربما يقود الندم البعض للتوبة. وما نراه الآن هو مقدمة لما سيحدث فى أيام ضد المسيح.

كنيسة لاودكية تشير لكنيسة الأيام الأخيرة التى يسودها فتور عام ويكثر فيها الإرتداد. وقال عنها السيد المسيح أنه “لكثرة الإثم تبرد محبة الكثيرين” (مت12: 24) وقال أيضا عن هذه الأيام “متى جاء إبن الإنسان ألعله يجد الإيمان على الأرض” (لو8: 18) فسمة هذه الأيام الأخيرة نقص المحبة لله وللناس ونقص الإيمان. لذلك سينحل الشيطان فى نهاية الأيام لمدة يسيرة تسبق المجىء الثانى للسيد المسيح (رؤ3: 20). والله سيحل إبليس وفقا لما قاله الكتاب “الرب يعطك حسب قلبك ويتم كل رأيك” (مز4: 20). وذلك لأن الناس فى تلك الأيام سيكونون غير طالبين لله ولا خاضعين له. وهذا ما نرى بداياته الآن من صراعات على المادة حتى بين الإخوة، والجرى وراء الشهوات العالمية، ونعلم أن العالم كله قد وضع فى الشرير (1يو19: 5). وكما عَرَّفَ سليمان الحكيم العالم وما فيه بقوله “باطل الأباطيل الكل باطل” فمن يجرى وراء العالم فهو يجرى وراء الباطل.

هل تبحث عن  الإبركسيس فصل من أعمال آبائنا الرسل الأطهار ( 15 : 21 ـ 29 )

ومن الناحية الروحية فهذه الكنيسة تعانى من حالة فتور. ولنرى بعض التعريفات:

الحار: – هو المملوء بالروح القدس، ومملوء من الغيرة ومن محبة الله ويتلذذ بعشرة الله وخدمته، ومحبا لكل الناس حتى أعدائه. مملوء فرحا وثمار الروح الباقية (غل 23، 22: 5).

الفاتر: – هو من كان حاراً وبدأ يبتعد عن مصدر الحرارة، فبدأ يبرد. وهنا فمصدر الحرارة هو الله. فالفاتر هو من كان حاراً وإبتعد عن الله.

البارد: – هو من لم يسمع عن الله ولم يعرفه مثل شاول الطرسوسى وموسى الأسود ومثل هذا يسعى الله وراءه ليعرفه بنفسه (شاول الطرسوسى وموسى الأسود والخصى الحبشى) والبارد أيضا هو من تخطى مرحلة الفتور وصار باردا لكنه كالإبن الضال وكالمرأة الخاطئة شعر بالهوة التى تردى فيها وعاد لله شاعراً بخطيته مقدما توبة، مبللا قدميه بدموعه كالمرأة الخاطئة وبطرس والعشار ومريم المصرية.

والسؤال هنا ما الذى جعل إنسانا حارا يترك الله فيفتر؟ الإجابة واضحة.

أنه وجد أن العالم ألذ كما قيل “ديماس تركنى إذ أحب العالم الحاضر” (2تى10: 4) لذلك نجد المسيح هنا وقد قدم نفسه على أنه الآمِينُ = وهى كلمة عبرانية غير كلمة الأمين Honest. أما الآمِينُ فتعنى الحق Amen. فهناك صراع بين الحق والباطل علينا. المسيح الحق يقول أنا الحق فإتبعونى والعالم ورئيسه إبليس يخدعنا بملذاته الباطلة. هنا نرى المسيح يقول عن نفسه الشَّاهِدُ الأَمِينُ الصَّادِقُ = فالمسيح هنا كأنه يرجو شعبه أن يصدقوه هو، فما يقوله من وصايا هى الحق، وتقودهم للحياة الأبدية، ولا يسيروا وراء أوهام الباطل. فهو الذى يحبهم حقيقة وما يقوله من وصايا هدفها خلاص نفوسهم. أما عدو الخير فهدفه خداعهم بملذات الدنيا الباطلة والنهاية هلاك أبدى معه فى بحيرة النار (رؤ15، 10: 20).

وقارن بين من يسعى وراء الباطل أى ملذات الدنيا وبين المعروض على من يغلب… أى عرش الله وهذا حق. ومن يغلب هو من يترك الباطل طالبا الحق، رافضا العالم وملذاته ذاهبا وراء المسيح الذى أحبه فإختاره. وقول المسيح أنه الشَّاهِدُ الصَّادِقُ هى دعوة لنصدق أقواله ونعمل بوصاياه، وكل ما قاله هو أمين فيه ولا غرض له سوى خلاص نفوسنا. وهذا فى مقابل الكذاب وأبو الكذاب رئيس هذا العالم الذى يغرينا بملذاته فنترك المسيح الحق. والمسيح هو الشاهد لنا بمحبة الآب وهو الأمين فى خدمته على الأرض بجسده ليخلصنا. وهو الصَّادِقُ = فى كل ما قاله ووعد به وهو الطريق والحق والحياة فمن يسير وراء الحق سيجلس فى العرش الإلهى وهذا هو الوعد لهذه الكنيسة. ومن يسير وراء الباطل يصير باطلا مثله. والمكافأة لن تكون فقط فى الحياة الأبدية فى عرش الله، بل فى هذه الحياة أيضا، فمن يفتح قلبه للحق ويستجيب لفداء المسيح يدخل المسيح معه فى علاقة حب وينير قلبه ويملأه فرحا فى شركة حلوة لذيذة قال عنها المزمور “ذوقوا وأنظروا ما أطيب الرب”. وهذا ما تم التعبير عنه بالعشاء الذى سيكون بين المسيح وبين النفس التى تختار أن تفتح له ولا تفتح قلبها للعالم، ولكن هل يعنى كلامنا هذا أن لا نعمل لنأكل؟!

قطعاً لا يعنى هذا، بل نعمل ونسعى فالرسول يقول “من لا يريد أن يشتغل فلا يأكل أيضا” (2تس3: 10)، ولكن لا تكون المادة هدف حياتنا، بل يكون الله هدف حياتنا. ولنتذكر أن الله طلب أن نعمل ستة أيام واليوم السابع يكون راحة لحساب الله فى صلوات وتسابيح. إذاً لنعمل ستة أيام ولكن ليكن للرب نصيبه كل يوم، ونقضى مع الرب يوما بكامله كل أسبوع. لنعمل فى العالم ولا يستعبدنا العالم، ولا يكون العالم هدفنا. ما أجمل قول أحد الخدام حين سألوه عن وظيفته فقال أنا خادم بكنيسة كذا وأعمل مهندسا لأكل لقمة العيش فى شركة كذا. وأما من ينسى الله وينغمس فى شهواته المادية فهو يعيش فى صراع بلا أفراح وبلا تعزيات داخلية، يحيا فى قلق وإضطراب وما أجمل قول المزمور “الرب يعطى لأحبائه نوما”.

بَدَاءَةُ خَلِيقَةِ اللهِ = بداءة معناها أرشى وهى تعنى رأس خليقة الله. وبداءة أى الذى تأخذ الخليقة بداءتها منه، هو أصل كل الخليقة وله سلطان عليها. لاحظ أنه لم يقل أول مخلوقات الله. وقالها بولس الرسول بكر كل خليقة (كو15: 1) فإنه فيه خلق الكل. وقالها القديس يوحنا فى إنجيله “به كان كل شىء وبغيره لم يكن شىء مما كان” (يو3: 1). المسيح هنا يقدم نفسه بسلطان إلهى فهو أصل الخليقة. وبهذا السلطان الإلهى يعد من يغلب بأن يكون مكانه العرش. والمسيح كرأس للخليقة ورأس للكنيسة يود لو نلتصق به ونختاره بحريتنا رأسا وقائدا ومدبرا (أف23، 22: 1). والمسيح بهذا التعريف يريد أن يقول أنا أصل الخليقة وأعرف الحق من الباطل فالكل خليقتى وأدعوكم للحق وترك الباطل.

ولكن مشكلة هذه الكنيسة إنها فى فتور: – محبتها ليست حارة، القلب منقسم بين محبة المسيح ومحبة العالم. والله يريد القلب كله “يا إبنى إعطنى قلبك”. ومن يعطه القلب فهو كرأس للخليقة سيدبر ويهتم بكل أموره. هذه الكنيسة إختارت الباطل وتركت المسيح الرأس المدبر لتبحث عن لذة العالم فدخلها الفتور.

لَيْتَكَ كُنْتَ بَارِدًا = من لم يسمع عن المسيح يسعى المسيح وراءه ليعرفه ذاته، هذا حدث مع المرأة السامرية، وأرسل فيلبس للخصى الحبشى. أما الخاطىء الذى شعر بخطيته مثل المرأة الخاطئة فقد تبررت بدموعها والإبن الضال ألبسوه الحلة الأولى إذ عاد تائبا وبطرس بعد أن أنكر بكى فعاد لدرجته الرسولية. فمن يعود لله يعود لمصدر الحرارة ويصير حارا.

لأَنَّكَ فَاتِرٌ أَنَا مُزْمِعٌ أَنْ أَتَقَيَّأَكَ = الماء الفاتر يثير الجهاز الهضمى فيتقيأه المرء والفرق بين البارد والفاتر روحيا أن البارد شعر بخطيته وعاد تائبا، أما الفاتر فهو لا يشعر ولا يدرى أن حالته سيئة، بل يظن أن حالته جيدة وأنه مقبول أمام الله، ولا يشعر بإحتياجه للمسيح، راضى عن نفسه بدون مبرر. لا يطلب معونة من الله، هو يحيا على ذكريات ماضى إنتهى إذ إبتعد عن الله. هو مخدوع. المفروض أننا فى المسيح، وكونى فى المسيح فهذا هو مصدر حياتى هنا على الارض ودخولى للسماء بعد ذلك، وهذا هو الذى يعطينى أن استطيع كل شئ فيه فهو الذى يقوينى. ولذلك يقول أثبتوا فيَّ، فمن لا يريد أن يثبت فى المسيح فالمسيح يقول له سأخرجك خارجا ولا تعود ثابتا فيَّ وهذا معنى أنا مزمع أن أتقيأك.

لأَنَّكَ تَقُولُ: إِنِّي أَنَا غَنِيٌّ وَقَدِ اسْتَغْنَيْتُ، وَلاَ حَاجَةَ لِي إِلَى شَيْءٍ = هذا شعور الفاتر أنه فى غنى عن الإلتجاء بالصلاة للمسيح طالبا المعونة. والمسيح يقول له الحقيقة = وَلَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّكَ أَنْتَ الشَّقِيُّ وَالْبَئِسُ وَفَقِيرٌ وَأَعْمَى وَعُرْيَانٌ. وهذا حال كل من يجرى وراء العالم. فالعالم باطل وأحسن تفسير لكلمة باطل هو ظاهرة السراب وفيها يجرى الإنسان وراء أوهام ويموت من العطش دون أن يحصل على شىء، وفسرها سليمان أيضا بأن العالم هو قبض الريح فما حصلت عليه من العالم مهما كان كأنك قبضت على هواء، ولا تجد شيئا فى يديك. هذا إنسان يحيا فى خداع لذلك يظهر له المسيح فى شكل: – أنا بَدَاءَةُ كل خَلِيقَةِ = أى هل تظن أنك غير محتاج لى..! أبداً… أنا أصلك وأصل كل خليقة، كيف تستغنى عنى. هذا يقال لكل من هو شاعر أنه بماله ومركزه قادر أن يستغنى عن الله. هذا الملاك عكس ملاك ساردس. فملاك ساردس خدع الآخرين أما هذا فخدع نفسه. وبداية التغيير أن تعرف الحقيقة أنك فقير وبائس… الخ. فالمسيح لا يغنى غنيا ولا يشبع شبعانا بل يعطى لمن يريد أى لمن يشعر بإحتياج إليه.

الشَّقِيُّ = مهما تذوق الإنسان من ملذات العالم، ماذا يفعل وكيف يتعزى أمام مشاكل العالم، كيف يتعزى بملذات العالم لو علم أنه مريض بمرض قاتل. ولا يوجد من ينكر أن العالم ملىء بالآلام. والمسيح يقول لهذا الشخص ستصبح شقى لو أصابتك هذه الآلام بدون تعزياتى (العشاء معى) ولن ينفعك كل العالم.

فَقِيرٌ = فمهما إمتلكنا من مال فيوجد مشكلات لا يحلها المال. هل نستطيع بأموالنا مهما زادت أن نشترى الملكوت ونشترى أبديتنا بل حتى نشترى صحتنا على الأرض.

باَئِسُ = فهو يعيش فى عالم مؤلم دون تعزيات إلهية. فالله مصدر التعزيات.

أَعْمَى = لا يرى الحقيقة، ترك الحق أى الله ينبوع الماء الحى وذهب وراء الباطل أى سراب، ذهب وراء أبار مشققة لا تضبط ماء.

عُرْيَانٌ = عدو الخير يسهل لنا طريق الخطية لكنه يتلذذ بأن يفضحنا، أما المسيح فهو الذبيحة التى إستترنا بها، كفر عن خطايانا ليستر علينا. بل يمنع عدو الخير من أن يفضحنا. المسيح وحده يستر على عبيده (وهذه هى الكفارة = دم المسيح يغطينا فلا يرى الآب خزينا بل يرى دم إبنه فنصير مقبولين فيه). لكن من يُصِّر على طريق الخطية منفصلا عن الله يتركه الله فيفضحه إبليس. لذلك نحن نصلى صلاة الشكر. فلنشكر صانع الخيرات… لأنه سترنا ودارى على عرينا وألبسنا رداء بره. ألبس الإبن الضال الحلة الأولى. كما ستر على آدم بالذبيحة، أما العالم فهو ورق التين الذى لا يستر أحد بل يتركه عاريا.

ولاحظ أن هذا الكلام موجه لكنيسة اللاودكيين التى تشير للأيام التى يظهر فيها ضد المسيح ويضيق على أولاد الله فلا يستطيعون البيع ولا الشراء. وربما يلجأ البعض لترك الإيمان ليعيشوا فى سهولة والله ينبههم هنا بأن العالم لن ينفعهم، هو وحده يستر عليهم (رؤ17: 13) فالبيع والشراء سيكون لمن له سمة الوحش.

وهذا الفاتر نجد المسيح مهتما به ويعطى له نصائح للخروج من حالة الفتور هذه والعجيب أنه يقول له = إِنِّي كُلُّ مَنْ أُحِبُّهُ أُوَبِّخُهُ = فهو ما زال يحبه بالرغم من فتوره ولم يرفضه. ويوجه له نداؤه = كُنْ غَيُورًا وَتُبْ = الله يتضايق من الفاتر لأن الفاتر لا يستريح فى عشرته مع الله (فقد حرارة عشرته مع الله). صار لا يطيق أن يسمع كلام الله، فهو كان يحيا مع الله ثم تركه إذ أحب العالم الحاضر. ولكن مع هذا فالله لا يريد أن يتخلى عنه بل يوجه له هذه الرسالة وينصحه بأن يعود لحرارته أو غيرته وليتحرك قلبه ويعود يختار الله الحق ويترك الباطل. هذه دعوة للتوبة وبكل دقة يقول فيها ما معناه لا تتضايق من كلامى فأنا مازلت أحبك. وإن كان كلامى قاسيا فلكى أظهر لك، فترى خطورة وضعك والخطر المحيط بك.

أُشِيرُ عَلَيْكَ أَنْ تَشْتَرِيَ مِنِّي ذَهَبًا مُصَفًّى بِالنَّارِ لِكَيْ تَسْتَغْنِيَ = المسيح يعلم أنه فقير، إذاً كيف يشترى ذهبا؟ الحل أن المسيح يعطيه مجاناً. لكن هذا لمن يشعر أنه محتاج إليه “إسألوا تعطوا”. كما قال إشعياء “أيها العطاش…. هلموا إلى المياه والذى ليس له فضة تعالوا إشتروا وكلوا بلا فضة وبلا ثمن” (إش 1: 55). ولكنه يقول له إشترى حفظا على كرامته بدلا من أن يقول له سأعطيك مجانا. هذه الدعوة هى نفسها “فحينئذ ليهرب الذين فى اليهودية إلى الجبال” (مت 24: 15 – 18).

والذهب هو الحياة السماوية أو هو المسيح نفسه إلهنا السماوى الذى تألم وإجتاز نيران الصليب، ثم قام ليعطينا حياته (غل20: 2) فنحيا بحياته هنا على الأرض حياة سماوية. والبداية أن نغصب أنفسنا على إقامة علاقة مع المسيح.

  1. بالتوبة.
  2. بالصلاة بلجاجة، فملكوت السموات يغصب (مت12: 11).

ولماذا أغصب نفسى على التوبة أى ترك الخطية، ولماذا أغصب نفسى على الصلاة؟

الإجابة: الشعور بالإحتياج ولا نقول مع هذا الملاك وَلاَ حَاجَةَ لِي إِلَى شَيْءٍ ولنفكر للحظات، سنجد أنفسنا فى عالم ملىء بالمخاوف، ولا تعلم ماذا سيأتى به الغد، ومتى وكيف نغادر هذا العالم وأين سنذهب بعد ذلك؟ وحينئذ سندرك أننا نحتاج لحماية الله فنلجأ له ونقيم معه علاقة بالتغصب. لكن سرعان ما تتحول هذه العلاقة لعزاء وفرح وصداقة = أَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي = ونبدأ حياتنا السماوية هنا، والشبع بالمسيح وهذا هو الحق والنهاية مجد فى السماء = مَنْ يَغْلِبُ فَسَأُعْطِيهِ أَنْ يَجْلِسَ مَعِي فِي عَرْشِي وَثِيَابًا بِيضًا لِكَيْ تَلْبَسَ، فَلاَ يَظْهَرُ خِزْيُ عُرْيَتِكَ = المسيح يعرض عليه ثيابا بيض، هذه التى أعطوها للإبن الضال حين عاد تائبا. المسيح يعرض عليه أنه وحده قادر أن يستر عليه فى الأرض وفى السماء، أما من يستتر بالعالم يُفضح. ولاحظ أن ملاك لاؤدكية هو أسوأ السبع الملائكة والمعروض عليه أعظم عرض أى عرش المسيح فإنه يوجد أعظم رجاء لأعظم خاطىء.

هل تبحث عن  تنسحق راعوث في أعماقها لتقدم لبوعز شكرها في اتضاع

وَكَحِّلْ عَيْنَيْكَ بِكُحْل لِكَيْ تُبْصِرَ = كحل العين مادة طبية تستعمل للإبصار وفى بعض الترجمات جاءت مرهم للعين. وكانت لاودكية مدينة غنية تشتهر بهذه الصناعة أى كحل العين (تزداد به قوة الإبصار) والثياب (ولاحظ الإشارة للثياب البيض) والمعنى، فلقد قال له المسيح سابقا أنه أعمى، والأعمى محتاج لأن يشفى بصره بكحل. والمقصود الإمتلاء بالروح القدس الذى يعطى إستنارة. فيبصر حقيقة نفسه. وهذا يتطلب نقاوة القلب بالتوبة، واللجاجة فى طلب الروح القدس. ومن يعود له إبصاره الروحى سيميز بين الحق والباطل ويختار الحق.

إذاً بداية الإصلاح من حالة الفتور:

  1. التغصب على التوبة.
  2. ما الذى يدفعنا لذلك؟ الخوف من الأبدية.
  3. الصلاة بلجاجة.
  4. ما الذى يدفعنا لذلك؟ الشعور بالإحتياج “إن عطش أحد فليقبل” (يو37: 7 – 39).
  5. طلب الإمتلاء من الروح القدس فيعطينا إستنارة تساعدنا على إتخاذ القرار الصحيح.
  6. ويأتى بعد هذا حلاوة العشرة مع المسيح وينتهى التغصب ونلاحظ أن البداية الحقيقية هى من المسيح الذى نجده يُصوِّر نفسه هنا واقفا على الباب يقرع، منتظرا من يفتح له. فالبداية هى من المسيح والإستجابة منى. وهذه الصورة للمسيح الذى يقرع على الباب متفقة مع (نش2: 5). والرب يقرع باب قلوبنا بإنذارات كلمة الله وبإحساناته تارة وبالتجارب المحيطة بنا تارة أخرى. ولاحظ حرية الإختيار إن سمع أحد صوتى (نش4: 5) ما يمنعنا من السمع هو تداخل صوت الله مع أصوات العالم والشيطان والذات والشهوات.

مَنْ يَغْلِبُ = نحن فى صراع فى هذا العالم بين الحق (المسيح) والباطل (العالم) والحق ينادى علينا ويقرع أبواب قلوبنا. ومن يختاره ويثبت فيه يتلذذ بعشرته (العشاء).

ويحيا فى فرح حقيقى على الأرض. والنهاية مكان فى عرش الله. والمسيح إفتدانا بدمه لأجل هذا. لذلك فمحبة العالم عداوة لله (يع4: 4) أى من يترك الله يجرى وراء ملذات الدنيا فهو يرفض الله ومجد الله ومحبة الله ويعيش معذبا، ومهما جمع من أموال ونال من ملذات الدنيا فهو إما سيتركها أو تتركه لذلك فهى باطل (السراب).

أما من إختار المسيح فهو يعيش فى عزاء حقيقى وفرح حقيقى والنهاية مجد حقيقى (حق).

ولاحظ أن عطايا الله بفيض فالفقير والأعمى والشقى يعطيه ذهبا مصفى بالنار بل يجلس معه فى عرشه. حقا يعطى بسخاء ولا يعير. وما نحصل عليه هنا من عشاء مع المسيح هو عربون المجد هناك.

الصورة: – المسيح الحق

وأقواله حق وأمينة

.

أَتَعَشَّى مَعَهُ = هذا عن العزاء الذى نحصل عليه هنا على الأرض وهو عربون ما سنحصل عليه فى السماء. وَهُوَ مَعِي = هذا عن عشاء عرس الخروف المُعَّد لنا فى السماء (9: 19).

يَجْلِسَ مَعِي فِي عَرْشِي… وَجَلَسْتُ مَعَ أَبِي فِي عَرْشِهِ = لا يوجد هناك عرشان واحد للآب وواحد للإبن. فالآب والإبن واحد. ولكن كلمة عرش عموماً تشير للمجد. فالمسيح تمجد بجسده، ليعطينا فيه أن نتمجد. لكن المسيح بناسوته صار له نفس مجد الآب (يو17: 5). وهذا ما يشير له قانون الايمان “وجلس عن يمين الآب“. وهذا هو المقصود بقول السيد هنا جَلَسْتُ مَعَ أَبِي فِي عَرْشِهِ.

أما نحن فسنحصل على جزء من المجد. وهذا سيكون بأن نعكس جزءاً من مجد المسيح بحسب جهادنا على الأرض ونقاوتنا “فنجم يمتاز عن نجم فى المجد” (1كو 15: 41). وهذا هو المقصود بقول السيد هنا يَجْلِسَ مَعِي فِي عَرْشِي. وهذا وعد المسيح لنا (يو17: 22). بل لهذا تجسد المسيح.

أَنَا مُزْمِعٌ أَنْ أَتَقَيَّأَكَ = مشكلة هذا الملاك أنه بعد أن كان حاراً أى قريباً من الله نجده فاتراً أى ترك الله وإنجذب إلى العالم. والمسيح يحذره من أنه لو إستمر فى عناده رافضاً العودة لله. فالمسيح سوف يتقيأه أى يرفضه تماماً ويلقيه بعيداً عنه. والمعنى إذا كنت لا تريدنى فأنا لا أريد أن أرغمك على شئ وسأتركك على حريتك لتنفصل عنى. فنحن فى المسيح بحريتنا، ولكن إن أردنا أن نتركه يتركنا كما ترك عروس النشيد (نشيد5) وهو لذلك يقول إثبتوا فىَّ (يو4: 15) وفى مفهوم بولس الرسول أن الخلاص هو أننا صرنا فى المسيح وهذا تم بالمعمودية (رو6: 1 – 14). والمسيح يطلب منا أن نحافظ على هذا الثبات “إثبتوا فىَّ وأنا فيكم: (يو15: 4)، وهذا قرارى الحر بإختيارى، والمسيح يساعدنى فيه، لذلك فالآية التالية للرب فى (يو15: 5) هى” بدونى لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً “. أما من إتخذ قرارا بترك المسيح، فالمسيح يظل وراءه لا يريد أن تهلك هذه النفس، ولكنه بعد فترة يتركه. والمسيح يخرج هذا الفاتر لأنه” هو أعطى الله القفا لا الوجه “(إر2: 27). وهو إختار العالم وفضَّله عن المسيح كما عمل الابن الضال. فجاع وتألم… لكن حينما عاد أعاده الله لسابق وضعه. وهكذا مع عروس النشيد فحينما تركها العريس ضربوها الشياطين وجرحوها. فمن يتركه المسيح ويخرجه خارجا يفقد الحماية الالهية من ضربات عدو الخير، ولكن حتى هذه الضربات، يستخدمها الله للتأديب لعل هذا الإنسان يتوب من ضربة الجوع كالإبن الضال وكجراح عروس النشيد. ولكن أيضا حين عادت العروس أعادها العريس، كما وقع الأب على عنق إبنه الراجع ليقبله.” إرجعوا الىَّ يقول رب الجنود فأرجع اليكم “(زك 1: 3).

تعليق على الرسائل السبع.

أفسس: – كنيسة المحبة التى أسسها المسيح (برجاء مراجعة موضوع أهمية المحبة عند القديس يوحنا فى نهاية تفسير رسالة يوحنا الأولى). ولأن الله محبة، والله هو الحياة، فالكنيسة التى بلا محبة هى كنيسة ميتة فهى منفصلة عن الله. ومثل هذه الكنيسة يزحزحها المسيح فهى ميتة، أى يتخلى عنها لأنها هى التى تركته أولا. وهكذا كل نفس بلا محبة هى ميتة (1يو3: 14). (هذا يشبه قطع العضو الميت من الجسم (المصاب بالغرغرينا) قبل أن يموت الإنسان كله.

سميرنا: – تمثل أسمى درجات المحبة وهى درجة الأغابى وهى بذل الذات، وهذا معنى الصليب، فالمسيح بذل حياته من أجل البشر. ووصية المسيح لكل من يريد أن يصير تلميذاً له أن يحمل صليبه ويتبعه (لو14: 27) أى يصل إلى درجة بذل ذاته فى المحبة، والمحبة حياة، فيثبت فى المسيح (يو15: 9)، وهذا هو وضع كنيسة سميرنا، التى وصلت للموت حبا فى المسيح. ولهذا لم يوجه لها المسيح أى لوم، بل نجد تاريخيا أن المسيحية نمت وإنتشرت فى العالم فى فترات الإستشهاد. فالكنيسة المملوءة محبة هى كنيسة حية بالمسيح الذى فيها. والكنيسة الحية تنمو مثل أى جسد حى.

برغامس: – هى عكس كنيسة سميرنا تماما. فنحن أمام موقفين: -.

  1. إما تكون الكنيسة مملوءة حباً للمسيح فهى إذاً حية وتنمو، مثل كنيسة أفسس.
  2. أو يبدأ دخول محبة العالم أو الإقتران بالعالم، فلا يصير القلب بالكامل للمسيح.

الموقف الثانى هو عكس ما يطلبه الكتاب الذى يقول “يا إبنى إعطنى قلبك” (أم23: 26). وهذا يبدأ دائما بعدم وضوح الرؤيا لإرادة الله، إذ نعطى تفسيرات خاطئة بمفاهيم عالمية لوصايا الكتاب فيحدث التشويش، ويكون هذا لتبرير ما أريده أنا وليس ما يريده الله (وهذا بالضبط معنى كلمة خطية). أما الطريق الصحيح فهو ما دلنا عليه بولس الرسول “قارنين الروحيات بالروحيات” (1كو2: 13). وهذا معنى أن المسيح يظهر هنا بأنه له السيف الماضى ذو الحدين. والسيف هو كلمة الله القادرة على أن تفصل بوضوح بين ما هو حق وما هو خداع (عب4: 12). ومن لا يفعل ويجتهد فى أن يعرف الحق ويتبعه ويحيا، فهذا يبدأ فى الإنفصال وعدم الثبات فى المسيح، وهذا هو طريق الموت. أما من يغذى نفسه بكلمة الله فيميز الحق، فهذا يثبت فى المسيح = يأكل من المن المخفى ويحيا أبدياً.

ثياتيرا: – الإنحدار إزداد هنا، فنجد أن الإنسان رفض أن يكمل طريق (القلب كله لله) فإزداد بعداً عن الله، وللأسف فمثل هذا الإنسان يحاول أن يسكن ضميره بأن يختفى وراء شكليات ومظهريات العبادة، صارت العبادات كأنها مسرحية = ثياتيرا، وهذا كان موقف الكتبة والفريسيين الذين تمسكوا بالشكليات كوصية السبت تاركين أثقل الناموس، أى المحبة والرحمة فهم فى حالة إبتعاد كامل عن الله. لذلك فالمسيح يظهر هنا بعينين كلهيب نار، فهو يعرف ما فى قلوبهم وأنهم كالقبور المبيضة من الخارج. هنا وصلت الأمور إلى حدود صعبة جدا (الملح بدأ يفسد).

ساردس: – هنا إزداد الإنحدار حتى بدأ الروح ينطفئ. والمسيح هنا يقول “أنا مستعد أن أملأ من يأتى إلىَّ ثانية بالروح فيحيا ولا يمحى إسمه من سفر الحياة الأبدية”. أما من يرفض فهو أمام الله ميت مع أنه فى نظر الناس حى. وطبعا مع إستمرار التدهور إنتشرت الخطية والإبتعاد عن الله، وبالتالى يحدث الموت الروحى، فالإبتعاد عن الله هو الإنفصال عن الحياة. وصارت البقية الحية هم القلة = ساردس.

فيلادلفيا: – مع إستمرار الإنحدار يدخل الخدام الأمناء فى حالة حزن شديد، ولقد عبَّر بولس الرسول عن هذه الحالة بقوله “من يضعف وأنا لا أضعف” (2كو11: 29). ولكن تحدث هنا مشكلة للخادم الأمين الحزين على ما يراه من إنصراف المخدومين عن محبة الله، وهى أنه ييأس فيكف عن الخدمة معللاً ذلك بأنه لا فائدة فلا أحد يهتم، ولا أحد يريد الله، وهذا ما وصل إليه إيليا وقال “فبقيت أنا وحدى…” (1مل19: 14). وهذا خطأ كبير أمام الله. قال أحدهم “إن كان المخدوم منحرفًا فلا داعى لخدمته… وإن كان قديساً فهو لا يحتاج إلى خدمة… إذاً لا داعى للخدمة… وهذا بالضبط ما يريده إبليس“. ومعنى كلام المسيح هنا… أنه عليك أيها الخادم أن تخدم بلا ملل ولا يأس وأنا سأتدخل فى الوقت المناسب، فالكنيسة هى كنيستى أنا، وأنا لن أفشل.

لاودكية: – نرى هنا إستمرار حالة الإنحدار إلى أسفل، وإبتعاد الناس عن الله ومراعيه الخضراء الدسمة. يسعون وراء العالم ظانين أن فيه شبعاً، بينما هم يجرون وراء سراب مخادع فى برية هذا العالم، تاركين الله، يعطون له القفا لا الوجه بينما هو ينبوع الماء الحقيقى، ويسعون وراء أبار مشققة لا تضبط ماء، أى أنهم يحاولون إشباع شهواتهم الجسدية (إر2: 13، 24، 27). وهذا هو حال الناس هذه الأيام. وهذا ما أخبرنا به السيد المسيح من قبل أنه “بسبب كثرة الإثم تبرد محبة الكثيرين”، وأنه فى مجيئه الثانى سيندر وجود مؤمنين حقيقيين به (مت24: 12 + لو18: 8). ولأن الله خلق الإنسان حراً على صورته، والله لن يُغَيِّر أو يتراجع عن عطيته، نجده هنا يُخَيِّر الإنسان إما أن يستمر ثابتا فيه فيحيا. أو مصراً على الإنصراف والإبتعاد عن الله، وأمام هذا الإصرار يعطى الرب مثل هذا الإنسان ما يريده، أي أن يتحرر من المسيح تماما ليعمل ما يريده، أى يسمح بالإنفصال عنه فلا يعود ثابتا فيه وهذا معنى أنه يتقيأه = أى يخرجه من جسده، فبالمعمودية “صرنا أعضاء جسده من لحمه ومن عظامه، وحياته فينا” (أف5: 30 + فى1: 21). وإذا إنفصل المسيح عن أحد يموت هذا الإنسان، فالمسيح هو القيامة والحياة (يو11: 25). ورسالة لاودكية هى دعوة لكل إنسان أن يجاهد ليمتلئ بالروح فتنفتح عيناه ويرى الباطل فيتركه (أى شهوات العالم)، ويرى الحق الذى هو المسيح فيلتصق به فيحيا.

هذه الرسالة تضع أمام كل إنسان طريقين هما الحق والباطل وهذا ما عمله موسى أيضا مع شعب إسرائيل (تث30: 10 – 20) وخَيَّر الشعب بين الموت والحياة.

وأنظر للحق الذى يعلنه الله هنا “يتعشى معنا هنا ونتعشى معه هناك” وأين؟! فى عرشه إذ لنا مكان فيه أعده لنا، ونكون فيه للأبد “فحيثما يكون هو نكون نحن أيضا” (يو14: 2 – 6). ونتعشى معه = تعزيات حقيقية لنا هنا على الأرض وسط ضيقات هذا العالم. ونتعشى معه هناك = وهو معى = مجد أبدى وفرح لا ينطق به فى السماء.

الخلاصة: – نحن أمام طريقين: -.

  1. إما أن نسلك فى المحبة (أفسس) وننمو فيها حتى بذل أنفسنا (سميرنا) فنحيا أبديا.
  2. أو نبدأ فى خلط الأمور وينقسم القلب ما بين الله والعالم (برغامس) وهذا مستحيل، فالله لن يقبل هذا الوضع.

ومن يختار الطريق الثانى يبدأ فى الإنهيار والإنحدار لأسفل، وتجد مثل هذا الإنسان يُسَكِّن ضميره بأن يحيا فى شكليات العبادة (ثياتيرا). والنتيجة معروفة مسبقا وهى عدم القدرة على الثبات على هذا الوضع، فينصرف الكثيرين عن الله وتتبقى قلة (ساردس).

ومع الإنحدار يبدأ للأسف حالة يأس وفتور وبالتالى ضعف الخدام (فيلادلفيا). ولولا رحمة الله ولطفه على كنيسته، خصوصا فى بشاعة الهجوم المتوقع على الكنيسة فى أيام ضد المسيح (لاودكية)، يسمح الله قبل تلك الأيام بأن تتجمع الكنائس المنشقة = (مرحلة فيلادلفيا = محبة الإخوة) لتواجه الكنيسة هذا الوحش وهى متحدة.

يا رب ليأتى ملكوتك……. آمين تعال أيها الرب يسوع.

وأنظر محبة الله العجيبة فى إعلان ما هو حق… فبعد نهاية رسالة لاودكية يرى القديس يوحنا “باباً مفتوحا فى السماء”. وهذا الباب مفتوح أمام كل من يختار طريق الثبات فى محبة المسيح.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي