الإصحاح السابع والعشرون
إنتظر أيوب بعد ما قاله في إصحاح (26) فلما لم يتكلم أحد من الأصحاب تكلم هو.
الأعداد 1-6
الأيات (1 – 6): –
“1 وَعَادَ أَيُّوبُ يَنْطِقُ بِمَثَلِهِ فَقَالَ: 2«حَيٌّ هُوَ اللهُ الَّذِي نَزَعَ حَقِّي، وَالْقَدِيرُ الَّذِي أَمَرَّ نَفْسِي، 3إِنَّهُ مَا دَامَتْ نَسَمَتِي فِيَّ، وَنَفْخَةُ اللهِ فِي أَنْفِي، 4لَنْ تَتَكَلَّمَ شَفَتَايَ إِثْمًا، وَلاَ يَلْفِظَ لِسَانِي بِغِشٍّ. 5حَاشَا لِي أَنْ أُبَرِّرَكُمْ! حَتَّى أُسْلِمَ الرُّوحَ لاَ أَعْزِلُ كَمَالِي عَنِّي. 6تَمَسَّكْتُ بِبِرِّي وَلاَ أَرْخِيهِ. قَلْبِي لاَ يُعَيِّرُ يَوْمًا مِنْ أَيَّامِي.”.
حي هو الله الذي نزع حقي = هو عظَّم الله إذ قال عنه أنه حي. فهو حي إلي الأبد. ومع ذلك تكلم عنه كلاماً قاسياً لا يليق إذ قال أن الله نزع حقه أي ظلمه، إذ سمح بإستمرار متاعبه. ولقد وبخه أليهو علي هذه الكلمة بالذات. فالله عادل ولا ينزع حق أحد. ولكن الإنسان يميل إلي اليأس إن لم يحل الله مشكلته سريعاً، الإنسان لا يحتمل الإنتظار، وهو غير صبور، لذلك يشكو، ولكنه حين يشكو تتمرر نفسه فيعود ويظن أن الله هو الذي مرر نفسه = القدير الذي أمر نفسى. وآية (2) هي قسم، وعلي ماذا يقسم أيوب؟ أنه طالما هو حي = نسمتي فيَّ لن تتكلم شفتاي إثماً = مهما كانت الألام التي يسمح بها الله عليَّ لن أخطئ في حقه.
ولا يلفظ لساني بغش = أي لو أظهر لي الله أو أي أحد أنني مخطئ سأعترف فوراً.
حاشا لي أن أبرركم = علي إنتقاداتكم الظالمة لي. حتي أسلم الروح لا أعزل كمالي عني حتي وإن مت بسبب هذه النكبات، لن أخطيء إلي الله وسأظل في كمالي.
تمسكت ببري ولا أرخيه = هذا هو موضوع فخري وفرحي. قلبي لا يعير يوماً من أيامي = لن أخطئ كما لم أخطيء من قبل، لذلك قلبي لا يلومني علي أي خطية سابقة ولن أعطي قلبي فرصة علي أن يلومني علي خطية في المستقبل.
الأعداد 7-10
الأيات (7 – 10): –
“7لِيَكُنْ عَدُوِّي كَالشِّرِّيرِ، وَمُعَانِدِي كَفَاعِلِ الشَّرِّ. 8لأَنَّهُ مَا هُوَ رَجَاءُ الْفَاجِرِ عِنْدَمَا يَقْطَعُهُ، عِنْدَمَا يَسْلِبُ اللهُ نَفْسَهُ؟ 9أَفَيَسْمَعُ اللهُ صُرَاخَهُ إِذَا جَاءَ عَلَيْهِ ضِيقٌ؟ 10أَمْ يَتَلَذَّذُ بِالْقَدِيرِ؟ هَلْ يَدْعُو اللهَ فِي كُلِّ حِينٍ؟”.
أيوب يرفض أن يشابه الأشرار أو يكون مثلهم حتي لو كان شرهم يقودهم للغني والثروة. وقوله ليكن عدوي كالشرير = هذا قول مأثور كما يقول أحدهم الأن “إنشا الله عدوك” حين يسمع كلاماً سيئاً عن شخص يحبه. وقد إستخدم دانيال هذا القول في دا 19: 4 “الحلم لمبغضيك”. والمعنى ليكن الشرير بالنسبة لى كأنه عدو لا أقبل أن أسير معه فطريقى غير طريقه. ومعاندي كفاعل الشر = هي تكرار بنفس المفهوم. والمعني أن أيوب يفضل ألامه مع كونه باراً عن الغني والثروة مع طريق الشر. وما سبب رفض الشر؟ إيمانه بنهاية الشرير المخيفة = لأنه ما هو رجاء الفاجر عندما يقطعه الله أي يموت = عندما يسلب الله نفسه. هل بعد موته تنفعه ثروته أو عظمته. إنه سيترك كل هذا ويقف أمام الله. أفيسمع الله صراخه = حين يسمع الحكم بموته الأبدي. لا لن يسمع الله صراخ الشرير. وهذا ما حدث مع الغني “بيننا وبينكم هوة عظيمة… لو 19: 16 – 31. والله يسمع الصراخ لو كان هنا في العالم، إذا قدم الشرير توبة. أم يتلذذ بالقدير = هناك مكانين بعد الموت أحدهما” فيه يتلذذ الإنسان الصالح بالقدير “والآخر فيه الإنسان الشرير يصرخ فلا يستجاب له. ومن يتلذذ بالقدير يدعو لله كل حين أي هو في إتصال مع الله، يكلمه ويتلذذ به. أفهل أخسر أبديتي وأن أتلذذ بالله هناك، من أجل أن أفرح بالشر علي الأرض. هذا كلام أيوب.
الأعداد 11-23
الأيات (11 – 23): –
“11«إِنِّي أُعَلِّمُكُمْ بِيَدِ اللهِ. لاَ أَكْتُمُ مَا هُوَ عِنْدَ الْقَدِيرِ. 12هَا أَنْتُمْ كُلُّكُمْ قَدْ رَأَيْتُمْ، فَلِمَاذَا تَتَبَطَّلُونَ تَبَطُّلاً؟ قَائِلِينَ: 13هذَا نَصِيبُ الإِنْسَانِ الشِّرِّيرِ مِنْ عِنْدِ اللهِ، وَمِيرَاثُ الْعُتَاةِ الَّذِي يَنَالُونَهُ مِنَ الْقَدِيرِ. 14إِنْ كَثُرَ بَنُوهُ فَلِلسَّيْفِ، وَذُرِّيَّتُهُ لاَ تَشْبَعُ خُبْزًا. 15بَقِيَّتُهُ تُدْفَنُ بِالْمَوْتَانِ، وَأَرَامِلُهُ لاَ تَبْكِي. 16إِنْ كَنَزَ فِضَّةً كَالتُّرَابِ، وَأَعَدَّ مَلاَبِسَ كَالطِّينِ، 17فَهُوَ يُعِدُّ وَالْبَارُّ يَلْبَسُهُ، وَالْبَرِئُ يَقْسِمُ الْفِضَّةَ. 18يَبْنِي بَيْتَهُ كَالْعُثِّ، أَوْ كَمَظَلَّةٍ صَنَعَهَا النَّاطُورُ. 19يَضْطَجعُ غَنِيًّا وَلكِنَّهُ لاَ يُضَمُّ. يَفْتَحُ عَيْنَيْهِ وَلاَ يَكُونُ. 20الأَهْوَالُ تُدْرِكُهُ كَالْمِيَاهِ. لَيْلاً تَخْتَطِفُهُ الزَّوْبَعَةُ. 21تَحْمِلُهُ الشَّرْقِيَّةُ فَيَذْهَبُ، وَتَجْرُفُهُ مِنْ مَكَانِهِ. 22يُلْقِي اللهُ عَلَيْهِ وَلاَ يُشْفِقُ. مِنْ يَدِهِ يَهْرُبُ هَرْبًا. 23يَصْفِقُونَ عَلَيْهِ بِأَيْدِيهِمْ، وَيَصْفِرُونَ عَلَيْهِ مِنْ مَكَانِهِ.”.
إني أعلمكم بيد الله = بمعونة الله وقوته سوف أعلمكم ما هو الحق في موضوع خلافنا. لا أكتم ما هو عند القدير = أي مشورة الله ومقاصده.
ها أنتم كلكم قد رأيتم = مشاهداتكم تؤيد وجهة نظري فلماذا تتبطلون تبطلاً = فما بالكم تنطقون بالباطل (ترجمة اليسوعيين). وأيوب إعتبر أن كلامهم باطل لأنهم قصدوا إثبات حتمية هلاك الأشرار ليصلوا إلي غرضهم أن أيوب كان شريراً، لذلك سمح له الله بهذه الألام. وإعتبر أيوب أن كلامهم باطل لأنه كان ضد مشاهداتهم والتي أثبتها لهم أيوب أن الشرير قد ينجح وأن البار قد يتألم ويُظلم. ثم يورد أيوب عينة من أقوالهم التي قالوها = قائلين = هذا نصيب الإنسان الشرير. هم كانوا مصرين علي حتمية أن الله يعاقب الشرير. وبماذا يعاقب الله الشرير؟ هنا أيوب يكرر كلام أصحابه إن كبر بنوه فللسيف = لابد وأن يموتوا (وهذه العبارة كم أتعبت أيوب بسبب موت أولاده) وذريته لا تشبع خبزاً = من ذهب للسيف ذهب والباقي يكون في مجاعة. بقيته تدفن بالموتان = الموتان مرض يصيب المواشي، وحين يموت بقية أفراد عائلة الشرير به يصبح المعني أنهم يموتون كالمواشي بلا أي كرامة كما قيل عن يهوياقيم الملك الشرير “يهوياقيم يدفن دفن حمار” (إر 19: 22).
أرامله لا تبكي = حتي أرملة الشرير لا تبكيه فهي إستراحت منه.
إن كنز فضة كالتراب راجع حب 6: 2. مهما كان غني الشرير فكل ما كنزه يتحول لتراب، أو يتحول هو لتراب فلا يستفيد من ماله.
وبتدبير من الله تذهب ثروته للبار المظلوم الذي ظلمه = فهو يعد والبار يلبسه.
يبني بيته كالعث = العث حين يبني بيته يتصور أنه قوي ومتين وسيحميه ولا يدري أنه يهدم في لحظة، بل يُنزع بيته كمظلة صنعها الناطور = الناطور هو الحارس، وهو صباحاً يصنع لنفسه مظلة من حرارة الشمس، وإذا جاء المساء ينزعها. يضطجع غنياً ولكنه لا يضم = مهما مات في كرامة فهو لن ينضم لجماعة القديسين والأفاضل. يفتح عينيه ولا يكون = حين يفتح عينيه في مكانه الجديد في الهاوية الهلاك، لا يجد نفسه في كرامة مثل التي تركها علي الأرض. الأهوال تدركه كالمياه، ليلاً تخطفه الزوبعة الأهوال تحيط به كأنه محاط بمياه غامرة، يرتعب حين يدرك أنه سيغادر هذا العالم، وإذ يذكر إنتقاله للعالم الآخر. وفجأة تخطفه زوبعة غضب الله، أو عاصفة الموت. وهي تخطفه ليلاً، والليل يشير للظلام والغضب والخوف. تحمله الشرقية = الشرقية هي الريح الحارة الساخنة المدمرة والتي تدمر الزروع. وفي هذا إشارة لغضب الله الذي يقتلعه من وسط ثروته ونجاحه ويدمر له كل ما بناه. والآية (22) تترجم هكذا “في ترجمة اليسوعيين” تهوي عليه ولا تشفق وهو هارب من يديها “وهي الترجمة الأدق أي أن غضب الله يهوي عليه ويدمره ولا يستطيع أن يهرب يصفقون عليه = كل البشر حوله حين يروا سقوطه يفرحون.