اَلْمَزْمُورُ الْمِئَةُ وَالثَّانِي وَالْعِشْرُونَ سفر المزامير القمص أنطونيوس فكري

المزمور المئة والثاني والعشرون (المئة والحادي والعشرون في الأجبية)

العدد 1

آية (1): –

“1فَرِحْتُ بِالْقَائِلِينَ لِي: «إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ نَذْهَبُ».”.

كل تائب حقيقي يفرح بالذهاب إلى الكنيسة بيت الرب. ورجوعنا للكنيسة هو عربون وبداية لوصولنا لأورشليم السماوية. هو صوت المسبيين في بابل فرحاً بعودتهم إلى أورشليم والعتق من العبودية، وهو صوت كل خاطئ تحرر من عبودية الخطية.

العدد 2

آية (2): –

“2تَقِفُ أَرْجُلُنَا فِي أَبْوَابِكِ يَا أُورُشَلِيمُ.”.

هنا يتأمل أورشليم بعد أن وصل إلى أبوابها، هي وقفة توبة وشعور بعدم الاستحقاق للدخول، ولكنها أيضاً فرحة الوصول. الوقوف في الكنيسة على الأرض الآن هي للتوبة والتعزية والتزود بالقوة والحماية في طريقنا إلى أورشليم السماوية.

العدد 3

آية (3): –

“3أُورُشَلِيمُ الْمَبْنِيَّةُ كَمَدِينَةٍ مُتَّصِلَةٍ كُلِّهَا،”.

ماذا رأي في الكنيسة؟ المؤمنين يحيون في محبة مبنيين كحجارة حية (1بط5: 2) ومما يؤكد أن داود لم يكن يقصد أورشليم فعلاً، أن أورشليم كانت مازالت تبنى وما سر اتصال أعضاء الكنيسة ليكونوا في وحدة واحدة هكذا؟.. الروح القدس يربطنا جميعا بالمحبة والتناول يجعلنا كلنا أعضاء فى جسد المسيح.

العدد 4

آية (4): –

“4حَيْثُ صَعِدَتِ الأَسْبَاطُ، أَسْبَاطُ الرَّبِّ، شَهَادَةً لإِسْرَائِيلَ، لِيَحْمَدُوا اسْمَ الرَّبِّ.”.

كان اليهود يصعدون لأورشليم 3 مرات في السنة في أعيادهم الكبيرة الثلاث (المظال والفطير والأسابيع) وكان هذا ليشهدوا لإلههم في هيكله ولا يذبحون لإله غريب بعيداً عن أورشليم. وهكذا نذهب ونصلي في الكنيسة ونشهد للرب وفدائه في كل قداس نصنعه لنذكر عمله ونحمده بتقديم ذبيحة الشكر (الافخارستيا).

العدد 5

آية (5): –

“5لأَنَّهُ هُنَاكَ اسْتَوَتِ الْكَرَاسِيُّ لِلْقَضَاءِ، كَرَاسِيُّ بَيْتِ دَاوُدَ.”.

أورشليم كانت مقر الملك والقضاء، وكان الشعب يأتي لأورشليم ليقضي الملك في مظالمهم ففيها يحكم الملك بالعدل. ولكن هناك معنى آخر للكراسي، فالكتاب يقول اسْتَوَتِ الْكَرَاسِيُّ = نصبت الكراسي. والمسيح إبن داود هو من بيت داود الملك الحقيقي للكنيسة يجلس في كنيسته ليحكم بالعدل ويقود الكنيسة ويدبر أمور شعبه ويرعاه. والجلوس هو وضع الراحة فالله يرتاح في كنيسته لو ساد فيها المحبة والعدل، فكما يجلس على الشاروبيم يجلس في قلوب القديسين ويرتاح. فالعذراء والرسل والقديسين وكل متواضع القلب يسكن فيهم الله (إش15: 57 + يو23: 14).

هل تبحث عن  كلمات ترنيمة لنسجد أمامك*

العدد 6

آية (6): –

“6اسْأَلُوا سَلاَمَةَ أُورُشَلِيمَ: «لِيَسْتَرِحْ مُحِبُّوكِ.”.

نصلي دائماً أوشية السلامة وفيها نطلب السلام للكنيسة وشعبها من ملك السلام. وصحيح أن المسيح يجلس في كنيسته ويحكم بالعدل، وبهذا يسود السلام. لكننا هنا نرى أنه يجب علينا ان نطلب ذلك.

آية (7 – 9): – “7لِيَكُنْ سَلاَمٌ فِي أَبْرَاجِكِ، رَاحَةٌ فِي قُصُورِكِ». 8مِنْ أَجْلِ إِخْوَتِي وَأَصْحَابِي لأَقُولَنَّ: «سَلاَمٌ بِكِ». 9مِنْ أَجْلِ بَيْتِ الرَّبِّ إِلهِنَا أَلْتَمِسُ لَكِ خَيْرًا.”.

الأَبْرَاجِ هم الرسل وخلفائهم ومعلمو المعتقدات المستقيمة. والقُصُور هم المؤمنين القديسين، فحيثما يسكن الملك، يكون هذا المكان قصراً. مِنْ أَجْلِ بَيْتِ الرَّبِّ = بيت الرب هو خيمة الإجتماع وهو الهيكل بعد ذلك، وهو الكنيسة جسد المسيح. فالمرنم يصلى لأجل الكنيسة كلها، وهكذا علينا أن نصلى من أجل سلام الكنيسة “أوشية السلامة”.

تعليق على المزمور.

نحن أمام شخص كان بعيدا يعيش فى عالم الخطية، ثم قرر أن يرجع لله إذ وجد نفسه فى حزن فصرخ لله (مز 120). بعد أن ترك صحبة الأشرار ولسانهم الغاش إذ كانوا يغوونه بفعل الشر ويمدحونه لو فعل. بدأ يسمع عن قصص القديسين الثابتين فى المسيح وهم كالجبال. فإشتهى هذه الحياة (مز121). وفرح إذ وجد من يدعونه ليكون فى عشرة هؤلاء القديسين فى الكنيسة (هذا المزمور). ولاحظ هنا أهمية العبادة الجماعية ومدى فرحة الشخص البعيد حينما يذهب فى رفقة آخرين يشجعون بعضهم البعض. وعندما إقترب من الكنيسة كانت له وقفة مع نفسه يقارن فيها حياته السابقة بما وجده فى الكنيسة. فماذا وجد فى الكنيسة؟

  1. المحبة: فشبهها بمدينة متصلة ببعضها البعض، كل بيت يسند الآخر. وكرر هذا فى (مز133) “هوذا ما أحسن وما أحلى أن يسكن الإخوة معا”. وكل منهم يساند أخيه، فـ “ويل لمن هو وحده إن سقط ليس ثانٍ يقيمه” (جا4: 10). وكانت فرحته أنه وسط جماعة، هذه الجماعة دعته وشجعته فى حب أن يذهب معهم.
  2. شهادة لإسرائيل ليحمدوا إسم الرب هناك = بالنسبة للعهد القديم: الكل يأتى إلى أورشليم من كل مكان يقدمون ذبائحهم للرب، وليستمعوا لتعاليم الرب فى الهيكل من الكهنة. فكل القبائل أى كل أسباط إسرائيل كانت ملتزمة بأن تصعد لأورشليم فى الأعياد الثلاثة الكبيرة (الفصح والخمسين والمظال). وكان ذلك خطة من الله لأن بعض الأسباط تقطن بعيدا عن الهيكل ومع الوقت ينسون تعاليم الناموس وتتشوه أفكارهم. ولكن فى الهيكل يأتون ليستمعوا لكلمات الشهادة من فم الكهنة فيذكرهم الكهنة بشهادة الله، ويصححون لهم مفاهيمهم التى تشوهت مع الزمن، فيعرفون وصايا الرب لهم. وكأن هذا شهادة مستمرة من الله لشعبه إسرائيل. ولوحى الوصايا العشرة لهما إسم لوحى الشهادة. واسم الشهادة ليكونا شهادة مستمرة لكونهما من الله. وكلمة شهادة هي كلمة عبرية تحمل معنى التأكيد، فإن شهادة الله تحمل إرادة الله ووصاياه التى لو إلتزموا بها تكون لهم حياة أبدية (لا18: 5) أى أن الله يشهد لشعبه أن من يلتزم بها يحيا. وكان الشعب قد إلتزم أمام موسى بأنهم سيلتزموا بها. ووضع موسى لوحى الشهادة داخل تابوت العهد فصارا شهادة ضد الشعب إذ أخطأوا وكسروا الوصايا. ولكن كان فوق تابوت الشهادة (تابوت العهد فبداخله لوحى الشهادة) كاروبين شهود على رحمة الله الغافرة للشعب بدم ذبيحة الكفارة. إذاً شهادة لإسرائيل = : – أ) كانوا يستمعون من فم الكهنة لكلمات الشهادة أى وصايا الله التى فيها يشهد الله لإسرائيل أنهم لو إلتزموا بها تكون لهم حياة. وأنه سيبارك حياتهم. ب) شهادة الشعب لله بمراحمه ولعطاياه المستمرة وغفرانه. ج) شهادة تجديد العهد من شعب إسرائيل مع الله. وبالنسبة للعهد الجديد: فالكنيسة فيها الأسرار والتعاليم التى تعطى حياة. والإفخارستيا شهادة على رحمة الله الغافرة والتى تعطينا حياة أبدية. وبالنسبة للكل: فى العهدين القديم والجديد نأتى جميعا لله لنعطى المجد لله على كل ما أعطاه لنا روحيا وماديا. وتمجيد الله وتسبيحه هو شهادة لمحبة الله على غفرانه ومراحمه وجودة عطاياه.
  3. أورشليم هى مدينة الملك حيث كرسى الملوك، وهناك يحكم الملوك بالعدل. فى أورشليم شهادة إسرائيل (وصايا الله) ترشد الملوك وتوجههم، والملوك هم حماة الشريعة. والكنيسة هى بيت ملك الملوك ورب الأرباب الذى يحكم بالعدل.
هل تبحث عن  أن الإنسان وهو يتكون من نفسٍ وجسدٍ، فإن النفس تمثل العنصر القوي

فَرِحَ المصلى الذى جاء إذ رأى فيها هيكل المسيح الملك، ورأى فيها المحبة وعرف فيها المسيح العادل الرحيم الغافر. فطلب السلام والخصب لكنيسة المسيح.

هنا وصل هذا الإنسان لأنه وسط شعب الله، وفرح بالله ووجدناه يصلى للكنيسة ويطلب أنها تمتلئ بركة وسلام وتمتلئ بالمؤمنين = الخصب، ليفرحوا بالله كما فرح هو. مثل هذا الإنسان تستنير عيناه فيدرك نور الله وقداسته، ويرى مدى بشاعة خطاياه السابقة، فينسحق أمام الله. وهذا ما سنراه فى المزمور التالى. وهكذا شعر بولس الرسول فقال “الخطاة الذين أولهم أنا”. ومن يصل للإنسحاق يسكن الله عنده (إش57: 15) فيفرح بالأكثر.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي