الفصل الرابع عشر

صحن الكنيسة

1 – ما هى أقسام صحن الكنيسة؟

ينقسم صحن الكنيسة عادة إلى قسمين أو “خورسين”: خورس الشمامسة وخورس المؤمنين أو صحن الكنيسة، أى جسدها، فى نهايته من جهة الغرب خورس الموعوظين والمعمودية.

أولاً: خورس الشمامسة. يمثل الجزء الشرقى من صحن الكنيسة، يفصله حامل الأيقونات عن الهيكل، وسور عن بقية صحن الكنيسة. ويرتفع خورس الشمامسة ما بين درجة وثلاث درجات عن بقية صحن الكنيسة يحوى مقاعد خاصة بالشمامسة وشمعدانان ومنجليتان يوضع عليهما “القطمارس” أو كتاب القراءات بالقبطية والعربية أو أية لغة حسب المكان.

المنجلية: عبارة عن درج خشبى متحرك ينتهى من أعلى بقاعدة يستريح عليها كتاب القراءات مزين بأشكال هندسية ومُطعم أحياناً بالعاج. وجدير بالذكر أن استخدام المنجليات فى الكنائس الشرقية والغربية جاء بعد اختفاء الإمبل أو توقف استعماله.

ثانياً: صحن الكنيسة. كلمة صحن الكنيسة فى الإنجليزية Nave مشتقة عن اللاتينية Navies وتعنى سفينة. الهيكل وصحن الكنيسة متلازمان، الأول يقدس الثانى، والثانى يكمل الأول. فالهيكل يمثل حلول الله بينما يعلن صحن الكنيسة عن اجتماع الشعب بالله، لهذا يدعى الهيكل “نفس الكنيسة” بينما يسمى صحن الكنيسة “جسدها”. فى هذا يقول الأب مكسيموس المعترف: [بنفس الطريقة كما أن العنصرين: الجسدى والروحى متحدان معاً فيكونا الإنسان، بطريقة فيها لا يبتلع عنصر الجسد العنصر الروحى، ولا يمتص الروح عنصر الجسد بل يهبه روحانية، فيصير الجسد نفسه معبراً عن الروح. هكذا فى الكنيسة يرتبط الهيكل وصحن الكنيسة ببعضهما البعض، فينير الهيكل صحن الكنيسة ويقوده، وبهذا يصير الأخير تعبيراً منظوراً عن الأول. مثل هذه العلاقة ترد للكون وضعه الطبيعى، الذى فسد بسبب سقوط الإنسان].

2 – ما هى أقسام صحن الكنيسة؟

ينقسم صحن الكنيسة عادة إلى خورسين، تفصلهما مجموعة من الأعمدة. وقد كان الخورس الجنوبى مخصصاً للراهبات فالمتبتلات ثم الأرامل فالنساء معهن أطفالهن وأخيراً الشابات. أما الآن فيستخدم لنفس الفئات دون فصل بينهم. أما الخورس الشمالى فهو مخصص للرجال والشبان. بهذا ينعم الأطفال بالقداس الإلهى مع كل الشعب، وتجلس النساء عن يمين الرجال بكونهن الملكة الجالسة عن يمين الملك.

3 – لماذا تُستخدم القباب فى المبانى الكنسية؟

تحوى بعض الكنائس القبطية قبو واحد يشير إلى ربنا يسوع رأس الكنيسة، الساكن فى السماوات. لهذا غالباً ما يرسم عليه أيقونة للرب، أو تدهن بلون سماوى ويزين بصور الملائكة والنجوم. تحوى بعض الكنائس ثلاث قباب تمثل الثالوث القدوس. والبعض لها خمس قباب، القبة الرئيسية الضخمة فى المركز تمثل الرب، والأربعة الصغار حولها يمثلون الإنجيليون الأربعة.

لماذا تستخدم الأعمدة فى المبانى الكنسية؟

كانت الأعمدة فى الهيكل القديم لها أسماء خاصة (2أى3: 17) إذ كانت تشير إلى الأسباط، لهذا نجد فى كنيسة العهد الجديد اثنى عشر عموداً. وقد دعا الرسول بولس التلاميذ أعمدة (غلا2: 9). وعدنا ربنا أن يجعلنا أعمدة فى هيكل أبيه الأبدى، ذلك أن انتصرنا، لنبقى فيه إلى الأبد، ويكتب علينا اسم أبيه، واسم مدينة أبيه أورشليم السماوية (رو3: 12). تتزين الأعمدة بتيجان متنوعة على قمة كل منها حتى يندر أن تجد تاجاً يشبه الآخر، هذا له مفهوم خاص: أننا نتوج فى السماء، كل منا له تاجه الخاص، وإن كان الكل يكللون فى استحقاقات دم يسوع المسيح!

5 – لماذا كان الإمبل “المنبر” يُستخدم فى المبانى الكنسية؟

الكلمة اليونانية άυαοαιυειу تعنى “يصعد”، لأن الإمبل مكان مرتفع يصعد عليه الأسقف أو الكاهن ليعظ الشعب. غالباً ما يستقر الإمبل على اثنى عشر عموداً، تشير إلى الاثنى عشر تلميذاً وهو مصنوع من الرخام أو الحجارة أو الخشب، مزين بأيقونات القديسين. قد أشار إليه داود النبى فى قوله فليحمدوا الرب على رحمته… وليرفعوه فى كنيسة شعبه على منابر الشيوخ (مز107: 31 – 32) وفى القرن الخامس قبل الميلاد، وقف عزرا الكاتب على إمبل من الخشب وخاطب جمهور الشعب، وبارك الله، وقرأ من عليه الكتب المقدسة، وفسر معانيها. يشير الإمبل إلى الحجر الذى كان على قبر الرب، حيث كان الملاك جالساً يكرز للنسوة، كما يشير للجبل الذى تسلم عليه موسى الشريعة، والجبل الذى تجلى عليه السيد المسيح (كلمة الله) أمام تلاميذه.

هل تبحث عن  الأب الكاهن قدسأبونا القس إشعياء عطية

6 – ما هى فائدة الجرن؟

يوجد عادة فى الجزء الغربى من صحن الكنيسة، وهو عبارة عن حوض محفور فى الأرض ومُغطى. وهو مصنوع من الرخام أو الحجارة، يستخدم فى خدمة تبريك المياه (اللقان أو قداس الماء)، فى خميس العهد وعيد الغطاس وعيد الرسل.

7 – ما هو دور خورس الموعوظين والتائبين؟

يحتل “خورس الموعوظين” الجانب الغربى للكنيسة، وملاصق للمدخل الرئيسى. فيه يجلس الموعوظون والتائبون، ليشتركوا فى “ليتورجيا الموعوظين” او “ليتورجيا الكلمة”.

الموعوظون هم الذين يتأهلون لنووال سرّ المعمودية، أما التائبون فهم الذين سقطوا فى بعض الخطايا وسألهم آباء اعترافهم أن يمتنعوا عن التناول من الأسرار المقدسة لمدة فترة معينة.

8 – هل مارس المسيحيون الأوائل سرّ العماد فى الهواء الطلق؟

فى العصر الرسولى، فى كثير من بقاع العالم قبل الألوف من اليهود والأمم الإيمان بالسيد المسيح، وأرادوا اختبار الحياة الجديدة فيه، فنالوا العماد بالتغطيس باسم الثالوث القدوس. فى ذلك الوقت لم يكن ممكناً للكنيسة أن تقيم معموديات فى كل مدينة تكفى هذه الأعداد الضخمة من المؤمنين الذين كان غالبيتهم ناضجين، خاصة وأن الاضطهاد لازم الكنيسة أينما حلت. لهذا اتجهت الكنيسة إلى ممارسة العماد فى الهواء الطلق، فى الأنهار او البحار أو الينابيع الخ.

يشير سفر أعمال الرسل إلى هذا النوع من العماد فى الهواء الطلق، كمثال عندما توقفت المركبة ونزل فيلبس والخصى الأثيوبى إلى المياه (النهر) وعمده فيلبس (أع8: 38). يمكننا ان نجد شهادات لهذا العماد فى الهواء الطلق خلال كتابات القرنين الأول والثانى، فقد ذكر العلامة ترتليان أن القديس بطرس كان يعمد فى نهر التيبر، وجاء فى الديداكية: [عمدوا باسم الآب والابن والروح القدس بماء جار (حى). فإذا لم يكن هناك ماء جار فعمد بماء آخر. وإذا لم تستطع أن تعمد بماء بارد فعمد بماء دافئ. إن كنت لا تملك كليهما فاسكب الماء على الرأس ثلاثاً: “باسم الآب والابن والروح القدس”].

يمكننا أن نفهم سر ممارسة العماد بهذ الطقس فى الكنيسة الأولى من “قصائد سليمان Odes of Solomon” إذ حوت أنشودة عذبة تربط بين العماد فى الهواء وعماد الرب فى الأردن حيث أعلنت أن المؤمنين يتنعمون بقبول المياه واهبة الحياة. جاء فى الأنشودة: [تقترب مياه اللوغوس إلى شفتى، صادرة عن ينبوع الرب الحر! إنى أشرب وأسكر، بمياه حية لا تموت! سكرى بها لا يفقدنى اتزانى، بل بالحرى ينزع غرورى! ينقلنى إلى الفردوس، حيث يكمن غنى الرب وعذوبته! ([370])].

9 – هل مارس المسيحيون الأوائل سرّ العماد داخل جدران مبنى الكنيسة؟

بجانب الأتجاه السابق للعماد فى الهواء أقيمت معموديات فى عصر مبكر جداً. ووجدت حينما تمكن المسيحيون من بناء كنائس لهم أو تخصيص مواضع خاصة بالعبادة. فقد اكتشفت معموديات فى سرادق روما حيث كانت العبادة أثناء الاضطهادات.

بمعنى آخر، سعى المسيحيون أن يكرسوا حجرة خاصة لممارسة العماد فى نفس الوقت الذى كانوا فيه يخصصون بعض البيوت للعبادة.

10 – لماذا تُقام المعمودية فى غرب صحن الكنيسة؟

يتطلع الأقباط إلى المعمودية وجرنها كأنهما الهيكل المقدس. فإن جرن المعمودية هو باب السماء الذى يدخل بالمؤمنين إلى هذا العرش. فالجرن هو رحم الكنيسة، خلاله تنجب أبناء لله السماوى، بفعل الروح القدس، فى استحقاقات دم الابن، لهم حق الدخول إلى عرش الله، يتنالون الأسرار المقدسة، ويتحدون مع السماوى. إذ نقبل سرّ العماد نشارك الرب أعماله الخلاصية. لهذا أوصى تلاميذه قبيل صعوده أن يعمدوا، قائلاً: “اذهبوا… تلمذوا… عمدوا” (مت28: 19). وبالفعل انطلقت الكنيسة منذ البداية فى طاعة للرب تكرز بالمسيح وخلاصه وفى نفس الوقت تدعو العالم كله للعماد، أى تدعوهم لاختبار الحياة المصلوبة والمقامة فى المسيح، وأن يتقبلوا روح المسيا. هذا الفهم اللاهوتى للمعمودية كان له صداه فى إقامة المعموديات وفى تحديد مواقعها وأشكالها ومبانيها وأيقوناتها الخ.

فى حكمة روحية بالغة حددت الدسقولية موقع المعمودية فى الجانب الغربى الشمالى، أى عند المدخل على اليسار. وكأن الروح يريد أنه يعلن للداخلين إلى الكنيسة أنه لا يجوز أن يعبر أحد إلى صفوف المؤمنين وينعم بسرّ المذبح ما لم يجتز أولاً داخل المعمودية ليؤكد ميلاداً روحياً يؤهله للاتحاد بالذبيح الإلهى! فالنفس التى تريد العبور إلى قدس الأقداس لتحيا بالمسيح يسوع حياة إلهية يلزمها أولاً أن تدخل مع الرب فى مياه الأردن… هذا ما رآه هرماس فى القرن الثانى، إذ شاهد الكنيسة برجاً مقاماً على المياه ([371]). يقول Bouyer: [هكذا يكون استقطاب الكنيسة عند الشرق بالمذبح مكملاً باستقطاب آخر عند الغرب بالمعمودية، حيث يتم العبور من عالم الظلمة إلى عالم النور].

هل تبحث عن  المحبة التي تأخذ أكثر مما تعطى، فهى ليست محبة حقيقية

وللمعمودية بالطبيعة بابان، أو على الأقل ممران يجتازان بالجرن: واحد تجاه الغرب يدخل منه طالبو العماد تاركين وراءهم عالم الظلمة، والآخر فى الشرق يعبرون منه إلى عالم الكنيسة المستنير والمجتمع للإفخارستيا “. هذه الصورة تنقلنا إلى ليالى عيد القيامة فى العصور الأولى حيث كانت أفواج طالبى العماد تدخل الباب الغربى للمعمودية على يسار الكنيسة لتعبر إلى صحن الكنيسة من باب داخلى شرقى، وقد قاموا مع المسيح، يحملون داخلهم روح الرب المقام، مدهونين بمسحة الروح، لابسين الثياب البيض لمدة أسبوع كامل كخليقة جديدة شبيهة بالسمائيين. متوجين بأكاليل الغلبة ضد قوات الظلمة، حاملين فى أيديهم مشاعل مضيئة إذ قبلوا الاستنارة الداخلية.

لقد وردت فى قصائد سليمان Odes of Solomon قصيدة عذبة على لسان كل من المعمدين حديثاً ينشدها أثناء دخوله صحن الكنيسة: “إنى خلعت الحماقة وتركتها عنى. والرب جددنى بثوبه! أنا ارتديت عدم الفساد باسمه. وخلعت الفساد بنعمته! طردت الظلمة، ولبست النور! التحفت بغطاء روحك القدوس، وأنت نزعت عنى ثوب الجلد! الرب هو رأسى، تاجى فلا أتركه! هو إكليل الحق، قد ضُفر لأجلى! ([372])”.

نعود إلى موقع المعمودية، فان كل مؤمن أثناء دخوله إلى صحن الكنيسة يرى حتماً المعمودية فيذكر أين وُلد ومن هى أمه، ومن هو أبوه، أو بمعنى أدق يدخل إلى الكنيسة وقد التهب قلبه بحب أمه الروحية وأبيه السماوى. لهذا يقول ترتليان: [جرن المعمودية هو عمل الثالوث من أجل خلاص البشرية! بالروح القدس صار الجرن أماً للجميع… هذا ما يعنيه المزمور بقوله: “أبى وأمى قد تركانى” (مز27: 10)، إذ فشل آدم وحواء فى البقاء إلى الأبد. وأما الرب فضمنى… لقد وهبنى الجرن أماً لى، وصار العلىّ أبى، والرب الذى اعتمد من أجلنا هو أخى ([373])].

ارتبط موقع حجرة المعمودية بفهم الكنيسة اللاهوتى لسر العماد بكونه “نذراً”، فيه التزم المؤمن بجحد الشيطان والدخول فى عهد مع المسيح. ففى كل يوم إذ يدخل المؤمن الكنيسة ليشترك فى صلاة باكر وعشية يتطلع إلى حجرة المعمودية فيذكر تعهده ويلتزم بوفائه كل يوم. هذا الفهم يظهر بقوة فى كتابات آباء الإسكندرية، خاصة العلامة أوريجينوس الذى يرى العماد بدء الحياة الجديدة ([374])، ينبغى أن تتجدد يومياً ([375]). هذا التجديد دعاه “حفظ نعمة العماد” ([376])، وأوضحه بالقول إن اللوغوس قادر أن يعمل فى نفس المعمد كما فى الكرمة حتى تنضج عناقيدها وتبلغ كمال حلاوتها تدريجياً ([377]).

11 – ما هى أشكال المعمودية من الجانب الهندسى؟

تتكون بعض المعموديات فى الكنائس الأولى من حجرة واحدة، والبعض يلحق بها حجرة أخرى تسمى “حجرة مسحة الميرون” Chrismation يتم فيها سر المسحة للمعمدين حديثاً على يد الأسقف، وأحياناً يلحق بها حجرة ثانية تستخدم فى خلع الملابس وارتدائها.

هذا ويرى البعض ([378]) أنه بسبب التصاق سرى العماد والميرون أقيمت المعموديات فى بداية الأمر فقط فى المدن التى بها كرسى الأسقف حيث كان هو وحده الذى يهب مسحة الميرون.

أما شكل حجرة المعمودية، فانه حتى القرن الرابع كان الشكل العام هو “مربع الجوانب”، وغالباً ما تنتهى الحجرة بقبو. ومع بدء القرن الخامس ظهرت فى أوروبا معموديات هى وجرنها على شكل سداسى الجوانب أو ثمانى الجوانب أو دائرية الشكل وأحياناً على شكل صليب. ويمكننا أن نؤكد أن الشكل الأخير من الأصل شرقى دخل إلى شمال أفريقيا ثم فى أوروبا ([379]).

أولاً: الشكل الرباعى الجوانب. يحمل هذا الشكل رسم المقابر ومدافن الشهداء “مارتيريا” فى القرون الأولى، إذ يفهم العماد بكونه موتاً مع المسيح ودفناً وقيامة معه! وقد أشار القديس أمبروسيوس قوله ([380]): [جرن المعمودية يظهر إلى حد ما بشكل القبر]. ويخاطب المعمدين قائلاً ([381]): [حين تغطسون تنالون شبه الموت والدفن، وتتقبلون سرّ الصليب].

هل تبحث عن  18 شهر برمهات

ثانياً: الشكل السداسى الجوانب. إشارة إلى اليوم السادس، أى الجمعة، حيث علق الرب على خشبة الصليب ودفن. وهنا نجد أيضاً تركيزاً على مفهوم العماد كشركة موت ودفن مع المسيح، كقول الرسول بولس: “كل من اعتمد ليسوع المسيح اعتمدنا لموته، فدفنا معه بالمعمودية للموت، حتى كما أقيم المسيح من الأموات بمجد الآب، هكذا نسلك نحن أيضاً فى جدة الحياة” (رو6: 3 – 4).

ثالثاً: الشكل الثمانى الجوانب. يرمز إلى قيامة الرب فى اليوم الثامن من الأسبوع، أو اليوم الأول من الأسبوع الجديد. وبهذا تتأكد شركة القيامة مع المسيح فى المعمودية.

رابعاً: الشكل الدائرى. يذكرنا بنعمة المعمودية كميلاد جديد (يو3: 3). والشكل الدائرى يوضح أيضاً سمة المعمدين، فقد دخلوا دائرة الأبدية، يعيشون فوق كل حدود، فى جو سمائى!!

خامساً: شكل الصليب. يعلن لنا حقيقة العماد كصليب. يقول القديس يوحنا الذهبى الفم: [المعمودية صليب. ما كان الصليب بالنسبة للسيد المسيح والدفن أيضاً هكذا المعمودية بالنسبة لنا ([382])].

12 – بماذا تتسم حجرة المعمودية؟

أولاً – القبو: إذ يرفع المُعمد نظره وهو صاعد من مياه المعمودية يرى فوقه قبة هى صورة السماوات، تُقام فوق الجرن إما كسقف لحجرة المعمودية أو كعرش ملاصق للجرن من أعلى، تعبر عن الاعتقاد بالعماد كبدء حياة سماوية، خلالها يصير المعمد حديثاً فى ملكوت الله.

ثانياً – الدرجات: فى أغلب كنائسنا الأثرية تُوجد مجموعتان من الدرجات من جهة الشرق والغرب. هذه الدرجات التى هى فى صلب مبنى الجرن تكشف لنا عن طقس العماد فى الكنيسة. من إحدى الدرجات ينزل طالب العماد فى الماء ويغطس أما السلم الآخر فربما يستخدمه خادم السر حيث يقف عليه أثناء إتمام السر ليضع يده على رأس طالب العماد ويغطسها ثلاث دفعات.

يشرح القديس كيرلس الأورشليمى هذا الطقس، قائلاً: [أنتم تنزلون فى الماء ثلاث دفعات وتصعدون أيضاً. هنا تلميح خفى يرمز للثلاثة أيام التى دفن خلالها السيد المسيح وقيامته، فان الماء المخلص يحمل لكم موتاً وحياة فى نفس الوقت]. وللقديس يوحنا الذهبى الفم تعليل جميل إذ يقول: [حين تغطس الرأس فى الماء، كأنما فى قبر يدفن فيه إنساننا القديم بكامله… وإذا يخرج بعد ذلك يطفو ويخرج إنساناً جديداً، وكما يسهل علينا أن نغطس ثم نطفو هكذا يسهل على الله أن يدفن الإنسان القديم ويلبسنا الإنسان الجديد].

ثالثاً – أيقونة المعمودية: فى أغلب الكنائس القبطية توجد أيقونة عماد السيد المسيح فى نهر الأردن بواسطة القديس يوحنا المعمدان، وذلك على القبو الذى لمبنى المعمودية. وكأن الكنيسة تريد أن تركز أنظارنا إلى حقيقة لاهوتية طالما نادت بها مدرسة الإسكندرية وهى أن عمادنا هو امتداد لعماد السيد المسيح، يستمد الأول فاعليته من الثانى، أو كما يقول القديس إكليمنضس السكندرى: [إن المؤمن يتحد بالسيد المسيح أثناء عماده اتحاداً لا ينفك ([383])].


[370] [] Hamman: Baptism, p12.

[371] [] Hermas: The Shepherd.

[372] [] Odes Of Solomon 9: 11 – 10; 8: 15; 2: 21; 8: 25; 1: 1 – 2. Bernard: Odes of Solomon, p 72, 28, 90, 167, []. Danielou: Hist. Of Early Christ. Doctrine, p 326, 7.

[373] [] PG 692: 39 B.

[374] [] In Gen. Hom. 4: 13.

[375] [] In Rom. Com. 5.

[376] [] In Jer. Hom. 3: 2.

[377] [] In Cant. Com. 2.

[378] [] Davies J: Early Christian Church, 1965, p 203.

[379] [] Dict. Of Liturgy & Worship. See Baptistery & Font.

[380] [] De Sacr. 1: 3: 1.

[381] [] Ibid 7: 2: 23.

[382] [] Ep. Ad Rom 4: 10.

[383] [] Paed 25: 1: 3, Strom 14: 7: 1.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي