الأصحاح الثاني والثلاثون – أرض جلعاد سفر العدد مارمرقس مصر الجديدة

اَلأَصْحَاحُ الثَّانِي وَالثَّلاَثُونَ

سبطا رأوبين وجاد ونصف سبط منسى.

(1) طلب السبطين للأرض ورد موسى عليهما (ع1 – 15).

(2) الكلام الثاني للسبطين وموافقة موسى المشروطة (ع16 – 33).

(3) تعمير الأرض بعد الحصول عليها (ع34 – 42).

(1) طلب السبطين للأرض ورد موسى عليهما (ع1 – 15):

1 وَأَمَّا بَنُو رَأُوبَيْنَ وَبَنُو جَادَ فَكَانَ لهُمْ مَوَاشٍ كَثِيرَةٌ وَافِرَةٌ جِدًّا. فَلمَّا رَأُوا أَرْضَ يَعْزِيرَ وَأَرْضَ جِلعَادَ وَإِذَا المَكَانُ مَكَانُ مَوَاشٍ 2 أَتَى بَنُو جَادَ وَبَنُو رَأُوبَيْنَ وَقَالُوا لِمُوسَى وَأَلِعَازَارَ الكَاهِنِ وَرُؤَسَاءِ الجَمَاعَةِ: 3«عَطَارُوتُ وَدِيبُونُ وَيَعْزِيرُ وَنِمْرَةُ وَحَشْبُونُ وَأَلِعَالةُ وَشَبَامُ وَنَبُو وَبَعُونُ 4 الأَرْضُ التِي ضَرَبَهَا الرَّبُّ قُدَّامَ بَنِي إِسْرَائِيل هِيَ أَرْضُ مَوَاشٍ وَلِعَبِيدِكَ مَوَاشٍ». 5 ثُمَّ قَالُوا: «إِنْ وَجَدْنَا نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ فَلتُعْطَ هَذِهِ الأَرْضُ لِعَبِيدِكَ مُلكًا وَلا تُعَبِّرْنَا الأُرْدُنَّ». 6 فَقَال مُوسَى لِبَنِي جَادٍ وَبَنِي رَأُوبَيْنَ: «هَل يَنْطَلِقُ إِخْوَتُكُمْ إِلى الحَرْبِ وَأَنْتُمْ تَقْعُدُونَ هَهُنَا؟ 7 فَلِمَاذَا تَصُدُّونَ قُلُوبَ بَنِي إِسْرَائِيل عَنِ العُبُورِ إِلى الأَرْضِ التِي أَعْطَاهُمُ الرَّبُّ؟ 8 هَكَذَا فَعَل آبَاؤُكُمْ حِينَ أَرْسَلتُهُمْ مِنْ قَادِشَ بَرْنِيعَ لِيَنْظُرُوا الأَرْضَ. 9 صَعِدُوا إِلى وَادِي أَشْكُول وَنَظَرُوا الأَرْضَ وَصَدُّوا قُلُوبَ بَنِي إِسْرَائِيل عَنْ دُخُولِ الأَرْضِ التِي أَعْطَاهُمُ الرَّبُّ. 10 فَحَمِيَ غَضَبُ الرَّبِّ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ وَأَقْسَمَ قَائِلًا: 11 لنْ يَرَى النَّاسُ الذِينَ صَعِدُوا مِنْ مِصْرَ مِنِ ابْنِ عِشْرِينَ سَنَةً فَصَاعِدًا الأَرْضَ التِي أَقْسَمْتُ لِإِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ لأَنَّهُمْ لمْ يَتَّبِعُونِي تَمَامًا 12 مَا عَدَا كَالِبَ بْنَ يَفُنَّةَ القِنِزِّيَّ وَيَشُوعَ بْنَ نُونَ لأَنَّهُمَا اتَّبَعَا الرَّبَّ تَمَامًا. 13 فَحَمِيَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلى إِسْرَائِيل وَأَتَاهَهُمْ فِي البَرِّيَّةِ أَرْبَعِينَ سَنَةً حَتَّى فَنِيَ كُلُّ الجِيلِ الذِي فَعَل الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ. 14 فَهُوَذَا أَنْتُمْ قَدْ قُمْتُمْ عِوَضًا عَنْ آبَائِكُمْ تَرْبِيَةَ أُنَاسٍ خُطَاةٍ لِتَزِيدُوا أَيْضًا حُمُوَّ غَضَبِ الرَّبِّ عَلى إِسْرَائِيل. 15 إِذَا ارْتَدَدْتُمْ مِنْ وَرَائِهِ يَعُودُ يَتْرُكُهُ أَيْضًا فِي البَرِّيَّةِ فَتُهْلِكُونَ كُل هَذَا الشَّعْبِ».

الأعداد 1-2

ع1 – 2:

أرض يعزيز: أحد مدن أرض جلعاد.

أرض جلعاد: كانت إقليمًا يشمل كل شرق نهر الأردن اشتهر بأشجاره ومراعيه التي تتخلل جباله، إذ أنه إقليم جبلى وبين جباله انتشرت بعض السهول الخضراء (خريطة 3).

تطلع قادة ورؤساء سبطى رأوبين وجاد إلى الأرض شرق الأردن، وهي الأرض التي كان يسكن في جزء منها المديانيون، وإذ رأوا أنها أرض غنية بالأودية والمراعى الخصبة وتصلح لرعى المواشى، تقدموا إلى موسى قائد الشعب وألعازار الكاهن الأعظم بطلبهم المذكور في الآيات التالية.

العدد 3

ع3:

شمل هذا العدد أسماء بعض مدن وقرى منطقة جلعاد موضوع حديث الرؤساء مع موسى وألعازار، وأهمها مدينة حشبون عاصمة بلاد الأموريين وهي وبقية البلاد المذكورة تقع شرق البحر الميت وجنوب شرق نهر الأردن.

عطاروت: لا وجود لها الآن ويظن أنها كانت بين حشبون عاصمة الأموريين ومدينة ذيبان.

ديبون: كانت من مدن الموآبيين، واستولى عليها الأموريون ثم أخذها منهم بنو إسرائيل.

يعزير: مدينة يتبعها بعض القرى الصغيرة وتقع غرب عمون مدينة الأموريين.

حشبون: عاصمة سيحون ملك الأموريين.

شبام: مدينة تعتبر لصيقة وامتدادًا لحشبون من جهة الشمال.

العالة: مدينة تقع شمال حشبون أيضًا.

نبو: مدينة جبلية أخذت اسمها من جبل نبو.

معون: وسميت أيضًا معين وكذلك “بعل معون“.

الأعداد 4-5

ع4 – 5:

أما موضوع الطلب والحديث، فهو استئذان من سبطى رأوبين وجاد بأن يأخذا هذه الأرض نصيبًا لهما ويكتفيا بها ولا يعبران الأردن مع باقي الأسباط. وكان طلبهم لموسى مصحوبًا بتوضيح أن عدد مواشى هذين السبطين هو عدد كبير جدًا، وأن هذه الأراضي هي أكثر الأراضي ملاءمة لهم ولمواشيهم، وتعبير “الأرض التي ضربها الرب قدام إسرائيل” تعبير لطيف نسبوا فيه الحرب والنصرة لله وليس لذراعهم.

ويلاحظ أيضًا أن طلبهم قُدِّمَ في صورة متضعة ورقيقة إذ قالوا “إن وجدنا نعمة في عينيك”، وهو تعبير استئذان مؤدب يخلون فيه مشيئتهم ويعلنون رغبتهم ولكن يتركون الأمر لموسى؛ ويا ليتنا نحن نتعلم مثل هذا الأسلوب في أمور حياتنا عندما نطلب أمرًا ما.

العدد 6

ع6:

تحفظ موسى على طلب سبطى رأوبين وجاد وقال لهما ما بداخله في شيء من الاستنكار..!! هل من اللائق أن تأخذوا الأرض وتستقروا مع مواشيكم بينما ينطلق باقي الأسباط في حروب تحرير الأرض وتملكها. واستخدم موسى تعبير “إخوتكم” لما فيه من مسئولية مشتركة للجميع لأن العمل هو عمل واحد، وكذلك فهذا التعبير قد يحرج السبطين في طلبهما. وقد قدّم موسى جاد عن رأوبين إما لأنهم أصحاب الفكرة أو لتقدمهم في الكلام عن بنى رأوبين، بالإضافة إلى أن رأوبين فقد البكورية والتقدم على إخوته بسبب خطيته مع زوجة أبيه.

هل تبحث عن  من أنا ؟ ولماذا جئت ؟ ولماذا أعيش ؟ ولماذا أموت ؟

العدد 7

ع7:

يستكمل موسى حديثه، ويوضح عيبًا جديدًا في هذا الطلب وهو أنه إن سمح لهم بذلك، فأنهم سيكونون سببًا في تكاسل باقي الأسباط، فلماذا يقاتل الباقون وأنتم هنا مستريحون؟!

الأعداد 8-13

ع8 – 13:

في هذه الأعداد بدأ موسى كلامًا شديدًا وحاسمًا مع مندوبى ورؤساء السبطين ويمكن تلخيص هذا الحديث في النقاط التالية:

يذكرهم أن ما يريدوا أن يفعلوه هنا “بتملك الأرض” ونتيجته في إضعاف همة الشعب هو نفس ما صنعه آباؤهم عند تجسس الأرض كأن التاريخ يعيد نفسه.

ويذكر لهم ما يفيد في موضوع تجسس الأرض وكيف عندما عاد الجواسيس هبّطوا وأحبطوا الشعب عن المضى قدمًا للاستيلاء على الأرض.

يذكرهم أيضًا أن هذا الموقف السابق والمتخاذل أدى إلى غضب الله على شعبه وقسمه بألا يدخل أحد منهم الأرض (عد 13 – 14).

وكانت نتيجة هذا الغضب هو تيهان الشعب لمدة أربعين سنة في البرية وفناء كل الجيل الشرير الذي شك في قدرة الله وخاف من شعوب الأرض.

لم يَفُت موسى أن يضيف حديثًا اعتراضيًا بأن هذه العقوبة لم تشمل كل من يشوع ابن نون وكالب بن يفنة الأمينين اللذين كان لهما موقف مخالف عن باقي الجواسيس (ع12).

الأعداد 14-15

ع14 – 15:

يزيد موسى من شدة أسلوبه ولهجته في الكلام مع الرؤساء، فيبدأ بتوبيخهم على هذه الفكرة الأنانية جدًا، ويضيف بأنه يراهم كما رأى آبائهم قديمًا ويصفهم بأنهم خطاة أبناء نسل خاطئ، وأنهم بمثل هذا الطلب سيجلبون على الشعب غضب الله مرة أخرى كما حدث قديمًا فيهلك هذا الشعب كله بسببهم.

† إن القيادة مهما كانت مستواها، حتى لو على مستوى الأسرة، تتطلب من القائد أحيانًا أن يأخذ مواقف حاسمة من أجل حماية الآخرين. والحسم ليس خطأ في حد ذاته طالما صاحبته المحبة والنصح، بل إن التهاون وعدم الحسم يعتبر خطية إذا أهمل الإنسان الخطأ وتهاون فيه وخاصة لو كان مسئولًا.

(2) الكلام الثاني للسبطين وموافقة موسى المشروطة (ع16 – 33):

16 فَاقْتَرَبُوا إِليْهِ وَقَالُوا: «نَبْنِي صير غَنَمٍ لِمَوَاشِينَا هَهُنَا وَمُدُنًا لأَطْفَالِنَا. 17 وَأَمَّا نَحْنُ فَنَتَجَرَّدُ مُسْرِعِينَ قُدَّامَ بَنِي إِسْرَائِيل حَتَّى نَأْتِيَ بِهِمْ إِلى مَكَانِهِمْ. وَيَلبَثُ أَطْفَالُنَا فِي مُدُنٍ مُحَصَّنَةٍ مِنْ وَجْهِ سُكَّانِ الأَرْضِ. 18 لا نَرْجِعُ إِلى بُيُوتِنَا حَتَّى يَقْتَسِمَ بَنُو إِسْرَائِيل كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبَهُ. 19 إِنَّنَا لا نَمْلِكُ مَعَهُمْ فِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ وَمَا وَرَاءَهُ لأَنَّ نَصِيبَنَا قَدْ حَصَل لنَا فِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ إِلى الشَّرْقِ». 20 فَقَال لهُمْ مُوسَى: «إِنْ فَعَلتُمْ هَذَا الأَمْرَ إِنْ تَجَرَّدْتُمْ أَمَامَ الرَّبِّ لِلحَرْبِ 21 وَعَبَرَ الأُرْدُنَّ كُلُّ مُتَجَرِّدٍ مِنْكُمْ أَمَامَ الرَّبِّ حَتَّى طَرَدَ أَعْدَاءَهُ مِنْ أَمَامِهِ 22 وَأُخْضِعَتِ الأَرْضُ أَمَامَ الرَّبِّ وَبَعْدَ ذَلِكَ رَجَعْتُمْ فَتَكُونُونَ أَبْرِيَاءَ مِنْ نَحْوِ الرَّبِّ وَمِنْ نَحْوِ إِسْرَائِيل وَتَكُونُ هَذِهِ الأَرْضُ مُلكًا لكُمْ أَمَامَ الرَّبِّ. 23 وَلكِنْ إِنْ لمْ تَفْعَلُوا هَكَذَا فَإِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ إِلى الرَّبِّ. وَتَعْلمُونَ خَطِيَّتَكُمُ التِي تُصِيبُكُمْ. 24 اِبْنُوا لأَنْفُسِكُمْ مُدُنًا لأَطْفَالِكُمْ وَحَظَائِرَ لِغَنَمِكُمْ. وَمَا خَرَجَ مِنْ أَفْوَاهِكُمُ افْعَلُوا». 25 فَقَال بَنُو جَادَ وَبَنُو رَأُوبَيْنَ لِمُوسَى: «عَبِيدُكَ يَفْعَلُونَ كَمَا أَمَرَ سَيِّدِي. 26 أَطْفَالُنَا وَنِسَاؤُنَا وَمَوَاشِينَا وَكُلُّ بَهَائِمِنَا تَكُونُ هُنَاكَ فِي مُدُنِ جِلعَادَ. 27 وَعَبِيدُكَ يَعْبُرُونَ كُلُّ مُتَجَرِّدٍ لِلجُنْدِ أَمَامَ الرَّبِّ لِلحَرْبِ كَمَا تَكَلمَ سَيِّدِي». 28 فَأَوْصَى بِهِمْ مُوسَى أَلِعَازَارَ الكَاهِنَ وَيَشُوعَ بْنَ نُونٍَ وَرُؤُوسَ آبَاءِ الأَسْبَاطِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل. 29 وَقَال لهُمْ مُوسَى: «إِنْ عَبَرَ الأُرْدُنَّ مَعَكُمْ بَنُو جَادَ وَبَنُو رَأُوبَيْنَ كُلُّ مُتَجَرِّدٍ لِلحَرْبِ أَمَامَ الرَّبِّ فَمَتَى أُخْضِعَتِ الأَرْضُ أَمَامَكُمْ تُعْطُونَهُمْ أَرْضَ جِلعَادَ مُلكًا. 30 وَلكِنْ إِنْ لمْ يَعْبُرُوا مُتَجَرِّدِينَ مَعَكُمْ يَتَمَلكُوا فِي وَسَطِكُمْ فِي أَرْضِ كَنْعَانَ». 31 فَأَجَابَ بَنُو جَادٍ وَبَنُو رَأُوبَيْنَ: «الذِي تَكَلمَ بِهِ الرَّبُّ عَنْ عَبِيدِكَ كَذَلِكَ نَفْعَلُ. 32 نَحْنُ نَعْبُرُ مُتَجَرِّدِينَ أَمَامَ الرَّبِّ إِلى أَرْضِ كَنْعَانَ وَلكِنْ نُعْطَى مُلكَ نَصِيبِنَا فِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ». 33 فَأَعْطَى مُوسَى لهُمْ لِبَنِي جَادٍ وَبَنِي رَأُوبَيْنَ وَنِصْفِ سِبْطِ مَنَسَّى بْنِ يُوسُفَ مَمْلكَةَ سِيحُونَ مَلِكِ الأَمُورِيِّينَ وَمَمْلكَةَ عُوجٍ مَلِكِ بَاشَانَ الأَرْضَ مَعَ مُدُنِهَا بِتُخُومِ مُدُنِ الأَرْضِ حَوَاليْهَا.

الأعداد 16-17

ع16 – 17:

صير: حظائر.

بعد الاستماع لتوبيخ موسى، لم ينصرف رؤساء السبطين، بل أكملوا الحديث مع موسى عارضين وجهة نظرهم، والتي كانت كالآتي: اسمح لنا أن نبنى هنا حظائر لمواشينا، ونبنى منازل في مدن ذات أسوار لتكون حصينة ونضع فيها أطفالنا ونساءنا، وإذا تم ذلك نكون نحن أول الرجال المتقدمين والمستعدين والسابقين للحرب من أجل شعبنا إسرائيل حتى يتملكوا هم أيضًا أنصبتهم من الأرض غرب نهر الأردن.

الأعداد 20-22

ع20 – 22:

أما موسى فبعد الاستماع لفكرتهم الجديدة جاء رده هكذا؛ إذا التزمتم بهذا الكلام كله ووفيتم بعهدكم في أن تستعدوا للقتال والحرب بل وتسبقوا باقي الأسباط في التقدم للحرب، وعند نداء الله لكم للمشاركة مع إخوتكم في تحرير الأرض تعبروا الأردن بكل رجالكم المتأهبون للحرب، حتى يتم الانتصار الكامل ويخضع الله كل الشعوب الساكنة غرب الأردن لشعبه، تكون هذه الأرض ملكًا لكم كما أردتم، والوفاء بوعدكم يبرئكم من غضب الله ونقمته.

ملاحظة: تعبير “أمام الرب” (ع20) معناه أن يأخذ هذان السبطان موقعهما في الحروب في الصفوف الأمامية أمام تابوت العهد، الذي يمثل الوجود الإلهي، والذي كان يصحبه الشعب معه في معظم حروبه.

العدد 23

ع23:

جاء باقي حديث موسى أيضًا تحذيرًا لهم بما يصيبهم في حالة عدم إيفاء عهدهم وتراخيهم وعدم مشاركتهم الشعب في القتال، فهذا عمل مشين لهم ويعرضهم لغضب الله ونقمته، لأن هذا العهد وهذا الوعد كانا أمام الله وهو الشاهد عليه. ونلاحظ هنا أن موسى قبل التصريح لهم وموافقته (ع24) يكرّر تحذيره السابق (ع10 – 11) حتى يثبت عليهم وعدهم ويخيفهم من التراجع وفى الوقت نفسه يخلى مسئوليته من عاقبة تراجعهم عن الوفاء بعهدهم والتي تعرّضهم لغضب الله.

العدد 24

ع24:

كانت هذه هي كلمات موافقة موسى والتصريح لهم ببناء حظائر للمواشى وبناء المدن لسكن نسائهم وأطفالهم.

العدد 25

ع25:

كنوع من الشكر وبصورة متضعة جدًا، تقدم رؤساء سبطى جاد ورأوبين بالشكر إلى موسى، وتعهدوا بأن يفعلوا كل ما وعدوا به وكل ما صرح به موسى لهم.

الأعداد 26-27

ع26 – 27:

كذلك للمرة الأخيرة جدِّدوا عهودهم بأن يعدوا كل الرجال المهيأون للحرب ويجعلوهم في حالة استعداد دائم، ويتركوا نساءهم ومواشيهم في مدن جلعاد أي أراضي الموآبيين والمديانيين.

الأعداد 28-30

ع28 – 30:

بعد أن صار الاتفاق نهائيًا، وجَّه موسى كلامه لقادة الشعب والممثلين في ألعازار الكاهن الأكبر، ويشوع بن نون القائد الأعلى ورؤساء الأسباط وهم ممثلو كل الشعب. وحمل كلام موسى للجميع مراجعة لكل الكلام السابق وأوضح لهم أن موافقته هي موافقة مشروطة وأن الجميع شهود على ما نطق به رؤساء السبطين وأن الجميع أيضًا لهم سلطان على هذا الاتفاق من حيث سريانه أو نقضه، وهذا كله يتوقف على مدى التزام السبطين بما قالا ووعدا به. فإذا اشتركا في القتال وعبرا الأردن برجال الحرب وتملكت كل الأسباط أنصبتها، تكون هذه الأرض لهما أي لسبطى جاد ورأوبين، أما إذا أخلفا وعدهما لا تُعطَى لهما هذه الأرض بل تؤخذ منهما ويقتسمان بالقرعة مع باقي الأسباط الأرض التي هي غرب الأردن.

الأعداد 31-32

ع31 – 32:

جاء هذان العددان بنفس ما سبق وتعهد به رؤساء السبطين، وتكراره هنا هو لتأكيد التزامهم به. وقد ذكرهم يشوع بوعدهم بعد موت موسى، فعبروا وحاربوا مع إخوتهم وبعد انتهاء الحرب شكرهم لوفاءهم بوعدهم ثم عادوا لأراضيهم شرق الأردن (يش1: 12 – 18، 22: 1 – 9).

العدد 33

ع33:

تخوم مدن الأرض حواليها: أي المدن والحدود الممتدة حولها.

بالرغم من أن سبط منسى لم يشترك في الحوار السابق كله، ولم يطلب من موسى شيئًا إلا أننا نجد أن موسى عندما منح الأرض لسبطى جاد ورأوبين، أشرك معهما في هذه الأرض نصف سبط منسى، وذلك لأنه ربما وجد أن هذه الأرض أكبر من أن تكون للسبطين وحدهما. ونفهم أيضًا من سياق الكلام موافقة رؤساء عشائر سبط منسى على ذلك إذ أنه بالفعل تملك نصف السبط شرق الأردن.

أما الأرض التي كانت موضوع الحديث كله فهي كانت كما سبق توضيحه هي أرض مملكة سيحون ملك الأوريين وعوج ملك باشان وهي الأرض الممتدة بحذاء شرق نهر الأردن من شماله لجنوبه.

† لا يفوتنا هنا أن نذكر أنه بالرغم من موافقة موسى للسبطين على اختيارهما، إلاّ أن هذا لا يعفى السبطين من شبهة الأنانية، إذ أفرزا أنفسهما واختارا الأرض بإرادتهما ولم ينتظرا اختيار الرب أو قرعته. وعلى كل الأحوال فقد دفع هذان السبطان ثمن تسرعهما وطمعهما.. إذ انعزلا نسبيًا عن باقي الشعب بسبب نهر الأردن (الفاصل الطبيعي) وصارا عرضة لمضايقة الكثير من شعوب المنطقة طوال تاريخهما..

ليتك لا تتسرع ولا تطمع ولا تسبق إخوتك في الاختيار وانتظر نصيب الرب لك.

هل تبحث عن  حتى في وقت سلامها تخضع الكنيسة المقدسة للكذاب

←.

(3) تعمير الأرض بعد الحصول عليها (ع34 – 42):

34 فَبَنَى بَنُو جَادَ دِيبُونَ وَعَطَارُوتَ وَعَرُوعِيرَ 35 وَعَطْرُوتَ شُوفَانَ وَيَعْزِيرَ وَيُجْبَهَةَ 36 وَبَيْتَ نِمْرَةَ وَبَيْتَ هَارَانَ مُدُنًا مُحَصَّنَةً مَعَ حَظَائِرِ غَنَمٍ. 37 وَبَنَى بَنُو رَأُوبَيْنَ حَشْبُونَ وَأَلِعَالةَ وَقَرْيَتَايِمَ 38 وَنَبُوَ وَبَعْل مَعُونَ (مُغَيَّرَتَيِ الاِسْمِ) وَسَبْمَةَ وَدَعُوا بِأَسْمَاءٍ أَسْمَاءَ المُدُنِ التِي بَنُوا. 39 وَذَهَبَ بَنُو مَاكِيرَ بْنِ مَنَسَّى إِلى جِلعَادَ وَأَخَذُوهَا وَطَرَدُوا الأَمُورِيِّينَ الذِينَ فِيهَا. 40 فَأَعْطَى مُوسَى جِلعَادَ لِمَاكِيرَ بْنِ مَنَسَّى فَسَكَنَ فِيهَا. 41 وَذَهَبَ يَائِيرُ ابْنُ مَنَسَّى وَأَخَذَ مَزَارِعَهَا وَدَعَاهُنَّ حَوُّوثَ يَائِيرَ. 42 وَذَهَبَ نُوبَحُ وَأَخَذَ قَنَاةَ وَقُرَاهَا وَدَعَاهَا نُوبَحَ بِاسْمِهِ.

الأعداد 34-36

ع34 – 36:

كانت الأسفار تحمل تسجيلًا تاريخيًا وجغرافيًا أيضًا لشعب الله ولهذا نجد أن الأعداد القادمة كلها تسجيلًا لأسماء المدن التي عمرها وبناها السبطان ونصف سبط منسى، إلا أن الصدق يتطلب منا أن نقول أنه بعد البحث وجدنا أن معظم هذه “القرى” والتي دعيت هنا “مدنًا” إما اندثرت أو تحولت أو ضمت.

وأيضًا مع عدم وجود خرائط دقيقة توضح للقارئ موقع هذه المدن الصغيرة تمامًا ولجوء أدق المفسرين لتعبير “ربما تكون” أو “ربما أصبحت الآن”، نكتفى هنا بالإشارة العامة لهذه المدن مع ذكر فقط تفصيل ما هو متأكد منه.

شملت الأعداد (34 – 36) المدن التي عمرها وأخذها سبط جاد وهي في الأصل مدن (قرى) الأموريين وكانت:

ديبون: أخذت من الأموريين وأطلق عليها بعد ذلك “ديبون جاد” نسبة إلى سبط جاد. إلا أن يشوع بعد ذلك أخذها لسبط رأوبين (يش13) وهي خربة الآن ولا توجد.

عطاروت: مر الحديث عنها في (ع3) وهي أيضًا مندثرة ولا توجد الآن.

عروعير: سميت أيضًا عراعير وبعد أن كانت نصيبًا لسبط جاد أخذها بعد ذلك ملك آرام ثم ملك موآب (2 مل10 – 32)، (أر48: 19).

عطروت شوفان: كانت تقع في سهل موآب.

يعزير: كانت من سبط جاد وأخذها يشوع بعد ذلك نصيبًا لبنى مرارى (اللاويين).

يجبهة: يرجح أنها قرية جبيهات الحالية والتي تقع شمال غرب عمان.

بيت نمرة: تقع شمال البحر الميت.

بين هاران: وهي الآن المعروفة بتل الرامة.. وتقابل أريحا التي تقع غرب الأردن. ولقد صارت هذه المدن بعد إعادة تعميرها بواسطة سبط جاد مدنًا محصنة وتم أيضًا بناء حظائر لمواشيهم وأغنامهم.

الأعداد 37-38

ع37 – 38:

أما سبط رأوبين فعمل بمثل ما صنع إخوتهم من سبط “جاد” وعمروا وبنوا المدن التي صارت من نصيبهم، واحتفظوا بأسماء بعضها كما هو وغيروا بعضها الآخر بأسماء أطلقوها عليها… وكانت هذه المدن هي:

حشبون: أشهر مدنهم جميعًا فهي أكبرها وكانت عاصمة الأموريين.

ألعالة: ظلت ملكًا لرأوبين إلى أن أخذها الموآبيون بعد ذلك كما جاء في (أش15: 4، أر 48: 34).

قريتايم: بعد أن عمّرها رأوبين سقطت بعد ذلك في يد الموآبيين.

نبو: راجع (ع3).

بعل معون: أطلق عليها أيضًا “معون” و “بيت بعل معون“.

سبمة: تدعى أيضًا “شبام” أو “سبام” وهي آثار الآن وبها بقايا معاصر العنب الحجرية التي اشتهرت بها.

الأعداد 39-40

ع39 – 40:

بعد أن أخذ كل من “جاد” و “رأوبين” أنصبتهما من الأرض، يذكر هنا أن بنو “ماكير“، وهو الابن البكر لمنسى بن يوسف، استطاعوا أن يطهروا بعض قرى الأموريين من بقايا سكانها ويطردوهم ولهذا أعطاهم موسى هذه المناطق نصيبًا لهم أي لبنى ماكير فقط.

العدد 41

ع41:

أما النصيب الثاني لعشائر سبط منسى فكان من نصيب يائير، الذي كان أصله من سبط يهوذا ولكنه انضم لسبط منسى بالزواج من امرأة من نسل ماكير بن منسى، وإن كان هذا وضعًا غريبًا وغير معتاد في تسلسل نسب الأسباط، إذ كان المعتاد أن تنتسب المرأة إلى سبط زوجها وليس كما حدث هنا.

وهذا النصيب الذي كان ليائير كانت أراضي مشهورة بالمزارع فأخذها وأطلق اسمه عليها ودعا هذه المزارع “حووث يائير” أي قرى يائير.

العدد 42

ع42:

أما نوبح وهو أب أيضًا لعشائر من سبط منسى قد أخذ واستولى على مدينة قناة وبعض القرى المحيطة بها، وتخليدًا لاسمه وعشائره من بعده أطلق اسمه عليها.

† كما عمر سبطا رأوبين وجاد ونصف سبط منسى مدنًا لسكن أطفالهم ونسائهم، ينبغى عليك أن تعمر حياتك بالفضائل الكثيرة حتى تستطيع أن تحيا بأفكارك وحواسك مطمئنًا بل ناميًا في حياة نقية مع الله؛ وعلى قدر ما تتعب ويرى الله محبتك في جهادك يهبك فضائل كثيرة.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي