الأَصْحَاحُ الثَّانِي وَالعِشْرُونَ
نشيد داود.
(1) الرب ينقذ داود (ع1 – 7).
(2) الرب لا يتباطأ عن نجدة داود (ع8 – 20).
(3) الرب يجازي كل واحد حسب استحقاقه (ع21 – 28).
(4) الرب يرشد ويعضد محبيه (ع29 – 33).
(5) الرب هو ناصري في الحروب (ع34 – 43).
(6) الله هو الحافظ لداود من بني شعبه ومن الغرباء (ع44 – 49).
(7) داود يحمد الرب ويسبحه (ع50، 51).
(1) الرب ينقذ داود (ع1 – 7):
1 وَكَلَّمَ دَاوُدُ الرَّبَّ بِكَلاَمِ هَذَا النَّشِيدِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي أَنْقَذَهُ فِيهِ الرَّبُّ مِنْ أَيْدِي كُلِّ أَعْدَائِهِ وَمِنْ يَدِ شَاوُلَ، 2 فَقَالَ: «اَلرَّبُّ صَخْرَتِي وَحِصْنِي وَمُنْقِذِي، 3 إِلَهُ صَخْرَتِي بِهِ أَحْتَمِي. تُرْسِي وَقَرْنُ خَلاَصِي. مَلْجَإِي وَمَنَاصِي. مُخَلِّصِي، مِنَ الظُّلْمِ تُخَلِّصُنِي. 4 أَدْعُو الرَّبَّ الْحَمِيدَ فَأَتَخَلَّصُ مِنْ أَعْدَائِي. 5 لأَنَّ أَمْوَاجَ الْمَوْتِ اكْتَنَفَتْنِي. سُيُولُ الْهَلاَكِ أَفْزَعَتْنِي. 6 حِبَالُ الْهَاوِيَةِ أَحَاطَتْ بِي. شُرُكُ الْمَوْتِ أَصَابَتْنِي. 7 فِي ضِيقِي دَعَوْتُ الرَّبَّ وَإِلَى إِلَهِي صَرَخْتُ، فَسَمِعَ مِنْ هَيْكَلِهِ صَوْتِي وَصُرَاخِي دَخَلَ أُذُنَيْهِ.
يتحدث داود في هذا الأصحاح عن التسبيح والنصرة، ولعل البعض يظنون أن الأفضل وضع هذا النشيد بعد الأصحاح العاشر، حيث أحرز داود انتصارات كثيرة وقبل سقوطه في الخطية المذكور في الأصحاح الحادى عشر، خاصة وأنه يذكر في هذا النشيد طهارة يده ونقاوته، ويوضع بدلًا من هذا النشيد المزمور الحادي والخمسين الذي يبدأ بكلمات “ارحمنى يا الله…” لكن الوحى وضع النشيد في هذا المكان ليعلن أن التوبة تغسل كل خطية وتعيد الإنسان إلى تسبيح الله والشعور بقوته ونصرته.
العدد 1
ع1:
كان لداود أعداء كثيرون منهم شاول ثم أبشالوم ابن داود نفسه وشمعى بن جيرا وشبع بن بكرى، هذا بخصوص أعدائه من شعبه، أما أعداؤه الخارجيون فلم يكونوا أقل شراسة من هؤلاء، فكان له معارك مع الكثير من الشعوب المحيطة مثل الفلسطينيين وبنى عمون والآدوميين واليبوسيين؛ وقد أنقذه الرب من الجميع ونصره عليهم فنظم هذا النشيد يرنم به للرب ويسبحه.
وهذا النشيد يطابق إلى حد كبير المزمور الثامن عشر مع تغييرات طفيفة في بعض الألفاظ لتناسب الآلات الموسيقية المستخدمة في العبادة الجماهيرية.
العدد 2
ع2:
يشبه داود الرب بالصخرة، إذ كما تحمى الصخرة من يختبئ وراءها، يحميه الرب حين يتكل عليه. كذلك شبهه بالحصن، فكما تُبنَى الحصون لتكون دفاعات عسكرية في مواجهة العدو، كذلك فعل الرب مع داود، إذ أحاطه برعايته وقوته فلم يتمكن منه الأعداء، وبذلك أنقذه من كل من حاول الإساءة إليه أو النيل منه.
العدد 3
ع3:
ترس: دائرة خشبية مغطاة بالجلد لها عروة من الداخل يدخل فيها الجندى يده ليحرك هذا القرص أمام وجهه وجسده ليحميه من سهام الأعداء.
مناصى: المكان الذي يختبئ فيه ليحميه.
يكرر لجوءه إلى الرب لحمايته، كما تحمى الصخرة المحتمين بها بل كما يحمى الترس الجندى من ضربات العدو، هكذا حماه الله من كل الضربات التي صوبت نحوه. وكما ينطح الحيوان خصمه بقرنه، كانت القوة الإلهية تتدخل إلى جانب داود فتشدده وتخلصه من مكائد وشرور الأعداء، إذ كان يلجأ إلى الرب في كل ضيقة حلَّت به كما جاء في (مز90).
العدد 4
ع4:
الحميد: صيغة مبالغة معناها يستحق الحمد الكثير.
كلما أحاطت بداود شدة أو ضيقة، كان يلجأ إلى الرب مصليًا فيسمع دعاءه ويخلصه من شدته، فهو يستحق كل حمد وشكر. بنفس هذا المعنى ترنم داود في (مز50: 15) “أدعنى في يوم الضيق أنقذك فتمجدنى”.
† ليتنا – بدلًا من أن نضطرب ونقلق إذا لحق بنا شر – نلجأ للصلاة رافعين الأيادى طالبين أن ينجينا الرب ويخلصنا من التجربة متمسكين بوعوده، والرب قريب ولن يتوانى، وإن لم يرفع التجربة عنا، فيكفينا وجوده معنا في عمق التجربة كما فعل مع الثلاث فتية في آتون النار.
الأعداد 5-6
ع5 – 6:
شرك: فخاخ.
يصور داود المخاطر التي تعرض لها كأنها أمواج هائلة أحاطت به من كل جانب وكادت تقضى عليه، كما يشبهها أيضًا بالسيول الجارفة التي يفزعه ويرعبه تدفقها. ويصف حاله كما لو أن الجحيم مد حباله لكي تمسك به وتضمه إليها، فكان الأمر كما لو أن الموت نصب شراكه حوله فأصبح لا مفر له من الموت.
وقد سمح الله بالضيقات لتحيط بداود لتتجلى قوة الله في إنقاذه فيمجده، فالله لا يأخذنا من العالم الشرير بل يحفظنا من شروره وينجينا من مخاطره.
العدد 7
ع7:
أمسكت به الضيقات من كل جانب ونصبت حوله الأشراك لتحيط به وتميته، فصرخ عندئذ مستغيثًا بالرب، فاستجاب الرب من بيته المقدس (خيمة الاجتماع) لصلواته ودعائه لأن بيت الرب هو مكان حلوله.
† إذا واجهت الضيقات، أسرع إلى الكنيسة أمك فتجد في أحضانها الراحة والقوة عندما تتغذى بجسد الرب ودمه فتشعر بالطمأنينة مهما أحاطت بك المشاكل.
(2) الرب لا يتباطأ عن نجدة داود (ع8 – 20):
8 فَارْتَجَّتِ الأَرْضُ وَارْتَعَشَتْ. أُسُسُ السَّمَوَاتِ ارْتَعَدَتْ وَارْتَجَّتْ، لأَنَّهُ غَضِبَ. 9 صَعِدَ دُخَانٌ مِنْ أَنْفِهِ، وَنَارٌ مِنْ فَمِهِ أَكَلَتْ. جَمْرٌ اشْتَعَلَتْ مِنْهُ. 10 طَأْطَأَ السَّمَاوَاتِ وَنَزَلَ وَضَبَابٌ تَحْتَ رِجْلَيْهِ. 11 رَكِبَ عَلَى كَرُوبٍ وَطَارَ، وَرُئِيَ عَلَى أَجْنِحَةِ الرِّيحِ. 12 جَعَلَ الظُّلْمَةَ حَوْلَهُ مَظَلاَّتٍ، مِيَاهًا مُتَجَمِّعَةً وَظَلاَمَ الْغَمَامِ. 13 مِنَ الشُّعَاعِ قُدَّامَهُ اشْتَعَلَتْ جَمْرُ نَارٍ. 14 أَرْعَدَ الرَّبُّ مِنَ السَّمَاوَاتِ، وَالْعَلِيُّ أَعْطَى صَوْتَهُ. 15 أَرْسَلَ سِهَامًا فَشَتَّتَهُمْ، بَرْقًا فَأَزْعَجَهُمْ. 16 فَظَهَرَتْ أَعْمَاقُ الْبَحْرِ، وَانْكَشَفَتْ أُسُسُ الْمَسْكُونَةِ مِنْ زَجْرِ الرَّبِّ، مِنْ نَسْمَةِ رِيحِ أَنْفِهِ. 17 أَرْسَلَ مِنَ الْعُلَى فَأَخَذَنِي. نَشَلَنِي مِنْ مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ. 18 أَنْقَذَنِي مِنْ عَدُوِّيَ الْقَوِيِّ، مِنْ مُبْغِضِيَّ لأَنَّهُمْ أَقْوَى مِنِّي. 19 أَصَابُونِي فِي يَوْمِ بَلِيَّتِي وَكَانَ الرَّبُّ سَنَدِي. 20 أَخْرَجَنِي إِلَى الرُّحْبِ. خَلَّصَنِي لأَنَّهُ سُرَّ بِي.
العدد 8
ع8:
استجاب الرب سريعًا لصراخ عبده داود وهبّ ليخلصه من ضيقاته. وكان غضب الرب عظيمًا على الأشرار المقاومين لداود، فاهتزت الأرض وتزلزلت من إعلان غضب الرب، والسموات أيضًا ارتجت كما لو كانت قائمة على أساسات وأعمدة تحركت من مواضعها خوفًا واضطرابًا من إعلان الرب لغضبه.
العدد 9
ع9:
عبّر داود عن غضب الرب على الأشرار بصورة مجازية كما لو كان يصعد من أنفه دخان دليلًا على شدة سخط الرب عليهم، ومن فمه تخرج نار لتأكلهم، ومن كيانه جمر مشتعل يقضى على المضايقين له.
العدد 10
ع10:
أكمل داود صورته المجازية فتخيل كما لو أن السموات انحنت وانخفضت لينزل الرب عليها ويأتى لنجدته، فيحمله السحاب مسرعًا لتخليصه من أعدائه.
† هكذا فعل ربنا يسوع المسيح، أخلى ذاته وأخذ صورة عبد ونزل من علوه ليخلص جنس البشر، وهو مستعد كل يوم أن يسرع إليك لينقذك من ضيقاتك. فثق أنه أقرب ما يكون إليك في وقت الضيقة، وتشعر بذلك عندما تطلبه وتلح عليه.
العدد 11
ع11:
كروب: طبقة ملائكية حاملة لعرش الله.
يصف داود مجئ الرب راكبًا على كروب مسرعًا كسرعة الريح كأن هذا الريح طائر له أجنحة.
العدد 12
ع12:
مياه حاشكة: مياه كثيرة متجمعة.
عبّر داود عن أسرار الله الخفية بالظلمة المحيطة به (أى لا يدرك أحد حقيقة أمور الله وحكمته)، كأنها مظلات أو سرادقات تحجب تلك الأمور عن الخليقة، فالله أسراره محجوبة عن البشر لا تدركها عقولهم كما لو كانت حولها سحب كثيفة المياه تخفى ما وراءها.
† إن كنا بالعقل ندرك وجود الله، فلا يسعفنا العقل لمعرفة ذات الله، فلنكمل بالإيمان ما لا يسعفنا به العقل ولا نرتئى فوق ما ينبغى أن نرتئى.
العدد 13
ع13:
يستمر داود في صوره المجازية البليغة، فيصور قدوم الرب يسبقه شعاع من نور يشعل في قوته نارًا تعبر عن غضب الرب المتقد على الأشرار.
العدد 14
ع14:
يصور داود هنا مظاهر طبيعية صادرة بأمر الله ومقدرته لتعبر عن جلاله وسلطانه على خليقته. فالرعد الآتي من السماء كأنه صوت الرب معلنًا سخطه على المخالفين.
العدد 15
ع15:
يشبه الرب بمحارب يطلق سهامًا من قوسه فتشتت الأعداء، ويأمر سحب السماء تبرق فتزعجهم وتبددهم.
العدد 16
ع16:
كما أسرع الرب الأمس ليخلص شعبه من مطاردة جيوش المصريين، ها هو يسرع بنفس الاندفاع الآن لينقذ داود من أعدائه. ويذكر داود في نشيده بما حدث حين انتهر الرب الطبيعة عندما اشتد غضبه على الأشرار، فانحسرت مياه البحر على يد موسى، وانكشف قاع البحر الذي يسميه أسس المسكونة لأنه مكان منخفض جدًا.
† حين تشتد التجربة علينا، يليق بنا أن نتذكر سابق أعمال الله الرحيمة العديدة معنا فتطمئن نفوسنا وتهدأ، مقرين بأن من أخرجنا من التجارب السابقة بأمان هو نفسه القادر أن ينشلنا من التجربة الحالية.
العدد 17
ع17:
في وسط هذه القلاقل الكثيرة التي أزعجت الطبيعة كما أزعجت أعداء الرب، لم يترك الرب عبده داود ليغرق وسط تلك الاضطرابات، بل مد يده وانتشله فخلص من الغرق.
العدد 18
ع18:
كان أعداء داود كثيرين، وكانوا من حيث ميزان القوى المادية أقوى منه، فلو تركه الرب لنفسه لتغلبوا عليه وأبادوه، ولكن تدخل الرب بقدرته وأنقذه من أيديهم وأفشل كل مؤامراتهم تجاهه.
العدد 19
ع19:
تعرض داود لأذاهم فعلًا وعانى كثيرًا من مشاغباتهم وتحدياتهم له واحتمل منهم أضرارًا وبلايا كثيرة، ولكن الرب لم يدعهم ينتصرون عليه بل سانده وقواه ونصره عليهم.
العدد 20
ع20:
يقول داود، أنه بينما كان يعانى من حصار خانق ممن حوله من الأعداء، خلصه الرب من أيديهم بانتشاله من وسط هذا الحصار وأخرجه إلى الرحب لأنه أحبه.
(3) الرب يجازي كل واحد حسب استحقاقه (ع21 – 28):
21 يُكَافِئُنِي الرَّبُّ حَسَبَ بِرِّي. حَسَبَ طَهَارَةِ يَدَيَّ يَرُدُّ عَلَيَّ. 22 لأَنِّي حَفِظْتُ طُرُقَ الرَّبِّ وَلَمْ أَعْصِ إِلَهِي. 23 لأَنَّ جَمِيعَ أَحْكَامِهِ أَمَامِي وَفَرَائِضُهُ لاَ أَحِيدُ عَنْهَا. 24 وَأَكُونُ كَامِلًا لَدَيْهِ وَأَتَحَفَّظُ مِنْ إِثْمِي. 25 فَيَرُدُّ الرَّبُّ عَلَيَّ كَبِرِّي وَكَطَهَارَتِي أَمَامَ عَيْنَيْهِ. 26«مَعَ الرَّحِيمِ تَكُونُ رَحِيمًا. مَعَ الرَّجُلِ الْكَامِلِ تَكُونُ كَامِلًا. 27 مَعَ الطَّاهِرِ تَكُونُ طَاهِرًا وَمَعَ الأَعْوَجِ تَكُونُ مُلْتَوِيًا. 28 وَتُخَلِّصُ الشَّعْبَ الْبَائِسَ، وَعَيْنَاكَ عَلَى الْمُتَرَفِّعِينَ فَتَضَعُهُمْ.
الأعداد 21-23
ع21 – 23:
يدعو داود أن يكافئه الرب على تسامحه مع من أساءوا إليه، إذ كان يعامل الجميع معاملة حسنة ولم يعمل إلا الخير حتى مع من عادوه، وأنه عمل حسب وصايا الرب وشريعته ولم يعصه في حكم من أحكامه، فأحكام الرب كانت دائمًا نصب عينيه ومحل اهتمامه ولم يحد عن فرائض الرب التي ألزم بها شعبه.
العدد 24
ع24:
يؤكد داود حرصه على طاعة الرب في كل ما أمر به سعيًا وراء الكمال وحرصًا على عدم ارتكاب الخطية وتجنب الوقوع في الإثم.
† الكمال المطلق هو للرب وحده ولكن علينا أن نسعى نحو الكمال النسبى بقدر ما نستطيع وما تسمح لنا به طبيعتنا البشرية، على أن نروض طبيعتنا هذه حتى لا ننساق وراء رغبات الجسد، بل نسلم قيادتنا للروح الذي يقودنا في سبيل البر والصلاح.
العدد 25
ع25:
عمل الرب مع داود ومساندته في محاربة الأعداء له هو مجازاة على أعمال البر التي قام بها وبُعده عن أعمال الشر ونقاء قلبه من البغض والضغينة نحو الآخرين، وقد كان مبررًا أمام الرب لنقاوة قلبه حسب قلب الرب: “وجدت داود حسب قلبى”.
العدد 26
ع26:
الرب يعامل البشر حسب استحقاقهم، فيكون رحيمًا مع الذين يعاملون الآخرين بالرحمة، والإنسان الذي يسلك بكماله أمام الرب يجزل له العطاء ويكافئه على صنيعه.
العدد 27
ع27:
الإنسان الذي يحيا في طهارة ونقاوة يكافئه الرب بكل خير، والإنسان الذي ينحرف عن الاستقامة ويعوج طريقه تحل عليه المتاعب والبلايا جزاء انحرافه عن طرق الرب.
العدد 28
ع28:
الله يرفع المتضعين ويذل المتكبرين. يقاوم الله المستكبرين، أما المتواضعين فيعطيهم نعمة (1 بط5: 5).
† فلنبعد عن أنفسنا كل فكر يرمى إلى تضخيم الذات، ولنسلك باتضاع أولًا أمام الله ثم نحو إخوتنا بنى البشر، نتذكر دائمًا أن سقوط الإنسانية في شخص آدم كان بسبب سعيه نحو التأله “تكونون مثل الله” كما أوعز له الشيطان، كذلك سقوط الشيطان بعد أن كان “كوكب الصبح المنير” كان لرغبته في أن يضع كرسيه فوق كرسى الله.
(4) الرب يرشد ويعضد محبيه (ع29 – 33):
29 لأَنَّكَ أَنْتَ سِرَاجِي يَا رَبُّ، وَالرَّبُّ يُضِيءُ ظُلْمَتِي. 30 لأَنِّي بِكَ اقْتَحَمْتُ جَيْشًا. بِإِلَهِي تَسَوَّرْتُ أَسْوَارًا. 31 اَللَّهُ طَرِيقُهُ كَامِلٌ وَقَوْلُ الرَّبِّ نَقِيٌّ. تُرْسٌ هُوَ لِجَمِيعِ الْمُحْتَمِينَ بِهِ. 32 لأَنَّهُ مَنْ هُوَ إِلَهٌ غَيْرُ الرَّبِّ، وَمَنْ هُوَ صَخْرَةٌ غَيْرُ إِلَهِنَا؟ 33 الإِلَهُ الَّذِي يُعَزِّزُنِي بِالْقُوَّةِ، وَيُصَيِّرُ طَرِيقِي كَامِلًا.
العدد 29
ع29:
الرب هو الذي ينير الطريق لأحبائه ويبدد الظلام من حولهم، فيسلكوا في طرقه وينعموا برضاه وتزول من أمامهم المخاوف والهموم.
العدد 30
ع30:
يُرجع داود انتصاراته في الحروب إلى قوة الرب التي تعينه، فغلبته على جيوش الجبابرة واقتحامه تحصيناتهم القوية لم يكن ليتم إلا بوجود الرب معه.
† الرب هو الذي ينصر أبناءه ويقوى ضعفاتهم، ونحن في كل مرة نصلى فيها صلاة الشكر “أن ينزع عنا وعن سائر شعبه قيام الأعداء الخفيين والظاهرين”، فالظاهرون هم الأعداء الماديون المرئيون، أما الخفيون فهم أعداء الخير أي الأعداء الروحيين الذين هم الشياطين.
العدد 31
ع31:
الرب عادل وسبله كلها مستقيمة وأعماله صالحة وكلمته حية ووصيته صادقة. به يحتمى كل محبى اسمه القدوس، فهو يدافع عنهم كما يحمى الترس الذي يحمله المحارب ليتقى به ضربات العدو.
العدد 32
ع32:
التساؤل هنا يحمل معنى النفى، فيقول داود أنه ليس إله آخر غير الرب، به نحتمى ونتحصن فنجد السند والراحة.
العدد 33
ع33:
الله هو الذي يمد داود بالقوة التي بها ينتصر على أعدائه. وهو الذي يقوده في طريق البر ويرشده فيحيا في أمان ولا تتعثر خطواته.
(5) الرب هو ناصري في الحروب (ع34 – 43):
34 الَّذِي يَجْعَلُ رِجْلَيَّ كَالإِيَّلِ وَعَلَى مُرْتَفَعَاتِي يُقِيمُنِي 35 الَّذِي يُعَلِّمُ يَدَيَّ الْقِتَالَ فَتُحْنَى بِذِرَاعَيَّ قَوْسٌ مِنْ نُحَاسٍ. 36 وَتَجْعَلُ لِي تُرْسَ خَلاَصِكَ وَلُطْفُكَ يُعَظِّمُنِي. 37 تُوَسِّعُ خَطَوَاتِي تَحْتِي فَلَمْ تَتَقَلْقَلْ كَعْبَايَ. 38 أَلْحَقُ أَعْدَائِي فَأُهْلِكُهُمْ، وَلاَ أَرْجِعُ حَتَّى أُفْنِيَهُمْ. 39 أُفْنِيهِمْ وَأَسْحَقُهُمْ فَلاَ يَقُومُونَ، بَلْ يَسْقُطُونَ تَحْتَ رِجْلَيَّ. 40«تُنَطِّقُنِي قُوَّةً لِلْقِتَالِ، وَتَصْرَعُ الْقَائِمِينَ عَلَيَّ تَحْتِي. 41 وَتُعْطِينِي أَقْفِيَةَ أَعْدَائِي وَمُبْغِضِيَّ فَأُفْنِيهِمْ. 42 يَتَطَلَّعُونَ فَلَيْسَ مُخَلِّصٌ، إِلَى الرَّبِّ فَلاَ يَسْتَجِيبُهُمْ. 43 فَأَسْحَقُهُمْ كَغُبَارِ الأَرْضِ. مِثْلَ طِينِ الأَسْوَاقِ أَدُقُّهُمْ وَأَدُوسُهُمْ.
العدد 34
ع34:
بالإضافة إلى القوة، يعطينى الرب سرعة الغزلان، فأختفى من أعدائى حيث لا يستطيعون اللحاق بى، ويعطينى خفة الحركة لأتحصن على المرتفعات حيث أتمكن من العدو وهو لا يقدر أن ينال منى.
العدد 35
ع35:
يد الرب تكون فوق يداى في القتال، فهو الذي يعطيهما القوة والمهارة في الحروب، فتصبح ذراعاى قادرتين على إبطال قوى العدو وتدمير دفاعاته التي يحتمى بها وتتعطل تروسه فتتلف وتبطل فاعليتها.
الأعداد 36-37
ع36 – 37:
وأنت يا رب تسلحنى بقوتك وحمايتك لى، فمعاملتك الحانية لى ترفع من معنوياتى وقدراتى، وتثبت خطواتى على الطريق فأجرى دون أن أتعثر، فعند الهرب من العدو لا يلحق بى وعند مطاردتى لهم ألحق بهم وأتمكن منهم.
† الرب هو الذي يعين أولاده ويسندهم في مسيرتهم الروحية دون تعثر أو وقوع في معصية، وإن سقطوا فهو يقيمهم.
الأعداد 38-39
ع38 – 39:
الرب يزيد من عزمى على مطاردة أعدائى، فألحق بهم وأهاجمهم فأبيدهم وأذلهم ويسقطون تحت أقدامى ولا تقوم لهم قائمة فيما بعد.
العدد 40
ع40:
تلبسني قوة من عندك فيشتد عودي وتتصلب هامتي فأغلب مقاومي ويخضعون لي.
العدد 41
ع41:
تعطيني أقفية أعدائي: يجرى أعدائي أمامي فأرى أقفيتهم وأطاردهم فيخافوا منى.
ينهزم الأعداء أمامي ويفرون من وجهي، فأتتبعهم وألحق بهم وأبيدهم.
العدد 42
ع42:
نظروا إلى اليمين وإلى اليسار بحثًا عمن يخلصهم فلم يجدوا أحدًا، وإذا صرخوا إلى الرب لا يستجيب لهم لأنهم رفضوه فرفضهم.
العدد 43
ع43:
الرب يعطيني القوة لأسحقهم مثلما يُسحَق تراب الأرض بالأقدام، وأدوسهم مثلما يداس في الشوارع.
(6) الله هو الحافظ لداود من بني شعبه ومن الغرباء (ع44 – 49):
44 وَتُنْقِذُنِي مِنْ مُخَاصَمَاتِ شَعْبِي وَتَحْفَظُنِي رَأْسًا لِلأُمَمِ. شَعْبٌ لَمْ أَعْرِفْهُ يَتَعَبَّدُ لِي. 45 بَنُو الْغُرَبَاءِ يَتَذَلَّلُونَ لِي. مِنْ سَمَاعِ الأُذُنِ يَسْمَعُونَ لِي. 46 بَنُو الْغُرَبَاءِ يَبْلُونَ وَيَزْحَفُونَ مِنْ حُصُونِهِمْ. 47 حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ وَمُبَارَكٌ صَخْرَتِي، وَمُرْتَفَعٌ إِلَهُ صَخْرَةِ خَلاَصِي، 48 الإِلَهُ الْمُنْتَقِمُ لِي وَالْمُخْضِعُ شُعُوبًا تَحْتِي، 49 وَالَّذِي يُخْرِجُنِي مِنْ بَيْنِ أَعْدَائِي وَيَرْفَعُنِي فَوْقَ الْقَائِمِينَ عَلَيَّ، وَيُنْقِذُنِي مِنْ رَجُلِ الظُّلْمِ.
العدد 44
ع44:
يشكر داود الرب على إنقاذه ممن قاموا عليه بعصيان من شعبه كما أنقذه ممن أعلنوا عليه حربًا من الأمم المحيطة، فقد حفظه الله من غدرهم جميعًا ونصره عليهم فاستولى على أراضيهم وتسلط عليهم. ويقصد بذلك الشعوب الوثنية التي لم تكن له أيّة خلطة بهم فصارت خاضعة لحكمه.
العدد 45
ع45:
الشعوب الغريبة عنه أصبحت خاضعة وتظهر له الولاء والطاعة، وحين تنتقل إليهم أخبار انتصاراته التي تتحقق بمساندة الرب، يستسلموا له معلنين طاعتهم وتوددهم لشخصه.
العدد 46
ع46:
الشعوب المعادية يصيبهم البلى، مثل الثوب الذي يبلى، أي تتآكل عزائمهم وتتلاشى قواهم فيصبحوا كلا شيء، وإذا توقعوا قرب المواجهة العسكرية معى، فأنهم يخرجون من حصونهم ويأتون لى طائعين وخاضعين.
العدد 47
ع47:
يكرّر داود تشبيهه لمساندة الرب له وحمايته إياه بالصخرة التي تحمى الملتجئين إليها من عدوان الآخرين. والرب إله حى ليس مثل آلهة الأمم العديمة الحياة، وهو عالٍ فوق كل اسم وكل فكر وفوق كل ما في السموات والأرض.
العدد 48
ع48:
الله ينتقم لداود من جميع المعاندين، سواء كانوا أفرادًا أو شعوبًا، فقد نصره عليهم جميعًا وأخضعهم تحت سلطانه.
العدد 49
ع49:
الرب نجانى من قبضتهم وجعلنى رأسًا لشعبى وملكًا على الجميع وأيضًا على المقاومين، كما أنقذنى من شاول الذي ظلمنى كثيرًا وطاردنى وسعى لقتلى بدون ذنب.
† الله قادر أن يعطيك مهابة في أعين من حولك، فيكرموك ويخافوا أن يؤذوك، فتسلك في طمأنينة بل وتستطيع بمحبتك وحكمتك أن تجذبهم إلى الله.
(7) داود يحمد الرب ويسبحه (ع50، 51):
50 لِذَلِكَ أَحْمَدُكَ يَا رَبُّ فِي الأُمَمِ وَلاِسْمِكَ أُرَنِّمُ. 51 بُرْجُ خَلاَصٍ لِمَلِكِهِ وَالصَّانِعُ رَحْمَةً لِمَسِيحِهِ، لِدَاوُدَ وَنَسْلِهِ إِلَى الأَبَدِ».
العدد 50
ع50:
يحمد داود الرب على كل عطاياه ونعمه ويسبحه على جلال قوته فتسمع الأمم بأعمال الله مع محبيه فيتمجد اسمه ويرتفع.
† إن كان من الإيمان أن نلجأ إلى الله حين نتعرض لتجربة أو مشكلة، فمن الإيمان أيضًا أن نشكره في أوقات الفرح والسلام ونسبحه على أحكام عدله. ولا يكون سعينًا في طلب الرب في أزمنة الشدة فقط، بل حين تهدأ كل الأمور من حولنا يكون الله أيضًا في فكرنا وفى قلوبنا.
العدد 51
ع51:
الله هو برج حصين يلجأ إليه داود ويتحصن فيه فينجو من مكائد أعدائه. قد صنع الرب رحمة معه، إذ ثبته على كرسيه وخلصه من الأشرار المحيطين به. امتدت رحمة الله إلى نسل داود أيضًا إذ وعد الرب داود قائلًا: “إن حفظ بنوك عهدى وشهاداتى التي أعلمهم إياها فبنوهم أيضًا يجلسون إلى الأبد على كرسيك” (مز132: 12).