الأَصْحَاحُ الثَّامِنُ
الحذر في المعاملات.
1 لاَ تُخَاصِمِ الْمُقْتَدِرَ، لِئَلاَّ تَقَعَ فِي يَدَيْهِ. 2 لاَ تُنَازِعِ الْغَنِيَّ، لِئَلاَّ يَجْعَلَ عَلَيْكَ ثِقَلًا. 3 فَإِن الذَّهَبَ أَهْلَكَ كَثِيرِينَ، وَأَزَاغَ قُلُوبَ الْمُلُوكِ. 4 لاَ تُخَاصِمِ الْفَتِيقَ اللِّسَانِ، وَلاَ تَجْمَعْ عَلَى نَارِهِ حَطَبًا. 5 لاَ تُمَازِحِ النَّاقِصَ الأَدَبِ، لِئَلاَّ يُهِينَ أَسْلاَفَكَ. 6 لاَ تُعَيِّرِ الْمُرْتَدَّ عَنِ الْخَطِيئَةِ، اُذْكُرْ أَنَّا بِأَجْمَعِنَا نَسْتَوْجِبُ الْمُؤَاخَذَةَ.
العدد 1
ع1:
المقتدر: من له سلطان.
لا تقف خصمًا للإنسان ذى السلطان، إذ أن في سلطانه أن يؤذيك؛ حتى لو كان في هذا ظلمًا لك. فالحكمة تقتضى منك أن تعمل في هدوء، وتحاول أن تكون في علاقة طيبة معه، دون التنازل عن الحق. وإن أعلنت رأيك، فلا يكون بتحدى، إلا في حالات خاصة، وبإرشاد الله، كما فعل يوحنا المعمدان مع هيرودس، وكان الثمن قطع رأسه، وكما فعل أشعياء، وإرميا النبيان اللذان واجها شعبيهما بخطاياهم، وانتهت حياتهما بالاستشهاد.
أما حكمة يعقوب فكانت كبيرة، عندما واجه عيسو الآتي بأربع مئة رجل، فأرسل إليه هدايا كثيرة، وصلى طوال الليل، وصارع الله، فباركه الله، وتعانق الأخوان بمحبة (تك33: 1 – 16).
العدد 2
ع2:
احترس من أن تقع في نزاع وشجار مع الإنسان الغنى؛ لأنه لو وصلتما إلى القضاء، سيقدم رشوة للقاضى، فيأتى عليك حكمًا ثقيلًا ظالما. وهكذا سيفعل الغنى أيضًا مع كل من حولك، فيستميلهم بالهدايا، فلا تقف في وجهه؛ لأنه سيستخدم المال كقوة ضدك، فيكون هذا عليك ثقلًا.
العدد 3
ع3:
يستكمل ابن سيراخ حديثه عن عدم مخاصمة الغنى، فيقول إن الذهب، أو الأموال تسيطر على قلوب من يمتلكوها، فيتعلقوا بها، ويعتمدوا عليها في إدارة أمور حياتهم. ومن شدة تعلقهم بها يغمضون أعينهم عن الله، فلا يخافونه، وعن الناس فلا يشعرون بهم، ويقودهم الشيطان إلى الهلاك، إذ لا يهتمون بخلاص نفوسهم، ولا توبتهم؛ لأن الذهب يسقط الإنسان في الكبرياء، لشعوره بقوته أكثر ممن لا يمتلكون الذهب. وحتى لو كان الغنى يشغل أكبر منصب في المجتمع، وهو منصب الملك، فإن الذهب يبعد الملك عن الحق، وبالتالي فالغنى كالأعمى، لا تقف أمامه لئلا يصطدم بك.
العدد 4
ع4:
فتيق: هو من تفتق لسانه، أي أكثر الكلام، وهو ما يسمى بالثرثار.
لا تقف خصمًا أيضًا للكثير الكلام؛ لأنه سيتكلم عن أخطائك، ويذيع إشاعات كثيرة معظمها كذب؛ لكن اختصر عنه؛ حتى لا يشوه سمعتك.
ولا تضع على جمره نارًا، والجمر هو الفحم المشتعل، أي لا تزيد على كلامه كلامًا من عندك، فتتحدث معه، وتجادله، فيزيد الكلام عليك بلا داعى، ويضايقك، فلا تدع هذا الفتيق يستفزك، بل اضبط لسانك، وكن عاقلًا.
العدد 5
ع5:
تمازح: تقول كلام هزار وهزل.
تحذرنا هذه الآية من التبسط في الكلام مع الشخص الغير مؤدب، أو ناقص الأدب، لأنه قد يتطاول عليك، ويتكلم بالإهانة لآبائك، وجدودك، الذين هم أسلافك؛ لأنه غير محترم، فلن يحترمك، ولا يحترم آباءك، فمن السهل على ناقص الأدب أن يخرج كلمات سيئة، فلا ترفع الكلفة بينك، وبينه، بل اختصره ليضع حدودًا في كلامه، فلا يؤذيك بألفاظه.
ولكن إن كنت تريد أن تمازح أحدًا، فيكون إنسانًا عاقلًا، ويكون الكلام باحترام، وله معنى، وليس مجرد كلام تافه، مثل أن تقول نكتة لها معنى لطيف، فتخفف أثقال الناس، وتعطيهم معنى لطيفًا يفيدهم في حياتهم.
العدد 6
ع6:
لا تعير: لا تستهزئ.
المؤاخذة: الحساب.
إن السماء تفرح بخاطئ واحد يتوب، فكيف نعير، ونستهزئ بالتائب، المرتد عن خطيته، فيلزم أن نشجعه، ولا نجرح مشاعره بتذكرته بخطاياه؛ لئلا نثيره، ونسقطه مرة أخرى في الخطية، أي ندفعه بجهلنا للشر، فنكون بهذا أصدقاء للشيطان، ومعاونين له.
من ناحية أخرى، لا يجب أن ننسى أننا نخطئ كثيرًا، ولا نحب أن يعيرنا أحد بخطايانا، ويؤاخذنا عليها، أي يظهر شرنا، ويعاتبنا. فإن كنا نريد من الناس أن يستروا علينا، ولا يذكروا خطايانا، فينبغى أولًا أن نستر عليهم، ونكون رحومين، فننال رحمة الله “طوبى للرحماء لأنهم يرحمون” (مت5: 7) وكذلك كلنا خطاة نستحق أن يؤاخذنا الله ويحاسبنا؛ فلذا ينبغى أن نهتم بتوبتنا دائمًا، ولا ندين، أو نعير غيرنا.
† كن مدققًا في كلامك مع الآخرين، فلا تتكلم بحرية، وانطلاق مع من لا تعرفهم، أو تعرف عنهم طباعًا سيئة؛ حتى لا يردوا عليك بكلام يضايقك، بل تكلم معهم بكلمات قليلة، ممتلئة بالاحترام. أما الكلام بتبسط، فيكون مع الأصدقاء المقربين الذين تعرفهم جيدًا، ومع أحبائك من الأقارب المقربين، فتحيا في سلام.
7 لاَ تُهِنْ أَحَدًا فِي شَيْخُوخَتِهِ، فَإِنَّ الَّذِينَ يَشِيخُونَ هُمْ مِنَّا. 8 لاَ تَشْمَتْ بِمَوْتِ أَحَدٍ، اُذْكُرْ أَنَّا بِأَجْمَعِنَا نَمُوتُ. 9 لاَ تَسْتَخِفَّ بِكَلاَمِ الْحُكَمَاءِ، بَلْ كُنْ لَهِجًا بِأَمْثَالِهِمْ. 10 فَإِنَّكَ مِنْهُمْ تَتَعَلَّمُ التَّأْدِيبَ، وَالْخِدْمَةَ لِلْعُظَمَاءِ. 11 لاَ تُهْمِلْ كَلاَمَ الشُّيُوخِ، فَإِنَّهُمْ تَعَلَّمُوا مِنْ آبَائِهِمْ، 12 وَمِنْهُمْ تَتَعَلَّمُ الْحِكْمَةَ، وَأَنْ تَرُدَّ الْجَوَابَ فِي وَقْتِ الْحَاجَةِ.
العدد 7
ع7:
عندما يشيخ الإنسان يضعف جسده في حركته، ونظره، وسمعه، وفى نواحى كثيرة. ولذا تحذر الآية من إهانة أحد هؤلاء الشيوخ لضعفه، لأن هذه هى طبيعة الحياة أن يضعف الإنسان في أواخر حياته، وإن كان يصاحب هذا نمو في حكمته أو فهمه، وتقديره السليم للأمور. لأن إهانة هذا الشيخ، هي إهانة لكل تعبه على مدى السنين، وإهانة لله الذي خلقه، وهو تفكير سلبى بالنظر إلى ضعفات الآخر، وعدم الاستفادة من فضائله، ومميزاته.
وتذكرنا الآية بأن هذا الشيخ إنسان مثلنا، أي أننا لنا انتماء معه، فكيف نهين واحدًا منا، فهذه إهانة لنا.
من ناحية أخرى، لأن هذا الشيخ منا، فهذا معناه أننا سنشيخ مثله، ونكون في هذا الضعف، فلننظر إلى المستقبل الذي سنشيخ فيه، ولا نريد أن يهيننا فيه أحد.
والكتاب المقدس يدعونا إلى عدم إهانة الشيوخ، بل احترامهم، فينهى عن توبيخ وإهانة الشيخ، فيقول: “لا تزجر شيخًا.. (1 تى5: 1)، وأيضًا يقودنا إلى احترام الشيخ بقوله:” من أمام الأشيب تقوم وتحترم وجه الشيخ “(لا19: 32).
العدد 8
ع8:
تحذر هذه الآية من الشماتة بموت الشيخ، وذلك لما يلي:
الشماتة هي خطية إدانة.
وهى أيضًا خطية أنانية وعدم محبة للآخرين.
وتظهر هذه الخطية أن قلب الشامت مملوء بالشر.
إذا تذكر الإنسان أنه سيموت، وقد يكون قريبًا جدًا، ولا يريد أن يشمت أحد بموته، فبالطبع لا يصح أن يشمت هو بموت أحد؛ لأن الكتاب المقدس يعلمنا أن “كل ما تريدون أن يفعل الناس بكم افعلوا هكذا أنتم أيضًا بهم” (مت7: 12).
العدد 9
ع9:
لهجًا: مكررًا طوال اليوم.
يتميز معظم الشيوخ بالحكمة؛ لذا يطلب من الصغار والشباب أن يحترموا كلام الحكماء الذين معظمهم من الشيوخ، إذ حصلوا على حكمتهم من علاقتهم بالله، وخبرتهم، ورؤية عمل الله فيهم. وإن كان كلام الحكماء يبدو غريبًا أحيانًا على الشباب، ولكنه يحمل معانى عميقة، فلا يصح أن يستخف الشاب بكلام الحكمة؛ لأنه لا يفهمه، بل على العكس يطلب تفسيرًا، ويستمر في الاستماع، فيزداد حكمة.
وليس فقط مطلوب من الشباب أن يحترموا كلام الحكماء، بل أيضًا يحفظونه، ويكررونه، إذ أن تعبيراتهم، وأمثالهم تحمل معانى عميقة جدًا في التطبيق العملى؛ بهذا يستفيد الشباب من الشيوخ، ويساعد هذا الشيوخ على إعطائهم كل ما في داخلهم من حكمة.
من أجل هذا تهتم الكنيسة بأقوال الآباء القديسين، وسيرهم، بل يدعونا الكتاب المقدس للتمثل بهم (عب13: 7). وهذا سر اهتمام الكنيسة بالتقليد الكنسى الذي حفظ لها عن طريق الآباء المعانى الروحية، والتعاليم من المسيح والرسل حتى الآن.
والعكس صحيح، فمن يستخف بكلام الحكماء مثل رحبعام، الملك يواجه مصاعب كثيرة؛ إذ انقسمت المملكة عنه، بعد أن كانت قوية متحدة في أيام أبيه سليمان (1 مل12: 16).
العدد 10
ع10:
يستكمل سيراخ حديثه عن معاملة الشيوخ الحكماء، فيعلن أمرين:
تعلم التأديب من هؤلاء الشيوخ الحكماء، فيفهم الإنسان، ويقبل وصايا الله والإرشادات الروحية، التي قد يكون ظاهرها يحمل صعوبة في التنفيذ، ولكن يصلح الإنسان، ويقوم طرقه، وقد أكد ذلك يشوع بن سيراخ في (سي 6: 35).
يتعلم الإنسان أيضًا، ويشتاق أن يخدم الشيوخ العظماء الحكماء، فهذه فرصة للاقتراب إليهم، والتعلم منهم كيفية السلوك في الحياة، كما تعلم يشوع من تلمذته لموسى، وكما تعلم أليشع من تلمذته للعظيم إيليا، وكما تعلم تيموثاوس من معلمه العظيم بولس.
الأعداد 11-12
ع11 – 12:
:
يؤكد سيراخ هنا أهمية التعلم من الشيوخ الحكماء، ليس فقط خبرتهم الروحية، بل أيضًا الخبرات الحياتية التي تعلموها هم أنفسهم من آبائهم الحكماء. وهذا نجده واضحًا في التلمذة على الآباء الشيوخ في الرهبنة، وكذا ما يسمى تلميذ البطريرك، أو تلميذ الأسقف، الذي يخدمه، ويتعلم منه، وقد يصير هذا التلميذ أبًا لكثيرين فيما بعد، كما تتلمذ القديس تادرس على الأنبا باخوميوس أب الشركة، ثم خلفه في قيادة الأديرة الباخومية.
وبالتلمذة للشيوخ الحكماء، يستطيع التلميذ أن يجيب على أسئلة الآخرين، والتصرف الحسن، والإجابات السليمة في المواقف المختلفة في الحياة.
† إنتهز كل فرصة للتعلم من الشيوخ، وذوى الخبرة، ولتلاحظ كلامهم، وتصرفاتهم، وإن استطعت أن تسألهم عما يقابلك في الحياة، فتعلم منهم؛ كل هذا يعلمك الحكمة.
13 لاَ تُوقِدْ جَمْرَ الْخَاطِئِ، لِئَلاَّ تَحْتَرِقَ بِنَارِ لَهِيبِهِ. 14 لاَ تَنْتَصِبْ فِي وَجْهِ الشَّاتِمِ، لِئَلاَّ يَتَرَصَّدَ لِفَمِكَ فِي الْكَمِينِ. 15 لاَ تُقْرِضْ مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنْكَ، فَإِنْ أَقْرَضْتَهُ شَيْئًا، فَاحْسَبْ أَنَّكَ قَدْ أَضَعْتَهُ. 16 لاَ تَكْفُلْ مَا هُوَ فَوْقَ طَاقَتِكَ، فَإِنْ كَفَلْتَ، فَاهْتَمِّ اهْتِمَامَ مَنْ يَفِي. 17 لاَ تُحَاكِمِ الْقَاضِي، لأَنَّهُ يُحْكَمُ لَهُ بِحَسَبِ رَأْيِهِ. 18 لاَ تَسِرْ فِي الطَّرِيقِ مَعَ الْمُتَقَحِّمِ، لِئَلاَّ يَجْلُبَ عَلَيْكَ وَبَالًا، فَإِنَّهُ يَسْعَى فِي هَوَى نَفْسِهِ، فَتَهْلِكُ أَنْتَ بِجَهْلِهِ. 19 لاَ تُشَاجِرِ الْغَضُوبَ، وَلاَ تَسِرْ مَعَهُ فِي الْخَلاَءِ، فَإِنَّ الدَّمَ عِنْدَهُ كَلاَ شَيْءٍ، فَيَصْرَعُكَ حَيْثُ لاَ نَاصِرَ لَكَ. 20 لاَ تُشَاوِرِ الأَحْمَقَ، فَإِنَّهُ لاَ يَسْتَطِيعُ كِتْمَانَ الْكَلاَمِ. 21 لاَ تُبَاشِرْ أَمْرًا سِرِّيًّا أَمَامَ الأَجْنَبِيِّ، فَإِنَّكَ لاَ تَعْلَمُ مَا سَيَبْدُو مِنْهُ. 22 لاَ تَكْشِفْ مَا فِي قَلْبِكَ لِكُلِّ إِنْسَانٍ، فَعَسَاهُ لاَ يَجْزِيكَ شُكْرًا.
العدد 13
ع13:
جمر: الفحم المشتعل بالنار.
لا تختلط بالخاطئ وتدخل في العشرة معه، فتجالسه، وتوقد جمر النار في أيام الشتاء لتستدفئا بها، وتأكلا وتشربا معًا، فتختلط بكلامه، وتنحدر معه إلى خطايا مختلفة، فنار شره ستحرقك؛ لأنك دخلت معه في عشرة بلا داعى.
وإيقاد جمر الخاطئ يعنى أيضًا أنك تكثر الكلام معه، فينتشر الشر الذي في داخله، ويشتعل غضبه، ويندفع في تصرفات خاطئة نحو الآخرين، ويجرك معه إلى الإدانة، والتصرفات العدوانية نحو من حولك، وهكذا تحترق بنار شره. ومثال ذلك عندما صادق آمنون بن داود يوناداب ابن عمه، وكان شريرًا، فدفعه إلى جريمة الزنى مع أخته ثامار، وثار أبشالوم شقيقها عليه وقتله (2 صم13).
وقد يحترق الإنسان إذا عاشر خاطئًا، فيقوم الخاطئ عليه، ويسئ إليه كما صادق يوآب رئيس جيش داود أبشالوم ابن داود، فطلب أبشالوم من يوآب أن يتوسط له عند أبيه داود؛ ليوافق على رجوعه إلى بيته، إذ كان غاضبًا عليه بسبب قتله لأخيه، وعندما تأخر يوآب على أبشالوم، أرسل أبشالوم وحرق حقل يوآب، فنال يوآب بهذا شرًا من أبشالوم الشرير (2 صم14: 30).
العدد 14
ع14:
رصد… في الكمين: يراقبك كمن يختبئ لك في مكان خفى ليصطاد خطأً عليك.
لا تقف للشاتم؛ لتمسك عليه شتيمة، وتوبخه، فيغتاظ منك، ويحاول أن يراقبك ليصطاد عليك خطأً، سواء كان هذا الشاتم يشتمك أنت، أو غيرك.
وعندما تنتصب للشاتم، وتمسك عليه شتيمته، فهو غالبًا سيرد عليك بكلام مثير، فتسقط أنت في الغضب، وقد تشتمه أيضًا، فكلام الشاتم هو كمين لك يثيرك، ويسقطك في الخطية.
والخلاصة، كن رحيمًا، ولا تحاول أن تصطاد الأخطاء للناس، لئلا يصطادوك ويمسكوا عليك أخطاءً كثيرة. ترفق بهم، والتمس لهم العذر، فيرحمك الله، ويلتمسون هم أيضًا لك العذر في أخطائك.
العدد 15
ع15:
تنبهنا هذه الآية إلى ملاحظة في موضوع الاقتراض، فمن يقرض غيره فلابد أن يعرف مدى قوة من اقترض منه، فإذا كان قويًا، سواء في ممتلكاته، أو مركزه، أو سلطانه، أو قوته الجسمانية، فإن هذا سيؤثر عند سداده ما اقترضه، إذ سيعتمد على قوته فلا يسدد تمامًا، أو يسدد جزءًا ولا يكمل إيفاء ما عليه، وبالتالي من يقرض من هو أقوى منه، فإنه يضيع أمواله، إذ لن تعود إليه.
أما من يقرض الضعفاء والمساكين والفقراء، فإن لم يستطيعوا أن يسددوا لضعفهم، فيعتبر أنه قد قدم أموالًا لله، والرب سيكافئه.
العدد 16
ع16:
تكفل: تضمن غيرك في أموال اقترضها، وإن لم يسدد ما عليه سيلتزم الكفيل بتسديدها من أمواله الشخصية.
امتدادًا لموضوع الاقتراض، تحذرنا هذه الآية من ضمان من يقترضون، فلا نضمن إنسانًا قد اقترض أموالًا كثيرة لا يستطيع تسديدها إذا عجز المقترض عن التسديد، فيسأل الكفيل نفسه قبل أن يضمن غيره، هل أستطيع أن أفى وأسدد هذا المبلغ الذي أضمنه؟ فإن كان المبلغ يفوق قدرته، يعتذر. وينبغى الاحتراس من الاندفاع العاطفى، أو الاعتماد على مدى احتياج المقترض ووعوده بالسداد، فهذه كلها يمكن أن تتغير، ويلقى القبض على الكفيل، ويلقى في السجن لعدم تسديده.
والخلاصة، تحذرنا هذه الآية من الاندفاع في الوعود، والضمانات دون أن نحسب حساب النفقة، ونفحص قدرتنا على الإيفاء بهذه الوعود.
ويلاحظ أن الكفالة قد أفرد له ابن سيراخ جزءًا كبيرًا من الأصحاح 29.
العدد 17
ع17:
إذا أخطأ في حقك شخص ذو مركز، أو سلطان، مثل القاضى، فلا تسرع في تقديم شكوى ضده، أو رفع قضية عليه؛ لأنه سيستخدم مركزه، وصداقته مع القضاة زملائه، فتضيع شكواك، أو تنقلب على رأسك، ويحدث لك ضررًا.
ويفهم من هذا وجوب الحكمة في مطالبتك بحقوقك، فإن كان هناك إمكانية في الحصول عليها طالب بها، واستخدم كل الوسائل القانونية التي تساعدك، أما إذا كان لك حق لا تستطيع الحصول عليه، فالله سيعوضك.
العدد 18
ع18:
المقتحم: المغامر.
وبالًا: مصائب كثيرة.
لا تصادق المغامر الذي ليس لديه أية تحفظات لمغامراته، فإن سرت معه في طريق الحياة، فإنك ستشاركه مغامراته، وبالتالي تتعرض للمصائب الكثيرة التي سيواجهها. واعلم أنه سيسير بهوى نفسه، أي محبة المغامرة، وبالتالي، فمن المؤكد أن يأتي عليه، وعليك الوبال، إذ لن يستطيع أن يوقف نفسه عن المغامرة مهما كانت المخاطر.
أما إذا كان المغامر لا يتقدم إلا إلى المغامرة المحسوبة، بكل ما يمكن أن تقابلها من خسائر، ويتباعد عن المغامرات الخطيرة، فإنه رجل متزن، ويمكن مصادقته، والارتباط به.
العدد 19
ع19:
يصرعك: يقتلك.
الإنسان الغضوب لا يستطيع أن يضبط غضبه، وكل ما ينتج عنه من كلمات قاسية، أو استخدام اليدين في الضرب، أو الهياج الذي قد يدفعه لقتل من يضايقه.
من أجل هذا، إذا اختلفت مع إنسان غضوب فأوقف الحديث، حتى لا يصل إلى عراك، خاصة إن كنتما في مكان خلاء، فهو في غضبه يلغى عقله، ويمكن أن يقتلك، ولا ينزعج من منظر الدم؛ لتركيزه في الغضب، واعتياده على الإساءة للآخرين، والاعتداء عليهم وقتلهم.
الأعداد 20-21
ع20 – 21:
:
تحذرنا هاتان الآيتان من عرض أسرارنا على أي إنسان، خاصة لو كان أحمقًا، اى جاهلًا غير منضبط في كلامه، ولا يقدر كتمان الأسرار الخاصة، وكذلك الأجنبى، أي الإنسان الذي لا تعرف عنه شيئًا، فقد يكون من طباعه ألا يخفى أمرًا في داخله، فلا تلتجئ لهذا، او ذاك، لتأخذ رأيهما في مشاكلك الخاصة؛ لأنهما قد يقولانها لأى إنسان ولو بعد حين.
فمعنى هذا، إن كنت مضطربًا لأجل أي أمور، فتكلم فيها مع من تثق في محبتهم، وحكمتهم، وأولهم أب الاعتراف والمرشد الروحي، أو أي إنسان لك معرفة كبيرة به.
العدد 22
ع22:
الخلاصة في الكلام مع الآخرين يعلنها سيراخ في هذه الآية، وهي عدم التكلم مع أي إنسان في أسرارك الخاصة، إذ لن تنال منه شكرًا، أو تشجيعًا، فيمكن أن يوبخك دون داعى، أو يجرك للإحساس بالفشل والإحباط. تكلم فقط مع من تثق فيه.
† جيد أن تحب جميع الناس وتتعامل معهم بلطف، ولكن ابتعد عن العشرة الزائدة، أو الصداقة مع الأشرار. واحترس أيضًا في كلامك؛ حتى لا تقول اسرارك الخاصة، ثم تعود فتلوم من نشرها للآخرين. كن مدققًا تعيش في أمان.