أتريد أن تبرأ | موعظة في دقيقة

أتريد أن تبرأ

في تلك البركة والتي يقال لها بالعبرانية بيت حسدا، والتي معناها (بيت الرحمة)، كان يجتمع جمهور من المرضى كل واحد منهم كان مريضاً بمرضٍ ما، فمنهم العمي، والعرج والعسم، حيث كانوا يتوقعون تحريك الماء من قبل ملاك كان ينزل أحياناً في البركة ويحرك الماء. فمن نزل أولاً بعد تحريك الماء كان يبرأ من أي مرضٍ اعتراه.

يا له من توقع ويا لها من معادلة، ففي حياتنا اليوم الكثير ممن يعيشون على التوقعات، فتارة تكون صائبة وفي مواقف أخرى تكون توقعات خائبة، وفي الحالتين ومهما كانت النتيجة، فنحن من نتحمّل مسؤولية توقعاتنا.
أتريد أن تبرأ | موعظة في دقيقة
ولكن ما حدث هنا كان أعظم من إيّ توقع يمكن للعقل البشري أن يفكر به! إنها معجزة ربما قد استغرقت ثوان معدودة! “وَكَانَ هُنَاكَ إِنْسَانٌ بِهِ مَرَضٌ مُنْذُ ثَمَانٍ وَثَلاَثِينَ سَنَةً هذَا رَآهُ يَسُوعُ مُضْطَجِعًا، وَعَلِمَ أَنَّ لَهُ زَمَانًا كَثِيرًا، فَقَالَ لَهُ: أَتُرِيدُ أَنْ تَبْرَأَ؟” (يو 5: 5-6)

وأنتم تعلمون ما معنى شخص قد أصيب بمرض منذ ثمانية وثلاثون سنة، وكيف كانت حالته النفسية والجسدية. هذا الإنسان رآه يسوع له كل المجد، ولأنه فاحص القلوب ويعلم ما في داخل الإنسان! علمَ أنّ له زماناً كثيراً بهذه الحالة، ولأنّ يسوع جاء ليخلّص النفوس البشرية من كل تعب أو ضيق أو مرض، فبادر بالسؤال: أتريد أن تبرأ؟

قد يكون هذا السؤال غير منطقي وغريباً جداً ومن الصعب أن يستوعبه العقل البشري الذي تعوّد على تحليله المنطقي والملموس لواقع الحياة الأرضية، ولكن نعمة الشفاء والخلاص تقتضي أيضاً إرادة فائقة للإنسان تفوق منطقه الأرضي.

ولأنّ لكل سؤال جواب، أجابه المريض بكل وضوح متّسماً بوداعة عجيبة:” يَا سَيِّدُ، لَيْسَ لِي إِنْسَانٌ يُلْقِينِي فِي الْبِرْكَةِ مَتَى تَحَرَّكَ الْمَاءُ. بَلْ بَيْنَمَا أَنَا آتٍ، يَنْزِلُ قُدَّامِي آخَرُ”. (يو 5: 7)

هل تبحث عن  الذين يخدمون الله برياء؛ والذين يعبدونه بقلب منقسم المزمور التاسع

إذن هو مريض مضطجع ويعلم أنه ليس له إنسان يلقيه في البركة. بمعنى آخر أنه متأقلم مع مرضه ومتعايش مع تلك الحالة المرضية، وكل ما يريده هو إنسان يلقيه في البركة. فالمريض الجسدي لا يستطيع النهوض لوحده فهو يحتاج الى مساندة شخص آخر. ولمزيد من المعرفة لم يكن يعرف أبن حسدا إنه يكلم يسوع! “أَمَّا الَّذِي شُفِيَ فَلَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ مَنْ هُوَ، لأَنَّ يَسُوعَ اعْتَزَلَ، إِذْ كَانَ فِي الْمَوْضِعِ جَمْعٌ”. (يو 5: 13)

أتريد أن تبرأ | موعظة في دقيقة

تراودني أسئلة كثيرة أريد مشاركتها معكم؟

ـ هل عاش المريض كل تلك الفترة منتظراً من يلقيه في البركة؟ ألم يضجر؟
ـ ماذا كان يشعر عندما يسبقه شخص آخر، ويبرأ من مرضه وهو الذي له زماناً طويلاً؟
ـ ماهي كمية الصبر التي كانت بداخله. ألم يصرخ.. ألم يحتج.. ألم ييأس؟
ـ ما هو نوع التسليم الذي كان يعيشه؟ وهل هو تسليم أم تعود وتعايش مع حالته؟
ـ ما هو نوع الأمل والرجاء الذي كان يعتري صدره وهو جالس وفي نفس الوقت يعلم أنه ليس له إنسان؟ وهل شفائه كان يعتمد على ذاك الانسان وتلك البركة؟

وفي حياتنا اليوم كثيرين منا لازالوا ينتظرون ذلك الإنسان، قريباً كان أم غريباً، لكي يسندهم في أوقات معينة يعجزون فيها عن الصمود مطولاً، وأيضاً هناك الكثير من البشر ممن يقفون في نفس المكان ولسنوات طويلة على أمل التغيير.. نعم.. فهذه هي طبيعتنا البشرية ولا عجباً في ذلك.

جاء يسوع ليعلمنا معنى قوة الكلمة، وكيف يمكن أن يسكب من روحه على مختاريه، لكي يحملوا هيكل جسدهم ويقوموا من جديد. وكيف أنّ له سلطان على المرض، وأنه هو الماء الحي الذي يعطي الحياة عوضاً عن تلك البركة، وهذا يتطلب الطاعة والتسليم والتطبيق والرغبة في أن تعيش الحياة التي جاء يسوع ليعطيك إياها.

هل تبحث عن  قصة القديس خريستوفورس الشهيد

ومن تلك البركة قال له يسوع: ” قُمِ. احْمِلْ سَرِيرَكَ وَامْشِ، فَحَالًا بَرِئَ الإِنْسَانُ وَحَمَلَ سَرِيرَهُ وَمَشَى”.(يو 5: 9)

لقد فعلها.. أطاع المريض طاعة كاملة من دون أية حجج. فالمنطق والعقل البشري وحالته الصحية كانت قد تتحكم به ببساطه، كأن يقول: كيف لي أن أمشي وأحمل سريري؟ وماذا عن كل تلك السنين التي قضيتها عاجزاً؟ ماذا عن عضلات جسمي أنا لا أستطيع الحراك هل يعقل أن أقوم وأمشي هكذا ببساطة؟ إلاّ أنه أطاع كلام الرب يسوع حتى وأن كان لم يعرفه بعد. وبعد ذلك وجده يسوع في الهيكل وقال لهأتريد أن تبرأ | موعظة في دقيقة ها أنت برئت. فلا تخطيء أيضاً لئلا يكون لك أشر). كم هي عظيمة محبتك ورحمتك إلهي الطيب، لقد وجده ليقول له لا تخطيء أيضاً.

نعم.. لقد أعطى يسوع ولادة جديدة وحياة أفضل لهذا المريض، أي انتقل المريض من الموت إلى الحياة. حقيقة أنها لبركة حقيقة يتمناه أي فرد منّا. هكذا عاملَ يسوع مريض ابن حسدا، فقد كان وما يزال المبادر والمفتقد والمخلص والمنبّه عندما قال لَهُ: هَا أَنْتَ قَدْ بَرِئْتَ، فَلاَ تُخْطِئْ أَيْضًا، لِئَلاَّ يَكُونَ لَكَ أَشَرُّ.

بعد أن تقرأ النص بالكامل أتمنى أن تحاور نفسك بالرد على هذه الاسئلة؟
ـ هل أنت مستعد لكي تبرأ؟
ـ هل لك الإرادة الكاملة لكي تفعلها؟
وإذا كانت إجابتك بـ “نعم” فأنا أشجعك أن تكون لك ثقة كبيرة بكلمة ربنّا، وأن تؤمن بقوة هذه الكلمة التي يسكبها الرب على روحك، وأن تقوم وتحمل مسؤولية نفسك وتنطلق من جديد مهما كانت الظروف والصعاب وحجم الألم أو المرض أو الخطيئة التي تحيط بك. أياك أن تستسلم (إليك يا رب أرفع نفسي) قم كما قام أبن حسدا، ولا تعود الى ماكنت عليه سابقاً بعد ان تنال نعمة وبركة الشفاء والخلاص باسم يسوع المسيح .. ليتمجد اسمه إلى الأبد..

هل تبحث عن  طوبي للذي يجعل اسم الرب متكله، ولا يثق في الأباطيل

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي