الطهارة الطقسية بنظر يسوع

الطهارة الطقسية بنظر يسوع:

في زمن يسوع زادت الشروط المادية في الطهارة: من تطهير متكرّر (مرقس 7: 3-4)، وأنواع غسل دقيقة (متى 23: 25)، وهرب من الخطأة الذين ينشرون النجاسة (مرقس 2: 15-17)، والابتعاد عن القبور تجنباً للنجاسة (متى 23: 27).

يسوع الذي تُصوّره الأناجيل الإزائيّة، إنه يلمس الأبرص (مرقس 1 :40-43)، يأكل مع العشّارين والخطأة (مرقس 2 :15-17)، يشجب الممارسات الفريسية (مر 7 :1-23)، لا يدلّ على اهتمام بالطهارة الطقسيّة، بل يشدّد على الطهارة الأخلاقيّة. ما يجب أن نطهّره أولاً هو القلب لا اليدان والكأس. وفي هذا الصدد تقول القديسة الأم تريزا دي كالكوتا ” دَع محبّة الله تجتاحُ القلبَ وتتملّكه، فتصبحَ بالنسبة إلى هذا القلب كطبيعة ثانية؛ فلا يَدَع هذا القلب شيئًا مضادًّا له يدخله؛ ولْيَعملْ باستمرار على زيادة حبّ الله هذا بإرضائه في كلّ شيء، وبعدم رفض أيّ شيء يطلبه؛ فليَقبَل كلّ ما يجري له كأنّه صادر عن يد الله”(صلاة البحت عن قلب الله).

وطالب يسوع بالمحافظة على بعض قواعد الطهارة الشرعية (مرقس 1: 43-44) لكنه أدان أولاً التطّرف في الفرائض، والمضاعفة على الشريعة “إنَّكُم تُحسِنونَ نَقْضَ وَصِيَّةِ الله لِتُقيموا سُنَّتَكم” (مرقس 7: 9). ثم أعلن أن الطهارة الوحيدة هي الطهارة الباطنية: ” مِن شَيءٍ خارجٍ عنِ الإِنسان إِذا دخَلَ الإِنسانَ يُنَجِّسُه. ولكِن ما يَخرُجُ مِنَ الإِنسان هو الَّذي يُنَجِّسُ الإِنسان” (مرقس 7: 15). ثم منح يسوع ذاته إلى ” أنقياء القلوب ” طوبى لأَطهارِ القُلوب فإِنَّهم يُشاهِدونَ الله” (متى 5: 8).

فإن الطهارة الأدبية نفسها لم تعد تكفي لمعاينة اللّه، وللتقرب إليه، وإنما يحتاج الأمر إلى حضور الرب الفعّال، حينئذ يكون الإنسان طاهراً جذرياً. وهذ ما أكّد يسوع لرسله: “أَنتُمُ الآنَ أَطهار بِفَضْلِ الكَلامِ الَّذي قُلتُه لَكم” (يوحنا 15: 3)، وبوضوح أكثر: ” مَن استَحَمَّ لا يَحتاجُ إِلاَّ إلى غَسلِ قَدَمَيه، فهو كُلُّه طاهِر. أَنتُم أَيضاً أَطهار” (يوحنا 13: 10).

هل تبحث عن  نفس من العالم تصرخ ( هذة هي الحياة ان يعرفوك )

ونستنتج مما سبق أن يسوع أبدل الطقوس تطهير الكيان الداخلي بذبيحته “فقَد أَبطَلَ العِبادةَ الأُولى لِيُقيمَ العِبادةَ الأُخْرى. وبِتِلكَ المَشيئَة، صِرْنا مُقَدَّسينَ بِالقُرْبانِ الَّذي قُرِّبَ فيه جَسَدُ يَسوعَ المَسيحِ مَرَّةً واحِدَة (عبرانيين 9:10 -10) وحيث أن “دَم يسوعَ ابنِه يُطَهِّرُنا مِن كُلِّ خَطيئَة”(1 يوحنا 1: 7). وتحقق هذا التطهير بطقس المعمودية التي تستمد فاعليتها من الصليب” أَحَبَّ المسيحُ الكَنيسة وجادَ بِنَفسِه مِن أَجْلِها لِيُقدَسَها مُطهِّرًا إِيَّاها بِغُسلِ الماءِ وكَلِمَةٍ تَصحَبُه (أفسس 5: 25-26). جاء السيد المسيح جاء إلى العالم لكي يدخل بنا إلى إنساننا الداخلي، ومن هذا المنطلق علينا ألا نهتم بالشكليات الخارجية والمظاهر، إنما نطلب تجديد إنساننا العميق، لهذا وبخ المهتمين بالوصايا في شكلها دون روحه.

المسيحيّ الحقيقي هو الذي تحرّر من الشريعة ومن محرّماتها الطقسيّة (غلاطية 3 :23-4 :10، وسار منذ الآن في “شريعة المسيح” (1قورنتس 9 :21)، “شريعة الروح الذي يُعطي الحياة” (رومة 8 :2) لا شيء نجس في ذاته (رومة 14 :14)، ولا يوجد شعب طاهر وشعب نجس، إنما الحاجة إلى القلب الطاهر الداخلي. يعبّر عن الطهارة الشخصية في العلاقات مع القريب.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي