" أُحصِيَ مع العُصاة"(أشعيا 53: 12)

ولَمَّا اعتَمَدَ الشَّعبُ كُلُّه واعتَمَدَ يَسوعُ أَيضاً وكانَ يُصَلِّي، اِنفَتَحَتِ السَّماء،

تشير عبارة “ولَمَّا اعتَمَدَ الشَّعبُ كُلُّه” إلى اعتماد الشعب كله على يد يوحنا المعمدان كتمهيدٍ لاعتماد يسوع والوحي الذي يليه. أمَّا عبارة “أعتمد” في الأصل اليوناني ل¼گخ²خ±د€د„ل½·دƒخ¸خ· فتشير إلى التغطيس في الماء مما يدل على موته وتقدمة ذاته. الماء الذي يرمز إلى الموت، صار يرمز بقوة الروح إلى الحياة والخليقة الجديدة (التكوين 1: 2). وباعتماده خضع يسوع لإرادة الآب ووضع نفسه في عِداد الخاطئين متضامناً معهم، وحاملا على نفسه خطيئتهم؛ إنه “حَمَلُ اللهِ الَّذي يَرفَعُ خَطيئَةَ العالَم” (يوحنا 1: 29). ويُعلق البابا فرنسيس “بمجيئه إلى الأردن واعتماده على يد يوحنا، أظهر يسوع تواضعه وشفقته على الجموع، وانحناؤه على الجراح البشريّة ليشفيها”. وسار يسوع في مسيرة التوبة التي سار فيها شعبه ليأخذ مكان الخاطئ، ولم يُلاحَظُ وجوده أحد: فهو واحد ٌ من الآخرين، واحدٌ بين كثيرين للتضامن معهم ليُخلِّصهم. وعلى الرغم من عدم كونه خاطئاً، إلا أنه إصطفّ مع الخطأة كي يتلقّى المعموديّة، ويكون إنساناً وسط البشر. فعُمَّاد يسوع يدل على بداية خدمته العلنية حوالي سنة 27، وكان عمره نحو 30 سنة (لوقا 3: 23). وبكلمة أخرى، اعتمد يسوع ليس لأنه خاطئ بل لأجل تتميم كل بر (متى 3: 15)، ولأجل تضامنه مع الخطأة ” أُحصِيَ مع العُصاة”(أشعيا 53: 12)، وكعمل تكريسي لرسالته ليبدأ رسميا في خدمته العلنية (يوحنا 1: 31-34)، ولأجل تقديس المياه ولتقديم لنا مثالا لإتباعه، وهنا يُعلق القديس مكسيموس “أعتمد يسوع لا ليُقدَّس بالمياه، بل ليُقدِّس المياه، فيُطهر بطهارته كل ما تمسه المياه”(CLL 23; 398-400). وأخيرا تقدّم المسيح إلى المعمودية من اجل أن تتبعه الشعوب المسيحية بثقة وإيمان. وهناك أسباب أخرى أضافها القديس ايرونيموس “لقد تلقّى يسوع معموديّة يوحنّا لثلاثة أسباب. الأوّل، وبما أنّه وُلِد إنسانًا، أراد تحقيق جميع الفرائض الوضيعة للشريعة؛ والثاني لتشريع معموديّة يوحنّا من خلال معموديّته؛ والثالث ليُظهِر-عندما قدّس ماء الأردن-حلول الرُّوح القدس في معموديّة المؤمنين من خلال هبوطه في شكل حمامة”(القدّيس ايرونيموس، شرح لإنجيل القدّيس متّى، 3). ولم يُذكر يوحنا المعمدان في إنجيل لوقا وذلك دلالة على انتهاء زمن يوحنا علما أن لوقا روى قصة يوحنا منذ ولادته حتى إلقائه في السجن عن يد هيرودس (لوقا 3: 19-20).

هل تبحث عن  دَواء

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي