اتكل على الرب فلينجّه

على الصليب
أراد السيد المسيح أن يلفت نظر المحيطين به إلى ما ورد عن صلبه من نبوات واضحة فى سفر المزامير فقال: “إلهى إلهى لماذا تركتنى” (مت27: 46).
وهو بهذا قد استخدم بداية المزمور الثانى والعشرين الذى يقول: “إلهى إلهى لماذا تركتنى بعيداً عن خلاصى عن كلام زفيرى.. كل الذين يروننى يستهزئون بى يفغرون الشفاه وينغضون الرأس قائلين: اتكل على الرب فلينجّه. لينقذه لأنه سر به.. أحاطت بى ثيران كثيرة، أقوياء باشان اكتنفتنى. فغروا علىّ أفواههم كأسد مفترس مزمجر.. يبست مثل شقفة قوتى ولصق لسانى بحنكى وإلى تراب الموت تضعنى. لأنه قد أحاطت بى كلاب. جماعة من الأشرار اكتنفتنى. ثقبوا يدىّ ورجلىّ. أحصى كل عظامى وهم ينظرون ويتفرسون فىّ. يقسمون ثيابى بينهم وعلى لباسى يقترعون” (مز22: 1، 7، 8، 12، 13، 15- 18).
إنه وصف عجيب لأحداث صلب السيد المسيح امتلأ به هذا المزمور ويعتبر ترديد السيد المسيح للعبارة الأولى فيه إشارة وشهادة لما يحويه المزمور من نبوات دقيقة وواضحة عن الصلب بما فى ذلك تعييرات اليهود للسيد المسيح بقولهم: “قد اتكل على الله فلينقذه الآن إن أراده” (مت 27: 43). وتسمير الجند له على الصليب ثاقبين يديه ورجليه بالمسامير واقتسامهم ثيابه بينهم وإلقائهم القرعة على لباسه “ولما صلبوه، اقتسموا ثيابه مقترعين عليها. لكى يتم ما قيل بالنبى اقتسموا ثيابى بينهم وعلى لباسى ألقوا قرعة” (مت 27: 35).
وهنا نرى شهادة من القديس متى الإنجيلى لما ورد فى نفس المزمور وأن ما حدث فى اقتسام ثياب السيد المسيح وإلقاء القرعة على لباسه هو إتمام للنبوة الواردة فيه.
وقد دعى السيد المسيح “ابن داود” (مت21: 9)، ودعيت مملكته “مملكة أبينا داود الآتية باسم الرب” (مر11: 10).
وعلى جبل التجلى التقى الناموس والأنبياء مع صاحب المزامير الحقيقى وهو السيد المسيح فكان موسى ممثلاً للناموس، وإيليا ممثلاً للأنبياء، أما المزامير فقد تحققت فى شخص ابن داود.
بل أن هوشع النبى يعطى لقب داود للسيد المسيح فى قوله: “لأن بنى إسرائيل سيقعدون أياماً كثيرة بلا ملك، وبلا رئيس، وبلا ذبيحة، وبلا تمثال، وبلا أفود وترافيم. بعد ذلك يعود بنو إسرائيل ويطلبون الرب إلههم وداود ملكهم ويفزعون إلى الرب وإلى جوده فى آخر الأيام” (هو3: 4، 5).
ومن الواضح هنا أن عبارة “يطلبون داود ملكهم فى آخر الأيام” هى كناية عن عودة بنى إسرائيل إلى السيد المسيح بعد رفضهم له وعدم اعترافهم بملكه الذى قال عنه الملاك جبرائيل للسيدة العذراء “ويعطيه الرب الإله كرسى داود أبيه.. ولا يكون لملكه نهاية” (لو1: 32، 33).
إن من يتغنى بالمزامير فإنما يتغنى بحياة السيد المسيح، أو يتغنى بعمل السيد المسيح فى حياة الإنسان.
للمسيح تُقدَّم الصلاة، وبالمسيح تقدم الصلاة، وفى المسيح تقدم الصلاة. وعليه ينطبق قول المزمور “أما أنا فصلاة” (مز109: 4).
لقد كان السيد المسيح هو الكاهن وهو الذبيحة وهو المُصعد وهو الصعيدة {هذا الذى أصعد ذاته ذبيحة مقبولة عن خلاص جنسنا فاشتمه أبوه الصالح وقت المساء على الجلجثة}.
ما أجمل أن يكون السيد المسيح هو أنشودة حياتنا: نشدو به ونشدو بحبه ونتذوقه جديداً فى كل يوم.

هل تبحث عن  مزمور 34 - "فإن أذنيه مصغيتان إلى طلبهم"

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي