سنوات مع إيميلات الناس!
أسئلة عن الكتاب المقدس
كيف نقول عن الله الصالح أنه خالق الخير والشر؟
سؤال: أليس الله كُلّيّ الصلاح؟
كيف إذن يُقال عنه أنه خالق الخير وخالق الشر (إش 45: 7)؟! بينما الشر لا
يتفق مع طبيعة الله.
ينبغي أن نعرف أولًا معني كلمة الخير، ومعني كلمة
الشر، في لغة الكتاب المقدس. لأنه لكل
منهما أكثر من معني…
كلمة شر يمكن أن تكون بمعنى
الخطيئة. ولا يمكن أن تقصد بهذا المعنى عبارة “صانع الشر” في (أش 7:45).
لأن الشر بمعني الخطية، لا يتفق مع صلاح الله
الكلي الصلاح، ولكن كلمة (شر) تعني أيضًا -بلغة
الكتاب–
الضيقات والمتاعب….
كما أن كلمة (خير)
لها أيضًا المعنيان المقابلان: إذن يمكن أن تعنى البر والصلاح، عكس الخطيئة.
كما تعنى-بعكس الضيقات- الغني والوفرة والبركات والنعم المتنوعة مادية وغير
مادية.
St-Takla.org Image:
|
* ولعل هذا واضح جدًا في
قصة أيوب الصديق. فإنه لما حلت عليه الضيقات، وتذمرت امرأته، حينئذ وبخها
بقوله “تتكلمين كلامًا كإحدى الجاهلات. أألخير من الله نقبل والشر لا نقبل؟!”
(أي 10:2).
وأيوب لا يقصد بكلمة الشر هنا الخطية، لأنه لم
تصبه خطية من عند الرب. إنما يقصد بالشر ما قد أصابه من ضيقات..
من جهة موت أولاده، وهدم بيته، ونهب
مواشيه وأغنامه
وجماله
وأتنه. هذه الضيقات والمصائب التي يسميها العرف شرًا. وعن هذه المصائب قال
الكتاب “فلما سمع أصحاب أيوب الثلاثة بكل الشر الذي أتي عليه، جاءوا كل واحد من
مكانه… ليرثوا له ويعزوه” (أي 11:2).
* وبهذا المعني تكلم الرب على معاقبته لبني
إسرائيل فقال “هاأنذا جالب شرًا على هذا الموضع وعلى سكانه، جميع اللعنات
المكتوبة في السفر” (2أي 24:34). وطبعًا لم يقصد الرب بالشر هنا معني الخطية..
إنما كان الرب يقصد بالشر: السبي الذي يقع فيه
بنو إسرائيل، وانهزامهم أمام أعدائهم، وباقي الضربات التي يعاقبهم بها.
* ومن أمثلة هذا الأمر أيضًا قول الرب عن
أورشليم “هانذا جالب على الموضع شرًا، كل من سمع به تطن أذناه” (أر 3:19).
وذكر تفصيل هذا (الشر) فقال “أجعلهم يسقطون بالسيف أمام أعدائهم… وأجعل جثثهم
أكلاُ
لطيور السماء ولوحوش
الأرض. وأجعل هذه المدينة للدهش والصفي.. هكذا أكسر هذا الشعب وهذه المدينة
كما يكسر وعاء الفخاري بحيث لا يمكن جبره بعد” (أر 7:19-11).
* ونفس المعني ما ورد في
سفر عاموس (4:9).
* وفي وعود الرب لإنقاذ الشعب من السبي والضيق
والهزيمة، “هكذا قال الرب: كما جلبت علي هذا الشعب كل هذا الشر العظيم، هكذا
أنا أجلب عليهم كل الخير الذي به تكلمت به عليهم” (أر42:32)، أي يردهم من
السبي.
وكلمة الخير هنا لا يقصد بها البر والصلاح، وواضح
أيضًا أن كلمة الشر هنا لا يقصد بها الخطيئة.
ولعل من كلمة الخير بمعنى النعم، اشتقت كلمة
خيرات..
وفي هذا يقول
المزمور (مز 5:103) “يشبع بالخير عمرك” (اقرأ مقالًا آخرًا عن
هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). ويقول الرب في
سفر أرميا “خطاياكم منعت الخير عنكم” (أر 25:5).
بهذا المعني قيل عن الرب إنه صانع الخير وصانع
الشر” أي أنه يعطي النعم والخيرات، وأيضًا يوقع العقوبة والضيقات..
مادام الأمر هكذا، إذن ينبغي أن نفهم
معني كلمة “الشر”..
إن كانت كلمة الشر معناها الضيقات، فمن الممكن أن
تصدر عن الله، يريدها أو يسمح بها، تأديبًا للناس، أو حثًا لهم على التوبة، أو
لأية فائدة روحية تأتي عن طريق التجارب (يع 2:1-4).
إذن عبارة خالق الشر، أو صانع الشر معناها ما
يراه الناس شرًا، أو تعبًا أو ضيقًا، ويكون أيضا للخير.
أما الخير بمعني الصلاح، والشر بمعني الخطيئة،
فمن أمثلته:
“للانتقام من فاعلي الشر، وللمدح لفاعلي الخير”
(1بط 14:2).
وأيضًا “حد عن الشر وأصنع الخير” (مز 14:34).
وقول الرب “بنوكم الذين لم يعرفوا اليوم الخير
والشر” (تث 29:1).
وكذلك عبارة “شجرة
معرفة الخير والشر” (تك 9:2).
ومن هنا كانت عبارة “يصنع به خيرًا” أي يساعده,
يعينه، ينقذه، يعطيه من العطايا والخيرات، يرحمه، يحسن إليه.
وبالعكس عبارة “يصنع به شرًا” أي يؤذيه.
وحينما يجلب الله شراُ علي أمة، يقصد بهذا وضعها
تحت عصا التأديب، بالضيقات والضربات التي يراها الناس شرًا.
-
المرجع: كتاب سنوات مع أسئلة الناس –
أسئلة خاصة بالكتاب المقدس – قداسة البابا شنودة الثالث.