تشير عبارة “علَيه أَن يَمُرَّ بِالسَّامِرَة” الى أهمية الحدث الذي قصده يسوع لإتمام رسالة الخلاص في السامرة حيث ان المسيح أتى وتجسَّد لهذا السبب. فالخلاص ليس فقط لليهود بل لجميع الشعوب، ويُعلق القديس يوحنا الذهبي الفم “لم يمضِ إلى الجليل بلا هدف، وإنما لينجز أمورًا هامة معينة بين السامريين مظهرًا أنه قام بهذا العمل العرضي أثناء الرحلة. لم يذهب إلى الأمم فورًا وإنما أثناء عبوره”؛ فقد مرّ بالسامرة في طريقه متوجهاً من اليهودية إلى الجليل، وهذه الرحلة تحتاج إلى ثلاثة أيام سفر. فكانت السامرة احدى الطريقين للصعود من اليهودية الى الجليل: إمَّا من وادي الاردن، وإمَّا من السامرة. وكان اليهود يفعلون أي شيء لتجنب المرور خلال السامرة، ومع ذلك اختار يسوع السامرة في مخططه ليجعل المرأة السامرية مُمثلة عن السامريين في تقبلهم للمسيح، كما كان نيقوديموس يُمثل اليهود (يوحنا 3: 1-9). وتعتبر رسالة يسوع في السامرة صورة مسبقة عن رسالة فيلبس، مبشّر السامرة (اعمال الرسل 8) ومقدِّمة للتبشير الى الوثنيين (يوحنا 12: 20-24). وكان باستطاعة يسوع ان لا يمرّ بالسامرة، بل يسير في شرق الأردن (متى 19: 1) كما كان يفعل اليهود الذين كانوا يتجنبون الاتصال بالسامريين، لأنهم كانوا يكرهونهم بسبب فساد أصلهم واختلاف أفكارهم الدينية. والبرهان على ذلك، احتقر الفريسيون ليسوع، وحسبوه سامريا، واعتبروه ممسوسا من قبل الشيطان (يوحنا 8: 48). أمَّا عبارة “السَّامِرَة” فتشير الى القسم الوسطي من فلسطين التي كانت مقسّمة في أيام السيد المسيح إلى ثلاثة أقسام: اليهودية في الجنوب حيث توجد مدينة اورشليم والهيكل. والجليل أو جليل الأمم في الشمال، وهي تضم كثير من الأمم الذين قبلوا الإيمان اليهودي. ثم السامرة وهي في المنتصف، ويبلغ طولها 75 كم من الشمال إلى الجنوب و64 كم من الشرق إلى الغرب، وتحدُّها اليهودية في الجنوب، والأردن من الشرق، وسهل شارون من الغرب، وسهل يزرعيل (مرج بن عامر) في الجليل من الشمال، وقد استولت على أرض السامرة سبطي: منسي وإفرائيم. وهي أجمل أراضي المنطقة وأخصبها، وعاصمتها مدينة السامرة (عاصمة مملكة الشمال، مملكة إسرائيل). وتقلصت منطقة السامرة أيام المسيح لبعض مدن تحيط بشكيم. وما ذِكْرُت منطقة السامرة هنا إلا لارتباطها مع تصميم الله بإدخال كل الذين يؤمنون بيسوع إلى الحياة الأبدية. ومن هذا المنطق، فان ارسالية يسوع شملت شعوب العالم غير اليهودية او شبه اممية.