سنوات مع إيميلات الناس!
أسئلة اللاهوت والإيمان والعقيدة
عبادة الشيطان
سؤال: نريد إلقاء الضوء على موضوع عبادة الشيطان، وما هي المحاور
التي يعتمدون عليها؟ وكيف نوعي الشباب إزاء هذا الأمر
الإجابة:
هذه
ضلالة جديدة، يحاول بها الشيطان Satan اقتناص أبنائنا،
والخروج بهم عن جادة السبيل، وما يبنى أرواحهم وأنفسهم وأجسادهم، إلى طريق مدمر
وخطير.. فمن هو الشيطان، وما حكاية هذه الضلالة؟ يجيب علينا نيافة الحبر الجليل
الأنبا موسى:
من هو الشيطان ؟!
St-Takla.org Image: صورة في موقع الأنبا تكلا: |
خلق الله
الملائكة ورؤساء الملائكة، قبل أن يخلق الإنسان، وأعطاهم حرية إرادة
وفرصة اختيار، فاختار كل
رؤساء الملائكة ومن يتبعونهم من ملائكة، أن يعيشوا في
خضوع لله، وارتباط مستمر به، واثقين أنه في يدي الله، السعادة والقداسة والخلود.
وذلك فيما عدا واحد منهم ومجموعته، الشيطان، الذي أراد في كبرياء رديئة أن يصير
مثل العلى، وهذا ما ورد في سفر إشعياء النبي “كيف سقطت من السماء يا زهرة بنت
الصبح. كيف قطعت إلى الأرض يا قاهر الأمم. وأنت قلت في قلبك أصعد إلى السموات،
أرفع كرسي فوق كواكب الله، أصير مثل العلى.. لكنك انحدرت إلى الهاوية إلى أسافل
الجب” (إشعياء 12:14-15).
وللشيطان أسماء عديدة في الكتاب المقدس مثل
إبليس أو الحية القديمة، فهو الذي
أغوى أدم وحواء بالسقوط. ويسميه الكتاب المقدس “الروح الذي يعمل الآن في أبناء
المعصية” (أف 2:2)، ولذلك يوصينا الله قائلًا “قاوموا
إبليس فيهرب منكم” (يع
7:4)، (ستجد النص الكامل للكتاب المقدس هنا في موقع الأنبا تكلا) “لا تعطوا إبليس مكانًا” (أف 27:4)، “البسوا سلاح الله الكامل” –
أي السلاح
الروحي من صلوات قراءات في الكتاب المقدس
والتناول “لكي تقدروا أن تثبتوا ضد
مكائد إبليس” (رسالة أفسس 11:6).
وكلمة شيطان مأخوذة من كلمة “شطن” لعبرية ومعناها “المقاوم” وكلمة “إبليس” مأخوذة
من كلمة “ديابولوس” διάβολος اليونانية ومعناها “المُفتري”.
1- من هم عبدة الشيطان؟
هم أناس استغلوا الحرية التي أعطاها الله للإنسان، فرفضوا الله، خضعوا لعدو الله،
إبليس وهو عدو الإنسان، فرفضوا الله، وخضعوا لعدو الله، إبليس وهو عدو الإنسان
أيضًا، وعدو كل بر، كل ما يمناه أن يسقط الإنسان في الخطيئة ليهلك، ولذلك فهو مثل
“أسد زائر، يجول حولنا، ملتمسًا أن يبتلعنا” (رسالة
بطرس الأولى 8:5). مع أن الله قادر أن يبيده
ويفنيه، إلا أنه سمح ببقائه، لكي تكون للإنسان فرصة ممارسة الحرية، إذ يختار بين
الحياة مع الله أو التبعية للشيطان.
وهؤلاء الناس الذين يعبدون الشيطان يعرضون أنفسهم للدمار الشامل بسبب الخطايا
التي يمارسونها.
إن عبدة الشيطان Satanists
ببساطة هم أناس رفضوا الخضوع لإلهنا المحب، وتصوروا أن الشيطان قد ظلم. ويتناسى
هؤلاء الناس أن الشيطان قد استكبر على الله، ثم أغوى الإنسان لكي يسقط. وما زال
يغوى البشر، ويغريهم بالخطايا والآثام، التي تدمر الإنسان تدميرًا كاملًا،
فالخطية:
أ- تدمير الروح: العنصر الذي من خلاله نتصل بالله، وندخل عالم السمائيات والخلود.
ب- تدمر العقل: إذ ينطفئ نوره الرباني، وتغشاه ظلمة عدو الخير.
ج- تدمر لنفس: حينما تتمرد الغرائز، وتنحرف العواطف والاتجاهات، وتملئ حياة
الإنسان بالعادات الرديئة.
د- تدمر الجسد: فيفقد طاقته، ويسقط فريسة أمراض رهيبة، مثل الإيدز
AIDS و الهربس
و الكالاميديا وغير ذلك.
هـ- تدمر العلاقات: فالإنسان المنحرف مرفوض من الجميع، ولا يرضى أحد معاشرته أو
صداقته.
أما أبناء الله: فروحهم تشبع بالله، وعقلهم يستنير بنوره، ونفوسهم تنضبط بنعمته،
وأجسادهم تصح بطاعة وصاياه، وعلاقاتهم تنجح من خلال المحبة والقداسة وروح العطاء.
2- محاور عبادة الشيطان:
تأسست عبادة الشيطان Satanism منذ قرون في نيواورلينز
بالولايات المتحدة الأمريكية، وانتشرت بعد ذلك إلى
باقي الولايات والدول الغربية
عمومًا.
ومعرف أن عبدة الشيطان، يدورون في ملكه الشرير، حول ثلاث محاور أساسية هي:
1- الطقوس الرافضة للأديان:
والمتمردة على الإيمان الإيمانيات، والتي تحض على الخطيئة وتمجيد الشيطان.
وهذا يتضح من أغانيهم التي تشتمل على صرخات هيسترية، أحيانًا دون كلمات مفهومة.
كما أنها تدعوهم إلى الانغماس في الخطيئة، إذ تقول إحداها: “إني أدخل إلى
الخطيئة.. فإني أحب أنى أمارس ما أدعو إليه”!! وفي أخرى “لك المجد أيها الشيطان
(!!!).. هب لنفسي أن تستريح بجوارك تحت شجرة المعرفة”!! وفي أغنية ثالثة في
“القداس الأسود”!! يا إبليس.. أننا نعبدك.. أنت إله “الإدراك السليم”!! وفي غيرها
يقول: “يا سيد يتوسل إليك خدامك.. وهم منحنون على ركبهم.. يترجون منك أن تحفظ لهم
البهجة.. بارتكاب جرائمهم التي لا يكتشفها القانون.. وأن تعينهم في الأعمال
الشريرة، بطرقها السرية المحيرة”!! إن التنجيم، وقراءة الطالع في “الكوتشينة”
وتحضير الأرواح، والعصا السحرية، بل والسحر عمومًا، هذه كلها امتداد لعبادة
الشيطان، ينبغي أن نرفضها جميعًا.
St-Takla.org Image: صورة في موقع الأنبا تكلا: |
2- الموسيقى الصاخبة:
التي تخاطب الجسد، وتهدأ الأعصاب، وتنتهي إلى شبه غيبوبة، تهيئ الإنسان لأن
يلبسه الشيطان فعلًا. وذلك لأن
للموسيقى كما يقول أرسطو አሪስጣጣሊስ: “سلطان على تكوين
الشخصية”، من حيث تأثيرها على الروح الإنسانية. فكلمة MUSE معناها “الاستغراق في
تفكير عميق”.
ومع شدة اهتزاز الجسد بالموسيقى العنيفة، واستغراق الفكر، يغيب العقل، ويتهيأ
الإنسان للشيطان فعلًا. وهذا ما أكدته. الدراسات النفسية والروحية الحديثة.
ومن المعروف أن موسيقى الروك، التي يمارسها عبدة الشيطان، دقاتها مستعارة من
القبائل الوثنية الإفريقية، المتعبدة للأرواح الشريرة. أما الكلمات التي تصاحبها،
فمليئة بالتجديف على إلهنا المحب، صانع الخيرات الرحوم.. كقول إحدى
الأغاني: “لا
يحتاج الصغار إلى القلق، عندما يكونون معي، اتركوا
الكتاب المقدس أيها الصغار،
وتعالوا حولي”.
كما أن عنف هذه الموسيقى، يقود الشباب إلى العنف في حياتهم اليومية.. العنف الذي
يتحول أحيانًا إلى رغبة في
الانتحار، كما نسمع في أغنية “Suicide Solution”
أي
يكمن “الانتحار هو الحل”.
3- الممارسات الجنسية المدمرة:
التي تفقد الشباب طاقتهم المقدسة، خصوصًا لاختلاط ذلك
بالمخدرات، تلك الطاقة
التي كان يجب أن يدخروها
للزواج المقدس. أو يتساموا بها في اتجاهات بناءة كالعلم
والفن والأدب والرياضة والثقافة والخدمة. وقد جاء في جريدة Sun يوم 10 فبراير 1984
أن من فازوا بجوائز London Pop هم من
الشواذ جنسيًا
أو المنحلين أو المنجمين، أو الذين يريدون أن يتحولوا من جنس إلى آخر!
4- الممارسات الدموية:
كذبح القطط، وأحيانًا البشر، وتلطيخ أجسادهم بالدم، ومعروف تاريخيًا أنه في
سنة 1970 أصيب كثير من الأمريكيين بذعر، حينما رأوا مدى التأثير الشيطاني الذي
أتسمت به عائلة مانسون، والامتزاج المروع بين الجنس والمخدرات والسحر، مما أدى
إلى مقتل سبعة أشخاص كذبائح للشيطان!
وفى كاليفورنيا تم قتل سبعين شابًا، عاملين في مزارع الكروم، بعد انضمامهم لعبادة
الشيطان! وفي مايو 1972 قدمت بعض النسوة في شيكاغو أطفالهن، ذبائح للشيطان!
وكانوا يحرقون ضحاياهم تمامًا، ليضيع جسم الجريمة!!
من هو المعرض للسقوط في هذه العبادة؟
نوعان من البشر: أحدهما البعيد عن الله، والتدين السليم، والآخر من يجرى وراء كل
“موضة” حتى لو كانت مدمرة.. أنهم شباب نسوا أو تناسوا أن حياتهم ليست ملكًا لهم،
وان الحرية الممنوحة لهم تقابلها مسئولية، فانساقوا وراء بدع الضلال القادمة
إلينا من الغرب، وتروا وصايا الدين، وتقاليد الآباء والأجداد.
إن مصير الشيطان، هو الهلاك
الأبدي، إذ يقول الكتاب المقدس: “وإبليس الذي كان
يضلهم طرح في بحيرة النار والكبريت” (سفر
الرؤيا 10:20)، وهذا هو نفس مصير تابعيه.. فهم
يخسرون في الدنيا والآخرة، ويدمرون كيانهم الإنساني بالنجاسة والمخدرات.
كيف الخلاص من هذه الضلالة الجديدة؟
معروف أن الوقاية خير من العلاج.. لذلك فالتربية الدينية المتكاملة هي العاصم
الوحيد من الانزلاق إلى هذه الضلالة الخطيرة، سواء بأبعادها الدينية الملحدة، أو
الأخلاقية المدمرة.
وتأتى هذه التربية من خلال البيت،
والكنيسة والمدرسة، ووسائل الإعلام والاتصال،
تلك التي بدأت تقتحم حياتنا وتربى أولادنا نيابة عنا.. في غزر ثقافي ومادي
وأخلاقي خطير.. وها هي الأقمار الصناعية، وشبكة الانترنيت، التي كان يجب أن تقدم
الإيجابيات للأجيال الصاعدة، يتسلل إليها المفسدون، فيحولونها إلى وسائل للانحراف
والإثارة والضياع الإنساني.
الواجب – إذن – أن نقوم بعملية تأصيل للشباب في ميادين عديد مثل:
1- التأصيل الإيماني والروحي:
حيث نربى النشء على الإيمان العظيم، والقيم الروحية الخالدة، وعالم
السمائيين، ونقدم لهم المثل العليا، سواء في تاريخنا العريق، أو واقعنا اليومي
المعاش. إن تقديم الشعوب لا يكون بالمادة والعلم وحدهما، ولكن بالقيم الروحية
أيضًا حيث الإيثار والعطاء والمحبة والطهارة.. تلك التي تهب النفس سكينة وسلامًا
وهدوءًا.
2- الاستنارة الذهنية والثقافية:
فالعقل المستنير بنور الله، والمواظب على
قراءة الكتب المقدسة، والمنفتح -بحكمة وإفراز- على العلوم الإنسانية المختلفة: كالتربية، وعلم النفس، وعلم
الاجتماع.. هو عقل واعٍ قادر على التمييز بين الغث والسمين، كما أنه عقل قادر على
ضبط الجسد والغرائز، والاتجاهات والعادات والعواطف. لذلك يجب أن نشجع على القراءة
والثقافة البناءة، مثلما نشجعهم على معرفة مسيحيتهم والتعمق فيها.
3- الصحة النفسية:
فالنفس الهادئة المطمئنة يصعب أن تسقط فريسة الموسيقى الصاخبة، التي تغيب
صاحبها عن عالم الواقع، أو فريسة الصداقات الشريرة، التي تقود شبابنا إلى
المخدرات والنجاسة والانحلال.. ومن علامات النفس الصحيحة أنها:
أ- تحيا إحساس الثقة في النفس وفي الآخرين بمعونة من إلهنا المحب.
ب- تعيش مشاعر السعادة، بسبب إيمانها بقدرة وقيادة الخالق، وبسبب ضميرها
المستريح.
ج- تقبل ذاتها والآخرين، في تفاعل ناضح بناء، وتجاهد كي ترتفع فوق الدنيا
والخطايا والضعفات.
د- تكون مستقلة فكريًا ووجدانيًا، غير قابلة للانقياد الأعمى.
هـ- تضع أمامها أهدافًا معقولة، قابلة بمعونة الله.
و- تنجح في علاقاتها مع الآخرين، بكفاءة تشبعها نفسيًا واجتماعيًا.
4- التربية الفنية والأدبية والرياضية:
ونقصد بذلك انشغال الشباب فيما يبنيه، ويفجر طاقاته المبدعة، سواء في مجال
الفنون المختلفة
كالموسيقى الهادئة، أو الرسم والتصوير والتمثيل والأشغال
المتنوعة، أو الإبداع الأدبي: في الشعر والزجل وكتابة
القصة، أو أنواع الرياضيات
البدنية غير العنيفة. كل ذلك في إطار ما يبنى روحيات الإنسان ووجدانياته وجسده،
دون أن يؤثر على أخلاقياته ومبادئه وتدينه السليم.
5- التأصيل الاجتماعي وروح الانتماء:
فالانتماء حاجة نفسية هامة، والشباب الذي يسقط فريسة هذه الانحرافات هو شباب
ضائع، لا يشعر بانتمائه إلى الدوائر المختلفة التي تتسع شيئًا فشيئًا.
أ- دائرة الأسرة: حينما لا تتفكك فتفقد إمكانية تربية وقيادة أبنائها. سواء
بالمشاكل العائلية بين الزوجين، أو بسفر أحدهما أو كليهما للخارج، تاركين الأبناء
نهبًا للشيطان وأعوانه.
ب- دائرة الأصدقاء: حيث يجب أن يتم انتقاؤهم بطريقة جيدة ومعايير سليمة.
ج- دائرة الدراسة: حينما يتخير الشباب أصدقاء صالحين، ويرى في مدرسيه القدوة
الحسنة.
د- دائرة الدين: حينما يتعرف على خالقه ووصاياه، ومكافأته في الدنيا والآخرة..
ويعرف أن الدين سياج وليس قيودًا.
هـ- دائرة الوطن: حينما يحس الشباب بعضويته في هذا الوطن، ويسهم في بناء بلدة،
والتواصل مع كل من حوله في حب ووئام.
و- دائرة البشرية: حينما يتسع قلبه للناس جميعًا، في محبة باذلة وخدمة فعالة.
أما هذا الشباب الضائع التائه المسكين، فهو عمومًا ضحية تربية سيئة، ويجب أن
ندعوه إلى التوبة والطهارة فباب التوبة مفتوح، وذلك من خلال الحوار والإقناع
والتوجيه السليم والحازم.. لأنهم -بانحرافهم هذا- يعرضون أنفسهم وغيرهم إلى
خراب روحي وإنساني وأبدي.
فلنرفع قلوبنا إلى الله كي يحمى أبناءنا من هذه الضلالة الجدية، ولنجتهد في
تربيتهم التربية الحقة.. حتى ما يستطيعوا تنفيذ الوصية القائلة: “قاوموا إبليس
فيهرب منكم” فالله -إذا ما أخلصنا في جهادنا- قادر أن ينصرنا على عدو الخير
وعلى أفكاره الشريرة.