مكتبة الكتب المسيحية |
كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية



كتاب تأملات في سفر نشيد الأنشاد – الأنبا يوأنس


6- لأن حبك أطيب
من الخمر


النفس البشرية
والكنيسة كجماعة مؤمنين قديسين تناجي عريسها قائلة “لأن حبك أطيب من
الخمر“..
إن الحب يسكر النفس، فكم وكم إذا كان حب العريس السمائي!! وحينما تسكر بهذا
الحب تنسى كل ما هو أرضي وتهيم في حب الله
وحده!! وهو حب أطيب من
الخمر، لأن
الخمر وإن كان يفرّح لكنه يُذهب العقل، أما خمر الحبيب فيعطي صحوة للنفس..



St-Takla.org Image:
Christ Jesus, stained glass window

صورة في موقع الأنبا تكلا:
يسوع المسيح، نافذة زجاج معشق


في
معجزة تحويل
الماء إلى خمر في عرس قانا الجليل
-وهي أولى المعجزات التي صنعها

المسيح
– لما
ذاق رئيس المتكأ الماء المتحول خمرًا ولم يكن يعلم من أين هو، دعا رئيس المتكأ
العريس وقال له ” كل إنسان إنما يضع
الخمر الجيدة أولًا، ومتى سكروا فحينئذ
الدون. أما أنت فقد أبقيت
الخمر الجيدة إلى الآن” (يو 2: 9، 10).. إن
الخمر
التي صنعها
الرب يسوع كان لها خاصية إفاقة من يشربها. لقد أفاقت رئيس المتكأ،
وعلم أنها خمر من نوع فريد، وأن ما عداه هو الدون!! هكذا حب العريس السماوي
ربنا يسوع يسكر النفس، ويعطي نشوة للعقل، لكن في صحوة ويقظة روحيتين!! وفي
الترجمة السبعينية جاءت كلمة “ثدياك” بدل كلمة “حبك” وكأن المؤمنين يجدون
في اللبن الإلهي المنحدر من ثديي الله عذوبة وفاعلية وقوة أكثر مما للخمر..
واللبن هو طعام الأطفال. ويقول

المسيح
“الحق أقول لكم إن لم ترجعوا وتصيروا
مثل الأولاد فلن تدخلوا
ملكوت السموات” (مت 18: 3).. وكأن النفس تعود إلى بساطة
الطفولة تتعلق به وبصدره على نحو ما يفعل الطفل مع أمه..

هل تبحث عن  اذكرنا يا ابانا امام عرش النعمه


كان
الخمر يقدم
قديمًا للضيوف وفي مناسبات الأعياد والفرح وعند تقديم الذبائح (خر 29: 40؛ لا
23: 13؛ عدد 15: 5).. لكن حب

المسيح
يهب فرحًا لا يعُبر عنه، ولا يستطيع العالم
أن ينزعه من النفس ” لا ينزع أحد فرحكم منكم” (يو 16: 22).


كانت هناك طريقة
قديمة لعصر
العنب لينتج خمرًا، وذلك بسحقه ودوسه بالأقدام في المعصرة (نح 13:
15).. فيسيل عصير
العنب الأحمر وهو
الخمر. ويخرج الرجال من عملية العصير
وثيابهم محمرة.. ولقد رأى

إشعياء النبي


المسيح
عظيمًا في القوة، بهيًا في
الصورة، يجتاز المعصرة بثياب محمرة من أجل عروسه، فقال متسائلًا:


“مَنْ ذا الآتي
من آدوم بثياب حُمر من بُصرة. هذا البهي بملابسه المتعظم بكثرة قوته. أنا
المتكلم بالبر، العظيم للخلاص. ما بال لباسك مُحمّر، وثيابك كدائس المعصرة. قد
دست المعصرة وحدي ومن الشعوب لم يكن معي أحد” (إش 63: 1-3).


هذا هو الحب
الفريد الأطيب من
الخمر. فقد اجتاز الرب المعصرة وحده، لا ليقدم خمرًا أرضية،
بل دمه الزكي الكريم سر حياتنا وقوتنا!!



مشاركة عبر التواصل الاجتماعي