كتب قبطية
كتاب إذا كان المسيح إلها فكيف كان يتقدم في الحكمة
والقامة؟ – القمص عبد المسيح بسيط أبو الخير
8- المسيح كان
يتقوّى بالروح القدس الذي هو روح الله وروحه أيضًا
كان يتقوّي بالروح والروح القدس الذي هو روح الله هو روحه أيضًا:
يقول
الكتاب المقدس ” رُوحِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ”
(في1: 19)، “وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَسْتُمْ فِي الْجَسَدِ بَلْ فِي الرُّوحِ إِنْ
كَانَ رُوحُ اللهِ سَاكِنًا فِيكُمْ. وَلَكِنْ إِنْ كَانَ أَحَدٌ لَيْسَ لَهُ رُوحُ
الْمَسِيحِ فَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ.”
(رو8: 9)، الذي كان في الـ”أَنْبِيَاءُ، الَّذِينَ تَنَبَّأُوا عَنِ النِّعْمَةِ الَّتِي
لأَجْلِكُمْ، بَاحِثِينَ أَيُّ وَقْتٍ أَوْ مَا الْوَقْتُ الَّذِي كَانَ يَدُلُّ
عَلَيْهِ رُوحُ المسيح الَّذِي فِيهِمْ”
(1بط1: 10-11)
. كما يوصف أيضًا بروح ابن الله، روح ابنه “ثُمَّ بِمَا أَنَّكُمْ أَبْنَاءٌ، أَرْسَلَ اللهُ رُوحَ ابْنِهِ إِلَى
قُلُوبِكُمْ صَارِخًا: يَا أَبَا الآبُ” (غل4: 6)
.
St-Takla.org Image: صورة في موقع الأنبا تكلا: |
ولأنَّ
الروح القدس هو
روح الابن، المسيح، فهو الذي يُرسله من الآب “لَكِنِّي أَقُولُ لَكُمُ الْحَقَّ إِنَّهُ خَيْرٌ لَكُمْ أَنْ
أَنْطَلِقَ لأَنَّهُ إِنْ لَمْ أَنْطَلِقْ لاَ يَأْتِيكُمُ الْمُعَزِّي
(الروح القدس) وَلَكِنْ إِنْ ذَهَبْتُ أُرْسِلُهُ إِلَيْكُمْ” (يو16: 7)، “وَمَتَى جَاءَ الْمُعَزِّي الَّذِي سَأُرْسِلُهُ أَنَا إِلَيْكُمْ مِنَ الآبِ رُوحُ الْحَقِّ الَّذِي مِنْ عِنْدِ الآبِ يَنْبَثِقُ فَهُوَ يَشْهَدُ
لِي”
(يو15: 26)
.
كان
يسوع يتقوى بالروح،
كإنسان، وكان الروح القدس هو روحه، كالإله المتجسد، ومن ثمَّ كان يقدِّس هو ذاته كقوله عن تلاميذه، عندما
كان يناجي الآب “وَلأَجْلِهِمْ أُقَدِّسُ أَنَا ذَاتِي لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضًا
مُقَدَّسِينَ فِي الْحَقِّ”
(يو17: 19)
.
ولذا فعندما حلَّ عليه
الروح القدس في المعموديّة قال عنه الآب “هَذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ”
(مت
3: 17)،
وعندما تكلَّم القدِّيس بطرس بالروح عن مسحه بالروح القدس قال أنَّه ربّ الكل
وديّان الأحياء والأموات “يَسُوعَ الْمَسِيحِ. هَذَا هُوَ رَبُّ الْكُلِّ.. كَيْفَ مَسَحَهُ
اللهُ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَالْقُوَّةِ الَّذِي جَالَ يَصْنَعُ خَيْرًا وَيَشْفِي
جَمِيعَ الْمُتَسَلِّطِ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ لأَنَّ اللهَ كَانَ مَعَهُ..
وَنَشْهَدَ بِأَنَّ هَذَا هُوَ الْمُعَيَّنُ مِنَ اللهِ دَيَّانًا لِلأَحْيَاءِ
وَالأَمْوَاتِ”
(أع10: 36-42)
. هو ربُّ الكلّ والديّان العادل بلاهوته، ولكنَّه كان يتقوَّي بالروح الذي مُسِحَ
به في المعموديّة وتعيّن من قِبَلِ اللَّه كإنسان، الإله المتجسِّد، الكامل في
لاهوته والكامل في ناسوته، فقد قدَّس هو ذاته بذاته.
كان هو
كلمة اللَّه
وحكمة اللَّه، وقوّة اللَّه، كلِّيّ العلم، العالِم بكلِّ شيء والذي لا يُوجد
لعِلْمِه حدود، غير المحتاج إلي التقدُّم أو النموّ في المعرفة أو الحكمة، فهو
الكامل كمال مطلق والذي منه تستمد البشريّة الكمال النسبيّ، كان كاملًا في لاهوته
ولا يحتاج إلي نموّ سواء في العلم أو المعرفة أو الحكمة، وكان في إمكانه أنْ يُظهر هذا
العِلْم منذ البداية حتى في لحظة ميلاده وفي كلِّ وقت، كما حاولت بعض الكتب
المتأخِّرة نسبيًا (الأناجيل الأبوكريفيّة) أنْ تدّعي ذلك، ولكن بسبب التجسُّد
واحتجاب لاهوته في ناسوته حجب هذه المعرفة وهذه الحكمة، وأظهرهما تدريجيًا وبطريقة
تتناسب مع النموّ الجسديّ لناسوته،وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في
موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام المقالات والكتب
الأخرى.
فكلّما نما جسده وتقدَّم في السنّ (العمر) كشف
عن شيء من لاهوته بطريقة متدرّجة تتناسب مع هذا النموّ الجسديّ.
كان في إمكانه أنْ يكشف
عن عِلْمِه الكلّيّ بمُجرَّد ميلاه بالجسد من
القديسة مريم العذراء، فهو الذي “فِيهِ يَحِلُّ كُلُّ مِلْءِ اللاَّهُوتِ جَسَدِيًّا.”
(كو2: 9)، ولكنَّه، بحسب التدبير الإلهي، شاءت إرادته الإلهيّة أنْ يكشف عن ذلك تدريجيًا
وبحسب ما يتناسب مع النموّ الجسديّ حتى لا يكشف عن حقيقة ظهوره في الجسد قبل أنْ
يتمّ تدبير الفداء. وقد حاول الشيطان أنْ يجعله يكشف عن حقيقة شخصه الإلهي
مستخدمًا عبارة “إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللَّهِ فَقُلْ أَنْ تَصِيرَ هَذِهِ الْحِجَارَةُ
خُبْزًا.. نْ كُنْتَ ابْنَ اللَّهِ فَاطْرَحْ نَفْسَكَ إِلَى
أَسْفَلُ” (مت4: 4 و6)
. ولكن الرب يسوع المسيح لم يحقِّق له مأربه أبدًا بل كان يردّ عليه باستخدام عبارة
“مَكْتُوبٌ”؛ “مَكْتُوبٌ: لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ..
مَكْتُوبٌ أَيْضًا: لاَ تُجَرِّبِ الرَّبَّ إِلَهَكَ”
(مت4: 4 و7).
رأي أثناسيوس الإسكندري في المسيح الكلمة |
المسيح كان يتقوّى بالروح وهو نفسه القوي ومُعطي القوة |