«إِلَهِي، إِلَهِي، لِمَاذا ترَكْـتنِي؟» ( متى 27: 46 )
«إِلَهِي، إِلَهِي، لِمَـاذَا تَرَكْتَنِي؟» ( مز 22: 1 مز 22: 2 ) .. هذه الكلمات التي نطق بها الإنسان الوحيد الذي عمل سرور الله دائمًا، وكان بلا خطية، ولم تكن فيه خطية، ولم يفعلها إطلاقًا. وفي ساعات الظلمة الرهيبة، حينما كان الإنسان يسوع المسيح مُعلَّقًا فوق الصليب، وهو ابن الله الحبيب، وباعتباره ابن الإنسان، كان حاملاً للخطايا. وذلك اليوم لم يكن له مثيل في كل تاريخ العالم، حيث احتجبت الشمس بلمعانها في رابعة النهار، وكانت على وجه كل الأرض ظلمة! وكانت السماء كالنحاس ولم يخترقها صراخ ذلك الإنسان المُعلَّق بين السماء والأرض ( 2كو 5: 21 ). ولقد كان كالإنسان وحيدًا، والله أيضًا تركه! وكان الغضب إلهيًا ومقدسًا «لأَنَّهُ (الله) جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً، خَطِيَّةً لأَجْلِنَا، لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ اللهِ فِيهِ» (2كو5: 21). إن غضب الله الحبيس انصَّب عليه – له المجد – بسبب الخطية وشر البشـرية؛ انصَّب على الإنسان يسوع المسيح! وما كنا نُصدّق كل ذلك، ما لم يصرخ الفادي تلك الصرخة الرهيبة على الصليب «إِلَهِي، إِلَهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟».
إنه سر عظيم؛ وإننا نُصدِّق تفسيره لذلك الترْك الإلهي الرهيب وذلك بقوله: «وَأَنْتَ الْقُدُّوسُ» ( مز 22: 3 ). وهنا تَكمُن – أساسًا – الإجابة عن الآلام التي لا يسبر غورها التي عاناها – له المجد – تحت غضب الله. فالله القدوس لا يمكن أن يغض الطرف عن الخطية، لأنها ضد طبيعته. فنيران الدينونة الإلهية قد وقعت على رأس القدوس، وحينما استقرت عليه، قال: «قَدْ أُكْمِلَ» ( يو 19: 30 ). وكانت إشارة واضحة بتمام الكفارة، وتم الفداء.
في بستان جثسيماني صلَّى الرب يسوع قائلاً: «يَا أَبَتَاهُ، إِنْ أَمْكَنَ فَلْتَعْبُرْ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسُ، وَلَكِنْ لَيْسَ كَمَا أُرِيدُ أَنَا بَلْ كَمَا تُرِيدُ أَنْتَ» ( مت 26: 39 ). والكأس هنا تُشير إلى الغضب الإلهي ضد الخطية، الذي قَبِلَهُ في طاعة كاملة. ولم يكن هناك طريق آخر ليتمجَّد الله، ولتُرفع الخطية التي بها أخطأنا ضد الله. وعلى أساس آلامه أمكن لله أن «يَكُونَ بَارًّا وَيُبَرِّرَ مَنْ هُوَ مِنَ الإِيمَانِ بِيَسُوعَ» ( رو 3: 26 ).
رَبَّنَا أَظْهَرْتَ حُبًّا فَائِقًا كُلَّ عَجَبْ
بِالرِّضَى عَنَّا شَرِبْتَ … كَأْسَ مَوْتٍ وَغَضَـبْ
قَدْ حَمَلْتَ الإثْمَ عَنَّا ….. وَالْخَطَايَا بِالصَّلِيـــــبْ
فَالسُّجُــــودَ وَالثَّنَــاءَ …. لَكَ نُهْدِي يَا حَبِيبْ