طاعة المسيح التي لا تُبارى

طاعة المسيح التي لا تُبارى

طاعة المسيح التي لا تُبارى
وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب
( في 2: 8 )

لم يحدث ولن يحدث أن توجد طاعة لله في السماء أو على الأرض، كتلك الطاعة التي ظهرت في حياة المسيح، لأن هذه لم تكن طاعة عبد بل طاعة ابن تعلَّم الطاعة مما تألم به
( عب 5: 8 ).

صحيح أن إرادة الله في السماء كانت ولا تزال تُطاع طاعة كاملة، لكن الملائكة الذين لم يسقطوا، إنما يتممون القصد من خلقهم بخدمة الطاعة التي يؤدونها، وبإصغائهم إلى صوت كلامه ( أف 4: 9 )، أما الإنسان الكامل المطيع، يسوع المسيح، فهو ابن الله الحبيب الذي به سُرّ الآب لما وضع نفسه ووُضع قليلاً عن الملائكة من أجل ألم الموت (عب2: 9). إن عظمة شخصه الفائقة هي التي رفعت قدْر طاعته إلى مستوى لا يُبارى، لا في الأرض ولا في السماء. إن المسيح، كالابن الأزلي، هو «الكائن على الكل إلهًا مباركًا إلى الأبد» (رو9: 5). فمن أحقر المخلوقات على الأرض إلى أعظم رؤساء الملائكة في السماوات جميعها لا تتحرك إلا بإذنه، ومع ذلك فقد «وضع نفسه» باختياره، و«نزل أيضًا أولاً إلى أقسام الأرض السُفلى» (أف4: 9) في طريق طاعته.

وإنها لأعجوبة العجائب أن يأخذ الابن الأزلي مركز «العبد» وأن «يتعلم الطاعة مما تألم به» ( عب 5: 8 )، لأن الخضوع بالضرورة غريب على مَن هو «على الكل إلهًا مباركًا إلى الأبد»، لكنه قد أتقن تعلُّم هذا الدرس ـ درس الخضوع والطاعة. ومن البداية إلى النهاية لم تكن هناك ضرورة إلى كلمة تحريض من الله توجَّه إلى الرب لأن الابن ـ دائمًا وأبدًا كان يعمل الأعمال المرضية أمام الآب، وتلك الطاعة الكاملة لمشيئة الله على الأرض أرضت قلب الله تمام الرضا. وبقدر ما تأسف الله لعصيان آدم وجنسه، بقدر ما سُرّ، بل على قياس أفضل وأعمق قد شبع قلبه بطاعة الإنسان الثاني.

هل تبحث عن  القديس يوسف رئيس أساقفة تسالونيكي

والمسيح وحده كمَن أطاع الطاعة الخضوعية الكاملة حتى الموت موت الصليب، استحق أن يُرفَّع فوق كل خليقة في السماء وعلى الأرض، وأن يصير رأسًا لخليقة الله الجديدة، لأنه حيث فشل آدم وتسبب في خراب الخليقة الأولى، في ذلك الأمر بالذات مجَّد المسيح الله الآب ـ إلهه وأباه ـ على هذه الأرض المضروبة بالخطية.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي