هل كان المسيح حقاً هو «الله»؟ 4
( 4)
هل كان المسيح حقاً هو
«الله»؟
والمسيح شخصية تاريخية حقيقية بدليل وجود المسيحية:
لا جدال في أن المسيحية ديانة شائعة بين أكثر من ثلث سكان الكرة الأرضية. فمن ذا الذي أوجد هذا الدين المؤثر المنتشر العجيب؟
لقد أوجد «بوذا» البوذية، وأوجد «كنفوشيوس» الكنفوشية،
وأوجد «زرادشت Zoroaster» الزرادشتية.
وإذا تابعنا التفكير المنطقي السليم الذي يحتم أن يكون لكل دين مؤسس أو نبي أو زعيم، وجب أن نؤمن بوجود مؤسس للمسيحية هو بلا شك شخص المسيح الكريم.
وقد قال «العقاد» في هذا الصدد ما يلي:
«متى حدث في تاريخ الأديان أن أشتاتاً مبعثرة من الشعائر والمراسم تلفق نفسها وتخرج في صورة مذهب مستقل دون أن يعرف أحد كيف تلفقت، وكيف انفصلت كل منها عن عبادتها الأولى، ومن هو صاحب الرغبة وصاحب المصلحة في هذه الدعوة، وكيف برز هذا العامل التاريخي الديني على حين فجأة قبل أن ينقضي جيل واحد، ولماذا كان يخفى مصادر الشعائر والمراسم الأولى ولا يعلنها إلا منسوبة إلى شخص المسيح؟..

إن الدعوة المسيحية فيها وجهة نظر متناسقة وقوام شخصي مرسوم.. وقد جاءت في أوانها وفاقاً لمطالب زمانها بحيث تكون الغرابة أن يخلو الزمن من رسول يقوم بالدعوة ويصلح لأمانتها، لا أن يوجد الرسول ونستغرب أن يكون، ولو أن مؤلفاً بعد ذلك العصر أراد أن يخلق رسولاً يوافق رسالته المنشودة لوقف به الخيال دون ذلك التوفيق المطبوع».
فالمسيحية بوجودها القوي، وكيانها الرائع، وتأثيرها البالغ الذي أحدثته في العالم إذ أخرجته من بربريته وحبه للدماء، وأشرقت عليه بأنوار المحبة النازلة من السماء دليل عملي على حقيقة شخصية المسيح.
أجل لقد صار العالم بعد المسيحية غير العالم الذي كان قبلها، فقد رفعت المسيحية قدر المرأة، بعد أن كانت سلعة من سقط المتاع تُشترى وتُباع، صار لها اعتبارها وكرامتها.. وألغت المسيحية تعدد الزوجات. فأعطت بذلك للأسرة استقراراً وأمناً، كذلك جعلت الفرد يشعر بقيمته فلم يعد وجهاً ضائعاً بين الوجوه في زحام الحياة، بل عرف أنه كيان مستقل يهتم به الله ويرعاه
«لأَنَّهُ هٰكَذَا أَحَبَّ ٱللّٰهُ ٱلْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ٱبْنَهُ ٱلْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ ٱلْحَيَاةُ ٱلأَبَدِيَّةُ»
(يو 3: 16).
ووجود المسيحية بهذا التأثير الفعال دليل واضح على حقيقة وجود المسيح ، بل يوجب علينا أن نجد علة ترضى عنها عقولنا لوجود المسيحية، وأن نفسر كيف انتصرت المسيحية، وقد لاقى أتباعها الكثير من صنوف الاضطهاد والعذاب والاستشهاد، وكانوا في غالبيتهم شرذمة من الجهلاء والضعفاء، وعلى الوثنية التي كانت تحميها الدولة الرومانية بقوتها العسكرية، مع أن المسيحية في انتصارها وانتشارها لم يقم أتباعها بغزوة من الغزوات، ولم يشهروا سيفاً، ولم يستخدموا ضغطاً مادياً لإرغام الناس على اعتناقها والإيمان بمسيحها.
ويقيناً أننا لن نستطيع أن نجد تعليلاً لكل ما احدثته المسيحية من تغيير في عالمنا إلا باعترافنا أنه حدث بتأثير شخص حقيقي عاش فعلاً على هذه الأرض، وأن هذا الشخص هو المسيح الكريم.
وهناك دليل آخر يؤكد أن المسيح شخصية تاريخية هو دليل المبادئ السامية التي نطق بها:
ولقد تعلمنا من نظرية «الأواني المستطرقة» أن السائل لا يرتفع إلى أعلى من المستوى الذي انحدر منه.. وعلى هذا القياس نسأل:
أين هو الإنسان البشري الذي يقدر أن يقول ما قاله المسيح في كلماته
«قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَزْنِ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى ٱمْرَأَةٍ لِيَشْتَهِيَهَا، فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ»
(مت 5: 27 و28)
أو أن يقول
«سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: عَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بِسِنٍّ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُقَاوِمُوا ٱلشَّرَّ، بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ ٱلأَيْمَنِ فَحَّوِلْ لَهُ ٱلآخَرَ أَيْضاً»
(مت 5: 38 و39)
أو أن يرفع من قدر الفقير حتى وأنت تتصدق عليه فيقول:
«اِحْتَرِزُوا مِنْ أَنْ تَصْنَعُوا صَدَقَتَكُمْ قُدَّامَ ٱلنَّاسِ لِكَيْ يَنْظُرُوكُمْ، وَإِلاَّ فَلَيْسَ لَكُمْ أَجْرٌ عِنْدَ أَبِيكُمُ ٱلَّذِي فِي ٱلسَّمَاوَاتِ. فَمَتَى صَنَعْتَ صَدَقَةً فَلاَ تُصَّوِتْ قُدَّامَكَ بِٱلْبُوقِ، كَمَا يَفْعَلُ ٱلْمُرَاؤُونَ فِي ٱلْمَجَامِعِ وَفِي ٱلأَزِقَّةِ، لِكَيْ يُمَجَّدُوا مِنَ ٱلنَّاسِ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُمْ قَدِ ٱسْتَوْفَوْا أَجْرَهُمْ! وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صَنَعْتَ صَدَقَةً فَلاَ تُعَرِّفْ شِمَالَكَ مَا تَفْعَلُ يَمِينُكَ، لِكَيْ تَكُونَ صَدَقَتُكَ فِي ٱلْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ ٱلَّذِي يَرَى فِي ٱلْخَفَاءِ هُوَ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً»
(مت 6: 1 – 4).
أو أن يجعل الصلاة صلة خفية بين الإنسان وخالقه، ليست لمجرد التظاهر، بل للتعبد بنقاء وطهر فيقول
«وَمَتَى صَلَّيْتَ فَلاَ تَكُنْ كَٱلْمُرَائِينَ، فَإِنَّهُمْ يُحِبُّونَ أَنْ يُصَلُّوا قَائِمِينَ فِي ٱلْمَجَامِعِ وَفِي زَوَايَا ٱلشَّوَارِعِ، لِكَيْ يَظْهَرُوا لِلنَّاسِ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُمْ قَدِ ٱسْتَوْفَوْا أَجْرَهُمْ! وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صَلَّيْتَ فَٱدْخُلْ إِلَى مِخْدَعِكَ وَأَغْلِقْ بَابَكَ، وَصَلِّ إِلَى أَبِيكَ ٱلَّذِي فِي ٱلْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ ٱلَّذِي يَرَى فِي ٱلْخَفَاءِ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً. وَحِينَمَا تُصَلُّونَ لاَ تُكَرِّرُوا ٱلْكَلاَمَ بَاطِلاً كَٱلأُمَمِ، فَإِنَّهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّهُ بِكَثْرَةِ كَلاَمِهِمْ يُسْتَجَابُ لَهُمْ. فَلاَ تَتَشَبَّهُوا بِهِمْ. لأَنَّ أَبَاكُمْ يَعْلَمُ مَا تَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ قَبْلَ أَنْ تَسْأَلُوهُ»
(مت 6: 5 – 8).
بنعمة الرب سنكمل الحديث وسنصل الى جواب
أن المسيح كان حقاً هوّ
«الله»
؟
أشكرك أحبك كثيراً
الرب يسوع المسيح يحبكم
جميعاً فتعال…هو ينتظرك
* * * *
والمجد لربنا القدوس يسوع المسيح
دائماً.. وأبداً.. آمين

خادم الرب…

هل تبحث عن  عيد دخول الملك اورشليم "احد الشعانين"

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي