مكتبة الكتب المسيحية |
كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية
كتاب الفيلوكاليا، الجزء الأول – القمص تادرس يعقوب ملطي
436-
الجهاد في الجانب الإيجابي
St-Takla.org Image:
|
24
الجهاد في الجانب الإيجابي
| من أقوال الأب دوروثيؤس:-
عبَّر
النبي داود عن هذا التسلسل في قوله
التالي: “حد عن الشر واصنع الخير، أطلب السلامة واسعَ وراءها” مز 14:34.
“حد عن الشر”، أي تجنب الشر كله عامة. اهرب
من كل عمل يدفع بك نحو الخطية.
لكن النبي لم يقف عند هذا الحد، بل أضاف
قائلًا: “واصنع الخير”. لأنه أحيانًا لا يصنع إنسان شرًا لكنه لا يصنع خيرًا.
مثال ذلك لا يؤذى أحدًا وفي نفس الوقت لا يظهر أية رحمة. فهو لا يكره لكنه لا
يحب.
وإذ قال
داود هذا أضاف: “اطلب السلامة واسعَ
وراءها”. لم يقل “اطلب” بل “اسع وراءها”، أي مجاهدًا لنوالها.
فكر في هذه الكلمات بتدقيق ولاحظ الدقة التي
أظهرها القديس،وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في
موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى.
فعندما ُيوهب للإنسان أن يَحِد عن الشر، وبعون
الله يجاهد لكي
يصنع الخير فانه يمكن أن يكون فريسة، موضوع هجوم العدو. لذلك عليه أن يتعب
ويجاهد ويحزن، مرة كعبد بدافع الخوف حتى لا يرتد إلى الشر مرة أخرى، ومرة كأجير
طالبًا المكافأة عن صنع الخير.
وإذ يعانى من هجمات العدو (الشيطان) يصارع
معه ويقاومه بهذه الدوافع (الخوف أو طلب الأجرة)، عندئذ يصنع الخير ولكن بجهد
عظيم وحزن.
لكن عندما يتقبل معونة
الله، ويحصل على عادة
معينة في صنع الخير، يجد راحة (في صنع الخير) ويتذوق السلامة. عندئذ يختبر ماذا
تعنى تلك المعركة المحزنة، وما هو معنى فرح السلامة وسعادتها. عندئذ يبدأ “يطلب
السلامة” ويجاهد مثابرًا في داخله.
من يصل إلى هذا الحال يتذوق السعادة
(الطوباوية) التي لصانعي السلام (مت 9:5)، وعندئذ من يقدر أن يلزمه بصنع الخير
إلا بقصد التمتع بالخير في ذاته؟! مثل هذا
الإنسان يعرف أيضًا “الخوف الكامل”.