الملائكة
والشياطين
هل
تعرف من أين جاءت الملائكة؟ أو من أين جاء الشيطان إبليس والشياطين؟ لم يكن ممكناً
أن نعرف عن مثل هذه الأشياء، لو لم يكن الله قد أخبرنا عنها بنفسه. ولكن الله
أخبرنا عنها في كلمته. لذلك، دعونا نفحص الكتاب المقدَّس؛ كي ما نعرف حقيقة الملائكة
والشيطان.
إن
كلمة الله تخبرنا بالكثير عن الملائكة. وسوف نحاول اليوم أن نلخِّص أهم الحقائق
التي تخص هذه الكائنات المخلوقة. تخبرنا كلمة الله، أنه منذ زمن طويل جداً، الله الذي
هو روح خلق أرواحاً أخرى كثيرة، تسمَّى الملائكة. ويقول الكتاب أن ‘‘الملائكة جميعهم
هم أرواح ..’’ (عب14: 1)، وأن الله صنع ‘‘ملائكته رياحاً وخدامه لهيب نار’’ (عب 7:
1).
وهكذا،
يعلِّمنا الكتاب أن الملائكة أرواحٌ في طبيعتهم مثل الله. وأن صورتهم تشبه الريح
والنار. فنحن لا نستطيع أن نرى الريح .. ولا أن نلمس النار. وهذا هو الحال عينه مع
ملائكة الله. فالله لم يخلق لهم أجساداً وأرواحاً مثلنا. ولكن الملائكة هم أرواحٌ
فقط. ولهذا لا نستطيع أن نراهم.
ولكن،
ما هو عدد الملائكة التي خلقها الله؟ وما الذي يقوله الكتاب عن ذلك؟ يقول الكتاب
أن الله خلق أرواحاً كثيرة جداً .. أكثر من أن تُعد. ففي السماء، حيث محضر الله،
يُوجد ‘‘ملائكة كثيرون، عددهم ربوات ربوات وألوف ألوف’’ (رؤ 11: 5). إن الله إلهنا
عظيم! الله، الذي ليس له حدود، خلق لنفسه الآلاف والآلاف من الملائكة الجميلة
الصالحة الحكيمة. ويخبرنا الكتاب أن ملائكة الله لها قوة عظيمة. فهم أقوى منا،
ولكنهم مع ذلك لهم حدودهم، شأنهم في ذلك شأن أي مخلوقاتٍ أخرى. إنهم ليسوا كليّي
القدرة والقوة مثل الله. فهم لا يستطيعون أن يكونوا في كل مكان في آن واحد مثل
الله، ولا أن يعرفوا كل شيء مثله. فهم مجرد مخلوقات. ولكن هناك واحداً فقط غير
محدود، ألا وهو .. الله.
هناك
شيءٌ آخر ينبغي أن نفهمه عن الملائكة، وهو أنهم عندما خلقهم الله، كانوا مخلوقاتٍ
مقدَّسة. كل الملائكة، كانوا مخلوقاتٍ مقدَّسة. ففي البداية، لم يكن هناك ملائكةٌ
أشرار. في البداية، لم يكن هناك إبليس بعد، ولم يكن هناك أرواح شريرة. الله لم
يخلق أي ملائكة أشرار. لابد لنا أن نعي هذه الحقيقة، ونضعها في أذهاننا: أن الله
يستطيع أن يفعل كل شيء إلا شيءٍ واحد، وهو أن يصنع الشر.
دعونا
لا ننسى هذا:
..
الله لا يخلق الشر؛ لأن الله صالح.
..
الله لا يرتكب أخطاء؛ لأنه كامل.
..
الله لا تصدر منه الخطية؛ لأنه طاهر وقدوس.
فكل
ما يفكِّر فيه الله، وكل ما يصنعه، هو صالح وكامل. ولهذا يقول الكتاب: ‘‘الله غير
مجرَّب بالشرور، وهو لا يجرِّب أحداً’’ (يع 13: 1).
إذن،
من أين جاء الشر؟ سنعرف الإجابة على هذا السؤال حالاً. إلا أن أولاً، هناك شيء آخر
ينبغي علينا أن نعرفه عن الملائكة، وهو: لماذا خلق الله الملائكة؟
يعلمنا
الكتاب أن الله خلقهم؛ ليكونوا معه ويحبوه ويسبحوه ويخدموه إلى الأبد وسط كل فرح
السماء. فهُم ملكٌ لله، كلهم؛ لأنه خلقهم. فكلهم يسكنون في بيت الله في الأعالي،
في السماء، أبعد بكثير من القمر والشمس والنجوم. هل تعرف أنه هناك مكاناً خاصاً
يسكن فيه الله؟ حقاً، لقد تعلمنا في درسنا السابق أن الله موجود في كل مكان. إلا
أن الكتاب المقدس يعلمنا عن مكانٍ عجيبٍ موجودٍ في الكون، مكانٍ مقدسٍ مليء بالنور
والجمال، حيث يسكن الله، ويظهر كل مجدُه. هذا هو المكان الذي يدعونه أنبياء الله
‘‘محضر الله’’ أو ‘‘السماء’’ أو ‘‘الفردوس’’. هذا هو المكان الذي يسكن فيه الله مع
ملائكته القديسين.
هناك
شيءٌ آخر نحتاج أن نعرفه عن الملائكة وهو: أن الملائكة يختلفون عن بعضهم البعض.
..
فبعض الملائكة أجمل وأحكم من البعض الآخر.
..
بعض الملائكة .. يحيط بعرش الله في السماء.
..
والبعض الآخر .. يساعد الناس ويحميهم.
..
والبعض الثالث .. مثل جبرائيل وميخائيل .. يقفون في محضر الله، ويُرسَلون
للقيام
بمهام خاصة على الأرض.
..
وبعض الملائكة يرأس البعض الآخر.
هل
سمعت عمرك عن اسم ‘‘لوسيفر’’؟ تخبرنا كلمة الله عن وقتٍ كان فيه ‘‘لوسيفر’’ هذا
رئيساً لكل الملائكة. ولو عرفت قصة ‘‘لوسيفر’’، لفهمت من أين جاء الشيطان.
يخبرنا
الكتاب أنه عندما خلق الله الملائكة في البداية، كان ‘لوسيفر’ أجملهم وأقواهم
وأحكمهم على الإطلاق. وكلمة ‘لوسيفر’ تعني ‘المُشرِق’ أو ‘المضيء’ أو ‘اللامع’.
فقد كان لوسيفر يفوق كل الملائكة في المعرفة والحكمة والقوة والسلطة. إذ أعطاه
الله جمالاً وذكاءً بلا حدود.
وكان
من المتوقَّع أن يعبد لوسيفر الله ويحبه ويطيعه إلى الأبد، لأن الله خلقه وباركه
بركةُ عظيمة. إلا أننا نقرأ في كتب الأنبياء أن لوسيفر في وقتٍ ما احتقر الله،
وامتلأ قلبه بالكبرياء. وقال لوسيفر في قلبه:
‘‘أصعد
إلى السموات، أرفع كرسيَّ فوق كواكب الله، وأجلس متوجاً .. أصعد فوق مرتفعات
السحاب، أصير مثل العليّ’’ (إش 13: 14، 14).
يا
له من شيء عجيب! لوسيفر، الذي لم يكن له أكثر مما أعطاه الله، أراد أن يسلب مجد
الله العليّ! ولم يتمرد لوسيفر وحده ضد الله، بل أغرى ثلث الملائكة الذين كانوا في
السماء، فاختاروا أن يولُّوا ظهورهم لله، وأن يتبعوا لوسيفر في خطيته. (رؤ 4: 12).
إلا
أن الله هو الله، وقد عرف كل ما كان لوسيفر وملائكته ينوون عمله. فكما تعلمنا
مسبقاً في درسنا السابق، أن لا أحد يستطيع أن يفعل شيئاً في السر أمام الله؛ لأن
الله يعرف كل شيء حتى قبل أن يحدث! لقد رأى الله الخطية التي كانت في قلب لوسيفر
وقلوب الملائكة الذين تبعوه.
ولكن،
ماذا حدث بعد ذلك يا ترى؟ وما الذي فعله الله؟ هل سمح الله للوسيفر الذي تمرد ضده
أن يأخذ مكانه؟ هل يمكن لله أن يتغاضى عن الخطية؟ هل يستطيع الله أن يتعايش مع
خطية الكبرياء والتمرد؟ بالطبع مستحيل! فكتب الأنبياء تعلِّمنا أن الله إلهنا قدوس،
وعيناه لا تستطيعان أن تنظرا الشر. الله لا يقدر أن يتحمل الخطية. وهو لن يعطي
مجده لآخر. فالله متفرِّد، ولا يقدر أحد أن ياخذ مكانه! وهكذا، يقول الكتاب أن
الله طرد لوسيفر وملائكته الأشرار من محضره المقدس. وهكذا، أصبح لوسيفر ومن تبعوه
من الملائكة غير قادرين على السكنى في السماء في بيت الله؛ وذلك لأنهم أخطأوا
برغبتهم في أن يحلوا محل الله. ولذلك، طرد الله لوسيفر وملائكته الأشرار. فالله
القدوس لابد وأن يدين ويعاقب كل من يتمرد ضده.
وبعد
ما أخطأ لوسيفر، تغيَّر اسمه. ولم يعد اسمه لوسيفر المتألق، المشرق، المضيء، بل
أصبح اسمه ‘‘الشيطان’’. والشيطان، كلمة تعني ‘الخصم’ أو ‘العدو’. لقد أصبح لوسيفر
عدو الله. والشيطان وملائكته كما تعرفون مازالوا يرفضون الله، ويرفضون كل ما هو
صالح. فهم يرفضون كلمة الله وينكرونها. فالشيطان يحارب الله، ويحاول أن يفسد كل
خططه ويعطلها. إلا أن الله هو القاضي العظيم، ولا أحد يستطيع أن يتفوق عليه!
‘‘فالبيضة ينبغي ألا تصارع الصخرة’’ كما يقول المثل. ويقول الكتاب المقدس أنه بعد
أن طرد الله الشيطان وملائكته، خلق الله لهم ‘‘نار جهنم’’ التي لا تنطفئ إلى الأبد.
وسيأتي اليوم الذي يطرح فيه الشيطان وملائكته وكل من يتبعهم، في النار. وهكذا، كما
يقول الكتاب: ‘‘سيُعذَّبون نهاراً وليلاً إلى أبد الآبدين’’ (رؤ 10: 20).
إلا
أن الكتاب المقدس يعلِّمنا أن الشيطان ليس بعد في نار جهنم. إذ تقول كلمة الله أن
الشيطان في العالم، وهو يحارب الله. فهو المدمٍّر والمخرِّب. إذ يريد أن يدمِّر كل
عمل الله، ويريد أن يهلك البشر الذين خلقهم الله، وأن يذهبوا إلى جهنم. تقول كلمة
الله أن معظم الناس هم تحت سيطرة الشيطان، ولكنهم لا يدركون ذلك. وذلك لأن الشيطان
خدَّاع. إذ تقول كلمة الله:
‘‘الشيطان
نفسه يغيِّر شكله إلى شبه ملاك نور.’’ (2كو14: 11)
فهو
يحاول أن يخدع الناس حتى لا يعطوا انتباهاً إلى كلمة الله. لذلك كتب واحد من
أنبياء الله يقول:
‘‘
اصحوا واسهروا لأن إبليس خصمكم كأسد زائر يجول ملتمساً من يبتلعه هو’’ (1بط 8: 5).
فاصحوا أنتم إذاً واسهروا! إبليس يريد أن يهلككم ويدمركم للأبد!
ولكن
مجداً لله الذي أعطانا كلمته؛ كي ما نقدر أن نهرب من قوة الشيطان. يقول الكتاب: ‘‘
وتعرفون الحق والحق يحرركم’’ (يو32: 8). فهل تعرفون الحق الذي يستطيع أن يحرركم من
مكايد إبليس الرهيبة؟ دعونا لا ننسى هذه الحقائق:
إن
الشيطان أحكم منا .. لكن الله أحكم من الشيطان.
إن
الشيطان أقوى منا .. ولكن الله أقوى من الشيطان.
من
اجل ذلك احملوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا ان تقاوموا في اليوم الشرير وبعد ان
تتمموا كل شيء ان تثبتوا
تم نسخ الرابط