الادارة
نشر منذ سنتين
4
العذراء أم النور | العذراء الصامتة فوق القباب




العذراء الصامتة فوق القباب

ظهرت العذراء فوق كنيستها بالزيتون في 2 أبريل عام 1968م صامتة، لا تتكلم[26].. ولم يثبت وجود رسائل تركتها العذراء بخصوص هذا الظهور، مع إنها تركت في الناس أثر روحي عظيم.

إنه لا غرابة في ظهور العذراء صامتة فوق قباب كنيستها بالزيتون، لأننا عرفنا العذراء من خلال الكتاب المقدس هادئة قليلة الكلام، فهي لم تعتمد على الكلام الكثير في خدمتها، فقد امتلأت أليصابات ويوحنا المعمدان (وهو جنين) بالروح القدس بمجرد سلام مريم عند دخولها إليها، دون أن تتحدث إليها، لأن العذراء هي الممتلئة نعمة، فالشخص المملوء من النعمة والحكمة قليل الكلام، لكنه يؤثر فيمن حوله بأقل الكلمات، وذلك كالسكين الحاد، الذي يحدث التأثير المطلوب بدون مجهود، كقول الكتاب: “إِنْ كَلَّ الْحَدِيدُ وَلَمْ يُسَنِّنْ هُوَ حَدَّهُ، فَلْيَزِدِ الْقُوَّةَ. أَمَّا الْحِكْمَةُ فَنَافِعَةٌ لِلإِنْجَاحِ” (جا 10: 10).

إن اضطراب الإنسان كثيرًا يَنُمُ عن قلبه المملوء بالمشاعر المتضاربة، التي تجعله ينفعل، ويُخرِج ما بداخله في صورة كلام كثير، ليسري عن نفسه بالكلام غير النافع.

لم تتعود العذراء الهادئة كثرة الكلام، لأنها غير مضطربة، هي ثابتة لا تعرف القلق ولا الانفعال لأجل كل سبب، ولذلك لم تطلب العذراء القديسة من الملاك المبشر (غبريال) كشف سرِّ حبلها الإلهي ليوسف النجار، ولا أخبرت هي يوسف، ولم تخبر أيضًا أحدًا من معارفها، ولا طلبت من أليصابات وزكريا الكاهن إبلاغ يوسف النجار بالأمر.

لم تتعود العذراء القديسة أن تتكلم كثيرًا، لأن قلبها كان مشغولًا بالتفكر بالأمور الروحية، وأيضًا بالتكلم مع الله، كقوله: “وَأَمَّا مَرْيَمُ فَكَانَتْ تَحْفَظُ جَمِيعَ هذَا الْكَلاَمِ مُتَفَكِّرَةً بِهِ فِي قَلْبِهَا. ِ” (لو2: 19). إن نصيحة القديسين المختبرين لأبنائهم الروحيين هي: “سكت لسانك لكي يتكلَّم قلبك وسكت قلبك ليتكلم الله”.[27]

هل تبحث عن  أرميا51 - تفسير سفر إرميا

القارئ العزيز… من يطلب رضا الناس يتودد إليهم بالإِكثارِ من الحديث معهم، ولكن هذا فيه مضيعة للوقت، وقد يتخلله الكثير من أخطاء الكلام، كقول الكتاب: “كَثْرَةُ الْكَلاَمِ لاَ تَخْلُو مِنْ مَعْصِيَةٍ، أَمَّا الضَّابِطُ شَفَتَيْهِ فَعَاقِلٌ” (أم 10: 19).

ومع ذلك تكلمت القديسة العذراء مريم بالكلام النافع وقت الحاجة فقط، ففي عرس قانا الجليل طلبت من الرَّبِّ تدبير خمر لأهل العرس، وطلبت من الخدام إطاعة أوامره لهم، لقد كان كلامها نافعًا ومؤثرًا، كقول الكتاب: “لاَ تَخْرُجْ كَلِمَةٌ رَدِيَّةٌ مِنْ أَفْوَاهِكُمْ، بَلْ كُلُّ مَا كَانَ صَالِحًا لِلْبُنْيَانِ، حَسَبَ الْحَاجَةِ، كَيْ يُعْطِيَ نِعْمَةً لِلسَّامِعِينَ” (أف 4: 29). إن العذراء القديسة تدعونا للتحدث مع الله كثيرًا، ولكن لنسكت قليلًا حتى يتكلَّم القلب مع الله.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي