الادارة
نشر منذ سنتين
6
القمص تادرس يعقوب ملطي
بصليبه جاز سيف في نفسكِ، ففجَّر فيكِ ينبوع الفرح لحسابنا!

بصليبه جاز سيف في نفسكِ، ففجَّر فيكِ ينبوع الفرح لحسابنا

العالم وادي الدموع
* أخبريني يا أمي، هل أدعوكِ العذراء المتألمة،

أم أدعوكِ والدة الإله التي تحمل في داخلها ينبوع الفرح السماوي؟

يا ابني إني أعتز باللقبين، ولا يمكن أن ينفصلا.

بعد سقوط الأبوين الأولين صار الألم يُلاحِقنا، كأنه يمسُّ كياننا،

لأننا تغرَّبنا عن الله مصدر الفرح الداخلي.

إني أهمس في أذنيك لأخبرك:

حين قال لي سمعان “يجوز في نفسكِ سيف” (لو ٢: ٣٥)،

لم يكن ذلك جديدًا عليَّ، ولا سبَّب لي ضيقًا.

منذ تمّ الحبل بعمانوئيل، شعرت أنه قد رفعني إلى السماء.

أدركت أنه المُخَلِّص الذي يُصالِح السماء مع الأرض، يضمنا إلى خورُس السمائيين.

صارت حياتي منذ البشارة سلسلة من التعزيات الإلهية وسط آلام الحُبِّ لله والناس!

رحلة الحُبِّ العجيبة
* كم كنتُ متهللة حين لمست في رئيس الملائكة جبرائيل فرحه العجيب لتجسد الكلمة مني،

وأدركت أن نسيبتي حُبلَى بملاكٍ يهيئ الطريق لابني.

انطلق الملاك متهللًا، لأن سرّ الخلاص المكتوم انكشف له وسينكشف للسمائيين.

لم أُسرِع إلى يوسف أُخبِره بظهور الملاك والبشارة.

ولا انشغل قلبي ماذا أفعل لأستعدّ لميلاد الطفل العجيب،

ولا ماذا أقول لمن ألتقي بهم.
انطلقتُ بروح الحُبِّ لأخدم نسيبتي.

أما خدمتي العظمى فقد أحسست بأن الذي تجسد مني يُحَوِّل بيتها إلى سماءٍ جديدة.

أسرعت وأنا فتاة حامل أركض على جبال يهوذا،

وكأني أطير بجناحي الحُبِّ! (لو 1: 39)
بيت زكريا وأليصابات يصير سماءً متهللة
* كم كان فرح زكريا الكاهن بزيارتي.

لمست أليصابات ذلك، فاحتضنتني بحُبٍّ عظيمٍ.

عبَّرت عن فرحها وفرح زوجها الصامت،

وأيضًا فرح الجنين الذي ركض راقصًا في أحشائها!

عشت معها ثلاثة شهور، ما كان يشغلها هو قراءة النبوات والتعرُّف على شخص عمانوئيل.

هل تبحث عن  الانبا ارسانيوس معلم اولاد الملوك

كان زكريا الكاهن يُساعِدنا ويشير إلى النبوات في صمتٍ.

كانت قلوبنا الثلاثة كما في السماء، ومعها قلب الجنين يوحنا!

شعرتُ أن القائد لنا هو الجنين الذي في أحشائي،

يُحَدِّثنا بلغة الصمت، ويفتح أذهاننا لمعرفة أسراره،

ويلهب قلوبنا نحو خلاص العالم.
حوار مع يوسف البار[4]
* عدتُ بعد ثلاثة أشهر إلى بيت الشيخ البار يوسف،

وقد ظهرت عليَّ علامات الحمل.

تقدَّم إليّ بلطفٍ وقال: أيتها الحمامة البهية، من الذي قصّ جناحك الحسن،

ونتف ريش صحة ورعك أيتها البهية كل يومٍ، متى نقصت كرامتكِ،

وفي أي يومٍ سقط عليكِ اللصوص وسرقوا غناكِ؟

أيتها المدينة الحصينة، من الذي سبى سوركِ ونهبكِ؟

* قلت له: جوهرتي محفوظة عندي لم تُسرَق، وختم بتوليتي قائم لم يُفسِده أحد..

ها ابني يشهد أنه من الأعالي، ولم يقترب مني رجل قط.

سمع يوسف ذلك وتعجَّب، إذ لم يسمع عن مثل هذا من قبل.

رفعتُ قلبي إلى المتجسد مني وطلبت منه لا أن يدافع عني،

وإنما أن يكشف سرَّه ليوسف لئلا يتسلَّل إليه الشك فيهلك.

آلام المذود وبهجة السماء
* في طريقي إلى بيت لحم التقيت بكثيرين ذاهبين إلى مسقط رأسهم ليُكتتبوا فيها،

فلا يتهرَّب أحد من الجزية.

كانوا في حالة ضيق وتبرم لأجل مشقة الطريق والالتزام بالجزية.

أما أنا فما كان يشغلني أن الابن المتجسد يطلب اكتتابًا للمؤمنين به في سفر الحياة.

قيصر مهتم أن يُخضِع الأمم له،

والربّ المتجسد مهتم أن يُحَرِّر المأسورين بواسطة إبليس.

قيصر على الأرض يكتب الأسماء في سجلات،

والربّ في السماء ينقش الأسماء في الأعالي!

هذا حوَّل رحلتي إلى تعزيات سماوية ليست بقليلةٍ!

يا ابني، كم كنت سعيدة بالمتجسد في أحشائي!
* كانت هذه الرحلة فرصة رائعة،

هل تبحث عن  زَكَرِيَّا الملك ابن يربعام الثاني

أروي فيها ليوسف ما قالته أليصابات خلال خدمتي لها.

كان يستمع إليَّ بدهشة، خاصة وأن ملاك الربّ سبق فكشف له عن سرِّ التجسد.

كنا نحن الاثنان في حضرة الربِّ الذي ألهب قلبَيْنا بوعوده الإلهية.

لم نُناقِش أين ننزل، ولا ما سنحتاج إليه عند ولادة الطفل.

كان روح الله يحملنا كما على السحاب.

لم نتضايق لأننا لم نجد موضعًا في بيت لحم ننزل فيه سوى مذودًا،

كان أكثر راحة وبهاءً من كل القصور.

صحبة الحيوانات في المذود رفعت قلبينا إلى الخالق الذي أبهجنا بالحيوانات،

وأبهج الحيوانات بنا.

حوَّل الربُّ جب الأسود لدانيال إلى سماء، إذ أرسل له ملاكًا يُرافِقه!

أما نحن فكنا في المذود، تُرافِقنا كل الحيوانات لخدمتنا.

كما بعث إلينا رعاة ومجوس أدركوا سرّ الطفل العجيب الذي لم يدركه رؤساء الكهنة والكهنة.

أرجو أن ألتقي معك لأروي لك الكثير عن تعزيات الله لي وليوسف وسط الآلام.

بصليبه جاز سيف في نفسكِ، ففجَّر فيكِ ينبوع الفرح لحسابنا

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي