هل بقيت بتولية القديسة مريم عند ولادتها يسوع؟
الكتب الغير القانونية الأولى:
“ظهر في الكنيسة الأولى بعض الكتب نسب بعضها للتلاميذ بقصد ترويجها، لكنها لم تتقبلها الكنيسة منذ البدء، هذه الكتب وإن كانت ليست من قائمة الأسفار المقدسة، لكنها تعتبر كتب كنسية تحمل الكثير من الأفكار والتقاليد الكنسية الأولى، يستخدم بعضها كتراث فكري مسيحي مبكر، خاصة متى كانت أفكارها منسجمة مع فكر الكتاب المقدس والكنيسة.
استنادنا على بعض النصوص الواردة في ثلاثة كتب أنما لان هذه النصوص تعكس اتجاه كنسي مبكرا”.
أكدت ثلاثة كتب غير قانونية أولى، ترجع إلى القرن الثاني، دوام بتولية القديسة مريم، وهي:
1- جاء في كتاب”صعود أشعياء”: “وجد رحمها كما هو عليه فبل الحمل”.
2- ورد في “أناشيد سليمان”: أنها ولدت ابنا بغير آلام المخاض.
3- يروي”إنجيل يعقوب الأولى” أن سيدة تدعى سالومى قد “لاحظت بتولية القديسة مريم بعد ولادة يسوع”
على أي الأحوال أن تركنا تفاصيل ما ورد في هذه الكتب في هذا الشأن. نستطيع القول أنها حملت انعكاسا لفكر قوى ساد في القرن، ألا وهو أن القديسة مريم لم تفقد بتوليتها بميلادها الرب.
الفكر الأبائي:
يعتقد أن القديس بطرس بابا الإسكندرية (استشهد عام 311م)هو أول من أستخدم لقب”ايبارثينوس” أي “دائمة البتولية” للقديسة مريم قائلا: “يسوع المسيح… قد ولد حسب الجسد من مريم، سيدتنا القدسية المعظمة، والدة الإله “ثيؤتوكوس” الدائمة البتولية “ايبارثينوس”…
في الواقع لم يكن القديس بطرس هو أول من اعتقد في دوام بتولية القديسة مريم، أى بتوليتها قبل ميلاد السيد المسيح (ante-portum“) وعند ميلاده “”in-portum وبعد ميلاده “”post portum ففي القرن الثاني يذكر القديس ايرنياؤس ما ورد في أشعياء النبي (66: 7، 8) حيث يتنبأ عن عودة الشعب إلى أورشليم بطريقة ملحوظة خلال الأم صهيون، مفسرا ذلك، أن النبوة تشير إلى العذراء مريم التي ولدت ابنا ذكرا بطريقة بغير آلم المخاض (أي أن تفقد بتوليتها)، إذ يقول النبي: قبل أن يأخذها الطلق ولدت، قبل أن يأتي عليها المخاض ولدت ذكرا. يعلق القديس أن النبي قد أعلن بهذا عن المنظورات أي ميلاد الطفل من العذراء بطريقة فريدة وبهذا يؤكد القديس بتولية القديسة.
وفي مصر يقول القديس أكليمنضس أن القديسة مريم استمرت عذراء، رافضا الادعاء بأنها قد صارت امرأة (أي فقدت بتوليتها) بسبب إنجابها الطفل.
كما يؤكد العلامة أوريجين دوام بتوليتها في عظاته على سفر اللاويين. وفي موضع آخر يقول:
“لقد تسلمنا تقليدا في هذا الشأن… أن مريم قد ذهبت (إلى الهيكل) بعدما أنجبت المخلص، لتتعبد، ووقفت في الموضع المخصص للعذارى. حاول الذين يعرفون عنها أنها أنجبت ابنا طردها من الموضع، لكن زكريا أجابهم أنها مستحقة المكوث في موضع العذارى،إذ لا تزل عذراء”.
كما يقول العلامة أوريجين: “يليق ألا ننسب لقب أولى العذارى، لغير مريم وحدها”.
هذا وقد استخدم البابا أثناسيوس تعبير “ايبارثينوس”، كما أعلن القديس ديديموس الضرير بتوليتها أثناء ميلاد الطفل “in-portum وبعد الميلاد “post portum مخابئ إياها: “الدائمة البتولية”. وفي هذا المجال أقتبس بعض فقرات من أقوال الأباء في شأن دوام بتولية القديسة:
+ حقا إننا نجهل الكثير على سبيل المثال:
كيف يوجد غير المحدود في الأحشاء؟
كيف يحمل بذاك الذي يحوي كل شئ، ويولد من امرأة؟
كيف تلد العذراء وتستمر عذراء؟
القديس يوحنا ذهبي الفم
+ لم تحل بتولية العذراء الطاهرة خلال الميلاد غير الدنس، كما لم تقف البتولية في طريق ميلاد عظيم كهذا.
القديس غريغوريوس النيصي
+ السيد المسيح وحده فتح أبواب بتوليتها المغلقة،
ومع هذا بقيت الأبواب مغلقة تماما.
القديس جيروم
+ مع أن الباب كان مغلقا، دخل يسوع إلى مريم، القبر الجديد المنحوت في صخر، الذي لم يرقد أحد فيه من قبله ولا بعده، أنها جنة مغلقة، ينبوع مختوم “نش 4: 12”.
هي الباب الشرقي الذي تحدث عنه حزقيال (14: 2)، المغلق على الدوام، المملوء نورا…يدخل إلى قدس الأقداس، منه يدخل ويخرج من هو على رتبة ملكي صادق. دعوهم يخبروني كيف دخل يسوع والأبواب مغلقة، وأنا أجيبهم كيف تكون القديسة مريم أما وعذراء بعد ميلاد أبنها، وكيف تكون أما قبل (بغير) زواج.
القديس جيروم
+ لو أفسد ميلاده بتوليتها، لما حسب مولودا من عذراء، وتكون شهادة الكنيسة الجامعة بأنه ولد من العذراء مريم، شهادة باطلة (حاشا!).
القديس أوغسطينوس
+ كما دخل الرب والأبواب مغلقة هكذا خرج من أحشاء البتول، فإنه بحق ولدته هذه العذراء بغير ألم…بقيت بتوليتها سالمة لم تحل!
القديس أفرام السرياني
+ ما كان الرب يسوع قد أختار أن يولد من عذراء، لو عرف أنها ليست عفيفة فتقبل زرعا بشريا في ذات الموضع الذي قطن فيه جسد الرب، أي في بلاط الملك الأبدي.
الأسقف سيريكس (392م)
+ يا له من شر مدهش!
مريم كانت عذراء بعد زواجها، عذراء بعد الحمل، وبقيت هكذا بعد إنجاب الطفل! أخيرا فأنه لو وجد شئ أعظم من البتولية لقدمه ابن الله لأمه، إذ وهبها أن تفرح بكرامة البتولية الإلهية.
الأب زينو أسقف فيرونا (372م)
+ إذ قارن القديس أفرام ميلاد الرب بقيامته، قال عن الميلاد:
أراد العريس الممجد أن يظهر أنه ترك أوتار البتولية نائمة حتى لا تشعر بخروجه.
مار أفرام السرياني
+ حقا لا تعرف الطبيعة عذراء تبقى هكذا بعد إنجاب الطفل، أما النعمة فجعلت العذراء والدة وحفظت بتوليتها.
النعمة جعلت العذراء أما ولم تحل بتوليتها…
أيتها الأرض غير المفلحة التي ازدهرت وجاءتنا بثمر يخلصنا!
أيتها العذراء التي فاقت جنة عدن المبهجة!…
العذراء ممجدة أكثر من الفردوس، لأن الفردوس فلحه الله، أما مريم
فأنبتت الله نفسه حسب الجسد، إذ بإرادته شاء أن يتحد بالطبع البشري.
الأب ثيؤدوسيوس أسقف أنقرة