العنف الممتزج بالغش
لِسَانُكَ يَخْتَرِعُ مَفَاسِدَ.
كَمُوسَى مَسْنُونَةٍ يَعْمَلُ بِالْغِشِّ [2].
اتسم دُواغ الأدوميبالغش والخداع، ففي حديثه مع شاول عن أخيمالك الكاهن بتر الحقيقة وشوهها، إذ لم يعرض الحوار الذي دار بين أخيمالك وداود ليبرر نية أخيمالك، وإنما ببتره للحقيقة صوَّره كخائنٍ يساند داود عدو الملك، مما أثار نفس شاول جدًا.
ربما كان غاشًا، لأنه وهو أدومي تظاهر بقبول الإيمان، فصار من الدُخلاء، يقدم تقدمات للهيكل، ويُمارس العبادة، ليظهر كرجلٍ بارٍ، حتى حانت له الفرصة، فتمم شهوة قلبه: قتل الكهنة وعائلاتهم. استخدم كل دهاء ليحقق غرضه، فظهر كالموسى المسنونة التي تقطع. لكنه ماذا قطع؟ شعر الرأس، أو ما هو زائد في حياة الإنسان! هذا هو أقصى ما يمكن أن يفعله الشرير بأولاد الله، أن يحرمهم من الزمنيات الزائلة! أو حتى من الحياة الزمنية بقتل الجسد الذي يقوم ممجدًا، يشارك النفس ذات الإكليل.
عمل الشرير إزالة شعر الرأس، لكن يقول السيد المسيح: “وأما أنتم فحتى شعور رؤوسكم جميعها محصاة؛ فلا تخافوا” (مت30:10-31). إذن ليضرب الشرير القوي بسيفه كما يريد، فإن شعرة واحدة من رؤوسنا لن تسقط بدون إذن أبينا السماوي.
قال بيلاطس للسيد المسيح: “ألست تعلم أن لي سلطانُا أن أصلبك، وسلطانًا أن أطلقك؟” فأجابه: “لم يكن لك عليّ سلطان البتة، لو لم تكن قد أُعطيت من فوق” (يو 10:19-11).
* (دُواغ الأدومييقتل الكهنة بوشايته كما بسيفه).
قطعهم كالموسى الحالقة للشعر بسرورٍ وهناءٍ.
وفي يوم حصار أورشليم تكلم ربشاقي مع اليهود بالكفر قائلًا: لا يقدر إلهكم أن ينقذكم من يدي، فإني آخذكم إلى بلاد أخصب من بلادكم (راجع 2 مل 19:18-35)، صار لسانه مثل الموسى المسنونة متكلمًا بالغش، لأنه كان يخدعهم بلغتهم، ويستميل قلوبهم إليه، وهو يريد إزالتهم كما تزيل الموسى المسنونة الشعر.أيضًا يليق هذا القول بالأكثر بيهوذا (الإسخريوطي)، لأنه قال لرؤساء الكهنة: ماذا تُعطوني وأنا أسلمه إليكم؟ ولما عرضوا عليه ثلاثين من الفضة، صار اليوم كله يطلب فرصة ليسلم يسوع إليهم، حتى جاء الليل، وفعل ما نطق به النهار كله، وأراد مثل الموسى الحادة بلا إحساس أن يزيل ربنا.
الأب أنثيموس الأورشليمي
* انظروا ماذا يفعل الأشرار بالقديسين، إنهم يكشطون (يحلقون) شعورهم…
ماذا يفعل موسى دُواغ لرجل على هذه الأرض يتأمل في ملكوت السماوات، وقد اقترب من الدخول في ملكوت السماوات، معه الله، ويسكن مع الله؟
ماذا يفعل هذا الموسى؟
إنه يكشط الشعر، فيجعل الإنسان أصلع. يهذا ينتمي للمسيح الذي صُلب في موضع الجمجمة (مت33:27)… فإن هذا الشعر يعني الزمنيات غير الضرورية… الذين يلتصقون بالرب بكل قلوبهم تكون لهم الأمور الأرضية كما الشعر (الزائد)…
لذلك مثل موسى ليحرك دُواغ لسانه، ليثير غشه حسبما يريد، فإنه ينتزع الأمور الزمنية الزائدة، بينما تبقى الأمور الضرورية إلى الأبد.
القديس أغسطينوس