admin
نشر منذ سنتين
4
مزمور 29 - العاصفة وصلاح الله


العاصفة وصلاح الله:

إن كانت العاصفة تشير إلى نبوات العهد القديم، فإن صوت الرب يُسمع خلال نبواتهم. وقد تكررت عبارة “صوت الرب” هنا سبع مرات.
أ. “صوت الرب على المياه.


إله المجد أرعد

الرب على المياه الكثيرة” [3].

يعلق القديس هيبولتيس الروماني على هذه الكلمات بقوله: [أي صوت هذا؟ إنه: “هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت ].فعلى مياه المعمودية نسمع صوت الله القدير الذي يعلن بنوّتنا له. لهذا يُستخدم هذا المزمور في طقس قداس المعمودية عندما يحرك الكاهن الماء بالصليب بعد سكب الميرون في جرن المعمودية.


ويرى القديس أغسطينوسأن هذه المياه هي الأمم التي قبلت “صوت الرب”، إذ يقول: [حينما جعل ربنا يسوع المسيح صوته مسموعًا خلال الأمم المملوءة رهبة، حولهم إلى شريعته وجعل مسكنه فيهم].

يتحدث إشعياء النبي عن هذه المياه الكثيرة، قائلًا: “آه ضجيج شعوب كثيرة تضج كضجيج البحر وهدير قبائل تهدر كهدير مياه كثيرة، ولكنه ينتهرها فتهرب بعيدًا، وتُطرد كعاصفة الجبال أمام الريح وكالجل أمام الزوبعة. في وقت المساء إذا رُعب، قبل الصبح ليسوا هم. هذا نصيب ناهبينا وحظ سالبينا” (إش 17: 12-14).

انتهر الرب هذه المياه الكثيرة بأن أرعد بصوته على الأمم فهربت بعيدًا كشعوب وثنية وصارت كلا شيء، لكنها عادت كنيسة قوية مجيدة، لا تحمل دوامات البحار ولا تياراته الجارفة ولا ملوحته، بل جاءت كنيسة تحمل طاعة المسيح ووداعته ولطفه.

المياه الكثيرة تشير أيضًا إلى الآلام والضيقات التي تحل بالمؤمن حتى تكاد أن تبتلعه، إذ يقول المرتل: “انقذني ونجني من المياه الكثيرة ومن أيدي بني الغرباء” (مز 144: 7). يرعد صوت الرب عليها فيحول آلامنا إلى أمجاد… تصير آلامنا شركة معه في آلامه وصلبه وطريقًا للتمتع بقوة قيامته ومجده (رو 8: 17).

المياه الكثيرة أيضًا تشير إلى طاقاتنا وإمكانياتنا من عواطف وأحاسيس ومشاعر ودوافع وقدرات ومواهب… هذه التي أفسدناها فصارت كمياه بحار مالحة تكتنف نفوسنا وتغرقها، وإن تقدمت بكلمة الله تصير ماء نهر عذب يُفِّرح مدينة الله التي هي قلوبنا. يقول يونان النبي: “لأنك طرحتني في قلب البحار، فأحاط بي نهر” (يونان 2: 3). حين تُرك يونان لإمكانياته البشرية التي هي عطية إلهية أفسدها الإنسان – صار مطروحًا في قلب البحار، كاد أن يهلك غرقًا في أعماق المياه المالحة… لكن كلمة الرب حوّلت هذه الطاقات لبنيانه فصارت البحار نهرًا عذبًا لا يكتنفه بل يحوط به ليسقي أرضه بعذوبة سماوية، تحول جفاف نفسه إلى جنه مثمرة. عوض أن يئن من المياه، قائلًا: “خلصني يا الله فإن المياه قد دخلت حتى إلى نفسي؛ تورطت في حمأة الموت ولم يعد لي استطاعة بعد. ذهبت إلى أعماق البحر وغرقني العاصف” (مز 69: 1)، يسبح الله متهللًا من أجل الأنهار التي تجري من بطنه كقول السيد المسيح: “من آمن بي كما قال الكتاب تجري من بطنه أنهار ماء حيّ” (يو 7: 28). يقول المرتل: “مجاري الأنهار تفرح مدينة الله” (مز 46: 4) .

يرى كثير من الآباء أن صوت الرب الذي أرعده على المياه الكثيرة إنما يُشير إلى حدث عماد السيد المسيح، الذي فيه شهد الآب عن الابن المتجسد أنه محبوبٌ لديه، موضع سروره، لكي نسمع جميعًا باتحادنا فيه صوت الآب الذي يفتح أحضانه ليستقبلنا كأبناء له.

حينما يسكب الكاهن الميرون على مياه المعمودية يحرك بالصليب المياه وينطق بهذه الكلمات كما سبق فأشرنا، ليعلن أن صوت الآب قائم على الدوام يستقبل المعمدين

الذين صاروا أعضاء جسد المحبوب، يتمتعون بشركة أمجاده.

* أرعد إله المجد حينما شهد الآب للابن، قائلًا: “هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت” (مت 3: 17).

هل تبحث عن  اوجه التشابه بين الملكة البتول مريم والكنيسه

القديس جيروم

ب. “صوت الرب بقوة،

صوت الرب بجلال عظيم” [4].

إذ جاء الكلمة الإلهي أعلن بالضعف ما هو أعظم من القوة، فقد ارتفع بالجسد على الصليب، حاملًا عارنا، لنحمل نحن قوته وجلاله عاملين في حياتنا.

أعلن أيضًا كلمة الله أو صوت الرب سكناه في كنيسته، فكان يُجرى على أيدي الرسل عجائب كثيرة؛ وبقوة تكلم بهم ليجتذب الأمم من الفساد إلى الحياة الجديدة المجيدة، الحياة الإنجيلية المفرحة، حياة مقدسة في الرب.

يتهلل المرتل بعمل صوت الرب القوي والمجيد بعدما تحدث عن عمله في المياه الكثيرة. وكأن المؤمن يختبر صوت الرب بقوة وجلال عظيم في حياته اليومية بعدما يدخل إلى مياه المعمودية ليتقبل البنوة لله وعطية روحه القدوس الذي يجدد حياتنا ليجعلنا على صورة الله.

* هذا تجديدنا، يجعلنا على صورة الله من جديد، وذلك بغسل التجديد والروح القدس الذي يُجددنا فنصير أبناء الله، نصير خليقة جديدة مرة أخرى بشركة الروح، ويخلصهما مما كان عتيقًا.

القديس باسيليوس الكبير

* تغسلنا المعمودية من كل عيب وتجعلنا هيكل الله المقدس، وتردنا إلى شركة الطبيعة الإلهية بواسطة الروح القدس .

القديس أكليمندس السكندري

صوت الرب على المياه يُرهب الشياطين ويعطي قوة وسلطانًا للمؤمنين؛ يُحطم طاقات الظلمة ويهبنا الاستنارة فنعيش بروح القوة والمجد الداخلي لا روح الفشل واليأس.


ج “صوت الرب يُحطم الأرز

الرب يكسر أرز لبنان

ويسحقهم مثل عجِل لبنان

والحبيب مثل ابن ذوي القرن الواحد” [5-6].

صوت الرب في الرعد، غالبًا ما يكسر شجر الأرز، حتى أرز لبنان أقوى أنواعه وأكثره صلابة. رياح العاصفة تقتلعه أحيانًا بجذوره وتحطم قممه العالية المتشامخة، فتنبطح أرضًا.

تمثل هذه الأشجار النفوس المتشامخة المعتدة بذاتها، فقد جاء صوت الرب أو كلمة الله المتجسد ليدخل بهذه النفوس إلى حياة الاتضاع خلال حزن التوبة.

وقد أختار الله ضعفاء العالم ليخزى بهم الأقوياء (1 كو 1: 27)… لكي يتمتعوا هم أيضًا بذاك القدير الذي صار لأجلهم في صورة ضعف.

* صوت الرب يحطم الأرز”. بالتوبة يكسر الرب أولئك الذين يمجدون ذواتهم بشرف أصلهم الزمني، والذين يقفون في خجل حينما يختار أدنياء هذا العالم ليُطهر فيهم قوته الإلهية.

القديس أغسطينوس

يرى البعض أن الأرز هنا يشير إلى عبادة الأوثان حيث معابدها الشاهقة وتماثيلها الضخمة لكن بلا ثمر روحي ولا نفع كالأرز المتشامخ بلا ثمر. جاء كلمة الله المتجسد ليقتلع العبادة الوثنية ويحول الأمم إلى ملكوته، ملكوت الوداعة المفرح والمثمر.

ليس ما يُحطم كبرياء قلبي ولا ينتزع محبة العالم (الوثنية) وكل خطية إلا صوت الرب، أي التمتع بالسيد المسيح، الكلمة الإلهي المُختفي وراء كلمات الكتاب المقدس. لأطلبه في إنجيله وأنعم به، فيُقيم مملكته فيّ، ولا يقترب إليها عدو، ولا تشترك معها خطية ما.

صوت الرب يسحق أشجار لبنان “مثل عجل لبنان”؛ أي كما سحق موسى النبي العجل الذهبي الذي صنعه بنو إسرائيل وتعبدوا له (خر 32: 20). عوض هذا الإله الوثني (العجل الذهبي) ينعم المؤمن ب “الحبيب مثل ابن ذوي القرن الواحد” [6]. أي بالسيد المسيح الابن الحبيب الوحيد الجنس، القوى والقدير. (القرن يشير إلى القدرة على الخلاص).

إذ ندخل مياه المعمودية نلتقي مع صوت الرب الذي يُحطم فينا تشاخ إنساننا العتيق، أو يحطم عمل إبليس المتعجرف، أرز لبنان المزروع داخلنا، ويهلك العجل الذهبي، أي كل تعلق زمني وعبادة للزمنيات، ويقوم كلمة الله الوحيد الجنس فينا، في إنساننا الداخلي الجديد.

* “صوت الرب يكسر الأرز”، لأن المسيح اعتمد، أما الشياطين الذين كانوا قبلًا متغطرسين ومتكبرين فقد تحطموا وانكسروا في هاوية الهلاك. يكسرهم الرب مثل أرز لبنان، ويُحطمهم مثل عجل! قاذفًا في الهواء بأشلاء الأشجار، ومبعثرًا بالقِطع (التي للعجل) بعيدًا.

هل تبحث عن  36-ثيؤغنستس عميد مدرسة الإسكندرية اللاهوتية

* ماذا يقول المزمور عن المخلص؟ “الحبيب مثل ابن ذوي القرن الواحد”. إن ربنا حبيبنا ومخلصنا هو ابن وحيد القرن، ابن الصليب الذي يرنم له حبقوق، قائلًا: “الاشعة تشرق إيمانًا من جواره، وهناك استنار قدرته” (راجع حب 3: 4). فبعدما صُلب ذاك الحبيب تحققت النبوة الواردة في المزمور: “صوت الرب يقدح لهيب النار” [7]. لأنه عندما طهّرنا المسيح انطفأت نار الجحيم .

القديس جيروم

* بالمعمودية المقدسة ينعتق الإنسان من سلطان إبليس ويصير مولودًا من غير نطفة مثل ناسوت المسيح، لأن الروح القدس يقدسه من ميلاد النطفة، فلا يبقى للشيطان سلطان عليه مادام روح المسيح فيه.

الأنبا ساويرس أسقف الاشمونين

* الذي يعتمد للمسيح لا يولد من الله فقط بل يلبس المسيح أيضًا (غلا 3: 27). لا نأخذ هذا بالمعنى الأدبي، كأنه عمل من أعمال المحبة، بل هو حقيقة. فالتجسد جعل اتحادنا بالمسيح وشركتنا في الألوهة أمرًا واقعًا.

القديس يوحنا ذهبي الفم

يربط القديس أمبرسيوس بين السيد المسيح الابن الحبيب، وحيد القرن وبين القديسين كوحيدي القرن، قائلًا:

[يُدعى القديسون وحيدي القرن… فإن هذا النوع من الحيوانات يحسبون قد بلغوا حالة أعظم من النضوج بظهور القرن فيهم. وهكذا أيضًا عندما يبدأ القرن أن يظهر في رأس النفس يبدو كأنها تبلغ إلى حالة أعظم من النضوج في الفضائل، وهكذا ينمون حتى يبلغوا إلى الملء.

بهذا القرن سحق الرب يسوع الأمم، لكي تدوس على الخرافات وتنال الخلاص، كقوله: “أضرب وأشفي”… ولهذا كانت الحيوانات الطاهرة حسب الشريعة هي ذات قرون، لأن الناموس روحي؛ فمن يطرد إغراءات هذا العالم بكلمة الله وحفظ الفضيلة يكون كمن هو مُصان بقرون على رؤوسهم، كما بأسلحة ].

مسيحنا وحيد القرن، حطم بالصليب شر الأمم ليقتنيهم أعضاء جسده، ونحن وحيدوا القرن، نحطم الشر بالروح القدس بقوة صليب ربنا يسوع المسيح لنحيا كاملين فيه.
د. “صوت الرب يقطع لهيب النار” [7].

العواصف الشديدة أحيانًا تشعل نيرانًا خاصة في الغابات وأحيانًا تطفىء بمياهها النيران. صوت الرب يشعل بروحة القدوس نار الحب الإلهي، إذ يقول: “جئت لألقي نارًا على الأرض؛ فماذا أريد لو اضطرمت؟” (لو 12: 49)، هذه النيران تبتلع نيران الشهوة التي فينا وتقطعها.

وكما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [بالنار تنطفئ النار؛ بنار الروح تنطفئ نار الشهوات!].

يرى القديس باسيليوس الكبيرأن صوت الرب في يوم الدينونة يقطع لهيب النار بالنسبة للأبرار فيبقى ضوؤها، أما بالنسبة للأشرار فيبقى حريقها بلا ضوء. أما كلمة “يقطع” فتعني هنا يفصل أو يميز أو يفرز، لأن صوت الرب يفصل الأبرار عن الأشرار في يوم الدينوية، فيتمتع الأبرار مباركوا الآب بالميراث المجيد ويُلقى الأشرار في النار المعدة لإبليس وملائكته.

*أعتقد أن النار المعدة لعقاب الشيطان وملائكته تنقسم بواسطة صوت الرب. وهكذا توجد قدرتان في النار، قدرة للاحتراق وأخرى للإنارة. قوة عقاب النار الصارمة تنتظر من

يستحقون الحرق، أما إشعاعاتها واهبة الاستنارة فتُحفظ ليتمتع بها الفرحون.

القديس باسيليوس الكبير

ه. “صوت الرب يُزلزل القفر،

صوت الرب يُزلزل برية قادش” [8].

قبلًا [5-7] كان المرتل يتحدث عن العاصفة التي تصطدم بجبال لبنان الممتدة مئات الأميال شمالًا وجنوبًا في منطقتين منفصلتين، حيث كانت أشجار الأرز الثمينة التي استخدمها آنذاك سليمان في مشاريعه للبناء (1 مل 5: 6-10؛ 6: 15؛ 7: 1-3، 11-12)، وكانت ترمز للتشامخ (إش 10: 33-34، زك 11: 2). الآن [8-9] تزحف العاصفة في طريقها إلى القفر، برية الصحراء العربية شرق الجبل المواجه للبنان حيث تتزلزل البرية كلها. وقد جاءت كلمة “يُزلزل” في العبرية بتصوير المرأة وهي في حالة مخاض الولادة.

هل تبحث عن  سلطان السيد المسيح على الأمراض

جاء الكلمة الإلهي – صوت الرب – إلى العالم الذي كان كالبرية القفر التي بلا ثمر ليزلزله، فيهتز من أعماقه ويكون كالمرأة التي تئن وتتمخض لكنها تعود فتفرح بإنجابها طفلًا حيًا يُبهج حياتها. رأى إشعياء النبي العالم برية تمتعت بالعصر المسيَّاني كعصر مياه حيَّة فصارت جنة مثمرة، إذ يقول: “فتصير البرية بستانًا… فيسكن في البرية الحق والعدل في البستان يقيم… ويسكن شعبي في مسكن السلام وفي مساكن مطمئنة وفي محلات أمينة” (إش 32: 15- 17).

صوت الرب يُزلزل برية قادش” [8]. برية قادش تلك التي عبرها الشعب قبل دخولهم أرض الموعد، وهي تشير إلى الإنسان قبل تمتعه بالوعد الإلهي، ودخوله إلى كنيسة العهد الجديد، أرض الراحة. مثل هذا الإنسان يحتاج إلى أن يحل فيه كلمة الله بالإيمان ليحوّله من برية قادش إلى كنعان الجديدة.

* صوت الرب يزلزل إيمان الأمم الذين كانوا قبلًا بلا رجاء، بلا إله في العالم (أف 2: 12)، حيث لم يكن لهم نبي ولا كارز بكلمة الله، وكأنهم كانوا موضعًا لا يسكنه أحد (قفر). ويزلزل الرب برية قادش، عندئذ يجعل الله كلمة كتابه المقدس معروفة تمامًا، هذه التي تركها اليهود الذين لم يفهموها.

القديس أغسطينوس

* “صوت الرب يُزلزل البرية”. البرية هي الكنيسة التي كانت قبلًا بلا أولاد، وبالكرازة بالمسيح تزلزلت هذه البرية واهتزت، وحان وقت طِلْقِها، فولدت، وفي يوم واحد أنجبت أمة بأكملها (إش 66: 7)! تلك التي كانت تُدعى قبلًا: “برية قادش” أي برية القداسة، وذلك بقدر ما كانت حُبلى بالفضائل، فصارت تلد الأيائل، وترسل قديسيها في أفواج وحشود ليقتلوا الحية على الأرض، مستخفين بسُمّها. إثناء ركوضهم في العالم، كارزين بإنجيل المسيح في هيكله يقول جميعهم: “المجد لله!”

القديس جيروم

و. “صوت الرب يرتب الأيائل ويكشف الغياض” [9].

جاء في النص العبري: “يُولّد الأيائل”، وكأن العاصفة في عنفها ترعب الأيائل، فترقد وتضع صغارها قبل موعد الولادة. أما في النسخة السبعينية، فجاءت “يرتب الأيائل”، فقد جاء كلمة الله لكي يُرتب نفسياتنا المضطربة ويرد لنا سلامنا الداخلي. الأيائل بطبعها قطيع مشتت لا يستقر على حال، معروف برعونته وعدم رويته…

صوت الرب يكشف الغياض[9]، إذ بمجيء المتجسد انكشفت لنا أسرار الكتب الإلهية وخفاياها، هذه التي كانت مخبأة في الظلال.

عند حلول العاصفة تختفي ظلال الغابات الكثيفة أمام وميض البرق وتنكشف الكهوف والمغائر المظلمة، فلا يقدر إنسان أن يختفي. هكذا إذ جاء صوت الرب إلى الجنة لم يكن ممكنا لآدم وحواء أن يختفيا بين الأشجار ولا لأوراق شجرة التين أن تسترهما؛ بل انفضحا وتعريا حتى أمام نفسيهما. كلمة الله؛ السيد المسيح، يشرق علينا بروحة القدوس فيفضح حياتنا أمام أنفسنا، ويبكتنا على خطايانا، لنتقدم إليه كمرضى يطلبون شفاء النفس والجسد.

* تحتاج النفس إلى السراج الإلهي، وهو الروح القدس، الذي يُنير البيت المظلم، وإلى شمس البرّ الساطعة التي تُضيء وتشرق في القلب، وتحتاج إلى الأسلحة التي تغلب بها في المعركة.

القديس مقاريوس الكبير

يُقال أيضًا إن الرعد يكشف عن حيوانات الغابة التي تصير في هرع فتهجر عرينها ومخابئها ومن ثم يُمكن اكتشافها وصيدها… وكأن صوت الرب الذي يكشف لنا أسرار الكتاب المقدس، والذي يعلن لنا عن أعماقنا الخفية، يظهر لنا العدو الشرير “الحيوانات المفترسة” ويعطينا قوة لمقاتلته.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي