admin
نشر منذ سنتين
4

مزمور 119 (118 في الأجبية) - قطعة ع - تفسير سفر المزامير - لا تسلمني إلى الذين يظلمونني

مزمور 119 (118 في الأجبية) – قطعة ع – تفسير سفر المزامير
16 – ع

لا تسلمني إلى الذين يظلمونني

[121 – 128]

لا يتوقف المرتل عن طلب العون الإلهي، خاصة أنه كلما ارتبط بالوصية الإلهية وتمتع بالنعمة يثور ضده عدو الخير وكل جنوده، فيستنجد بالأكثر بالله معينه.

1. استنجاده من الظالمين
121.
2. استنجاده من المتكبرين
122.
3. استنجاده بخلاص الله
123-124.
4. استنجاده بالوصية الإلهية
125-128.
من وحي المزمور 119 (ع)
مزمور 119 (118 في الأجبية) - قطعة ع - تفسير سفر المزامير - لا تسلمني إلى الذين يظلمونني

1. استنجاده من الظالمين

قد صنعت حكمًا وعدلًا،
فلا تسلمني إلى الذين يظلمونني” [121].
* ليس عجيبًا أن يمارس (المرتل) حكمًا وعدلًا، إذ صلى قبلًا من أجل خوف الله العفيف، الذي به يسمر جسده، أي شهواته الجسدية التي تريد أن تمنع حكمنا من أن يكون مستقيمًا.
القديس أغسطينوس
* من يصنع إنصافًا وحكمًا لا يسلمه الله إلى الظالمين، وإن سقط في أيديهم ينجيه.
أنثيموس أسقف أورشليم
اعتاد الكثيرون من أصحاب السلطة أن يحققوا لأنفسهم مكاسب مادية أو كرامات أو ملذات ولائم دون مراعاة للعدالة، أما داود الملك فكان يجري حكمًا وعدلًا، مرضاة لله، وطاعة لوصيته المستقيمة، لهذا يطلب من الله في دالة ألا يسقط تحت جور الظلم. فإن السلوك المستقيم يشجعنا الصلاة والطلبة من الديان أن ينجينا من ظلم الآخرين، ليس عن برِّ ذاتي ندعيه وإنما خلال عمل نعمته فينا.

مزمور 119 (118 في الأجبية) - قطعة ع - تفسير سفر المزامير - لا تسلمني إلى الذين يظلمونني

2. استنجاده من المتكبرين

كن لعبدك كفيلًا في الخير،
لئلا يجوز المتكبرون” [122].
* إنهم يسحبونني لكي أسقط في الشر، انتزعني إلى ما هو صالح.
القديس أغسطينوس
* ترجمها أكيلا “اضمن عبدك“، بمعنى اشملني والتزم بحراستي وأعني فعل الخير، لئلا يجد المتكبرون علة أن يفتروا بهتانًا. بهذا المعنى أمرنا ربنا أن نصلي لئلا ندخل في تجربة؛ فإنه ليست تجربة أشد من البهتان.
أنثيموس أسقف أورشليم
لقد وضع المتكبرون في قلبهم أن يفتروا باطلًا، فليس لي من يدافع عني ويكون كفيلًا عني سواك. أنت ضامني، تدافع عن قضيتي، فلا يقدر الأشرار أن يسحقونني بافتراءاتهم، بل تخلصني منهم كعصفور من فخ الصياد. إنني لا أئتمن أحدًا حياتي ومتاعبي وقضاياي سواك!
عندما دخل حزقيال الملك في ضيقة قال: “صرخت إلى الصباح، كالأسد هكذا يهشم جميع عظامي… كسنونة مزقزقه هكذا أصيح، أهدر كحمامة، قد ضَعَفَتْ عينايَ ناظرة إلى العلاء؛ يا رب قد تضايقت؛ كن لي ضامنًا” إش 13:38، 14.

مزمور 119 (118 في الأجبية) - قطعة ع - تفسير سفر المزامير - لا تسلمني إلى الذين يظلمونني

3. استنجاده بخلاص الله

إن كان المرتل يطلب من الله ألا يسلمه للظالمين، وأن يحميه من المتكبرين، فإن عينيه لا تجفان قط مشتاقتين بدموعٍ إلى خلاصه أو إلى مجيء المخلص الذي يحقق بصليبه عدل الله ورحمته؛ إذ يفي الدين، ويقدم الحب، ويعلن ذاته ضامنًا وكفيلًا لدى الآب لمؤمنيه المتمسكين به والمختفين فيه.
عيناي قد فنيتا إلى خلاصك وقول عدلك.
اصنع مع عبدك نظير رحمتك،
وحقوقك علمني” [123،124].
* لكي يقدم رمزًا لصليبه رفع موسى بأمر الله الرحيم صورة حية عمودٍ في البرية، في شبه الجسد الخاطي الذي يلزم أن يُصلب في المسيح مرموزًا إليه (يو14:3). بالنظر إلى هذا الصليب الذي تعمَّد المرتل أن يتطلع إليه ويقول: “عيناي قد ذبلتا من انتظار خلاصك، وقول برك” [123]، لأنه جعل المسيح نفسه “خطية لأجلنا، وذلك شبه الجسد الخاطي، لكي نصير برّ الله فيه” رو3:8؛ 2كو21:5).
من أجل النطق ببرّ الله يقول أن عينيه قد ذبلتا من النظر بغيرةٍ وحماسٍ، بينما يتذكر الضعف البشري، متطلعًا إلى النعمة الإلهية في المسيح.
القديس أغسطينوس
* قوله: “عيناي قد فنيتا إلى خلاصك” يدل تزايد اشتياقه ورغبته في الخلاص الذي وعد الله أن يصنعه للعالم بعدله ورحمته؛ كما يلتمس منه أن يعلّمه حقوقه ويفهمه شهاداته.

أنثيموس أسقف أورشليم

لقد بكى وانتظر، متطلعًا إلى يد مخلصه، الذي يسمع صوت الدموع وتنهدات القلب الخفية أكثر من كلمات الشفتين. لقد كلَّت عيناه وفنيتا، أما الله فلا يكل.

مزمور 119 (118 في الأجبية) - قطعة ع - تفسير سفر المزامير - لا تسلمني إلى الذين يظلمونني

4. استنجاده بالوصية الإلهية

هل تبحث عن  08 2014 2 حوار مفتوح الأنبا بيشوي مطران دمياط و البراري

عبدك أنا ففهمني،
وأعرف شهاداتك.
إنه وقت يُعمل فيه للرب،
وقد نقضوا ناموسك”
“لأجل هذا أحببت وصاياك أفضل من الذهب والجوهر [الزبرجد]” [125 – 127].
لقد وجد المرتل في كلمة الله الإجابة على كل أسئلته والشبع لكل احتىاجات نفسه أكثر من الذهب والفضة، فأحبها أكثر من كل كنوز العالم.
* “عبدك أنا؛ فهمني فأعرف شهاداتك”… يجب ألا تنقطع قط هذه الطلبة. فإنه لا يكفي أن تنال فهمًا وأن تتعلم شهادات الله ما لم تنل الزود المستمر من ينبوع النور الأبدي. لأن شهادات الله تُعرف بطريقة أفضل فأفضل كلما نال الإنسان فهمًا أكثر.
* “إنه وقت يُعمل فيه للرب، لأنهم قد نقضوا ناموسك”… الآن، ما هو هذا إلا النعمة التي أُعلنت في المسيح في حينها؟
عن هذا الوقت يقول الرسول: “لما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه” غلا4:4…
عندما نُقض الناموس، جاء الوقت الذي فيه تُرسل الرحمة بابن الله الوحيد.
* “لأجل هذا أحببت وصاياك أفضل من الذهب والياقوت”…
للنعمة هذا الهدف، أن الوصايا التي لم يكن ممكنًا تنفيذها بالخوف تتم بالحب… لهذا فهي أفضل من الذهب والياقوت. قيل في مزمورٍ آخر: “أشهي من الذهب والحجارة الثمينة الكثيرة” مز10:19. لأن الياقوت يُحسب حجرًا ثمينًا للغاية.
لكنهم إذ لم يفهموا النعمة الخفية التي في العهد القديم بدى لهم كأنه شرير (حز33:34-35؛ 2كو13:3-15) (هذا عني به عندما كانوا عاجزين عن التطلع وجه موسى)، حيث كانوا يودون طاعة وصايا الله من أجل المكافأة الأرضية والجسدية، لكنهم لم يستطيعوا طاعتها، لأنهم لم يحبوها… وذلك عندما لم تكن الوصايا أعمالًا صادرة عن إرادتهم بل ثقلًا غير مرغوبٍ فيه. لكن عندما صارت الوصايا محبوبة لأجل ذاتها أفضل من الذهب والحجارة الثمينة جدًا، صارت كل مكافأة أرضية تقارن بالوصايا تحسب رديئة. ولم يعد شيئ من كل أمور الإنسان الأخري الصالحة تقارن بهذا الصلاح الذي به يصير الإنسان نفسه صالحًا.
القديس أغسطينوس
* يقصد بـ”أوقاته” [125] الأوقات المناسبة اللائقة 1.
القديس يوحنا ذهبي الفم
إن كان الإنجيل يدعونا إلى عمل حساب النفقة عند بناء البرج، فإن برج حياتنا الروحية الشاهق لا يقوم حجرٍ واحدٍ بل حجارة كثيرة من الفضائل أثمن من الذهب والحجارة الكريمة، وكما يقول القديس غريغوريوس أسقف نيصص:
[حقًا إن حجرًا واحدًا لا يقيم مبنى البرج الضخم كله، وهكذا حفظ وصية واحدة لا يبلغ بكمال النفس إلى العلو المطلوب. يجب وضع الأساس بكل وسيلة، ولكن يُبنى الأساس كما يقول الرسول (1كو12:3) ذهب وحجارة كريمة. هكذا هو عمل الوصية كقول النبي الذي يصرخ: “لأجل هذا أحببت وصاياك أفضل من الذهب وحجارة كريمة كثيرة”1.]
* لنقرع باب المسيح الذي قيل عنه: “هذا هو باب الرب والصديقون يدخلون فيه” مز20:119، حتى متى دخلنا يفتح لنا الكنوز المخفية بالمسيح يسوع الذي فيه كل العلم: “المذخر فيه كنوز الحكمة والعلم” كو3:2.2
القديس جيروم
“ولأجل هذا بإزاء كل وصاياك تقومت،
وكل طريق ظلم أبغضت” [128].
إن كان الظالمون والمتكبرون قد قاوموني من أجل ارتباطي بالوصية، فإنني بالحق احتمي فيها، وأدخل إلى أعماق أسرارها، فاشتاق إلى الشهادة لها مهما يكن الثمن.
* بلاشك تقومت لأنني أحب (وصاياك)، وتمسكت بمحبتها، التي هي مستقيمة فأصير أنا نفسي مستقيمًا. ما أضافه بعد ذلك جاء طبيعيًا: “وكل طريق ظلم أبغضته تمامًا“. فإنه كيف يمكن لمن يحب الاستقامة إلا أن يبغض طريق الظلم؟ وذلك كمن يحب الذهب والحجارة الكريمة فإنه يبغض كل ما يسبب له فقدانها. هكذا إذ أحب وصايا الله أبغض الطريق الذي فيه يتعرض لكسر السفينة الثمينة جدًا.
ولكي لا يكون نصيبه هكذا، فمن يبحر خشبة الصليب بالوصايا الإلهية حاملًا بضاعته يلزمه أن يبتعد عن هذه الصخرة (طريق الظلم).
القديس أغسطينوس
هنا يبرز المرتل الأمور التالية:
أ. لا يقوم فهم الوصية قدراتي الذاتية بل عمل الله واهب الفهم والحكمة [125]. لا يعطي معلمنا الإلهي فقط العلم وإنما يهبنا أيضًا الفهم، الأمر الذي لا يقدر معلم آخر أن يهبه. وكما يقول القديس إكليمنضس الإسكندري: [قد يقول قائل إن اليونانيين قد اكتشفوا الفلسفة خلال الفهم البشري، لكنني أجد الكتاب المقدس يقول بأن الفهم هو من عند الله3.]
ب. المعرفة للوصية تهبني قوة للشهادة [125] وذلك بالتنفيذ العملي والمفرح للوصية الإلهية، فيشهد المؤمن للنور بسلوكه فيه.
ج. إنه الآن وقت يعمل فيه الرب، فلا يليق بي التأجيل [126]. وكما جاء في سفر إشعياء: “هكذا قال الرب: في وقت القبول استجبتك، وفي يوم الخلاص أعنتك، فأحفظك وأجعلك عهدًا للشعب… قائلًا للأسرى اخرجوا، للذين في الظلام اظهروا” إش8:49 إلخ. ويقول الرسول: “لأنه يقول: في وقت مقبول سمعتك، وفي يوم خلاصٍ أعنتك. هوذا الآن وقت مقبول. هوذا الآن يوم خلاص” 2كو2:6.
كان وقت داود كله وقت عملٍ للرب، لا يعرف الرخاوة. ففي وقت الضيق أو وقت الفرج، في عمله العام أو حياته الأسرية أو حتى أكله وشربه ونومه، يتصرف لحساب ملكوت الله.
بينما لا يكف المرتل عن العمل لحساب الرب بلا انقطاع ينشغل الأشرار بمقاومة ناموس الرب، كما فعل الساحران عند مقاومتهما عمل الله يدي موسى (خر11:7 إلخ).
د. الوصية أثمن من الذهب والجوهر [127].
* لما حلّ هذا الوقت، وصارت الأمم للرب، أبغضوا الذهب والجواهر التي منها كانت أوثانهم مصنوعة، وأحبوا وصايا الله وفضلوها كل نفائس وكرامة العالم.
أنثيموس أسقف أورشليم
لا تسلمني إلى الذين يظلمونني!
1. من يسلك بنعمة الله باستقامة، فيجري عدلًا في أحكامه وتصرفاته، يجسر أن يطلب من الله أن يخلصه من ظالميه [121].
2. لا يقف عند خلاص المؤمن من ظالميه، إنما يطلب من الله أن يكون ضامنًا أو كفيلًا يدافع عنه [122]، فإنه لا يأتمن أحدًا قضاياه سواه.
3. يتحدث المؤمن المتألم بدموعه التي تفتح أبواب السماء أكثر مما للكلمات المنمقة [123].
4. يشغل المؤمن كل وقته لحساب ملكوت الله، ويعمل الأشرار هدمه [126].
5. تعطي قوة للعمل في طريق الحق وكراهية طبيعية لطريق الظلم [128].
6. يلذ للمرتل أن يدعو نفسه في هذا الاستيخون “عبد (الرب)” ثلاث مرات:
– كن لعبدك كفيلًا [122].
– اصنع مع عبدك نظير رحمتك [124].
– عبدك أنا ففهمني [125].
كعبدٍ أمينٍ لسيده يطلب منه أن يدافع عنه، ويهبه رحمته، ويعطيه فهمًا!

مزمور 119 (118 في الأجبية) - قطعة ع - تفسير سفر المزامير - لا تسلمني إلى الذين يظلمونني

من وحي المزمور 119(ع)

هل تبحث عن  مخطوطات عربية في الألفاظ الكتابية الأب لويس شيخو اليسوعي

كن لي كفيلًا!

* من يسندني ويحفظني من الظالمين المتكبرين؟!
كن لي كفيلًا، ولتدافع عن قضيتي.
خلصني من الأشرار كعصفورٍ من فخ الصياد.
من أئتمنه حياتي وقضاياي سواك؟
إني أصرخ لك بدموع عيني، طالبًا خلاصك!
* احسبني عبدًا أمينًا لك تدافع عني،
تصنع معي حسب رحمتك.
وتقدم لي فهمًا من عندك.
بهذا أحب وصاياك أفضل من الذهب والحجر الكريم.
الوصايا التي لم أكن قادرًا تنفيذها حتى بالخوف من العقوبة،
تصير عذبة وثمينة ومحبوبة لديّ جدًا!
أتممها بالحب ولا أطلب عنها مكافأة زمنية!
* أحب وصاياك التي هي أثمن من الذهب والحجارة الكريمة.
أحملها في سفينة الصليب،

واهرب من طريق الظلم حتى لا تتحطم السفينة الثمينة للغاية!

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي