الاتكال على الربّ
تقديم المجلد الثالث من المزامير:
يبدأ المرنّم بنشيد شكر من أجل ما ناله الملك من نعم، فقد قبله الرب وتوَّجه، وبنشد صلاة من اجل البار المتألم، معلنا أن الرب سيقبله مهما حلّ به من ظلم ومذلّة. وإذ يتحقق من قوة راعيه، يفرح بالعودة، ويذهب إلى بيت الرب وبدخل هيكله المقدس دخولا احتفاليا. فهو عادة ما يلتجئ إلى مذبحه ليحتمي فيه طالباً العون ورافعاً صلاة الواثق، ولا يخيّب الله ثقته، عندئذ يسترد الشجاعة..حيث يظهر الرب سيّد العاصفة، فيسود الهدوء الخارجي والداخلي فالله يقيمه ويشفيه من مرض كاد يقوده إلى الموت..
وهكذا يتوسّع هذا القسم في عشرة فصول.
2- صلاة عبد الله المتألم
3- الرب راعيّ
4-دخول الرب إلى هيكله
5- الرب حمى المضطهدين
6- الرب عون الأبرياء
7- الرب نوري وخلاصي
8- إلى الرب أصرخ
9- الرب ملك الكون
10- الرب خلاص أصفيائه
أولا: تقديم المزمور:
1- مزمور ملوكي:المزمور الحادي والعشرون هو صلاة ليتورجية تناسب الاحتفالات الملوكية التي تقام في الهيكل، ينشده الكاهن لأجل الملك، ويشبه المزمور العشرين بكونه يركز على الملك، بعض الدارسين يرى أن المزمور العشرين يُنشد قبل المعارك، أما هذاالمزمور فهو تسبيح حمد لله يُرنَّم بعد استجابة صلاة المزمور السابق أي بعد المعركة. وضعة داود الملك وهو في قمة الفرح بروح الشكر لله الذي وهبه النصرة، ربما يقصد معركته ضد بني عمون في رِبَّه (2صموئيل12:26-31).وإذ يهتم المزمور العشرون بطلب العون والنجاح في الحرب، يُشير هذا المزمور إلى المواهب الإلهية الممنوحة لمسيح الرب…
2- مزمور شكر:يُعتبر هذا المزمور ليتروجية خاصة بتتويج الملك، كالمزامير (5، 16، 23، 27، 42-43، 61، 63، 84، 91، 101). ينشده الكاهنكجزء من طقس تتويج الملك في حضرة الملك ويتلو البركات[2-7] والصلاة ب[9-13]طريقة تعبدية، بينما يردد الشعب القرار [8،14] طالباً إلى الله أن ينصر الملك، كالمزمور60: 6. فالملك إنسان مبارك من الرب يملأ يدَيه خيراً ويُلبسه بهاء ومجداً، يخاطبه الكاهن باسم الله، وينبّهه إلى أنه سيجد أمامه الكثير من الصعوبات، ولكنالله سيكون معه وسينصره على أعدائه فلا يفلت منهم أحد.
وأخيرالا يمكن إغفال العلاقة بين: المزمور الثاني والمزمور العشرون والمزمور الحادي والعشرون:
· المزمور العشرون: هو صلاة توسّل قبل التتويج، فيه يبدو الملك شخصا بشرياً عادياً.
· المزمور الثاني: هو صلاة التتويج، يصبح فيه الملك ابن الله ويُعطى تاجَاً وصولجاناً كعلامة للقوة.
· أما المزمور الحادي والعشرون: فهو صلاة شكر بعد التتويج، وفيه يتحول الملك إلى وكيلَ لله يتمّم عمله على الأرض.
3- مزمور مسيّاني: بعد توقف النظام الملكي في إسرائيل بعد القرن السادس ق.م.، صارت لغة هذا المزمور تستخدم للتعبير عن ابن داود المقبل لذا استُخِدم المزمورقبل العصر المسيحي في العبادة الهيكلية، ويُعلم الترجوم والتلمود بان الملك المذكور هو المسيَّا. ولقد اقترح الحاخام سليمان اسحق المعروف باسم راشي (1040م) أن يُتَرك هذا المزمور للمسيحيين لاستخدامه برهاناً على أن يسوع الناصري هو المسيّا… وكذلك استخدمه أباء الكنيسة في الطقوس منذ عدة قرون وبالذات في الاحتفال بعيد الصعود، كذكرى لعودة ربنا إلى المجد ودوره كرئيس الكهنة الأعظم… الحقيقة أن بعض أجزاء من هذا المزمور، مثل العدد الرابع، لا يمكن أن تنطبق حرفياً إلا على المسيح، ومع هذا لم يُقْتَبس هذا المزمور قط في العهد الجديد، وان كان قد أشير إليه بالتلميح مرتين في (عبرانيين 2: 9، 12: 2).
أخيرا يقودنا هذا المزمور الذي يترنم بملك الملوك الممجد، الذي أشركنا في أمجاده، “نشيد نصرة الملك”، إلى المزمور التالي -الثاني والعشرين- وهو مزمور “الآم المسيح المجيدة”، ويتقدمنا إلى رابية الجلجثة، فيدخل بنا إلى أعتاب عرش الصليب فيحث كل مؤمن على تكريس حياته تكريسا كاملا للرب يسوع، في طاعة مطلقة لإرادة الله، وثقة شديدة في أمانته نحونا.