*“هأنذا أذهب شرقًا، فلا يظهر، وإن ذهبت غربًا لا أفهمه. إن ذهبت شمالًا، ماذاأفعل؟ إني لا أدركه، وإن اتجهت يمينًا (جنوبًا) فلا أراه” [8-9]. خالق كل الأشياء لا يتجزأ، وهو في كل مكان… فإن الروح غير المدرك يحوي كل شيءٍ فيه، هذا الذي في نفس الوقت يملأ ويحوي…
كأنه يقول بوضوحٍ: إني لا أستطيع أن أنظر هذا الذي يراني، ذاك الذي ينظرني بكل دقةٍ، ليس لي قدرة على التطلع إليه… خالقنا الذي هو كامل بكليته في كل موضعٍ ويميز كل شيءٍ، لا يٌمكن أن يُميَّز (بالحواس)، وهو بالأكثر مهوب، إذ يبقى غير منظورٍ، وأن مصير تصرفاتنا معلق، وزمانها غير معروف.
يمكن أيضًا فهم هذه الكلمات بمعنى آخر: فإننا نذهب شرقًا عندما نرفع أذهاننا بالتفكير في عظمته، لكنه “لا يظهر“، حيث لا يمكن أن يُرى في طبيعته بفكرٍ قابل للموت. “إن ذهبت غربًا، لا افهمه“، نذهب غربًا عندما تتراجع عين القلب المرتفعة في الله بسبب فيض النور…
الذهاب يسارًا (شمالًا) هو خضوع الإنسان لملذات خطاياه. واضح بالتأكيد أن الشخص الذي لا يزال يرضي خطاياه، وينطرح نحو اليسار لا يقدر أن يدرك الله…
يذهب الشخص نحو اليمين (الجنوب)، ذاك الذي يرتفع على إنجازات فاضلة.

لكن الله لا يُمكن أن يُرى بواسطة ذاك الذي يُسر بتمتعه بأعماله الصالحة في أنانية، إذ يُحدر عين القلب بغرور الكبرياء. لذلك حسنًا يُقال في كل موضع: “لا تحد يمينًا ولا يسارًا” (راجع تث 11:17)…

البابا غريغوريوس (الكبير)

هل تبحث عن  " تفسير مجازى للرؤيا الموصوفة في سفر حزقيال النبي"

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي