“قَالَ لَهُمْ مَثَلاً آخَرَ: “يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ حَبَّةَ خَرْدَلٍ أَخَذَهَا إِنْسَانٌ وَزَرَعَهَا فِي حَقْلِهِ، وَهِيَ أَصْغَرُ جَمِيعِ الْبُزُورِ. وَلكِنْ مَتَى نَمَتْ فَهِيَ أَكْبَرُ الْبُقُولِ، وَتَصِيرُ شَجَرَةً، حَتَّى إِنَّ طُيُورَ السَّمَاءِ تَأْتِي وَتَتَآوَى فِي أَغْصَانِهَا” (متى 13:31، 32).
لما كان الوقت الذي يتكلم فيه المسيح أول فصل الشتاء، وكان عمل الزرَّاع منتشراً حوله، حكى لسامعيه مثلاً رائعاً زراعياً لإظهار حقيقة ضَعْف ملكوته في العالم عند إنشائه، ثم عظمته أخيراً بواسطة نموّ خارجي مهم، حتى تمكّنه عظمته من خدمة الناس خدمات عظيمة. شبَّه المسيح ملكوته بحبّة الخردل، أصغر جميع البزور التي يزرعها الإِنسان، لكنها تنمو شيئاً فشيئاً إلى أن تصبح أكبر البقول، بل شجرة تأوي إليها طيور السماء للاستفادة منها. ويناسب الخردل تشبيهاً للملكوت الجديد الذي أدخله المسيح، بالنظر إلى صغر حجمه، ولاستعماله دواء في الأمراض، ولاتّصافه بشيء من القساوة المؤلمة، ولأن مفعوله في الشفاء يتوقف على سحقه، كما تتوقف قوة المخلّص للخلاص على سحقه على الصليب.