فقالَ يسوع: لا تَمنَعوه، فما مِن أَحدٍ يُجْرِي مُعْجِزَةً بِاسْمي يَستَطيعُ بَعدَها أَن يُسيءَ القَوْلَ فيَّ
تشير عبارة “لا تَمنَعوه” إلى دعم يسوع الرجل الغريب في عمله الصالح والى عدم التعرض لمنعه أو منع مثله. وهذا الموقف يُشبه إلى حد كبير التوبيخ الذي وجَّهه يسوع للفريسيين ” الوَيلُ لَكم أَيُّها الكَتَبَةُ والفِرِّيسيُّونَ المُراؤون، فإِنَّكم تُقفِلونَ مَلكوتَ السَّمَواتِ في وُجوهِ النَّاس، فَلا أَنتُم تَدخُلون، ولا الَّذينَ يُريدونَ الدُّخولَ تَدَعونَهم يَدخُلون”(متى 23: 3).
في بعض الأحيان، يحدث أن أولئك الذين يجب أن يكونوا بمثابة مرشدين يدلون الناس على طريق الملكوت ويُشِّجعونهم لدخوله، هم، مع الآسف، الذين يُغلقون الطريق ويمنعون الآخرين من الدخول فيصبحون للآخرين شكا وحجرة عثرة.
فإنهم يقومون بعملية إقصائية، وتفضي إلى الاغتراب عن الرب وتبعد البشر عن أسلوب الحياة الجديدة التي أتى بها إليهم. فموقف يسوع يكمن في قبول الآخر والعمل بقلبٍ متسعٍ واحترام حريته وثقافته وعقيدته وقيمه وسلوكه بعيدا عن التعصب، وهو يهب سلطانه لمن يشاء؛ ويذكرنا هنا موقف موسى النبي تجاه يشوع بن نون الذي أراد أن يمنع ألداد وميداد بالتنبؤ فأجابه موسى “أَلعَلَّكَ تَغارُ أَنتَ لي؟ لَيتَ كُلَّ شَعبِ الرَّبِّ أَنبِياءُ بِإِحْلالِ الرَّبِّ روحَه علَيهم” (العدد 11: 29)، ويُذكرنا أيضا بكلمات بولس الرسول في المناداة باسم المسيح “هؤُلاءِ يُبشِّرونَ بِالمسيحِ بدافِعِ المَحبَّة عالِمينَ أَنِّي أُقِمتُ لِلدِّفاعِ عنِ البِشارة، وأُولئِك بِدافِعِ المُنافَسَة وبِنِيَّةٍ غَيرِ صالِحة، يَظُنُّونَ أَنَّهم بِذَلِكَ يَزيدونَ قُيودي ثِقَلاً. فما شَأنُ ذلك؟ فإِنَّ المسيحَ يُبَشَّرُ بِه في كُلِّ حال، سَواءٌ أَكانَ بِرِياءٍ أَم بِصِدْق. فبِهَذا أَفرَحُ ولَن أَزالَ أَفرَح ” (فيلبي 1: 16: 18).
ومن هذا المنطلق، يلزم أن نسلك بقلبٍ متواضعٍ ومتسعٍ بالحب دون أن نعثر الآخرين، وفي نفس الوقت دون أن نتعثر بسبب الآخرين، أي ليكن قلبنا متسعًا بالحب. يجب ترك المجال لكل إنسان أن يجد مكانه في الجماعة كي يتمكن من أن يعيش تلميذا للرب وأن يعمل باسمه. يدعوا يسوع تلاميذه هنا إلى نقطة تحوُّلٍ لأفكارهم التّلاميذ ولنا، إذ أن الله، هو خالق الجميع، ويحبُّ الجميع، ولا يشكُّ بوجود الخير في الإنسان، الذي أوكله على رعاية العالم وحمايته.