الانطلاق (2)

الانطلاق (2)


الآن تُطلق عبدك يا سيد حَسَب قولك بسلام،
لأن عينيَّ قد أبصرتا خلاصك

( لو 2: 29 ، 30)




تأملنا في يوم الثلاثاء الماضي في أربعة معانٍ للفظ ”الانطلاق“ الذي أطلقه سمعان البار على الموت، ونواصل اليوم التأمل في بعض المعاني الأخرى.

(5) المعنى الخامس: أسير يُفك أسره. أسير في أرض الأعداء يعاني بُغضة بلا سبب، ومُعاملة قاسية. لكن ما أسعده عندما يُطلق أسره، ويرجع إلى وطنه، بعد مُعاناة طويلة في أرض الأعداء! وهكذا وجودنا في هذا العالم يجعلنا نعاني من بُغضة أهله، البغضة التي وراءها يقف رئيس هذا العالم، وسبق الرب وأخبرنا عنها «إن كانوا قد اضطهدوني فسيضطهدونكم» ( يو 15: 20 ). وكم نشعر بالاغتراب في هذا العالم! والرب سبق وقال عنا «ليسوا من العالم كما أني أنا لست من العالم» ( يو 17: 16 )، لكن سيأتي الوقت الذي نذهب فيه إلى وطننا الذي أهّلنا له فادينا «وطن أفضل، سماوي» ( عب 11: 16 ).

(6) المعنى السادس: أجير ينتهي يومه. كما قال أيوب في سِفره «أقصِر عنه ليسترِح، إلى أن يُسرّ كالأجير بانتهاء يومه» ( أي 14: 6 ). فكم يكون صبر الأجير في احتمال تعب العمل، وهو يعرف جيدًا أن هناك نهاية لكل تعبه، وأنه سيستريح من تعبه، بل وتنتظره أجرة لِما عمل! إن كان عِلمه بهذا يملاءه بالصبر، فكم وكم يكون الفرح عند تحقق هذا، وينتهي اليوم، وينال أجرة لكل تعبه! هكذا لنا أيضًا، فكلمة مدح أمام كرسي المسيح كافية لتُنسي المؤمن كل تعب في الرب، بل ولحظة الانطلاق هي لحظة انتهاء كل تعب وجهاد، لتبدأ الراحة الحقيقية والفرح الحقيقي.

(7) المعنى السابع: عصفور يُطلق من القفص. كم من العذاب يحدث للعصفور عندما يُمسك ويُوضع في قفص! وكم يكون حجم السرور والراحة عندما يُطلق من حبسه! والمؤمن أيضًا يعيش في عالم موضوع في الشرير. ومهما يكن وضعه في العالم، فهو يعيش في بيئة تُغاير الطبيعة الجديدة التي تريد أن تعيش وتتنفس في أجواء سماوية، فهو يناظر الطيور هنا في أنه يراقب مرور الأوقات، وينتظر الرحيل «فقلت: ليت لي جناحًا كالحمامة، فأطير وأستريح!» ( مز 55: 6 ).

هل تبحث عن  اَلأَصْحَاحُ الثَّانِي وَالثَّلاَثُونَ سفر أيوب القمص تادرس يعقوب ملطي

إن كانت هذه معاني للرقاد أو الإنطلاق، فما أشهى الانطلاق نفسه! وما أسعد المؤمن في لحظة رقاده! .

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي