admin
نشر منذ سنتين
4
يفهم الأعماق ويسدد الأعواز



يفهم الأعماق ويسدد الأعواز


فأتى إليه أبرص …

فتحنن يسوع ومدَّ يده ولمسه …

( مر 1: 40 ، 41)

في نهاية الأصحاح الأول من إنجيل مرقس، نرى الرب يسوع يلمس الأبرص الذي أتى إليه ضارعًا طالبًا ليس اللمس بل الشفاء، لكنه إذ يعلم عُمق احتياج هذا المحروم من اللمس لدفء وحنان اللمسة، نجده يجود بها عليه دون أن يسألها أو حتى يحلم بها. وهذا يجعلنا نرجع للوراء، لنراه في بيت بطرس يشفي حماته من الحُمى، ليس بلمسة بل بمسكة قوية من يده القديرة ليدها الضعيفة الواهنة!

وهذا يجعلنا أيضًا نتقدم قليلاً للأمام لنراه، في أكثر من موقف، يُشبع احتياج الأطفال، لا بلمسة ولا بمَسكة بل باحتضان! إذًا هو يعرف متى يلمس، ومتى يمسك، ومتى يحتضن! ويعرف أيضًا مَن الذي يحتاج للمسة، ومَن الذي يحتاج للمَسكة، ومَن الذي يحتاج للاحتضان! فالمرأة المُسنّة العجوز، يمسكها بيدها ويُقيمها! ولك أن تتخيل وَهنْ الشيخوخة وضعفها وشعورها العميق المستمر بالعَوز لمَن يمسك بها وهي بدون مرض، فكم بالحري حاجتها لمسكَة قوية وهي مريضة بالحُمى؟ بينما لم يكن الأبرص يحتاج ليد قوية، فهو رجل، والبرص لا يُذهب القوة كالحُمى، لكنه يضيِّع الكرامة بسبب نجاسته، لذلك لم يكن يحتاج لمسكَة بل للمسة حانية. والطفل الصغير الضعيف لا تكفيه؛ لا مسكَة ولا لمسة، فهو يحتاج بعمق للشعور بالأمان، وهذا لا يجده إلا في الأحضان.

آه، ما أجمل وما أروع سيدي الكريم وهو يوزّع الحنان ويُشبع جميع الاحتياجات التي قد يعلم بها أصحابها أو لا يعلمون، يحلمون بإشباعها أو لا يحلمون. إن الجميل في المُحب الحقيقي هو فهمه لاحتياج الإنسان دون أن يبوح به، وإسراعه للإشباع دون طلب من المحتاج! هل كان الأبرص يحلم بيد عادية وليست يد القدوس أن تلمسه؟ وهل كانت العجوز تحلم بيد القدير تصل إلى سريرها، وتُمسك بها وتُقيمها، وتقهر لها مرضها، وتطلق القوة في جسدها الواهن حتى تقوم في الحال كشابة يافعة لتخدمهم؟ وهل كان يحلم الطفل بأن المعلم العظيم، الذي يجلس عند قدميه الكبار، يحمله ويأخذه في حضنه؟

هل تبحث عن  Coloring pages online صفحات التلوين أون لاين

أحبائي .. هل رأينا كيف أحبَّ الإنسان؟ .. وهل تعلم ـ عزيزي القارئ ـ أنه ينتظر منا نفس هذا الحب من نحو الإنسان؟! فهيا بنا نطلب منه العون لنحب كما أحب فنكون بحق تلاميذه.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي