«بِنْتُ مَنْ أَنْتِ؟ أَخْبِرِينِي:
هَلْ فِي بَيْتِ أَبِيكِ مَكَانٌ لَنَا لِنَبِيتَ؟»
( تكوين 24: 23 )
هذان السؤالان اللذان سألهما عبد إبراهيم لرفقة لهما أهميتهما: الأول: «بِنْتُ مَنْ أَنْتِ؟». وهذا سؤال الروح القدس لكل واحد منا: “ابن مَن أنتَ؟” هناك بنوتان لا ثالث لهما، إما بنوة للشيطان، كما قال الرب لليهود: «أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ» ( يو 8: 44 )، وإما بنوة لله «وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللَّهِ» ( يو 1: 12 ). ونحن إما أن نكون أبناء أورشليم العُليَا ( غل 4: 26 )، وإما أبناء جهنم ( مت 23: 15 ). إما أن نكون «أَبْنَاءُ نُورٍ وَأَبْنَاءُ نَهَارٍ»، وإما أن نكون أبناء ظلمة ( 1تس 5: 4 ). إما أن نكون أولاد الطاعة، وإما أن نكون أبناء المعصية ( 1بط 1: 14 ؛ أف2: 2). ولا توجد بنوة ثالثة أو وسيطة.
أما السؤال الثاني فهو: «هَلْ فِي بَيْتِ أَبِيكِ مَكَانٌ لَنَا لِنَبِيتَ؟». وهذا هو سؤال الروح القدس الذي يوجهه إلى قلب كل منا: هل يوجد لي مكان عندك لأبيت؟ عندما وُلد الرب يسوع، قيل عن ولادته: «لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَوْضِعٌ فِي الْمَنْزِلِ» ( لو 2: 7 ). فهل له موضع في قلوبنا وحياتنا؟ إنه يسأل: هل هناك مكان لِنَبِيتَ؟ هو يريد أن يقضي الليل معنا. إن ظلام الليل المُخيف، وأهواله المُرعة، هو يُبددها إذ يبيت معنا. والعالم كله عبارة عن ليل وظلام. ويقول الكتاب: «قَدْ تَنَاهَى اللَّيْلُ وَتَقَارَبَ النَّهَارُ» ( رو 13: 12 )، ولا يوجد مَن يُبدد وحدتنا في الظلام إلا الرب عندما يدخل القلب. إنه يُريد أن يدخل «هأَنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَقْرَعُ. إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ الْبَابَ، أَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي» ( رؤ 3: 20 ). لا يقول: “أتغذى”، بل «أَتَعَشَّى»؛ أي وجبة الليل، إذ العالم ظلام وليل، وهو يريد أن يؤنسنا، كما قال له تلميذا عمواس: «امْكُثْ مَعَنَا، لأَنَّهُ نَحْوُ الْمَسَاءِ وَقَدْ مَالَ النَّهَارُ. فَدَخَلَ لِيَمْكُثَ مَعَهُمَا» ( تك 24: 29 ).
وما أروع جواب رفقة على السؤالين، إذ لم تتهرب منهما: «أَنَا بِنْتُ بَتُوئِيلَ»، ثم «عَنْدَنَا … مَكَانٌ لِتَبِيتُوا أَيْضًا» ( تك 24: 24 ، 25).