admin
نشر منذ سنتين
4
“لا يَجوزُ أنْ يُؤخذَ خُبزُ البَنينَ ويُرمى إلى الكِلابِ….”

لا يَجوزُ أنْ يُؤخذَ خُبزُ البَنينَ ويُرمى إلى الكِلابِ



انجيل القديس متى ١٥ / ٢١ – ٢٨
إنْصَرَفَ يَسُوعُ إِلى نَواحِي صُورَ وصَيْدا، وإِذَا بِٱمْرَأَةٍ كَنْعَانِيَّةٍ مِنْ تِلْكَ النَّواحي خَرَجَتْ تَصْرُخُ وتَقُول: “إِرْحَمْني، يَا رَبّ، يَا ٱبْنَ دَاوُد! إِنَّ ٱبْنَتِي بِهَا شَيْطَانٌ يُعَذِّبُهَا جِدًّا”. فَلَمْ يُجِبْهَا بِكَلِمَة. ودَنَا تَلامِيذُهُ فَأَخَذُوا يَتَوَسَّلُونَ إِلَيْهِ قَائِلين: “إِصْرِفْهَا، فَإِنَّهَا تَصْرُخُ في إِثْرِنَا!”. فَأَجَابَ وقَال: “لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلى الخِرَافِ الضَّالَّةِ مِنْ بَيْتِ إِسْرَائِيل”. أَمَّا هِيَ فَأَتَتْ وسَجَدَتْ لَهُ وقَالَتْ: “سَاعِدْنِي، يَا رَبّ!”. فَأَجَابَ وقَال: “لا يَحْسُنُ أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ البَنِين، ويُلْقَى إِلى جِرَاءِ الكِلاب!”. فقَالَتْ: “نَعَم، يَا رَبّ! وجِرَاءُ الكِلابِ أَيْضًا تَأْكُلُ مِنَ الفُتَاتِ المُتَسَاقِطِ عَنْ مَائِدَةِ أَرْبَابِهَا”. حِينَئِذٍ أَجَابَ يَسُوعُ وقَالَ لَهَا: “أيَّتُهَا ٱلمَرْأَة، عَظِيْمٌ إِيْمَانُكِ! فَلْيَكُنْ لَكِ كَمَا تُريدِين”. وَمِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ شُفِيَتِ ٱبْنَتُهَا.
التأمل: ” يا سيِّدي حتَّى الكلابُ تأكُلُ مِنَ الفُتاتِ الذي يَتَساقَطُ عَنْ موائدِ أصحابِها….”

لطالما استغرب الناس معاملة يسوع القاسية للمرأة الكنعانية، وتساءلوا: لماذا أجابها بهذه الطريقة الجافة والعنيفة والفظة؟
هل يُعقل أن يسوع المحب والوديع والمتواضع أن يصد امرأة مجروحة جاءت تتوسل اليه شفاء ابنتها المعذبة؟
ان اللفظ بحد ذاته غريب على لغة الرحمة التي تميز بها يسوع، فهو لم يكن قاسيا مع أي انسان مهما كانت خطيئته، لم يتكلم مع جلاديه بمثل هذا الكلام، بل طلب لهم الغفران، حتى أنه طلب محبة الاعداء والصلاة من أجلهم.
فماذا كان قصده؟
هناك مثل شعبي في لبنان يقول:” بحكيكي يا جارة, اسمعي يا كنة” أي أن يسوع لم يكن هو من ابتدع العبارة القاسية وغير الإنسانية ” لا يجوز أن يؤخذ خبز البنين ويرمى الى الكلاب” بل كانت مثلا شعبيا منتشرا بين اليهود، الذين كانوا يعتبرون أنفسهم “البنين” وباقي الامم كالكلاب للدلالة على نجاستهم.
قصد يسوع ان يُسمع تلاميذه ومن ورائهم كل اليهود ما كانوا يرددونه في مجالسهم.
لقد توجه يسوع مباشرة الى تلاميذه الذين توسلوا اليه أن ” يبعدها عنهم لانها تتعبهم بصياحها” ليبين لهم أن حكمهم على الوثنيين ظالم وبعيد عن الواقع، وفهمهم لحقيقة الخلاص الشمولية لم يزل ناقصا. فكأنه يقول لهم انظروا بأعينكم أن الايمان موجود أيضا عند سائر الامم، لا بل أن هذا الايمان العظيم لا مثيل له حتى في اسرائيل.
عندما توسلت المرأة الكنعانية الى يسوع لم يجبها بأي كلمة، بل انتظر الجواب من تلاميذه لكنهم تصرفوا كما في حادثة اطعام الجموع، أي الفصل والصرف والابعاد ” اصرفهم… اصرفها”.. السنا الى الان نتصرف مثلهم؟ ألا نحكم على الناس غيابيا؟ ألا نصنفهم ونرتبهم حسب مزاجنا؟ ألا نعتبرهم في كثير من الاحيان أنجاسا كالكلاب؟ ألا نتذمر من طلباتهم وثقل دمهم…؟
بعد صمت يسوع أتى كلامه القاسي الذي امتحن ايمان المرأة الوثنية على نار الكرامة الانسانية، ونجح بذلك فشفى ابنتها مظهرا رحمته، وشفى تلاميذه من تحجرهم القاتل وبرهن لليهود أن الخلاص ليس حكرا عليهم فقط… هو الذي أتى الى خاصته وخاصته لم تقبله”(يوحنا 1 / 11 ).. فهل يقفل باب الخلاص على سائر الامم؟

هل تبحث عن  الأَصْحَاحُ العاشر سفر أخبار الأيام الأول القمص أنطونيوس فكري

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي