نعمة العطاء

نعمة العطاء
المفتاح الروحي الذي يقودنا إلى نوعية العطاء التي يقبلها الله بالفعل يمكن التعبير عنها بكلمة واحدة: النعمة
فنحن لا نتحدث عن العطاء تحت الناموس أو حسب الوصايا، بل نتحدث في العهد الجديد عن العطاء بالنعمة. ويكلمنا بولس عن عطاء النعمة في إصحاح العطاء الرائع الذي نجده في رسالته الثانية إلى مؤمني كورنثوس، حيث يحثّهم قائلاً

لكن كما تزدادون في كل شيء: في الإيمان والكلام والعلم وكل اجتهاد ومحبتكم لنا، ليتكم تزدادون في هذه النعمة أيضاً (أي نعمة العطاء). 2كورنثوس 87

كانت كنيسة كورنثوس غنية جداً بالمواهب الروحية والنعمة، وكان فيها موقف حسن من المحبة. لكن بولس يشجعهم على عدم تفويت نعمة فائقة الأهمية هي نعمة العطاء
وترد الكلمة “نعمة” سبع مرات في هذا الإصحاح الخاص بالعطاء، هذه الكلمة هي المفتاح. ولا نستطيع أن نفهم خطة الله المعلنة في العهد الجديد من نحو المال ، إلا إذا فهمنا النعمة، وعرفنا كيف تولّد النعمة فينا دوافع العطاء

يحدثنا الكتاب المقدس عن الناموس والنعمة. أما الناموس فهو خارجي، مكتوب على ألواح حجرية مرئية. يقول الناموس: “إفعل هذا، لا تفعل ذلك!” لكنه لم يكن في داخل شعب العهد القديم، بل الطبيعة القديمة كانت في داخلهم، والطبيعة القديمة تقاوم الوصايا المكتوبة على الألواح في الناموس الخارجي
أما النعمة فإنها مختلفة، إنها داخلية، إنها تعمل من الداخل لا من الخارج. والنعمة مكتوبة في قلوبنا نحن مؤمني العهد الجديد، لا على ألواح حجرية، وقد كتبها الروح القدس هناك. لا يمكن لأحد أن يكتب نعمة الله في قلوبنا سوى الروح القدس
فإذا قرأنا يوحنا 117 نرى كيف يميّز العهد الجديد بين النعمة والناموس

لأن الناموس بموسى أعطي، أما النعمة والحق فبيسوع المسيح صارا

هل تبحث عن  أليصابات امرأة تقية

لقد أُعطي الناموس بموسى، أما النعمة فلا تأتي إلا بيسوع المسيح، إن أردنا النعمة، فإنها متوفرة لنا من خلال يسوع المسيح فقط، أو فلنقل من خلال الصليب وما عمله يسوع على الصليب. لقد انطلقت النعمة من الصليب وصارت في متناول البشر. هذا صحيح في مجال المال أيضاً ، فما عمله يسوع على الصليب هو طريقنا إلى التمتع بالغنى. هذا ما تؤكده كلمات 2كورنثوس 89

فإنكم تعرفون نعمة ربنا يسوع المسيح أنه من أجلكم افتقر وهو غني ، لكي تستغنوا أنتم بفقره


لاحظ الكلمة ” نعمة” في بداية النص، إنها مفتاح فهمنا لهذا العدد. فليس بالناموس ، بل بالنعمة. وتظهر النعمة هنا من خلال هذه المقايضة: كان يسوع غنياً ، لكنه اختار بنعمته أن يفتقر، لكي نتمتع ننحن بغناه بالنعمة أيضاً. لقد استنفذ يسوع لعنة الفقر الذي جلبها الناموس المكسور، لكي نقبل نحن ملكوت الله بالنعمة. فمن خلال يسوع إذا ومن خلال الصليب نتمتح نحن بالنعمة
كما يعلن العهد الجديد أن النعمة لا تُقبل إلا بالإيمان. فجوهر النعمة هو عدم القدرة على كسبها بالجدارة والإستحقاق، فما من شيء نستطيع أن نعمله أبداً لكي نستحق نعمة الله. يقول بولس في أفسس 28-9

لأنكم بالنعمة مخلصون، بالإيمان، وذلك ليس منكم ، هو عطية الله، ليس من أعمال كي لا يفتخر أحد


لاحظ الترتيب: “بالنعمة… بالإيمان… ليس من

أعمال .” ولست هنا بصدد تعليمكم طريقة تكسبون فيها المال، لكنني أعلّم عن شيء لا يمكن قبوله إلا بالنعمة ومن خلال الإيمان. يقول بولس في غلاطية 56
لأنه في المسيح لا الختان ينفع شيئاً ولا الغرلة، بل الإيمان العامل بالمحبة
بالإيمان فقط نستطيع امتلاك نعمة الله، والإيمان الذي يوفر لنا نعمة الله يعمل بالمحبة، هذا هو المفتاح الروحي الذي يؤهلنا لممارسة العطاء الصحيح. وأريد أن أؤكد على هذه الحقيقة بأكثر وضوح ممكن: النعمة هي المفتاح الروحي الذي يؤهلنا لممارسة العطاء الصحيح (ليس الناموس، بل النعمة ). وتُقبل هذه النعمة من خلال يسوع ومن خلال الصليب بالإيمان العامل بالمحبة
وأود أن أؤكد مجدداً بأن مبادئ الكتاب المقدس من نحو المال، كما يشرحها العهد الجديد، لا يمكن استيعابها والإحاطة بها إلا بالإيمان، فينبغي أن تتجاوب مع هذه الرسالة بالإيمان. ثم أن الإيمان يعني أ، نعمل أيضاً، فالإيمان بدون أعمال ميت. فماذا نعمل ؟ الجواب: نعطي! نعطي قبل أن نأخذ. وهذا مناقض لتفكير الذهن الجسدي الذي يقول : ” لا أستطيع أن أعطي. ” بينما يقول الإيمان: ” لا تستيطع إلا أن تعطي، لأن العطاء هو مفتاح الأخذ. ” ويقول يسوع في لوقا 638

أعطوا تعطوا، كيلاً جيداً ملبّداً مهزوزاً فائضاً يعطون في أحضانكم. لأنه بنفس الكيل الذي به تكيلون يُكال لكم


العطاء أولاً ثم الأخذ. أعط تُعط، أعط الله، فيقود الله
الناس لكي يعطوك. هكذا يُعمل الله سيطرته وسيادته على الأوضاع كافة. ثم يعلن يسوع المبدأ الثاني: “… لأنه بنفس الكيل الذي به تكيلون، يُكال لكم. ” فإذا أردت أن تُعطى بسخاء ينبغي أن تُعطي بسخاء أيضاً

إنها حقيقة مذهلة ! مفتاح الرخاء المالي بين يديك، إنه مفتاح الإيمان الذي تتجاوب به مع نعمة الله. ويمكنك البدء بعمل أمرين: أولاً ، لا تنتظر بل خذ المبادرة بالعطاء، ثانياً ، حدد الحصة التي ترغب بالحصول عليها، لأن كمية عطائك تتناسب مع ما ستحصل عليه. لا تجلس هكذا خاملاً تتشبث بالآمال والتوقعات، بل إبدأ بأن تعمل بالإيمان، متصرفاً بأمورك المالية حسب خطة الله المعلنة في العهد الجديد. وهكذا تصبح شؤونك المالية من شأن الله ومسؤوليته

هل تبحث عن  كيف شهد طوبيت للربّ؟

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي