41 ثم يقول ايضا للذين عن اليسار اذهبوا عني يا ملاعين الى النار الابدية المعدة لابليس وملائكته. 42 لاني جعت فلم تطعموني.عطشت فلم تسقوني. 43 كنت غريبا فلم تاووني.عريانا فلم تكسوني.مريضا ومحبوسا فلم تزوروني. 44 حينئذ يجيبونه هم ايضا قائلين يا رب متى رايناك جائعا او عطشانا او غريبا او عريانا او مريضا او محبوسا ولم نخدمك. 45 فيجيبهم قائلا الحق اقول لكم بما انكم لم تفعلوه باحد هؤلاء الاصاغر فبي لم تفعلوا. 46 فيمضي هؤلاء الى عذاب ابدي والابرار الى حياة ابدية
بعد أن تحدث المسيح عن مجيئه الثانى بطريقة رمزية كعريس للنفس أو كسيد لعبيده، يتحدث هنا بوضوح عن يوم الدينونة الذى يأتى فيه ديّانا بمجد عظيم، مختلفا عن صورة الضعف التى عاش فيها بالجسد على الأرض منذ وُلد فى المذود حتى صُلب على الصليب. وسيأتى
مع ملائكته ويجلس على كُرْسِىِّ مجده، أى عرشه، ليدين العالم كله عن أفعالهم فى كل مكان وزمان، فيفرز البشر بواسطة ملائكته إلى أبرار يقيمهم عن يمينه، فاليمين يرمز للبركة والقوة، أما الأشرار فيقيمهم عن يساره دليل الخزى والعار.
وسيكون التمييز سهلا جدا على الله، كما يميّز الراعى الغنم التى يرعاها خراف أم جداء. والخراف أكثر طاعة ومسالمة وخضوعا للراعى عن الجداء.
وواضح من كلام المسيح أنه يوجد فى النهاية فريقان فقط، وهما الأبرار والأشرار، ويسميهم الحكيمات والجاهلات أو العبيد الأمناء والغير أمناء، وهنا يسميهم الخراف والجداء. ولا يوجد مكان ثالث، كما يدعى البعض، لتعذيب ومعاقبة الأشرار مؤقتا ثم ضمهم إلى الأبرار.
استخدم الرب يسوع الخراف والجداء ليبين الفرق بين المؤمنين وغير المؤمنين. فالخراف والجداء كثيرا ما ترعى معا، ولكنها تعزل عن بعضها عندما يأتي موسم الجزاز. ويشير حزقيال النبي (34: 17-24) إلى الفصل بين الغنم والماعز.
يعدد المسيح أعمال الرحمة التى قام ﺑﻬا الأبرار، واستحقوا من أجلها ميراث ملكوت السموات، ناسبا عمل الرحمة إلى نفسه، فيذكر إطعامهم للجياع والعطاش ماديا أو روحيا، واهتمامهم بالغرباء فيستضيفوﻧﻬم، وهذا الاهتمام ليس فقط يسد احتياجاﺗﻬم، ولكن يطمئنهم نفسيا لمواصلة الحياة فى المكان الجديد.
+++ إن قابلت شخصا غريبا فى أى مكان فرحّب به وأشعره بالألفة، وافتح الطريق للكل حتى يشبعوا بالمسيح طعامنا الحقيقى.
يصف هذا المثل أعمال الرحمة التي يمكننا جميعا القيام بها كل يوم. وهذه الأعمال لا تتوقف على الثروة أو القدرة أو الذكاء، بل هي أعمال بسيطة، تقدم مجانا، وتؤخذ مجانا، ولا عذر لنا في إهمال من هم في حاجة شديدة. ولا يمكننا أن نترك هذه المسئولية على الكنيسة أو الحكومة، فالرب يسوع يطلب منا الاهتمام الشخصي بالعناية باحتياجات الآخرين (إش 58: 7).
يوضح المسيح كيف يكون عمل الرحمة موجه له شخصيا، فيقيم حوارا لطيفا بين الأبرار وبينه، فيسألونه باتضاع، متى رأيناك يا رب فى جوع أو عطش أو مرض… إلخ، لأﻧﻬم يشعرون أﻧﻬم غير مستحقين لهذا المديح. فيجيبهم أن كل ما فعلوه من أعمال رحمة مع الضعفاء الفقراء أو المرضى أو المحبوسين، هو مقدم له شخصيا. وهذا تقدير إلهى عظيم لعمل الرحمة، بل إعلان أنه قمة المحبة وسبيلنا لميراث الملكوت.
ينادى المسيح الأشرار الذين عن يساره، ويصفهم أﻧﻬم مستحقون اللعنة الإلهية والعذاب الأبدى، مع أنه كان ينبغى أن يكونوا فى الملكوت الذى أعده لهم، ولكنهم رفضوا التجاوب مع محبته. فيلقيهم الآن بعيدا عنه، ويحرمهم من محبته التى رفضوها، ويكونون إلى الأبد فى عذاب النار التى أعدها لإبليس وملائكته الساقطين، وهم الشياطين، أى يصبحون الآن كالشياطين لأﻧﻬم رفضوا محبة الله.
+++ إﻧﻬا فرصتك الآن للتوبة والإحساس بالآخرين وعمل الرحمة مع كل من حولك وكل من تقابله، قبل أن يأتى يوم الدينونة الرهيب.