admin
نشر منذ سنتين
4
هوّذا تخت سليمان، حوله ستون جبارًا
(نش 3: 7)
هوذا تخت سليمان Solomon’s couch حوله ستون جبارا (نش 3: 7)
نود ان يكون تأملنا اليوم في قول الوحى في سفر النشيد: تخت سليمان حوله ستون جبارا من جبابرة إسرائيل. كلهم قابضون سيوفا ومتعلمون الحرب. كل رجل سيفه على فخذه من هول الليل (نش 3: 7, 8)
هوّذا تخت سليمان، حوله ستون جبارًا

سليمان رمز المسيح:

هوّذا تخت سليمان، حوله ستون جبارًا
لان كلمة (سليمان) معناه “رجل سلام”. وقد قيل عن السيد المسيح انه “رئيس السلام” (أش 9: 6) وانه هو سلامنا (أف 2: 4) وهو الذي قال “سلامي اترك لكم. سلامي أنا أعطيكم” (يو 14: 27) وهو الذي صنع سلاما بين السماء والارض، ونقض الحائط المتوسط أي العداوة (أف 2: 14،17)
وسليمان كان يمثل الحكمة والمسيح هو اقنوم الحكمة. هو “حكمة الله وقوة الله” (1كو1: 24). سليمان هو ابن داود البانى للهيكل والمسيح هو ابن داود، وهو ابن الله الذي بنى الكنيسة هيكل الله القوس (1كو3: 16)
هوّذا تخت سليمان، حوله ستون جبارًا
† عبارة ” تخت سليمان ” تعنى عرشه، ويرمز الى عرش المسيح.
حولة ستون جبارا من جبابرة إسرائيل. وكلمة (إسرائيل) هنا ترمز الى الكنيسة المقدسة.
عرش الله اذن حوله الجبابرة، أي النفوس القوية.
التى حاربت حروب الرب، وانتصرت على العالم والجسد والشيطان.
اما النفوس الضعيفة التي لم تتثبت في حروبها الروحية، فليس لها نصيب حول عرش الله. الإنسان الضعيف الذي مجرد شهوة تحطم قلبه وارادته وفكره. هذا لا يمكن ان يكون من الجبابرة المحيطين بعرش الله.
هوّذا تخت سليمان، حوله ستون جبارًا
† العجيب ايها الاخوة الاحباء ان سفر العدد الذي أمر الله فيه بعد خاصته، لم يدخل في ذلك التعداد والاحصاء جميع الناس.
انما أمر الله بإحصاء النفوس القادرة على القتال، القادرة على حمل السلاح، أي “كل خارج للحرب” (عد1: 2, 3) هؤلاء هم الجبابرة. كلهم قابضون سيوفا ومتعلمون الحرب. كل رجل سيفه على فخذه من هول الليل. من هول الظلام، من هول الأخطار. من هول الشهوات ومحبة العالم.
فان حاربك في احد الايام فكر من الأفكار، واستسلمت له، لا تكون حينئذ جبارا متعلما الحروب. بل تكون إنسانا قد ألقى سلاحه وانطرح أمام العدو على الأرض.
هوّذا تخت سليمان، حوله ستون جبارًا
† الإنسان المتعلم الحرب، هو إنسان خبير بالافكار، خبير بحروب العدو، كما قال القديس بولس الرسول “نحن لا نجهل أفكاره” (2كو 2: 11).
بل نعرف خداع الشيطان، ونميز الارواح (1كو 4: 1) هل هى من الله ام من العدو..
وهذه الحرب قد شرحها القديس بولس في رسالته الى اهل أفسس فقال “ان مصارعتنا ليست مع لحم ودم.. بل مع اجناد الشر الروحية” (أف 6: 12). مع الشياطين، مع الجسد، مع كل قوة العدو.
هوّذا تخت سليمان، حوله ستون جبارًا
ما أجمل قول ملاك الرب لجدعون ” الرب معك يا جبار البأس” (قض 6 ” 12)
حقا ان السماء لا يصل اليها فيما بعد إلا جبابرة البأس الذين انتصروا في الحروب.
الذين يرتلون مع جموع الغالبين: شكرا لله الذي يقودنا في موكب نصرته (2كو 2: 14)
هوّذا تخت سليمان، حوله ستون جبارًا

ستون جبارا:

لماذا اختار هذا الرقم (60)؟ والى أي شيء يرمز؟
ستون = 6 *10. والرقم 10 يرمز الى الكمال، والى الوصايا.
والرقم 6 يرمز الى تمام العمل. فالله قد أتم عمله في الخلق في ستة أيام. والسيد المسيح أتم عمله في الفداء في اليوم السادس. وفي الساعة السادسة. والإنسان يتمم كل عمله في ستة ايام، ويستريح في اليوم السابع حسب الوصية..
* فمادام الرقم 6 يرمز الى أتمام العمل والرقم 10 يرمز الى الكمال والوصايا اذن الرقم 60 يرمز الى كل من تمموا عملهم في وصايا الرب في الكمال.
هوّذا تخت سليمان، حوله ستون جبارًا
فان سالت وقلت: هل حول عرش الله ستون جبارا فقط؟
نجيب انما هذا الرقم هو رقم رمزى، يرمز الى كل جبابرة الروح الذين كملوا في الايمان، الكاملين في قوتم، الكاملين في جهادهم وفي انتصارهم.. لا نقصد الجبابرة فى اجسادهم وفي قوتهم الجسدية، بل الجبابرة في ارواحهم، حتى لو كانوا صغارا.
هوّذا تخت سليمان، حوله ستون جبارًا
*داود النبى – امام جليات – كان جبارا وهو فتى صغير.
كل الجيش خاف. ولكنه كان الوحيد الذي لم يخف، وتقدم لمحاربة جليات في جبروت في الوقت الذي خاف فيه شاول الملك (1صم 17: 11) وكان اطول من جميع الشعب (1 صم 10: 23).
شاول الملك الذي كان جبارا في جسده، لم يكن جبارا في روحه “فبغته روح ردئ من قبل الرب” (1صم 16: 14) وكان يصرعه. والذي كان ينقذه من ذلك الروح الردئ كان داود الصغير أحد الجبابرة الذين حول العرش. كان داود جبار بأس وفصيحا ورجلا جميلا والرب معه (1صم 16: 15) وهذه العبارة الاخيرة كانت سر جبروته.
داود الجبار كانت تخافه الشياطين. يكفى ان يضرب على عوده ويصلى مزاميره، حتى لتهرب الشياطين مرتعبة..
جبار له سلطان على الشياطين!!
هوّذا تخت سليمان، حوله ستون جبارًا
· نريد في الكنيسة مجموعة من هؤلاء الجبابرة الذين تخافهم الشياطين. ليتكم تستعرضون في تاريخ الكنيسة القديسين الذين كان لهم سلطان على الشياطين.. تذكروا قصة ذلك القديس الذي أتى شيطان لمحاربته، فربطه خارج القلاية.. تذكروا القديس ايسوذورس الذي قالت له الشياطين: اما يكفيك اننا لا نستطيع أن نمر على قلايتك، ولا على القلاية التي جوارك. وأخ واحد في البرية، جعلته بصلاتك يتعدى علينا النهار والليل؟!
هوّذا تخت سليمان، حوله ستون جبارًا
و انت يا أخى أن كنت تخاف الشياطين، اتستطيع أن تحسب نفسك من الجبابرة المحيطين بالعرش الذين لهم سلطان على كل قوة العدو؟! (لو 10: 19)
هل تكون جبارا , ان أمتلك الشيطان إرادتك وكان يقدر أن يغريك بخطية ويستولى على نفسك؟! لا تظن أن الشيطان كريما في عطائه، يعطى بلا مقابل!! كلا فهو يعطيك ما تشتهيه في مقابل ان يأخذ كل ما عندك، وأسمى ما عندك: روحك وأبديتك.. !
الشيطان لا يقبل على نفسه ان يدخل في صفقة خاسرة. انه يأخذ دائما اكثر مما يعطى.
أرباحه أكثر من مصروفاته.. وهكذا يفعل مع الذين يلجأون الى السحر مثلا..
هوّذا تخت سليمان، حوله ستون جبارًا
· عجيبة هى صورة الملاك ميخائيل، وسيفه في يده، وهو يدوس على الشيطان بقدمه.. لاشك أنه أحد الجبابرة الذين حول العرش..
و انت، اتريد أن تكون جبارا في محاربة الشياطين؟
انك تكون كذلك , ان لم تكن الشهوة يحاربك الشيطان بها.
ان الشيطان يتحسس حياتك الروحية، محاولا ان يعرف نقط الضعف فيك لكي يحلربك بها. انه يختبر الارض وصلابتها التي سيضرب فيها بمعوله. يرى أين توجد الأرض الرخوة واللينة التي يتخذها ميدانا لعمله فيشققها كما يشاء. اما الصلبة فلا يقترب منها.
هوّذا تخت سليمان، حوله ستون جبارًا
· هناك جبابرة وقفوا ضد الشيطان في قتالهم لأجل الفضائل
خذوا فضيلة العفة مثلا. وكيف كان من جبابرتها يوسف الصديق، وسوسنة العفيفة وأمثالهما.. دانيال النبى والثلاثة فتية كانوا في قصر الملك، ورفضوا أن يأكلوا من أطيابه ومن خمر مشروبه (دا 1: 8)، بل ورفضوا معبوداته. ولم يخف دانيال من أن يلقى في جب الأسود (دا 6: 16) ولا الثلاثة فتية خافوا من إلقائهم في أتون النار (دا 3: 17).
انهم الجبابرة لا يعرفون الخوف. كلهم قابضون سيوفا ومتعلمون الحرب.
هوّذا تخت سليمان، حوله ستون جبارًا
*الشهداء القديسون أيضآ كانوا جبابرة لا يعرفون الخوف.
وقفوا أمام الأباطرة والملوك والولاة والحكام. وقفوا أمام الحرق والشنق والعصر والجلد والتمزيق والتعذيب وكل صنوف الاضطهاد، ولم يبالوا-كان إيمانهم وثباتهم أقوى من العذاب.
هناك جبابرة آخرون في عالم النسك: في الصلاة والسهر والوحدة،فى العبادة وفي التجرد، مثل سكان البرية من المتوحدين والنسك والسواح..
أرسانيوس الجبار، كان يقف متجها للشرق، والشمس وراؤه وقت الغروب.
و يظل ساهرا طول الليل حتى تظهر الشمس أمامه في اول النهار.. انه جبار. بينما آخرون لا يستطيعون أن يصمدوا في السهر، وحالما يحاربهم النوم يتركون صلاتهم. أين هؤلاء من الجبابرة الذين حول العرش, الذين مثلهم: القديس مكاريوس الاسكندرانى، الجبار في سهره. الذي تحدث عن حروبه من جهة السهر فقال: حوربت مرة بالنوم ونمت. فصممت أن أقاتل النوم. وبقيت 21 يوما لا أبق جفنا على جفن, حتى شعرت أن مخى قد نشف.
هوّذا تخت سليمان، حوله ستون جبارًا
جبابرة آخرون لم يسمحوا لأية قوة أن تفصلهم عن الرب.
مثل القديس بولس الرسول الذي قال “من سيفصلنا عن محبة المسيح؟.. اننى متيقن أنه لا موت ولا حياة، ولا ملائكة ولا رؤساء ولا قوات، ولا أمور حاضرة ولا مستقبلية،ولا علو ولا عمق، ولا خليقة أخرى، تقدر أن تفصلنا عن محبة الله التي في المسيح يسوع ربنا (رو 8: 25 – 29)
إن ملكوت السموات، لا يدخله إلا جبابرة الروح.
+ ولكننا للأسف الشديد،كثيرا ما نحاول أن نكون جبابرة على الناس، ولا نكون جبابرة في تعاملنا مع أنفسنا!!
بينما يقول الكتاب ” مالك روحه خير ممن يملك مدينة” (أم 16: 32)
هوّذا تخت سليمان، حوله ستون جبارًا
أنبا بولا كان جبارا في الوحدة. قضى ثمانين سنة لا يرى فيها وجه إنسان، ولا يتعزى بكلام الناس، إنما عزاؤه بالله وحده.
* هناك أشخاص آخرون كانوا جبابرة في الصوم،منهم من عاش ثلاثين سنة لا تبصره الشمس آكلا. ومنهم من عاش عمره كله نباتيا، لا يأكل لحما طول حياته ومنهم من كان يطوى الأيام لا يأكل شيئا فيها ولا يشرب.
هكذا عاش جبابرة الصوم. أما في جيلنا هذا فما أكثر الكنائس التي خفضت الأصوام أو كادت تلغيها، بحجة الإشفاق على الناس!!
آباؤنا كانوا أيضا جبابرة في حفظ آيات الكتاب المقدس.
كانت الآيات تجرى على ألسنتهم بمنتهى السهولة. لدرجة أن احد العلماء قال: “لو ضاع الكتاب المقدس، لأمكن جمعه من كتابات الآباء”..
هوّذا تخت سليمان، حوله ستون جبارًا
كانوا جبابرة في الصمود. لا يستطيع أحد أن يثيرهم …
يوجد أشخاص ضعفاء، يثارون بسرعة. تثيرهم أية كلمة يظنون أنها تجرح مشاعرهم. بل حتى كلمات المديح والإعجاب، فتحرك فيهم محبة المجد الباطل. يثيرهم أي منظر جنسي.. اقل شيء يعتبرونه عثرة!
مساكين هؤلاء – إنهم ليسو من النوع الذي يقف حول عرش الله.. ليسوا كالجبابرة الذين حول تخت سليمان.
اننى أريدكم يا أخوتي أن تكونوا جبابرة في حروب الرب.
لاشك أن الملائكة عندما تصف الكنيسة المقدسة، وما فيها من أبرار لم تهزهم مغريات العالم، ولم تتعبهم حروب الشياطين، يقف ميخائيل رئيس الملائكة، وفي يده قيثارة ذهبية وينشد مع ملائكته: “تخت سليمان حوله ستون جبارا.. “
هل تبحث عن  الأنبا يوسف أسقف بوليفيا بأمريكا اللاتينية

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي