الصغار في العدد
لقد اختار الله الصغار في العدد، لكي يبارك أو يصنع بهؤلاء الصغار عجبًا..
اختار الله الخمس خبزات والسمكتين ليصنع معجزة عظيمة.
إنه لم يحتقر هذه الكمية الصغيرة، إنما باركها، وأطعم بها خمسة آلاف من الرجال. وحتى هذا القدر الضئيل كان يحمله غلام صغير (يو 6: 9). وفي معجزة إشباع الأربعة آلاف من سبعة أرغفة كان معهم “قليل من صغار السمك” (مر 8: 7). وبهذا القليل، وبهذا القليل وبهذه الصغار، وأشبع الرب تلك الآلاف من الناس..
وأختار الله هذه القلة الضئيلة، ليعطي رجاء لكل قلة ضئيلة.
أن الله يبارك القليل فيصير كثيرًا. إن العدد ليس هو المهم، إنما الأهمية كلها هي في البركة التي في هذا العدد. وبهذه البركة يصنع الله عجبًا.
ففي خدمتك لا تيأس من قلة مواهبك. وقل له “استخدمني لإطعامهم كأنني من صغار السمك”.
الصغار في العدد
الصغار في العدد
انظروا في مثل الزارع: ماذا قال الرب عن الزرع الذي كان في الأرض الجيدة؟ لقد قال:
“فأعطي ثمرًا: بعض مئة، وآخر ستين، وأخر ثلاثين” (متي 13: 8). نحن نعقل يا رب أن الزرع الذي يعطي مئة هو زرع جيد. ولكن هل يقال كذلك عن الذي يعطي ستين؟ وهل يسمي جيدًا من يعطي ستين؟! وهل هذا الإنتاج الضئيل هو مقبول عند الله؟
ولعل الرب يجيب: مادامت الأرض أعطت ثمرًا، إذن فهي أرض جيدة، حتى إن أعطت ثلاثين..
لذلك لا ييأس ولا يفقد الرجاء، أصحاب الثلاثين. إن الله يقبل هذا القليل منهم، مادام هذا هو جهدهم. ويبارك الرب هذا الجهد كأنه شيء كثير. انظروا ماذا نقول في أوشية القرابين:
أصحاب الكثير وأصحاب القليل. والذين يريدون أن يقدموا وليس لهم مجرد هذه الرغبة، حتى من غير عطاء، هي شيء مقبول عند الله، الذي لا يحتقر الشيء القليل،عجيب هو الرب في إحكامه، وفي قبوله للقليل. يذكرني هذا بقول أحد القديسين:
العنقود وإن كانت فيه حبة واحدة، لا تزال فيه ببركة.
ونفس المعني كرره إشعياء النبي (اش 65: 8). إن الله يعمل في القليل، لكي لا نفتخر نحن بقوتنا، ونظن أننا ننتصر بالكثرة وليس بقوة الله، فيكسرنا هذا الفكر.
الصغار في العدد
وهذا واضح من قصة الحرب التي دخلها جدعون بعدد قليل..
كان جدعون قد جمع من الشعب جيشًا كبيرًا من اثنين وثلاثين ألفًا ليحارب المديانيين. ولكن الرب قال له: “هذا الشعب كثير علي لأدفع المديانيين بيدهم، لئلا يفتخر إسرائيل علي قائلًا: يدي خلصتني” (قض 7: 2) وظل الرب يغربل هذا العدد الكبير حتى وصل إلي ثلاثمائة جندي فقط. وبارك الله في هذا العدد القليل، فانتصر علي جيش المديانيين الذي كان منتشرًا كالجراد علي الأرض. وماذا أيضًا:
الصغار في العدد
لما أراد الرب الكرازة بالإنجيل اختار لذلك اثني عشر رسولًا فقط..
واستطاع هؤلاء -علي الرغم من قلتهم- أن يكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها (مر 16: 15) – وإلي أقطار المسكونة بلغت أقوالهم. من ثمانية أنفس فقط في الفلك، أعاد الله تكوين البشرية من جديد. ولم يختر لغرضه سوي هذا العدد الضئيل..
ومن ابن واحد هو إسحق، استطاع الله أن يأتي بنسل مثل نجوم السماء ورمل البحر في الكثرة..
هل تبحث عن  حل المأسورين القمص أثناسيوس فهمي جورج

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي