9- الأقباط في العصر العثماني: 9- الأقباط في الحياة الاقتصادية



تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية


تاريخ الكنيسة القبطية من القرن
الـ10 حتى الـ19 – د. يواقيم رزق



9- الأقباط في العصر العثماني:
9- الأقباط في الحياة
الاقتصادية


شارك

الأقباط
في الحياة الاقتصادية بعضهم كمصريين في بلادهم، فتجاوروا مع
إخوانهم المسلمين
في زراعة الأرض وتعاونوا في الريّ والبذر و
الحصاد وفي التجارة والصناعة والنقل.


أ – في الزراعة:


زرع القبطي أرضه سواء كانت ملك له أو استأجرها: وكان الإيجار مباحًا
في ذلك العهد العثماني بين الأقباط والمسلمين، فتحمل الوثائق في المحكمة الشرعية
في
صعيد

مصر
أن خمسة
أفراد من أسيوط يشتركون معًا
في استئجار أرض زراعية من وقف مسلم ليقوموا بزراعتها على أن يتضامنوا معا
في سداد الإيجار.


ولم يقتصر نشاط الأقباط على فلاحة الأطيان بالزراعة فحسب، وإنما امتد
إلى العمل في مجال حدائق الفواكه والنخيل، وخصوصًا في ضواحي القاهرة والجيزة نظرًا لاستهلاك هذه المحاصيل
في جو المحروسة أكثر من الأرياف، ودخل الأقباط في عمليات بيع وشراء الحدائق، وكانت الحرفة تقرن بالاسم فوجد
في الوثائق اسم “اسحق بن عبد السيد النصراني اليعقوب الغيطاني”.

التجارة والحرف:






St-Takla.org
Image: A farmer,
cultivation – Itissa Taklahimanot Monastery – From St-Takla.org’s
Ethiopia visit – Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org,
April-June 2008.

صورة في

موقع الأنبا تكلا
: صورة: زارع، مزارع،
فلاح يقوم بتفليح الأرض – من ألبوم صور دير إتيسا تكلاهيمانوت (محل ميلاد
القديس تكلا هايمانوت) – تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، من
رحلة موقع الأنبا تكلا إلى إثيوبيا، إبريل – يونيو 2008.


نشط القبطي في التجارة والحرف في المدن أكثر من الريف وفي المحروسة (القاهرة)
أكثر من أي مكان آخر، وتلاحظ أنهم كانوا يزيدون عددًا في بعض التجارات والحرف عن غيرها، وكلها لم تصل
إلى حد الاحتكار إذ لم يكن يُسمح لهم بذلك، ويمثل سوق الصاغة الرئيسي في القاهرة (شارع المعز لدين الله بالغورية) منطقة التركز للصياغ
الأقباط، وكذلك نجد تركز آخر كان في خط طولون وآخر في الدرب الأحمر، وثالث
في سوق السلاح، كما انتشر تجار الذهب في الأقاليم أيضًا في الوجهين البحري
والقبلي.


وتمثل حرفة الخياطة الحرفة الرئيسية للأقباط، وانتشر الخياطون
الأقباط في أنحاء القاهرة بشكل ملحوظ، وكان تركزهم في قصر الشوق وبين القصرين ووكالة
أبو طاقية بالقرب من الصاغة، قوصون والمشطيين، وفي خط
أمير الجيوش بالخمراوي، وفي الموسكي وقنطرة الأمير حسن وغيرها من المناطق
التي كانت تقترب من الأسواق لتصريف المنتج.


ومن الحرف التي استهوت الأقباط التجارة وهي المرتبة الثالثة بعد الخياطة، وكانوا يشتغلون بتجارة الطواحين
والسواقي وآلات الزراعة، ويسمى المتخصص فيها بالنجار الحقاوي
أي الخشن، أما نجار الأبواب والشبابيك وأدوات المنزل كالطبالي وأدوات الطبخ من ملاعق ومغارف كان يسمى بالنجرا
الدقي
أي الدقيق.


واتصلت بحرفة التجارة مهنة تجارة الأخشاب وكان تاجرها يسمى “الخشاب” وكانت وكالاتهم
في بولاق بالقرب من ميناء بولاق (قرب كوبرى ابو العلا الذي لم يكن موجودًا) حيث ترد
الأخشاب على السفن.


وقد احترفوا كذلك البناء والعمارة، والمنسوجات بما فيها من غزل وصباغة وتجهيز، وكذلك تبعًا للمنسوجات احترفوا التقصب والعقادة وصناعة الملايات وكان كل صاحب مهنة يسمى اسمه بها كالمعصباتي والعقاد والملاياتي.


اشتغلوا أيضًا بالعِطارة واشتهروا فيها لأنها لم تقتصر على تجارة
الأعشاب وإنما على التقصيب بها ووصف العلاج للأمراض، فكان العطار يورث ابنه ليس فقط تجارة العطارة
وإنما يعلمه وصف الأدوية على الحالات المرضية المختلفة، كما اشتغلوا كثيرا بتجارة الخمور وتفننوا
في تقطيرها وبخاصة في الصعيد، وفي الصعيد أيضًا تاجروا في الحبوب وصدروها
إلى الوجه البحري.


ومن الحِرَف الصغيرة التي شاركوا فيها: الحلاقة وصناعة الأحذية ودباغة الجلود وصناعة القرب لصناعات
الأعيان ونقل المياه والسوائل الأخرى، ومن الطريف أن كانت هذه الحرف تُوَرَّث، ومن ثم كانت
الأسرة كلها تحمل اسم الحِرفة فكان يُقَال: عائلة الخياط، وعائلة الصايغ وعائلة النجار وهكذا.



St-Takla.org Image:
Darb El-Ahmar in Cairo, by Carl Werner – from the book: Egypt: Descriptive,
Historical, and Picturesque- Vol. 1 – by Georg Ebers (tr. Clara Courtenay
Poynter Bell), 1885.

صورة في
موقع الأنبا تكلا
: الدرب الأحمر بالقاهرة، رسم الفنان كارل
فيرنر – من صور كتاب: مصر: وصفيًّا، تاريخيًّا وتصويريًّا – جزء 1 – لـ جيورج إبيرس
(ترجمة كلارا كورتناي بوينتر بيل)، 1885 م.


الحياة الاجتماعية للأقباط:


كان تِعداد الأقباط قليل في هذا العهد، وقد تضاربت التقارير
في هذا، إلا أنهم في النهاية لم يكونوا سوى بضع آلاف قد لا يزيدون عن الربع مليون وتركيزهم
في المدن أكثر، ثم كانت ظاهرة الهجرة إلى القاهرة واضحة حيث الأمن والقرب من
الإدارة والتجارة والصناعة وكسب المال سريعًا
. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في

موقع الأنبا تكلا
في أقسام المقالات والكتب الأخرى).

وكانوا يعيشون متجاورين حول كنيسة
أو دير ، وكان هذا التجمع يسمى حارة النصارى فتركزوا في القاهرة حول بركة الازبكية، حيث وجد
أهم الأحياء القبطية
في القرن 18 وهو حي المقس (المقسم) شمال بركة الأزبكية، كما وجد حي آخر في جنوب غرب بركة
الأزبكية وهو ما كان يعرف بحارة النصارى برحبة التين
أو خط اللوق السعيد (مكانها الآن جامع الكخيا بالقرب من باب اللوق وسميت برحبة التبن لأن الجمال كانت تحمل
أحمال التبن لتباع فيها) وكذلك حارة النصارى بحارة زويلة وحارة السقايين وفي خط
أو سنقر وفي حارة الروم حيث
الكنائس القديمة وكذلك حارة النصارى بخط طولون بقلعة الكبش.


وكان الأقباط يتركزون كثيرًا في فسطاط مصر القديمة حيث
الأديرة والكنائس وميناء مصر العتيقة.


وكانت حارات النصارى كذلك في الأقاليم حيث تركزوا في مناطق معينة عرفت بحارات النصارى ولكنها
أقل عددًا من العاصمة، وكانت تحميها كنيسة وكان الكاهن وكبار
الأقباط هم المسئولون عن النصارى فيها من حيث جمع الجزية أو التواجد أمام
السلطات الإدارية.


أما عن الحياة داخل حارات النصارى فكانت لا تختلف عن خارجها حتى أن بعض الصناع
أو التجار أو الحرفيين المسلمين كانوا يشاركون في العمل فيها، وكان الأقباط
يحاولون الاكتفاء ذاتيا بكب شيء، ففي مشكلاتهم يحاولون حلها برئاسة الأب الكاهن
داخل حاراتهم إلا إذا كانت هناك مشكلة كبيرة أو فيها طرف لا يريد الانصياع لأمر الكاهن، أو حدوث جريمة كبيرة كالقتل أو

السرقة

بالإكراه أو شجار بين
المسلمين والأقباط.


وكان التعليم داخل نطاق
الكنيسة كالقراءة
والكتابة والحساب
واللغة القبطية وحفظ
الألحان، وكان تدريب القراءة والكتابة لا يخرج عن الكتاب المقدس،
إلى أن أتى عهد المدارس في نهاية العصر العثماني وأسس البابا كيرلس الرابع (أبو
الإصلاح) المدارس للبنين والبنات وللكل مسيحيين ومسلمين.


أما عن التعامل العام، فكان الأقباط غير منعزلين اجتماعيًا عن المجتمع
المصري، وإنما شاركوا
في وضوح مع إخوانهم المسلمين في الزرع والتجارة والحرف والصناعة، شاركوهم
في رؤوس الأموال، وتعرضوا معهم للمكسب والخسارة، دخلوا بيوت بعض دون تحرج اللهم
إلا
في بعض الأحوال التي كان المتعصبون ينفثون النار في الرماد فتقوم الثورات
التي سرعان ما كان العثمانيون يحثونها حرصًا على الصالح العام.


ولم يلجأ الطرفان إلى القضاء إلا في حالات الضرورة ووقوع جريمة
أو الاستئثار بالمال أو المكسب لطرف دون الآخر.


هل تبحث عن  سيرة القديسون العظماء الشهداء الأم دولاجي وأولادها الأربعة صوروس وهرمان وأبانوفا وشنطاس

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي