2-الاهتمام بالجانب الروحي هدف الآباء في تفسيرهم للكتاب المقدس لا يقتصر على كونه يقدم معلومة معينه أو دراسة أكاديمية، إنما بتفسيرهم للكتاب يدخلون بنا في شركة الأمجاد في المعرفة وفى الحكمة والحق والقداسة والوداعة، وفى ذلك يقول ذهبى الفم: ” تعّرف آدم على الكتاب المقدس ليس ككتاب مسجل بورق وحبر، لكن كشركة مع الله وتلاق مباشر معه، فآدم كان يتكلم مع الله وكذلك إبراهيم وموسى وصموئيل “.
الآباء من فرط تكريس حياتهم للرب أعطاهم الله بصيرة روحية، يتعمقون بها أكثر في الشركة معه، وإن كانوا لم يروا الله بالعيان مثل التلاميذ، ولكنهم بالإيمان صاروا شهوداً، فليس الكتاب المقدس هو معرفة فقط كما يقول القديس غريغوريوس النزينزى: ” لم يطوب الرب من يعرف شيئاً عن الله بل من يكون الله حاضراً فيه “.
3 – إبراز الجوانب اللاهوتية، فالكتاب المقدس كتاب لاهوتي يحمل الرمز كما يحمل التاريخ والحقائق، لذلك جاءت تفاسير الآباء تحمل الاثنين معاً حرفاً ورمزاً، فالحية النحاسية كانت حقيقة كتفسير حرفي كما أنها كانت رمزاً للصليب كتفسير روحي ” رمزي ” وهذا ما يسمى typology بينما allegorical قد يحمل في معناه مجازية الحادث أو معنويته أو قد يكون غير حقيقي فلو قلنا عن الحية أنها رمزية فقط نكون تبعنا التفسير allegorical بينما نتكلم عنها كرمز مع كونها حقيقة typology.
والحياة الليتورجية في الكنيسة تحمل هذا التفسير بعينه typology فعندما تتكلم الكنيسة عن ملكى صادق أو موسى أو يشوع أو يونان أو يوسف.. فهذا يعنى أنهم إعلانات عن السيد المسيح ورموزاً روحية له، وفى الوقت نفسه لا تنكر حقيقة هؤلاء الأشخاص ولا تنكر التاريخ.
4- إظهار وحدة الكتاب، فهو وحدة واحدة لا تتجزأ بعهديه، لأن مصدره واحد وهو الروح القدس، ولهذا يقول القديس يوحنا ذهبى الفم: ” العهدان مترابطان معاً ويتضافران كل منهما مع الآخر “، كما يقول القديس اكليمنضس عن الهراطقة الذين يفصلون آية أو جملة ويبنون عليها عقيدتهم: إن كان الهراطقة الذين يتجاسرون ويحتمون في الكتب النبوية فأنه في المكان الأول لا يستخدمون الكتب المقدسة كلها ولا يقتبسون العبارات الكاملة، إنما يختارون عبارات غامضة ويحرفونها لأجل خدمة أرائهم الخاصة ويجمعون عبارات قليلة من هنا ومن هناك. غير مهتمين بالمعنى وانه مجرد استخدام للكلمات ففي أغلب اقتباساتهم يهتمون بالألفاظ وحدها محرفين المعاني فلا يستخدمون الأقتباسات التي يدللون بها في طبيعتها الحقيقة