كنيسة برغامس
“وأكتب إلى ملاك الكنيسة التي في برغامس: هذا يقوله الذي له السيف الماضي ذو الحدين: أنا عارف أعمالك، وأين تسكن حيث كرسي الشيطان، وأنت مُتمسك باسمي، ولم تُنكر إيماني حتى في الأيام التي فيها كان أنتيباس شهيدي الأمين الذي قُتل عندكم حيث الشيطان يسكن. ولكن عندي عليك قليل: أن عندك هناك قومًا متمسكين بتعليم بلعام الذي كان يُعلم بالاق أن يُلقى معثرة أمام بنى إسرائيل: أن يأكلوا ما ذُبح للأوثان، ويزنوا. هكذا عندك أنت أيضًا قوم مُتمسكون بتعليم النقولاويين الذي أُبغضه. فتب وإلا فإني آتيك سريعًا وأحاربهم بسيف فمي. من له أُذن فليسمع ما يقوله الروح للكنائس. من يغلب فسأعطيه أن يأكل من المَن المُخفى، وأُعطيه حصاة بيضاء، وعلى الحصاة اسم جديد مكتوب لا يعرفه أحد غير الذي يأخذ” (رؤ2:12- 17).
كنيسة برغامس

مدينة برغامس:

برغامس مدينة في الإمبراطورية الرومانية في آسيا. إنها تشغل موضع متسلط قريب من نهاية البحر، في الوادي الواسع لكايوس، وفى الغالب هي في موقع مستعمرة من التاريخ القديم جدًا.
حينما ثار فيليتاريوس على ليسيماخوس سنة 282 ق.م. أصبحت برغامس عاصمة مملكته، بينما في سنة 133 ق.م. سلمها أتاليوس الثالث إلى الرومان، والذين بدورهم أدخلوها ضمن مقاطعة آسيا. وفى البداية حوالي سنة 29 ق.م. بُني معبد للملك هناك على شرف أوغسطس الروماني. وهذا جعلها عاصمة، وهذا يدل على أنها صارت مركز إداري حكومي للمقاطعة، بينما أفسس وسميرنا كانوا المدائن الأولى في التجارة. برغامس كما هي المركز الإداري للإمبراطورية، فهي أيضًا المركز الديني لها، حيث بُني أول معبد في آسيا للإمبراطور الرومانى حيث ظلت لمدة 40 سنة هي مركز العبادة للإمبراطورية كلها. ثاني معبد بُني بعد ذلك في سميرنا، والثالث في أفسس، وهذين المعبدين كانوا ثانويين بالنسبة لمعبد برغامس. وكانت برغامس أيضًا مركز للعبادة الوثنية، لزفس وأثينا وديونيسس وأسليبوس، لذلك قيل أن في برغامس كان“كرسى الشيطان”.
مدينة برغامس مبنية على هضبة عظيمة عالية، ومن موقعها تتحكم في الوادي وفى الجبال الموجودة في الجنوب. المدن الأخرى في آسيا بها هضاب أيضًا، ولكن المدينة مبنية تحت أو حول هذه الهضاب، وهذا يُعطى مدينة برغامس جمال وقوة أعظم. وبالتالي الطبيعة الجغرافية للمدينة يُوضح كلمات الرسالة الموجهة لكنيستها.
المدينة الصغيرة برغامس ما زالت باقية تحت موقع المدينة الأثرية.
كنيسة برغامس

كنيسة برغامس:

جاءت كنيسة برغامس في الترتيب الثالث لكنائس سفر الرؤيا السبعة، وهذا ينطبق جغرافيًا أيضًا. لأننا إذا بدأنا منْ شاطئ أفسس الكبير، مرورًا بسميرنا بطريق ساحل البحر شمالًا ومنها إلى برغامس، وعبورًا بطريق مهم آخر جنوب شرق نجد ثياتيرا ثم ساردس وفيلادلفيا ثم إلى لاودكيا، والتي على الطريق الرئيسي الذي يدور للخلف مباشرة حتى يصل إلى أفسس. وهذا هو الترتيب الذي تكلم به الروح للكنائس.
كنيسة برغامس

ملاك كنيسة برغامس:

“أكتب إلى ملاك الكنيسة التي في برغامس. قيل أنه كريوس الذي ذكره يوسابيوس المؤرخ. وقد كان قويًا في الإيمان، وختم حياته بالاستشهاد.
كنيسة برغامس

تقديم الرب لنفسه لكنيسة برغامس:

“هذا يقوله الذي له السيف الماضي ذو الحدين”. وأراد الروح أن يقول أنه صاحب السلطان الأساسي وهو الأجدر بالعبادة، إذ وصف نفسه بأن “بيده سيف ماضي ذو حدين”.
وفى هذا التعريف أشار الروح إلى وجود علاقة بين الكنيسة والدولة. يوحنا الحبيب استخدم كلمات الرب التي تُشير إلى أنه صاحب السلطان المطلق، وأنه صاحب القوة للحياة والموت. هذا تعريفه لنفسه، لبلدة هي العاصمة الرسمية للمقاطعة الرومانية وكرسي السلطان في المملكة القديمة في إدارة روما. وهى بداية مناسبة لهذه المدينة، فالرب هو صاحب السلطان على العالم كله يتكلم إلى الكنيسة الموجودة في البلد التي بها السلطان الرسمي لإدارة الإمبراطورية.
إن الرب تكلم للكنيسة بأنه “هو الذي له السيف الماضي ذو الحدين”. وهذا السيف الماضي ذو الحدين، هو الذي كان يستخدمه الجنود الرومانيين، فلم تكن تستخدم هذه الجنود أي من السيوف الشرقية، وهو سيف عربي اسمه” الأحدب”. ولا كانوا يستخدمون أي من السيوف المستخدمة في بلاد أخرى، وبالذات السيوف المستخدمة عند الجنود اليونانيين.
والسيف ذو الحدين عند الرومان له تقدير خاص، وهو رمز لأعلى درجة للسلطان الرسمي، وكان يلبسه القائد الروماني. وحُكًام المقاطعة الرومانية كانوا يُقسًمون إلى درجتين أعلى وأدنى، بحسب منْ يلبس هذا السيف أو من لا يلبسه. وعلى هذا حينما يستخدم الروح كلمات الافتتاحية: “هذا يقوله الذي له السيف الماضي ذو الحدين”، فهو يقول: أنه هو صاحب السُلطان الأعلى على الحياة والموت، والذي يتخيله الناس أنه في يد قادة الرومان.
وما هو السيف الماضي ذو الحدين في يد الرب، سوى كلمة الله، كما يقول بولس الرسول:
“أخيرًا يا إخوتي تقووا في الرب وفى شدة قوته. البسوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا أن تثبتوا ضد مكايد إبليس فإن مصارعتنا ليست مع دم ولحم بل مع الرؤساء، مع السلاطين مع ولاة العالم على ظُلمة هذا الدهر، مع أجناد الشر الروحية في السماويات. من أجل ذلك احملوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا أن تُقاوموا في اليوم الشرير، وبعد أن تُتموا كل شيء أن تَثبتوا. فاثبتوا أحقاءكم بالحق، ولابسين درع البر وحاذين أرجلكم باستعداد إنجيل السلام. حاملين فوق الكل ترس الإيمان، الذي به تقدرون أن تطفئوا جميع سهام الشرير المُلتهبة. وخذوا خوذة الخلاص وسيف الروح الذي هو كلمة الله. مُصلين بكل صلاة وطلبة كل وقت في الروح وساهرين لهذا بعينه بكل مواظبة وطلبة، لأجل جميع القديسين” (أف6: 10- 18).
ويقول أيضًا:
“لأن كلمة الله حية وفعالة وأمضى من كل سيف ذى حدين، وخارقة إلى مَفرق النفس والروح والمفاصل والمِخاخ، ومُميزة أفكار القلب ونياته”. (عب4: 12).
كنيسة برغامس

الروح يشهد لأمانة ملاك كنيسة برغامس:

“أنا عارف أعمالك. وأين تسكن حيث كرسي الشيطان. وأنت مُتمسك باسمي ولم تُنكر إيماني حتى في الأيام التي كان فيها أنتيباس شهيدي الأمين الذي قُتل عندكم حيث الشيطان يسكن”.
كنيسة برغامس
ومن كلمات الروح: “أنا عارف أعمالك. وأين تسكن حيث كرسي الشيطان، فهو يُبين أنه يعلم تمامًا حال المدينة. وكأنه يقول أنه يعلم منْ هو الذي يُقاوم الكنيسة هناك ومن يتبعونه. فقد كانت العبادة والممارسات الطقسية في المقاطعة، تتضمن تقديم الذبائح للإمبراطور على أنه الإله. وبالطبع المسيحي الذي كان يرفض هذه الممارسات محكوم عليه بالموت حيث يُعتبر خائن لوطنه وعدو للمقاطعة، وهكذا وجد الشيطان له منزلًا في الإمبراطورية، وكان يستخدم قوته في مقاومة الإله الحقيقي ومعارضة كنيسته.
الاضطهاد في برغامس لم يكن من اليهود، كما حدث في سميرنا، بل كان من اجل أنهم مسيحيين، فحينما كانوا ينقادون إلى المحكمة الرومانية، كانوا يواجَهون بأحد خيارين، إما أن يتبعوا الديانة الرومانية أو يواجهوا الموت لأن المسيحي يُعتبر خائن لوطنه. وهذا النوع من الاضطهاد بدأ في برغامس، وكثيرين من الشهداء الذين ماتوا فيها ليسوا من أهل برغامس، بل كانوا يأتون بهم من مُدن رومانية أخرى. السجناء كانوا يأتون من كل مكان في المقاطعة إلى برغامس، حيث يُحاولون معهم أن يُنكروا الإيمان المسيحي أو يواجهوا الموت.
وأنت مُتمسك باسمي. ولم تُنكر إيماني حتى في الأيام التي كان فيها أنتيباس شهيدى الأمين الذي قُتل عندكم حيث الشيطان يسكن”.
من هذه الآيات نُدرك أنه كان في برغامس أيام صعبة استشهد فيها الكثيرون من برغامس ومن خارجها. وأنتيباس الذي ذُكر اسمه ربما يكون أول الذين أتوا إلى برغامس، وقد اشتبهوا فيه بأنه مسيحي، وقُتل هناك لأنه رفض تقديم العبادة للإمبراطور. وقد حدثنا المؤرخ أندريا عن هذا الشهيد كشخص معروف لديه، وأنه استشهد حرقًا، وقد عُرض عليه أن يُنقذوه ولكنه رفض.
ومن الآية أيضًا: “أنتيباس شهيدي الأمين الذي قُتل عندكم”، نفهم أن أنتيباس ليس من برغامس، ولكنه أتى إليها كسجين من مدينة أخرى. والروح هنا يشهد لملاك كنيسة برغامس، بأنه كان أمينًا للرب حتى في وقت الشدائد والاضطهادات، والذي ختم حياته بالاستشهاد أيضًا.
كرسي الشيطان هذا موجود في كل مكان في العالم، حيث الشرور بأشكالها المختلفة، والأفكار الغريبة التي تُشجع على جحد الله وعدم قبوله ربًا لهم، وأصحاب البدع الغريبة، والانقسامات…..
كنيسة برغامس

الروح يؤنب ملاك كنيسة برغامس على أمرين:

“ولكن عندي عليك قليل: أن عندك هناك قومًا مُتمسكين بتعليم بلعام. الذي كان يُعلم بالاق أن يُلقى معثرة أمام بنى إسرائيل: أن يأكلوا ما ذُبح للأوثان ويزنوا. هكذا عندك أنت أيضًا قوم مُتمسكون بتعليم النقولاويين الذي أُبغضه. فتُب وإلا فإني آتيك سريعًا وأحاربهم بسيف فمي”.
ذكر يوحنا الحبيب في الرسالة الموجهة إلى ملاك كنيسة برغامس، بأن الروح يعتب عليه لوجود مجموعتين ضلوا الطريق وموجودين في وسط الكنيسة، وهنا يُعاتبه لأنه لم يخدمهم كما يجب حتى يردهم عن ضلالهم، وأن تركهم في وسط الكنيسة قد يؤثروا بأخطائهم في مؤمني كنيسة برغامس. لذلك حذرهم الرسول من التعامل معهم، بل وأكثر من هذا أنبهم الروح على قبولهم هذه المجموعات في وسطهم.

المجموعتين هما:

1-“ولكن عندي عليك قليل: أن عندك هناك قومًا مُتمسكين بتعليم بلعام. الذي كان يُعلم بالاق أن يُلقى معثرة أمام بنى إسرائيل: أن يأكلوا ما ذُبح للأوثان ويزنوا”.
إن بعض الذين آمنوا بالمسيح، انحرفوا قليلًا، وكانوا متمسكين بتعاليم بلعام، وبلعام هذا نبي في إسرائيل، وهو الذي نصح بالاق الملك الذي أراد أن يتسلط على بنى إسرائيل ولم يقدر، فاستحضر بلعام النبي ليسأله كيف يغلبهم، فما كان من بلعام إلا أن قال له: لن تغلبهم إلا إذا جعلتهم يفعلون الخطية، وأن تُلقى معثرة أمام بنى إسرائيل، وما هي هذه المعثرة؟ هي أن تجعلهم يأكلون مما ذُبح للأوثان، وهذا مُحرًم بأمر الله عند الإسرائيليين، وأن تدفعهم لكي يزنوا، وبهاتين الخطيتين يضعف الشعب وينكسر وتقدر أن تتغلب عليه. وقد كان هناك في برغامس قوم يتبعون تعاليم بلعام (يُمكنك قراءة قصة بلعام وبالاق بالكامل في سفر العدد أصحاح 22 إلى أصحاح 25).
2-“هكذا عندك أنت أيضًا قوم متمسكون بتعاليم النيقولاويين الذي أُبغضه. فتب وإلا فإني آتيك سريعًا وأحاربهم بسيف فمي”.
كنيسة برغامس
وأتباع النيقولاويين، نسبة إلى نيقولاوس، أحد السبعة شمامسة الذين ذكرهم لوقا الطبيب في سفر أعمال الرسل (أع6: 1-8). وهم مسيحيون ولكنهم اعتنقوا أفكار النيقولاويين، ومن ضمن أعمالهم، أنه لا مانع أن يكونوا مسيحيين، وفى نفس الوقت يُقدمون بخورًا قليلًا للإمبراطور الوثني. ولا مانع أن يكون السيد المسيح والإمبراطور في مقام واحد. وأتباع النيقولاويين هؤلاء يسلكون في الملذات بلا ضابط ويُعلمون بأمور مختلفة كإباحة الزنا وأكل المذبوح للأوثان. ويبدو أن أسقف كنيسة برغامس أهمل في خدمة هؤلاء الناس وفى ردهم للإيمان المسيحي، لذلك يقول له روح الرب:“تُب وإلا فأنى آتيك سريعًا وأحاربهم بسيف فمي”وما هو سيف فم الرب إلا كلمته المقدسة، التي قال عنها الرسول: لأن كلمة الله حية وفعالة وأمضى ِمن كل سيف ذي حدين. وخارقة إلى مفرق النفس والروح والمفاصل والمِخاخ. ومُميزة أفكار القلب ونياته. وليست خليقة غير ظاهرة قدامه. بل كل شىء عريان ومكشوف لعيني ذلك الذي معه أمرنا”(عب 4:12،13).
وهذا هو نفس ما يقوله الرب لكل نفس تتبعه وتؤمن به، ولكنها تحتفظ لنفسها ببعض الأفكار الغريبة البعيدة عن كلمة الله. أو تحتفظ ببعض العادات والضعفات بحجة التعود عليها ولا ترغب في التخلص منها. لا يوجد حل لمثل هؤلاء إلا سيف كلمة الرب التي تُنير لهم الطريق وتُعرفهم ما هو مرضى عند الله.
أما عن هؤلاء المخالفين، فإن بولس الرسول يُحذرنا منهم قائلًا: “لا تكونوا تحت نير مع غير المؤمنين، لأنه أية خِلطة للبر والإثم؟ وأية شركة للنور مع الظلمة؟ وأي اتفاق للمسيح مع بليعال؟ وأي نصيب للمؤمن مع غير المؤمن؟وأية موافقة لهيكل الله مع الأوثان؟ فإنكم أنتم هيكل الله الحي، كما قال الله: إني سأسكن فيهم وأسير بينهم، وأكون لهم إلهًا، وهم يكونون لي شعبًا. لذلك اخرجوا من وسطهم واعتزلوا، يقول الرب، ولا تمسوا نجسًا فأقبلكم وأكون لكم أبًا وأنتم تكونون لي بنين وبنات، يقول الرب، القادر على كل شيء” (2كو 6: 14-18).
وأيضًا يُحذرنا منهم بطرس الرسول: “ولكن كان أيضًا في الشعب أنبياء كذبة كما سيكون فيكم أيضًا معلمون كذبة الذين يدسون بدع هلاك وإذ هم يُنكرون الرب الذي اشتراهم يجلبون على أنفسهم هلاكًا سريعًا وسيتبع كثيرون تهلكاتهم الذين بسببهم يُجدف على طريق الحق وهم في الطمع يتجرون بكم بأقوال مُصنعة الذين دينونتهم منذ القديم لا تتوانى وهلاكهم لا ينعس لأنه إن كان الله لم يُشفق على ملائكة قد أخطأوا بل في سلاسل الظلام طرحهم في جهنم وسلمهم محروسين للقضاء ولم يشفق على العالم القديم بل إنما حفظ نوحًا ثامنًا كارزًا للبر إذ جلب طوفانًا على عالم الفجار وإذ رمد مدينتي سدوم وعمورة حكم عليهما بالانقلاب واضعًا عِبرة للعتيدين أن يفجروا وأنقذ لوطًا البار مغلوبًا من سيرة الأردياء في الدعارة إذ كان البار بالنظر والسمع وهو ساكن بينهم يُعذب يومًا فيومًا نفسه البارة بالأفعال الأثيمة. يعلم الرب أن يُنقذ الأتقياء من التجربة ويحفظ الأثمة إلى يوم الدين مُعاقبين. ولا سيما الذين يذهبون وراء الجسد في شهوة النجاسة ويستهنيون بالسيادة جَسورون مُعجبون بأنفسهم لا يرتعبون أن يفتروا على ذوى الأمجاد، حيث ملائكة وهم أعظم قوة وقدرة لا يُقدمون عليهم لدى الرب حكم افتراء. أما هؤلاء فكحيوانات غير ناطقة، طبيعية، مولودة للصيد والهلاك يفترون على ما يجهلون فسيهلكون في فسادهم آخذين أجرة الإثم الذين يحسبون تَنعم يوم لذة أدناس وعيوب يتنعمون في غرورهم صانعين ولائم معكم لهم عيون مملوءة فسقًا لا تكف عن الخطية خادعون النفوس غير الثابتة لهم قلب مُتدرب في الطمع أولاد اللعنة قد تركوا الطريق المستقيم، فضلوا، تابعين طريق بلعام بن بعور الذي أحب أُجرة الإثم ولكنه حصل على توبيخ تعديه، إذ منع حماقة النبي حمار أعجم ناطقًا بصوت إنسان هؤلاء آبار بلا ماء غيوم يسوقها النوء الذين قد حُفظ لهم قتام الظلام إلى الأبد لأنهم إذ ينطقون بعظائم البُطل يخدعون بشهوات الجسد في الدعارة مَن هَرب قليلًا مِن الذين يسيرون في الضلال واعدين إياهم بالحرية وهم أنفسهم عبيد الفساد لأن ما انغلب منه أحد فهو له مستعبد أيضًا. لأنه إذا كانوا بعدما هربوا من نجاسات العالم بمعرفة الرب والمخلص يسوع المسيح يرتبكون أيضًا فيها، فينغلبون، فقد صارت لهم الأواخر أشر من الأوائل لأنه كان خيرًا لهم لو لم يعرفوا طريق البر من أنهم بعدما عرفوا يرتدون عن الوصية المقدسة المسلمة لهم قد أصابهم ما في المثل الصادق (كلب قد عاد إلى قيئه) و(خنزيرة مُغتسلة إلى مراغة الحمأة). (2 بط 2).
كنيسة برغامس

مكافأة مَنْ يغلب:

“من يغلب فسأعطيه أن يأكل من المن المُخفى وأعطيه حصاة بيضاء. وعلى الحصاة اسم جديد مكتوب لا يعرفه أحد غير الذي يأخذ”
وما هو الأكل من “المن المخفى”، سوى جسد الرب ودمه الأقدسين، المن السماوي: “الحق الحق أقول لكم من يؤمن بي فله حياة أبدية أنا هو خبز الحياة آبائكم أكلوا المن في البرية وماتوا. هذا هو الخبز النازل من السماء لكي يأكل منه الإنسان ولا يموت. أنا هو الخبز الحي الذي نزل من السماء إن أكل أحد من هذا الخبز يحيا إلى الأبد والخبز الذي أنا أُعطي هو جسدي الذي أبذله من أجل حياة العالم. فخاصم اليهود بعضهم بعضًا قائلين كيف يقدر هذا أن يُعطينا جسده لنأكل؟ فقال لهم يسوع الحق الحق أقول لكم إن لم تأكلوا جسد ابن الإنسان وتشربوا دمه فليس لكم حياة فيكم من يأكل جسدي ويشرب دمى فله حياة أبدية وأنا أقيمه في اليوم الأخير لأن جسدي هو مأكل حق ودمى هو مشرب حق من يأكل جسدي ويشرب دمى يثبت في وأنا فيه. كما أرسلني الآب الحي وأنا حي بالآب فمن يأكلني فهو يحيا بي هذا هو الخبز الذي نزل من السماء ليس كما أكلوا أبائكم المن وماتوا من يأكل هذا الخبز فإنه يحيا إلى الأبد” (يو6: 47-58).
*أما “الحصاة البيضاء”، فكانت معروفة عند القدماء من يونانيين ورومانيين ويهود، فمثلًا:
كانت تُعطى “حصاة بيضاء” في روما (من الحجر أو العاج أو أي مادة أخرى)، محفور عليها حرفين للمصارع المحترف، وهى اختصار لكلمة تعنى “حَاول وغلَب”.
وكانت تُعطى أيضًا لأي شخص عمل جيدًا طول حياته، والآن ينتقل إلى مستوى حياة أفضل.
ويرى البعض أنها “الحصاة البيضاء” التي كان يستخدمها القضاة الرومان واليونان لإعلان براءة المتهم.
ويرى ابن العسال أن “الحصاة البيضاء” تشير إلى الملكوت المكتوب عليه بلغة روحية جديدة لا يعرفها إلا أبناء الملكوت.
ويرى الأسقف فيكتوريانوس أن: المن المخفى هو الخلود، والحصاة البيضاء هي التبني لله، والاسم الجديد المكتوب على الحصاة هو” مسيحي”.
حاجتين مهمتين في هذه “الحصاة البيضاء” أنها متينة ولا تفنى. وأيضًا المهم أن لون الحصاة بيضاء، وهو لون النقاوة والطهارة. وما هو الاسم الجديد المكتوب على “الحصاة البيضاء”، إلا اسم المؤمن بعد المعمودية حيث يولد إنسان جديد.
_____
الحواشي والمراجع :
1- The New Bible Dictionary, 1962, p. 967, 978.
2- W. M. Ramsay, “The Letters to the seven churches of Asia, p. 291- 326.
3 – القمص تادرس يعقوب ملطى، “تفسير سفر الرؤيا”، ص. 33- 36.
4 – يوسابيوس القيصرى (264- 340م.)، “تاريخ الكنيسة”، تعريب القمص مرقس داود، ص 159، 160.
5 – متى هنرى، “التفسير الكامل للكتاب المقدس”.
هل تبحث عن  «أوربانوس» ـ أين نجد القوة على الطاعة والخدمة

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي