الزواج

في خبر الخلق الذي يورده الإصحاحان الأولان من سفر التكوين ما يبين أن النموذج الأصلي للزواج بحسب قصد الله هو أن يتزوج الرجل امرأةً واحدة مدى الحياة. ولكن لم يمضِ وقت طويل حتى صار واجباً وجود قانون تشريعي ينظم الزواج لأن المقاييس قد هبطت.

شرائع وعوائد:

تتضمن شريعة حمورابي ملك بابل (نحو 1700 ق م) أنه:
لا يحق للرجل أن يتخذ زوجةً ثانية ما لم تكن الأُولى عاقراً.
يُسمح للرجل أن يتخذ زوجةً ثانوية (سُريّة)، أو تُعطيه زوجته جاريةً ليُنجب منها.
لا يجوز طرد أبناء الجارية.
ويتضح من قصة إبراهيم أنه هو أيضاً عمل بهذه العوائد. ولذا اعتراه القلق الشديد لما أصرت سارة على وجوب طرد الجارية وابنها (تكوين 16: 1- 6؛ 21: 10- 12
وفي أيام يعقوب وعيسو كانت العوائد أقل تشدداً، فلم يرَ الناس حرَجاً في التزوج بأكثر من امرأة. وقد تطورت هذه الممارسة حتى صار الرجل، في أيام القُضاة والملوك، يتزوج بعدد النساء الذي تناله يده. غير أن تعدُد الزوجات قد يُفضي إلى صنوفٍ شتى من المشاكل. كذلك كان سهلاً جداً، كما يبدو، أن يتخذ الرجل محظيات أو سراريَّ.
ويحذِّر سفر التثنية (21: 15- 17) من أن يحرم الرجل بِكرَ الزوجة المكروهة حقه ويعطيه لابن الزوجة المحبوبة. وربما دعت الضرورة الاقتصادية في بادئ الأمر إلى عدم الاقتصار على زوجة واحدة: فذلك يؤدي إلى مزيدٍ من الأبناء ويعني مزيداً من العمال. ولكن جاء وقت فيه أصبح تعدُّد الزوجات عبئاً ثقيلاً يكلف أكثر مما توفره للعيلة كثرة الأبناء.
وفي زمن العهد الجديد كانت الممارسة المعتادة قد باتت من جديد هي اتخاذ زوجةٍ واحدة فقط (مع أن الملك هيرودس الكبير كان له في وقتٍ واحد تسع زوجات). وهكذا عاد الناس إلى النموذج الأصلي الذي قدمه موسى والأنبياء.
ولم يكن مألوفاً كثيراً ألا يتزوج الرجل. وكان العبرانيون يتزوجون وهم صغار. (ليس في العبرية كلمة تعني “أعزب”). فقد كانت سن الزواج المعتادة ثلاث عشرة فما فوق للذكور واثنتي عشرة فما فوق للإناث. وربما لأنهم كانوا يُزوجون باكراً كان آباؤهم يرتبون زيجاتهم التي كانت تُعقد في أزمنة العهد القديم ضمن العشيرة الواحدة، والمفضل بين أبناء العمومة والخؤولة. وكان ممنوعاً الزواج من أمةٍ أخرى تعبد آلهة غريبة. كذلك حظرت الشريعة الزواج بين الأقرباء الأدنَين (لاويين 18: 6 وما بعدها). والزيجات المرتبة لم تعنِ دائماً أن الشباب والصبايا لا يُسألون في الأمر. فإن شكيم (تكوين 34: 4) وشمشون (قضاة 14: 2) كليهما طلبا إلى والديهم أن يزوجوهما بفتاةٍ معينة. وكان ممكناً أيضاً التزوج بأمة (عبدة) أو سبيَّة (أسيرة حرب).
وقد كان الزواج شأناً مدنياً أكثر منه دينياً. فعند الخطبة كان يُكتب عقدٌ بحضور شاهدين. وكان العروسان أحياناً يُعطي أحدهما الأخر خاتماً أو سواراً. وقد كانت الخطبة مُلزِمة كالزواج. وفي الفترة الفاصلة بين الخطبة والعرس، فيما الفتاة تبقى في بيت أبيها، يُعفى الخطيب من الذهاب إلى الحرب (تثنية 20: 7).
وكان واجباً أن يُدفع إلى أبي العروس مبلغٌ من المال كتعويضٍ عن العروس. هذا المَهْر كان يُمكن وفاءُ جزءٍ منه بالعمل أو الخدمة من قِبَل العريس. ويبدو أنه كان يحق للأب أن يتصرف بأية فائدة قد يجنيها من المَهْر، ولكن كان محظوراً عليه أن يمس المَهْر عينه . فقد كان المَهر يُعاد إلى الابنة عند موت والديها أو زوجها. ويبدو أن لابان، حما يعقوب، خالف العادة وصرف مَهْر ابنتيه (تكوين 31: 15).
ثم إن أبا الفتاة كان، في المقابل، يقدم لابنته أو لعريسها هدية عُرس. ويمكن أن تكون الهدية خادمةً (كما في حالتي رفقة وليئة) أو أرضاً أو مِلكاً.

العرس:

كان العرس يُجري عندما يُعِدُّ العريس المنزل الجديد. فيذهب مع أصدقائه إلى بيت عروسه مساءً. وتكون هي بانتظاره، ملثمةً ولابسةٍ ثوب العُرس، ومتزينة بالحليّ التي قدمها لها العريس. وكان العريس أحياناً يقدم للعروس عصابةً للرأس تتدلى منها الدراهم. (وربما كان “الدرهم المفقود” الذي ضربه المسيح مثلاً في لوقا 15 واحداً من هذه الدراهم). وباحتفالٍ بسيط، كان اللثام يُرفع عن وجه العروس ويوضع على كتف العريس. ثم يتقدم العريس وشاهدُه (يدعى “صديق العريس”) وأصدقائه (يُدعون “بني العُرس”) فيصحبون العروس إلى بيت العريس أو بيت أهله، حيث تُقام وليمة عُرس يُدعى إليها الأقرباء والأصدقاء. وكان المشاركون ينتظرون إلى جانب الطريق لابسين أفضل حُلَلِهم، ثم ينطلقون في موكبٍ إلى البيت الجديد حاملين المشاعل وسط الأهازيج، والرقص أحياناً.
وقد سمح ناموس موسى للرجل بتطليق زوجته، على أن يكتب لها وثيقة طلاق تُعتبر حرة بموجبها. وفي زمان العهد الجديد، غالباً ما تجادل معلمو الدين اليهود في دواعي الطلاق. وقد أجازه بعضُهم لأي سبب لا يُرضي الزوج- ولو كان عدم إتقان الطهو. ورأى آخرون أنه لابُدَّ من سببٍ خُلقيٍّ وجيه، كالزنى مثلاً. ولكن النساء لم يَكُنَّ مطلقات الحرية عموماً. فلم يكُن يُسمَح للمرأة قط بأن تُطلِّق زوجها، وإن كان لها في بعض الحالات أن تُرغمه على تطليقها.
ولما سُئل المسيح عن الطلاق، رسَّخ من جديد قصد الله الأصلي من الزواج. كذلك شدد الرسول بولس أيضاً على أن الرجل والمرأة إذ يتزوجان يصيران “جسداً واحداً”.
تكوين 1: 26- 31؛ 2: 7، 18- 25؛ تثنية 24: 1- 4 ومتى 19: 3- 12؛ أمثال 5: 15- 20؛ 12: 4؛ 18: 22؛ 19: 13 و 14؛ 21: 9؛ 25: 24؛ 31: 10- 31؛ 1 كورنثوس 7؛ أفسس 5: 22- 33؛ 1 بطرس 3: 1- 7.
مقاطع تظهر فيها بعض عادات الزواج: تكوين 24؛ 29؛ قضاة 14؛ متى 22: 2- 14؛ 25: 1- 12؛ لوقا 14: 7- 11؛ يوحنا 2: 1- 10؛ رؤيا 21: 2.
هل تبحث عن  كُن واعياً لحبه

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي