مدرسة الله


مدرسة الله




«احفظ الرحمة والحق، وانتظر إلهك دائمًا»

( هوشع 12: 6 )




”الغاية تُبرِّر الوسيلة“؛ عبارة شهيرة قالها الفيلسوف السياسي والكاتب الإيطالي الشهير “نيكولو ميكافيللي” حتى عُرفت باسمه، بل سُمّيَ المبدأ الذي وراءها بالمبدإ الميكافيللي. وهو مبدأ خُلاصته أن الغايات الحسنة تُبَرِّر الوسائل حتى إن كانت شريرة.

مبدأ ملأ الأدب العالمي ومن ورائه الفكر العام لدي الناس، فاشتهرت قصص مثل قصة “روبن هود” الفارس الذي كان يسرق الأغنياء ليُطعم الفقراء. ولأن الإنسان لا يقف عند حد في شرِّه؛ فقد تدهور استعمال هذا المبدأ حتى صار يُستخدَم ليبرِّر أي وسيلة، مهما كانت مشبوهة، ما دامت تحقِّق الغرض المطلوب، بغض النظر عن ضررها أو لاأخلاقيتها.

أراد يومًا موسى أن يخلِّص شعبه من العبودية المؤلمة في مصر (خروج ٢: 11). فـ «خرج لينظر إلى إخوته لينظر في أثقالهم». وإلى هنا والأمر حسن. لكن للأسف، الغاية النبيلة التي خرج لها لم تكتمل إذ أساء الوسيلة مُستخدِمًا قوَّته الشخصية؛ فكانت النتيجة أن قتل مصريًا، وتدهورت القصة؛ فاضطـر للهرب بعيدَا عن المشهد.


لقد أراد الله أن يستخدمه مُخلِّصًا لكن ليس بطريقة موسى، بل بطريقة الله. لذلك كان ينبغي أن يأخذه بعيدًا لأربعين سنة حتى يعلِّمه هذا الدرس، ويُعيده من جديد ليستخدمه بطريقته. وإذ تعلَّم موسى أن يتبع طرق الله لتحقيق أغراض الله؛ كانت النتائج المجيدة والخلاص العظيم الذي استخدمه الله فيه.

قبله أيضًا حاول يعقوب أن يحصل على بركات كان الله يريد أن يعطيه إيَّاها، لكنه قرَّر أن يحصل عليها بطريقته، فاستعمل الحيلة والمكر بل السرقة والخداع أيضًا. وما أفدَح الثمن الذي دفعه حتى تعلَّم الدرس أن الغاية لا تُبرِّر الوسيلة. وعندما تعلَّم أن يفعل الأمور بطريقة الله، كانت البركة.

هل تبحث عن  التأمل في عجائب الرب كما ترنّم صاحب المزامير

وكم من كثيرين ساروا على نفس الدرب ودفعوا الثمن، بل وإن فتَّشنا في تاريخنا الشخصي لوجدنا في حياة كل منَّا هذا المبدأ كثيرًا! وكم دفعنا الثمن غاليًا!

على المؤمن الحقيقي أن يدرك أن الله رتب لحياته خطة رائعة لخيره، وأن خطط الله لا يمكن أن تتم إلا بطرق تليق بالله وبالمبادئ التي تضمَّنها في كلمته. «لا تَدَع الرحمة والحق يتركانك .. فتجد نعمة وفطنة … توكَّل على الرب بكل قلبك، وعلى فهمك لا تعتمد. في كل طرقك اعرفهُ، … لا تكن حكيمًا في عيني نفسك..» (أم٣: ٢- ٧).

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي